أول ما يلفت نظرنا، أثناء المشاهدة المركزة لفيلم "زائر" هو "أحمد الذوادي"
اعني التصوير، حيث أن الكاميرا كانت بالفعل هي البطل الحقيقي.. فلهذه
الكاميرا الحساسة الفضل في خلق صور جميلة معبرة، كان لها شأن كبير في تحمل
الأعباء الفنية والارتقاء بمستوى الفيلم الفني والتقني. فقد تكفلت عدسة "الذوادي"
بإبراز اللون والإضاءة بشكل يوازي الحدث الدرامي في الكادر، والذي نجح فيه
إلى حد كبير. فقد كان ذلك واضحاً من خلال مشاهد الكوابيس التي أظهرت قدرات "الذوادي"
في استخدام العدسات الخاصة والزوايا الصعبة للكاميرا، وخصوصاً تلك الكاميرا
المحمولة التي نجح المخرج في استغلالها بشكل مناسب وموفق أيضاً، ويرجع هذا
التمكن، بالإضافة إلى توجيهات بسام الذوادي كمخرج، عمل "أحمد الذوادي" الدائم في الدراما
التليفزيونية، الذي اكسبه خبرة كافية ليكون إضافة موضوعية على كل عمل فني
يشارك فيه.
ويعد المونتاج من أهم العناصر في أي فيلم، وخصوصاً في فيلم كهذا، يقدم
الإثارة والترقب، لذلك كان من الصعب على المتفرج أن يقبل أي نوع من التهاون
في القطع بين المشاهد.. ذلك ما لاحظناه في الكثير من مشاهد الفيلم.. التي بدت
مطولة، وأخشى أنها كانت مملة بعض الشيء. كما لم ينجح المونتاج في إضفاء بصمة
فنية واضحة على العمل بشكل عام، حيث التناغم بين المشهد والآخر لم يكن
متوفراً.. هذا إضافة إلى التوازن بين المؤثرات الصوتية والمونتاج، الذي أخفق
في أحيان أخرى.
وبالرغم من أن واضع الموسيقى التصويرية للفيلم قد استفاد من قدرات الموسيقى
الإلكترونية، إلا أن هناك عدم انسجام وتآلف بين الموسيقى والحدث في أحيان
كثيرة. فعلى سبيل المثال، كانت الموسيقى المصاحبة للكوابيس التي تنتاب فاطمة
موفقة إلى حد كبير في التعبير عن الحدث الدرامي وشد المتفرج إلى اللقطات
المتلاحقة. بينما لا نجدها متواجدة ومؤثرة تماماً في مشاهد كان وجودها سيعطي
الحدث تعبير وتأثير أقوى على المتفرج.
الأداء التمثيلي كان عاملاً مهماً في نجاح فيلم "زائر". حيث الأداءً في مجمله
جاء تلقائياً وبعيداً عن التشنج والمبالغة. ونجح المخرج تماماً في إدارة
ممثليه، وتخليصهم من ذلك الأداء المسرحي الإنشائي المتوقع، والذي بالطبع لا
يتناسب وفن السينما.
اختيار المخرج للممثلة فاطمة عبد الرحيم للقيام بدور البطلة، موفقاً إلى حد
كبير، كانت في حالة أدائية متألقة.. لفتت الأنظار إليها كممثلة سينمائية
بحرينية.. كما نجحت في تقديم قدرات أدائية مكبوتة، لم يتسنى لمتفرجي الدراما
التليفزيونية الإطلاع عليها فيما قدمته من أدوار تليفزيونية.
كما أن أداء الفنان أحمد عقلان كان ملفتاً.. وكان ملك التلقائية في هذا
الفيلم.. نبرات صوته كانت صادقة وتعبيراته كان لها وقع شديد الأثر على نفسية
المتفرج.
وهذا لا ينفي من أن الأداء في أحيان قليلة قد جاء مبالغاً، خصوصاً في نوبة
البكاء التي انتابت أحمد مبارك جراء فقدانه لأخيه.. فلم يكن البكاء مقنعاً
للمتفرج، بل كشف عن تعجل في تنفيذ المشهد. هذا بالرغم من أن أداء هذا الفنان
في الفيلم بشكل عام، يبرز عن إمكانيات أدائية حقيقية.
|