ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 
أيام الغضب

1989

Anger Days

 
 
 
نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 26 أكتوبر 1990
 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

نور الشريف + يسرا + إلهام شاهي + سعيد عبد الغني + نجاح الموجي + محمد خيري 

إخراج: منير راضي ـ تصوير: ماهر راضي ـ تأليف: بشير الديك ـ  مناظر: صلاح مر , عادل المغربي ـ موسيقى: مصطفى ناجي ـ مونتاج: أحمد متولي ـ إنتاج: راضي كلر 

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

أيام الغضب

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

(ايام الغضب) انتاج عام 1989، من بطولة نور الشريف ويسرا وسعيد عبدالغني، وهو اول اعمال الفنان منير راضي كمخرج. ولان الفيلم يمثل ميلاد مخرج سينمائي جديد، فهي مناسبة للحديث أولاً عن هذا القادم الجديد لعالم السينما. منير راضي خريج المعهد العالي للسينما بالقاهرة عام 1968. عمل مساعداً للإخراج لابن عمه المخرج محمد راضي في ثلاثة من افلامه وهي ( ابناء الصمت، المقيدون الى الخلف، الحاجز). كما عمل في الانتاج المسرحي وانتج عدة مسرحيات، مثل: الملك لير، تاجر البندقية، هاملت، ومسرحية الشخص، لشقيقته عفاف راضي. وقدم ايضاً كمنتج مسلسل البخلاء للحاحظ، ومسلسل بيت الدمية لهنريك أبسن في 13 حلقة.

هذا هو منير راضي، المخرج الذي تأجل مشروعه السينمائي الاول مايقارب العشرون عاماً. اما فيلم (ايام الغضب)، فسيكون تناولنا له بعيداً عن كونه الفيلم الاول لمخرجه، والابتعاد عن النقد النسبي الذي يعتمد على ماهو موجود في الوسط الفني.

فكرة الفيلم تعتمد على مقولة ذكرها المخرج في إحدى مقابلاته الصحفية، مفادها هو: (عندما يتحول المجتمع الى شكل مادي فلابد ان تنهار القيم والاخلاق والمباديء). الفكرة بالطبع جيدة، الا ان تنفيذها درامياً جاء مخيباً للآمال.

تدور احداث الفيلم في مستشفى للامراض النفسية، كما فعلت الكثير من الافلام، مثل: طار فوق عش الوقواق، المستشفى البريطاني، الهروب من الخانكة. وربما يكون اختيار مستشفى الامراض النفسية تعبيراً عن المجتمع بشكل عام. او جاء ليمثل صورة نقدية للنظام السائد وقوانينه من خلال بعض الاسقاطات الدرامية الرمزية.

فعندما سئل مخرج فيلم (ايام الغضب) عن سبب اختياره للمستشفى للتحدث عن المجتمع، قال: لانه المكان الاكثر حرية من اي مكان آخر، ففي المستشفى المجانين لديها الحرية والقدرة لتقول اي شيء تريده على لسان المجنون.

واذا أردنا تطبيق هذا الحديث من خلال سيناريو الفيلم، الذي كتبه بشير الديك، فسنلاحط انه لم بستطع التعبير عن المجتمع العام من خلال المجتمع الخاص (المستشفي)، إلا في حدود ضيقة. حيث بقى المستشفى مجرد مكان للامراض العقلية، لا اكثر ولا اقل، خاصة ان صناع الفيلم قد استهوتهم مشاهد الصراخ والضرب والتعذيب والاغتصاب وجلسات الكهرباء، فاسرفوا فيها الى الدرجة التي كاد معها الفيلم ان يحمل نزعة سادية فاشية تثير المتفرج وتشحذ حماسه وتعاطفه مع الجانب الآخر. إضافة الى ذلك، فان اسباب وتبريرات الفيلم، بوقوع الاحداث داخل المستشفى كانت غير منطقية وغير مقنعة تماماً. فالمقدمة التي تظهر لنا بطل الفيلم راجعاً من سفر عمل دام اربع سنوات ينقصها الكثير من المبررات المقنعة، حيث لا يعقل لا واقعياً ولا درامياً ان بطل الفيلم (نور الشريف) لايعرف ان كان اهله قد انتقلوا الى منزل آخر، وان زوجته قد ازوجت غيره. وحتى لو افترضنا انه من الممكن الا يعرف هذا امجارات الخط الدرامي للفيلم، فالدوافع التي قدمها الفيلم لزواج الزوجة غير مقنعة تماماً. كذلك لم يستطع الفيلم اقناعنا بمبررات والد الزوجة باهدار حق زوج ابنته وابن شقيقه على هذا النحو. هذا اضافة الى النواحي القانونية التي تجاوزها السيناريو بسذاجة، فاذا تجاوزنا نحن ماسبق من تلفيق واقتنعنا بان الزوج الجديد قد دبر امر جريمة الزوجة بسرقة الشقة المحكمة، فكيف يمكن تجاوز موقف الشرطة والنيابة، وموقف الاطباء والاخصائيين النفسانيين في المستشفى وحكمهم على ان هذا الشاب مريضاً نفسياً، لمجرد ان النيابة هي التي حولته للمستشفى ولمجرد ان الزوج الجديد له علاقات ومصالح مشتركة مع احد الاطباء بالمستشفى.

وامام كل هذا، نصل الى اقتناع تام بان كل هذه المواقف والتصرفات قد خلقت اصلاً لتبرير دخول البطل للمستشفى باية طريقة، حتى تبدأ الاحداث في المستشفى. وما يؤكد هذا الكلام مساعي تلك الاخصائية الاجتماعية (يسرا) لاثبات ان زواج الزوجة باطل، محاولة منها اخراج الشاب الذي لم يكن في يوم من الايام مريضاً نفسياً في هذا المستشفى. وبالرغم من توصلها الى بعض الحقائق والبراهين على ذلك، فهي تفشل في اخراجه من المستشفى لمجرد انها تختلف في وجهات النظر والمواقف مع ادارة المستشفى.

ورغم كل هذه السلبيات التي إزدحم بها السيناريو، الا ان المخرج منير راضي، في اول تجاربه الاخراجية، قد حقق مستوى فني وحرفي متميز في اغلب مشاهد الفيلم ولقطاته. وبدى ذلك واضحاً من اهتمامه ودقته في اختيار كادراته وزوايا لقطاته. كما وفق في اختيار الديكور المعبر عن اجواء الاحداث الدرامية داخل كل كادر. هذا اضافة الى درجات الاضاءة والظلال التي ابدعها مدير التصوير ماهر راضي (شقيق المخرج)، تلك الاضاءة التي ساهمت مع الديكور والموسيقى التصويرية في توصيل الايحاءات التعبيرية النفسية. ثم لا ننسى توفيق المخرج في ادارة ممثليه وعلى رأسهم نور الشريف وسعيد عبدالغني، اما دور الهام شاهين القصير، فقد اثبتت من خلاله انها ممثلة قديرة، فهذا الدور القصير يعد من بين اهم ما قدمته على الشاشة.

احيراً، يمكننا القول بان كل هذا الجهد الاخراجي الجيد قد ضاع هباء في تنفيذ سيناريو ضعيف ومفكك وغير مدروس بعناية، حيث جاء الفيلم ليمثل جسداً بلا روح.

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004