ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 
ليلة القبض على فاطمة

1984

The Night of Fatima's Arrest

 
 
 
نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 4 سبتمبر 1991
 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

فاتن حمامة + شكري سرحان + صلاح قابيل + محسن محي الدين

إخراج: هنري بركات ـ تصوير: وحيد فريد ـ حوار: عبد الرحمن فهمي ـ سيناريو: هنري بركات ـ قصة: سكينة فؤاد ـ مناظر: أنسي أبو سيف ـ موسيقى: عمر خيرت ـ مونتاج: عنايات السايس ـ إنتاج: تارا فيلم

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

ليلة القبض على فاطمة

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

ليلة القبض على فاطمة، رواية للكاتبة سكينة فؤاد، كانت لها بمثابة بداية الطريق الى الشهرة، حيث قدمت هذه الرواية للاذاعة أولاً كمسلسل قام باخراجه علي عيسى، ثم قدمت للسينما عندما أخرجها هنري بركات، وكانت الفنانة فاتن حمامة بطلة لكلا العملين. ثم قام المخرج التليفزيوني المتميز محمد فاضل بتقديمها في مسلسل من خمس عشرة حلقة، من بطولة الفنانة فردوس عبدالحميد، مع الاشارة بالاختلاف الواضح في التناول الدرامي والفكري بين الفيلم والمسلسل. ولسنا هنا بصدد تناول الاعمال الثلاثة بالتحليل والمقارنة، وانما فقط للاشارة لهم، والتركيز على الفيلم.

فبالرغم من النجاح الجماهيري الكبير الذي حظي به فيلم (ليلة القبض على فاطمة)، كعادة افلام فاتن حمامة، فقد صاحبت الفيلم ضجة إعلامية شارك فيها النقاد ما بين مؤيد ومعارض لما جاء في الفيلم من آراء وأفكار سياسية حول ثورة يوليو ومراكز القوى.

وإذا كان لابد من الحديث عن ما جاء في المضمون، فيمكن القول بأن الفيلم عندما قدم شخصياته بما تحمله من خير أو شر، من طيبة أو وصولية، إعتمد في تجسيد ذلك على خلفية تاريخية وفترة زمنية حساسة من تاريخ مصر الحديث، تحظى بمكانة خاصة في وجدان الجماهير العربية ليس في مصر فحسب وإنما في كافة الاقطار العربية. لذلك كان من الصعب على المتفرج العربي ان يتقبل أية محاولة لتشويه تلك الصورة الرومانسية. هذا بغض النظر عن إختلافنا الذي نسجله، بأن الفيلم فيما طرحه قد قدم وجهة نظر أحادية الجانب عن تلك الفترة، ولم يسعى الى الموضوعية.

أما بالنسبة لفاتن حمامة فهي الفنانة التي تنتظر طويلاً لتعود من جديد وتعلن عن ميلاد آخر لها وللسينما المصرية.. ممثلة كلما إزدادت عمراً إزدادت وعياً ونضجاً فنياً.. ممثلة بالغة الاقناع والتلقائية. وهذا ما جعلها تحظى بقدر كبير من الاعجاب والتقدير لدى الجماهير العربية.

كتب المعالجة الدرامية والحوار للفيلم عبدالرحمن فهمي، أما السيناريو فقد كتبه المخرج بركات. ولإستكمال الثلاثي الفني المميز، قام الفنان وحيد فريد بإدارة التصوير.. الثلاثي الذي يتكون من فاتن حمامة/ هنري بركات/ وحيد فريد، الذين إشتركوا فيما سبق في تقديم الكثير من الافلام الناجحة، أهمها: الحرام، دعاء الكروان، أفواه وأرانب.

ركزت الضجة التي أثيرت في الصحافة حول فيلم (ليلة القبض علي فاطمة) على المضمون السياسي الذي إحتواه، ولم تتطرق للمعالجة والتناول الدرامي والفني للفيلم، إلا فيما ندر. فقد إحتوى الفيلم ثغرات وإخفاقات كثيرة يمكن التعرض لبعضها. أولها إعتماد الفيلم وبشكل كثيف علي أسلوب الفلاش باك، وهذا ليس عيباً في حد ذاته، إنما العيب يكمن في البناء الدرامي والاسلوب للسيناريو، فلا يمكن تصور إمرأة محاصرة بقوة أكبر منها وتهدد بالانتحار، ثم تجلس على حافة الشرفة لمدة ساعتين تروي قصة حياتها بالكامل، فاللحضة نفسها لا تسمح بهذا درامياً. وهذا طبعاً عيب في إختيار وضع وشكل الراوي. هذا إضافة الى الغموض الذي سببه ذلك الاستخدام المتنوع والكثيف للفلاشات وتداخلاتها. وهناك ايضاً أخطاء عديدة وقعت في التتابع الزمني للحداث، يظهر من خلال الشخصيات والمراحل العمرية التي مروا بها، والتي لا تتفق مع مجريات الاحداث.

أما بالنسبة لشخصية فاطمة فهي بؤرة الاحداث، والفيلم مصنوع بالكامل لحسابها.. أي لحساب فاتن حمامة (منتجة الفيلم).. فهي طاغية على كل الاحداث والمشاهد من أول لقطة الى آخر لقطة. وهذا طبعاً ليس مرفوضاً في السينما بشرط أن يكون رسم الشخصية بشكل منطقي وسليم، ويتناسب والطبيعة الانسانية الحقيقية. ففي هذا الفيلم نشاهد شخصية إسطورية بكل المقاييس، في صمودها وتحديها اللانهائي.. نشاهدها قوية وصلبة دائماً لا تنكسر ولا تتراجع.. تُقدم على أفعال لا تتفق وإمكانياتها البيولوجية والاجتماعية والنفسية. صحيح بان فاتن حمامة قد نجحت في كل ذلك، وحافظت على كل الانفعالات التي حملتها الشخصية خلال مراحل العمر المختلفة، إلا ان الخطأ يكمن في بناء الشخصية الدرامي والنفسي.

ايضاً شخصية الشقيق جلال طاهر، فهي شريرة يطلق عليها علماء النفس شخصية سيكوباتية، فهو مجرم وشرير بالسليقة بلا دوافع نفسية أو إجتماعية سوى الشر لذاته، فالفيلم لا يقدم أي مبرر لكل هذا الشر. هذا بالرغم من انها شخصية نشأت في ظل أسرة طيبة، فان طموحاته مهما بلغت تتضائل أمام أفعاله الشريرة. إنه حقاً ذلك الشرير التقليدي الذي يوضع في أي فيلم لمجرد دفع الاحداث التي تظهرقوة البطل وقدرته على المقاومة والصمود حتى آخر الفيلم.

بالنسبة لشريط الصوت، فقد كان واضحاً إعتماد الفيلم على ذلك الحوار الكثيف الذي ساهم كثيراً في إضعاف دور الصورة السينمائية في إبراز مضامين جمالية وغنية إجتهد في تنفيذها مدير التصوير. والموسيقى التصويرية للفنان عمر خيرت نجحت كثيراً في أن ترتفع من مجرد خلفية للاحداث الى ان تكون نافذة الى أعماق الصورة المرئية، في محاولة منها لسد ذلك النقص في الصورة وتعميق إحساس المتفرج بها.

وأخيراً، وبغض النظر عن ذلك التماهي الذي يمكن انه قد حصل بين المتفرج وممثلته المفضلة فاتن حمامة، فان الفيلم جاء ضعيفاً، إضافة الى تقليديته السردية، وعدم قدرته على الاقناع.

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004