ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 
اشتباه

1989

Suspicion

 
 
 
نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 15 يوليو 1995
 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

نجلاء فتحي + صلاح قابيل + محمد منير + سعاد نصر 

اخراج: علاء كريم ـ تصوير: طارق التلمساني ـ موسيقى: منير الوسيمي ـ مونتاج: صلاح بسيوني ـ إنتاج: تليستارفيلم- محمد رؤوف عبدالهادي

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

اشتباه

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

ولادة مخرج جديد في السينما المصرية، ليس حدثاً عادياً، خصوصاً إذا كان هذا القادم الجديد على الفن السينمائي يملك رؤية سينمائية جادة، يبعث بها روحاً جديدة لهذه السينما العجوز. ومناسبة ما سبق من قول، هو فيلم (إشتباه ـ 1989) الفيلم الأول لمخرجه »علاء كريم«، هذا القادم من السينما التسجيلية، بعد أن قدم مجموعة من الأفلام حازت على الإهتمام والتقدير في المهرجانات الداخلية والخارجية. وقد عرض هذا الفيلم على شاشة تليفزيون البحرين في الفترة الأخيرة. قام ببطولة الفيلم نجلاء فتحي أمام محمد منير وأحمد عبد الوارث وسعاد نصر وعبد الله محمود ومحمد توفيق.

يبدأ الفيلم بمشهد يجمع بطل الفيلم مدحت (محمد منير) مع نادية (نجلاء فتحي) على سفح الهرم يغني لها ويقوم بتصويرها بالفيديو تارة وتصوره هي تارة أخرى، وسنعرف لاحقاً بأن بقية الشريط يتضمن فعلاً فاضحاً بينهما، هو ذروة الفيلم.

ومدحت هذا يحب نادية منذ أن كانا زميلين في كلية الفنون التطبيقية، إلا أن نادية كانت تعطيه إهتماماً بصفته زميل دراسة فقط، إلا أن هذا الزميل ـ ونتيجة للتربية غير السوية والبيئة التي نشأ فيها، وما تعرض له من متاعب في طفولته ـ أصبح يتخيل بأن زميلته تحبه حباً جارفاً دون غيره، وعاش في وهم الحب الكاذب، في الوقت الذي لا تفكر فيه زميلته بأكثر من الزمالة مثل الآخرين. حتى بعد أن تتزوج نادية لتعيش حياتها الزوجية السعيدة مع زوجها حسين (أحمد عبد الوارث)، يظل مدحت يطاردها وهي تصده.

نرجع لذروة الفيلم، وهو شريط الفيديو الذي صوره مدحت، الذي بدأ الشباب يتداولونه فيما بينهم، وبالتالي يقع في يد شرطة الآداب، والتي بدورها تحقق في الموضوع وتتعقب مدحت بمراقبته من جهة، ومن جهة أخرى يصل الشريط الى صديقة نادية محاسن (سعاد نصر) فتكاد تجن عندما شاهدته، فتطلب من نادية أن تأتي إليها حالاً. وعندما تشاهد نادية الشريط، تنتابها نوبة هيستيريا، تزداد عندما تعرف بأن صديقتها لا تنكر بأن التي في الشريط ليست هي. وتقرر أن تواجه مدحت، فتذهب الى شقته. ومن الطبيعي أن تكون الشرطة هناك تراقب شقة مدحت، فيكون ذلك صيداً ثميناً للشرطة. بعد دقائق، تقتحم الشرطة، وعلى رأسهم الضابط (صلاح قابيل)، ويتم القبض على مدحت ونادية. وفي غرفة التحقيق، تحاول نادية أن تنكر قيامها بهذا الفعل الفاضح، لكن الصورة ـ في الشريط ـ أصدق أنباء من الكلمات، هذا من وجهة نظر جميع من شاهد الشريط طبعاً.

ومن الطبيعي أن نرى ردود الفعل على عائلة نادية. فالزوج نراه منهار يبدو كما لو أن قلبه ينزف بغزارة، ولا يستطيع أن يفعل شيء سوى أن يطلق نادية وهو في حالة هيجان عاصف. أما الأب العجوز (محمد توفيق) فيبدو أقل إنهياراً من الزوج ويحاول أن يمنع الزوج من التعرض لنادية بالضرب، ولكنه في نفس الوقت مصدوم بما حدث. هناك أيضاً شقيق نادية (عبد الله محمود) الطالب في كلية الطب، يحاول أن يكون أقوى، إلا أن زملائه في الكلية يستفزوه، الى أن يشتبك مع أحدهم في معركة ينقل على أثرها الزميل الى المستشفى بين الحياة والموت. رد الفعل الوحيد المختلف، يأتي من محاسن صديقة نادية، حيث نراها ـ بالرقم من إعتقادها بأن نادية تورطت في العلاقة مع مدحت ـ تعاملها بمنتهى الرحمة، وتجد نادية عند محاسن مرفأ الأمان، وفي صدرها محبة لا حدود لها.
وإزاء كل ردود الفعل هذه، تتكشف الحقيقة في النهاية، وهي أن التي في الشريط إمرأة أخرى تلبس قناعاً لوجه نادية صنعه مدحت لحبيبته التي لم ينلها قط. وكل هذا يتكشف بوجود ضابط الشرطة، الذي بدوره يقبض على مدحت وهو في حالة من الجنون.

ينجح فيلم (إشتباه) في شد إنتباه المتفرج بسبب موضوعه الجديد والمثير، إضافة الى صناعة السيناريو المحفزة، والإهتمام بالتفاصيل داخل المشاهد خصوصاً بالنسبة لحركة الممثلين. فالفيلم يقدم نقداً لاذعاً وجريئاً للرأي العام والصحافة المدمرة التي تسعى الى الإثارة، لدرجة أنه قد إتخذ موقفاً معادياً للمجتمع كله نتيجة ردود الفعل التي صورها تجاه هذه المرأة وبقية أسرتها. وكما أشرنا سابقا، بأن هذا الفيلم هو الأول لمخرجه، فقد وضع فيه كل ما يستطيع من جماليات ونقد إجتماعي وتفسيرات نفسية وميلودراما ومطاردات بوليسية وأغاني ورقصات ومشاهد تخيلية. وكل هذه العناصر، وإن لم تشعرنا بأي تناقض، إلا أنها قد أثقلت كاهل الفيلم. أما بالنسبة لمشاهد »الفلاش باك«، فقد أسرف الفيلم في تقديمها بكميات ضخمة، في محاولة لتعميق شخصية مدحت، وكان أغلبها لا ضرورة له على الإطلاق، وكان من الممكن الإكتفاء والتركيز على بعضها. هذا إضافة الى أغاني محمد منير التي صورها الفيلم بشكل تقليدي ليس فيه أي جديد.

أخيراً.. لابد أن نشير الى أن فيلم (إشتباه)، بالرغم من حشوه بالكثير من الأمور وضعفه في بعض المشاهد، فهو بموضوعه وحسن نيته وتدفقه بالحيوية في أحيان كثيرة، يدعونا الى إنتظار الأكثر من مخرجه الجديد في المجال الروائي، هذا المخرج الذي أثبت ـ من خلال أول أفلامه ـ بأن لديه الكثير لكي يقدمه في مشاريعه القادمة، فدعونا نترقب جديده.

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004