ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 
الجلسة سرية

1986

The Secret Session

 
 
 
نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 2 مارس 1994
 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

محمود ياسين + يسرا + شهيرة + سمير صبري

إخراج: محمد عبد العزيز ـ تصوير: وحيد فريد ـ  قصة وسيناريو وحوار: نبيل عصمت ـ موسيقى: عمار الشريعي ـ مونتاج: رشيدة عبد السلام

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

الجلسة سرية

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

في موضوعنا هذا سنتناول فيلمين لمخرج واحد، الفيلمان هما (الحكم آخر الجلسة - 1984)، و(الجلسة سرية - 1986). والمخرج هو الفنان محمد عبدالعزيز. ولقد تم عرض الفيلمين خلال الشهور القليلة الماضية على شاشة تلفزيون البحرين. أما الفنان محمد عبدالعزيز، فقد بدأ مشواره السينمائي باتجاهه نحو الفيلم الكوميدي، بل واستمر في هذا الاتجاه ونجح فيه إلى حد كبير. حيث قدم مجموعة من أفلام عادل إمام الناجحة وغيرها من الأفلام الكوميدية. ولكن هذا المخرج، بعد النجاح والشهرة في مجال الفيلم الكوميدي، اتخذ له خطاً درامياً آخراً، وقدم الفيلم الاجتماعي الذي يبتعد كثيراً عن الكوميديا، والمتمثل في فيلميه محور هذا المقال.

إن هذا التحول لمخرجنا، عن الفيلم الكوميدي، قد سبقه إليه مخرج كوميدي آخر يعد من بين أهم مخرجي الكوميديا المصرية الحالية، هو المخرج أحمد فؤاد. وهنا يكمن الشعور بالقلق على مصير الفيلم الكوميدي، وهو إن نصبح في يوم من الأيام ولا نجد من يصنع الفيلم الكوميدي. والذي مهما قيل عنه لا يمكن لأي إنسان الاستغناء عنه. وعندها يبرز التساؤل عن سبب هذا الابتعاد من المخرجين، وحتى من الكتاب عن تقديم الفيلم الكوميدي؟!

ونحن هنا نتحدث بالطبع عن الفيلم الكوميدي الاجتماعي وليس عن ذلك الكم الهائل من الأفلام التي تقدم لنا الابتذال الكوميدي والتهريج الذي نشاهده بوفرة في السوق السينمائي والذي ساهم بدوره في تجسيد الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن مخرج الأفلام الكوميدية هو فنان من الدرجة العاشرة أو أنه مخرج مهرج. غير أن الحقيقة هي أن الكوميديا تعتبر من أصعب فنون الدراما حيث أنه من السهل جداً على الفنان أن يبكي المتفرج على أن يضحكه.

فالفيلم الكوميدي يحتاج إلى كاتب ومخرج من نوع خاص يمتلك مواهب إضافية تساعده على إيصال تلك الكوميديا محملة بفكر ثاقب بشكل سلس وطبيعي وجميل وبعيد عن ذلك الابتذال والافتعال أو حتى المبالغة. هذه الصفات السلبية التي أصبحت ملازمة للكثير من الأفلام الكوميدية الموجودة على الساحة السينمائية، والتي على ما أعتقد قد ساهمت كثيراً في سحب الثقة والدعم المعنوي من تحت أقدام الفيلم الكوميدي الهادف.

نعود الآن للمخرج محمد عبدالعزيز، لنتحدث عن فيلميه ومناقشتهما، ولكن في البداية أحب أن أذكر بأن أزمة السينما في المقام الأول هي أزمة فكر ومضمون وبالتالي أزمة سيناريو يصاغ من خلاله كل ذلك. فمهما كانت حرفية المخرج ومهارته في استخدام أساليبه الفنية، يظل الفيلم فقيراً إذا لم يتضمن فكراً جيداً ورؤى فنية جديدة وسيناريو متقناً ومبتكراً. ومناسبة حديثنا هذا ليس لأن ذلك ينطبق تماماً على الفيلمين محور المقال، بل لأنهما اعتمدا هذا المبدأ وإن لم ينجحا كثيراً في تجسيده، حيث كان اهتمام صانعي الفيلمين منصباً على تقديم مواضيع هام أو جيدة.

 

الجلسة سرية

الفيلم الآخر لمحمد عبدالعزيز وهو (الجلسة سرية - 1986) والذي كتبه للسينما الكاتب الصحفي نبيل عصمت في أول تجربة سينمائية له، بعد تجربته الناجحة في التلفزيون، وقد اعتمد السيناريو في قصته على وقائع قضية حقيقية. كذلك اعتمد الفيلم على فكرة جيدة ومذهلة حملها سيناريو متقن في حبكته ومليء بالمفاجآت.

فالفيلم يحكي عن رجل (محمود ياسين) يعيش حياة عائلية مستقرة وسعيدة، وله ابن هو كل حياته. وفجأة يجد نفسه محاصراً بإدعاء بأنه أنجب في الحرام ولداً من امرأة (شهيرة) كان قد أوصلها يوماً ما إلى مستشفى الولادة وهي في حالة المخاض الأخيرة. ينصحه محاميه بأن يحارب الباطل بالباطل لإظهار الحقيقة، وأن يسعى وراء شهادة مرضية تفيد بأنه غير قادر على الإنجاب، فيطلب منه الطبيب إجراء تحليل روتيني، فإذا بالتحليل يثبت فعلاً بأنه عقيم، فيجن جنون هذا الرجل.. ويجري تحليلاً ثانياً وثالثاً في مصر، وتحليلاً رابعاً وخامساً في لندن، كلها تؤكد بأنه رجل عقيم منذ ما قبل بداية حياته الزوجية، بل منذ لحظة ميلاده.

هنا يبرز السؤال الذي يؤرق هذا الرجل.. من أين له بهذا الابن من زوجته (يسرا) إذن؟! وتستمر الأحداث بشكل منطقي ما بين قضية اتهام المرأة للرجل بأبوة ليست له، وبين قضية إثبات بنوة الابن الذي رباه ووضعه في حدقة عينه. وتتكشف الحقيقة في النهاية بأن الابن ليس إلا ثمرة خيانة زوجة أنجبته في نزوة مع أعز أصدقاء هذا الرجل الضحية.

الفيلم ليس به جديد غير فكرته، ولكنه استمد قوته من السيناريو المحبوك جيداً والذي اهتم كثيراً بالتفاصيل الصغيرة جداً، والتي صنعت لكل مشهد بصمته الخاصة. أما عملية سير الأحداث فهي تقليدية لا تختلف كثيراً عن مجمل ما تصنعه السينما المصرية. خصوصاً تلك التوليفة الدرامية غير المنطقية التي تخص شهيرة وشقيق زوجها ومن ثم خالها، كل هذا كان مجرد زيادة غير مبررة، كان بالإمكان الاستغناء عنها، فهي لا تؤثر في أحداث الفيلم الأساسية.

وبعد أن استعرضنا مضمون الفيلمين، لا بد لنا من الإشارة إلى جهود المخرج محمد عبدالعزيز في إيصال هذين الفيلمين إلى المتفرج.. فقد حافظ المخرج في كلا الفيلمين على عنصر الإثارة والتشويق في الكثير من المشاهد، رغم أنه لم يكن هناك لمحات فنية وإبداعية مبتكرة أو غير عادية. الإخراج كان من وجهة نظر فنية ذا أسلوب تقليدي، إل أن تقليديته اختفت وراء موضوع جديد ومشوق. كما أن محمد عبدالعزيز نجح في إدارة ممثليه وتقديمهم في صورة جيدة. فرغم تعاونه في الفيلمين مع نجوم مثل نور الشريف، محمود ياسين، يسرا، شهيرة، وإيمان الطوخي، إلا أن هذا لا ينقص من جهد هذا المخرج في إدارتهم لتوصيل ما أراده هو والمؤلف إلى المتفرج.

وأخيراً.. يمكن القول بأن محمد عبدالعزيز، نجح إلى حد ما كمخرج في الاتجاه الآخر، كما نجح في الاتجاه الكوميدي من قبل، بل أن الوسط الفني لم ينتبه لهذا المخرج وإلى قدراته إلا عندما قدم السينما الاجتماعية. ولكن هذا لا يمنع بالطبع القول بأن السينما الكوميدية بحاجة مرة أخرى إلى جهود المخرج محمد عبدالعزيز، للمساهمة في ارتقائها.

الحكم آخر الجلسة

في صفحة أخرى... تابع <<<

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004