ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 
الحكم آخر الجلسة

1984

The Last session Judgment

 
 
 
نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 30 يناير 1991
 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

إيمان الطوخي + بوسي + حمدي غيث + نور الشريف

إخراج: محمد عبد العزيز ـ تصوير: سمير فرج ـ  سيناريو وحوار: أحمد صالح ـ قصة: فتحي أبو الفضل ـ موسيقى: هاني مهنى ـ مونتاج: رشيدة عبد السلام

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

الحكم آخر الجلسة

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

في موضوعنا هذا سنتناول فيلمين لمخرج واحد، الفيلمان هما (الحكم آخر الجلسة - 1984)، و(الجلسة سرية - 1986). والمخرج هو الفنان محمد عبدالعزيز. ولقد تم عرض الفيلمين خلال الشهور القليلة الماضية على شاشة تلفزيون البحرين. أما الفنان محمد عبدالعزيز، فقد بدأ مشواره السينمائي باتجاهه نحو الفيلم الكوميدي، بل واستمر في هذا الاتجاه ونجح فيه إلى حد كبير. حيث قدم مجموعة من أفلام عادل إمام الناجحة وغيرها من الأفلام الكوميدية. ولكن هذا المخرج، بعد النجاح والشهرة في مجال الفيلم الكوميدي، اتخذ له خطاً درامياً آخراً، وقدم الفيلم الاجتماعي الذي يبتعد كثيراً عن الكوميديا، والمتمثل في فيلميه محور هذا المقال.

إن هذا التحول لمخرجنا، عن الفيلم الكوميدي، قد سبقه إليه مخرج كوميدي آخر يعد من بين أهم مخرجي الكوميديا المصرية الحالية، هو المخرج أحمد فؤاد. وهنا يكمن الشعور بالقلق على مصير الفيلم الكوميدي، وهو إن نصبح في يوم من الأيام ولا نجد من يصنع الفيلم الكوميدي. والذي مهما قيل عنه لا يمكن لأي إنسان الاستغناء عنه. وعندها يبرز التساؤل عن سبب هذا الابتعاد من المخرجين، وحتى من الكتاب عن تقديم الفيلم الكوميدي؟!

ونحن هنا نتحدث بالطبع عن الفيلم الكوميدي الاجتماعي وليس عن ذلك الكم الهائل من الأفلام التي تقدم لنا الابتذال الكوميدي والتهريج الذي نشاهده بوفرة في السوق السينمائي والذي ساهم بدوره في تجسيد الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن مخرج الأفلام الكوميدية هو فنان من الدرجة العاشرة أو أنه مخرج مهرج. غير أن الحقيقة هي أن الكوميديا تعتبر من أصعب فنون الدراما حيث أنه من السهل جداً على الفنان أن يبكي المتفرج على أن يضحكه.

فالفيلم الكوميدي يحتاج إلى كاتب ومخرج من نوع خاص يمتلك مواهب إضافية تساعده على إيصال تلك الكوميديا محملة بفكر ثاقب بشكل سلس وطبيعي وجميل وبعيد عن ذلك الابتذال والافتعال أو حتى المبالغة. هذه الصفات السلبية التي أصبحت ملازمة للكثير من الأفلام الكوميدية الموجودة على الساحة السينمائية، والتي على ما أعتقد قد ساهمت كثيراً في سحب الثقة والدعم المعنوي من تحت أقدام الفيلم الكوميدي الهادف.

نعود الآن للمخرج محمد عبدالعزيز، لنتحدث عن فيلميه ومناقشتهما، ولكن في البداية أحب أن أذكر بأن أزمة السينما في المقام الأول هي أزمة فكر ومضمون وبالتالي أزمة سيناريو يصاغ من خلاله كل ذلك. فمهما كانت حرفية المخرج ومهارته في استخدام أساليبه الفنية، يظل الفيلم فقيراً إذا لم يتضمن فكراً جيداً ورؤى فنية جديدة وسيناريو متقناً ومبتكراً. ومناسبة حديثنا هذا ليس لأن ذلك ينطبق تماماً على الفيلمين محور المقال، بل لأنهما اعتمدا هذا المبدأ وإن لم ينجحا كثيراً في تجسيده، حيث كان اهتمام صانعي الفيلمين منصباً على تقديم مواضيع هام أو جيدة.

 

الحكم آخر الجلسة 

فيلم (الحكم آخر الجلسة) يعتمد على فكرة جريئة وطرح فكري خطير، لم تقدمه السينما المصرية من قبل، فكرة تناقش العلاقة بين الدين والقانون وموقفهما من الإجهاض. الفيلم كتبه للسينما السيناريست أحمد صالح، عن قصة للكاتب فتحي أبو الفضل تحت اسم "لعنة الملائكة".

يبدأ الفيلم بالتقديم لشخصياته بشكل تقليدي، كما هي عادة أغلب الأفلام المصرية، حيث يبدأ الحدث الرئيسي بعد معرفة الزوجة (بوسي) أن في أسرة زوجها (نور الشريف) مرضاً جنونياً وراثياً. وأن هناك ست حالات جنون ظهرت في العائلة وانتهت جميعها بالموت. اكتشفت ذلك بعد بحث مركز في أصول تلك العائلة، حيث أنها طبيبة متخصصة في علم الطب الوراثي. هنا تكون الزوجة، وهي التي تحمل في أحشائها جنيناً مجهول المصير أمام خيار صعب جداً، لكنها تتخلص من هذا الجني بعملية إجهاض دون علم زوجها الرافض لذلك. فهي لا تستطيع كأم أن تتحمل وليداً مشوهاً. وهي بهذا تقف في مواجهة صريحة أمام الزوج ووالده، وأمام القضاء أيضاً. حيث يتقدم الوالد (حمدي غيث) بشكوى قضائية يتهم فيها الزوجة بقتل جنينها عمداً. أما شقيقة الزوج (إيمان الطوخي) المحامية فهي تقف بكل حماس مع الزوجة، لإدراكها حدود المشكلة وأبعادها، بل أنها تقوم أيضاً بإجراء عملية تحرمها من الأمومة، كتأكيد على عدم رغبتها في إنجاب أطفال حاملين لهذا المرض الوراثي.

وفي جلسة المحكمة الأخيرة ينتهي الفيلم دون أن يقدم لنا رأي القضاء في هذه المشكلة. ويتركنا أمام صراع بين العلم والدين وتزاوجهما مع المفاهيم الإنسانية، علماً بأن الفيلم ينحاز كثيراً إلى رأي الزوجة والمحامية.

الفكرة الأساسية للفيلم كما ذكرنا في البداية جديدة وجريئة، ساعد في تجسيدها بعمق الحوار الجيد والذكي خاصة في مشاهد المحكمة.. ويطرح الفيلم مضموناً جاداً وخطيراً لأنه لا يندرج فقط تحت مفهوم الإجهاض من حيث الإباحة، بقد ما يحاكم ويدين العقلية العربية المتمثلة في الوالد الصعيدي الذي ورث معتقدات خاطئة. والفيلم طبعاً ليس دعوة لإباحة الإجهاض بوجه عام، وإنما هو دعوة لتقنين عملية الإجهاض.

 

فيلم الجلسة سرية

في صفحة أخرى... تابع <<<

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004