شعار الموقع (Our Logo)

 

 

ضمن فعاليات دارة الفنون بعمان، عرض مساء امس الفيلم الأميركي «الساعات» للمخرج البريطاني ستيفن والداري، والذي يحكي في نظرة اكتشاف جديدة لرواية ادبية «السيدة دالواي» ومؤلفتها الاديبة فيرجينيا وولف، في ثلاث قصص لنساء يعشن بأماكن وأزمان متباعدة تتجاوز الثمانية عقود، فالفيلم يبدأ وينتهي بمحاولتي انتحار المؤلفة وولف، تفشل محاولتها الاولى العام (1923)، وتنجح في محاولتها الثانية العام (1941) وما بينهما يروي الفيلم جوانب لحكايات نساء تأثرن بشكل أو بآخر بالرواية الادبية التي تناقش علاقات مضطربة وامراضا اجتماعية وحالات من الشقاء والقسوة وسط طبيعة جافة باردة بعيدا عن المدينة الصاخبة وأزمتها الخانقة وغير مكترثة بالاجواء الراقية لمسالك حياة يوفرها زوج أو صديق، وكان لا بد لبطلته من ان تقاد الى مصيرها المحتوم الذي اختارته طواعية بالانتحار، بعد سلسلة من الوان المعاناة في الحب الذي ادى بها الى انطواء وعزلة وكآبة وهستيريا.

ينسج فيلم «الساعات» علاقات اخرى لابطاله الثانويين من الضياع والمرض الذي يؤدي الى الموت في اعوام حقبة الخمسينات من القرن الماضي، او الزمن الحالي للألفية الثالثة، فهناك سيدة منزل تعيش بأقصى الغرب الاميركي العام 1951 يتبين لها حجم التعاسة التي تعيشها عقب قراءتها لرواية فيرجينيا وولف، وهناك ايضا الناشرة (تؤدي الدور «ميريل ستريب») تقيم في مدينة نيويورك العام (2001) تتطابق معايشتها للواقع مع بطلة رواية «السيدة دالوي» لوولف، التي لا تتوانى عن سرد اشكاليتها مع محيطها الاجتماعي عبر الحديث مع ابنتها ونلحظ حجم المعاناة والفرص السانحة التي كان يمكن لها ان تقتنصها لتحيا حياة مليئة بالسعادة والبهجة، لكنها رغم معاناتها فانها تجد لحظات من البهجة امضتها مع صديقها الكاتب الذي بدأ يعاني من مرض قاتل، وها هو يعيش في وحدته بانتظار اليوم الذي يقرر فيه وضع حد لحياته.

على الرغم من اتكاء فيلم «الساعات» على نص ادبي شديد التعقيد، الا ان اسلوبية مخرجه ستيفن دالداري مكنته من ايجاد حلول وتفسيرات لمواطن الغموض الذي تتسم به مثل هذه النوعية من الافلام، ونجح بالتالي في تقديم عمل بصري مدهش بألوان من القراءة للعمل الادبي المستمد عنه الفيلم، وعرض من خلاله لنماذج نسوية في اطلالة على العالم، في رؤية تفصيلية على افكار واتجاهات ومدارس ابداعية بغية تقريب المشاهد لقدرة السينما في الاقتراب اكثر من عالم الادب في الرواية والمبدع من المعاني التي ينثرها الفيلم بين مشهد وآخر.

اختيارات المخرج كانت موفقة تماما في اسناد ادوار البطولة لثلاث من اشهر ممثلات السينما اليوم «نيكول كيدمان»، «جوليان مور»، «ميريل ستريب»، والى جوارهم كان الممثل «اد هاريس» بحيث استخرج منهن جميعا لحظات من الاداء النادر والمعبر عن اللحظة التي تعيشها الشخصية في زمنها الخاص، وكانت النتيجة مثل هذا التناقض الحاد في الشخصية وتحولها من الاستسلام والضعف، الى الشراسة والجرأة في الاقدام على خطوة مفزعة مثل الانتحار بعد ان مزقتهم الحياة في بحثهم الدؤوب عن مغزى الألم والسعادة.. وفرصة الابداع.

فقد استفاد الفيلم من هذا كله وعكسه من خلال ادق التفاصيل المرئية سواء في حركة الممثلين او في تصميم اللقطات وتوزيع الزوايا الدقيقة للكاميرا للتعبير عن رؤيته الخاصة لواقع ابطاله المأزوم وايضا لخلق معادل بصري للأثر الادبي موضوع العمل الاساسي ومن العالم الروائي للمؤلف فيرجينيا وولف في ملامسة واضحة لجذور الألم المشترك.

الرأي الأردنية في  22 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

فيلم "الساعات":

الكاتب في عزلته

ناجح حسن