نجح الذوادي في تجربته السينمائية الثانية، في التصدي لإخراج موضوع درامي
جيد، واستطاع توصيله بشكل فني متقن.. ربما لم نكتشف تلك السلبيات التي يمكن
أن يحملها أي عمل فني أو سينمائي.. لكننا لاحظنا بأن هناك خطأ فني واضح في
الإخراج.. وذلك عندما تتأزم الأحداث ويفشل أبطال الفيلم في محاولة خروجهم من
هذه المتاهة.. كيف يريدنا الفيلم الاقتناع بعدم قدرتهم على الخروج ومصابيح
الشوارع المحيطة بالمقابر ظاهرة للمتفرج في أكثر من مشهد.. ومن الممكن أن
تكون دليلاً لهم في أي لحظة. كان من الممكن تحاشي هذا الخطأ بأي طريقة
ممكنة.. فهو شي أفقد المشهد ـ وهو من بين أهم مشاهد الفيلم ـ مصداقيته.
وبالرغم من هذا، فنحن، في فيلم "زائر"، أمام مخرج حساس وطموح، يحاول الانطلاق
بالتجربة السينمائية البحرينية إلى أفاق فنية رحبة.. دون التقيد بما هو
مقرراً أن يقوم به، نتيجة هذا التجاهل من المؤسسات الرسمية والحكومية تجاه فن
السينما.
والمخرج بسام الذوادي، الذي أعرفه عن قرب كصديق وفنان، بالرغم من خبرته
في التليفزيون، وعمله المتقطع على الدراما التليفزيونية، إلا أنه يفتقد
الخبرة السينمائية، نتيجة عدم توفر إنتاج سينمائي محلي يمكن الاستفادة منه..
هذا بالرغم من أن بسام فنان مجنون سينما.. أي أنه ـ بالإضافة إلى عشقه لفن
السينما ـ فهو مطّلع وعارف بكل أساليب الإخراج الفنية والتقنية، من خلال
المتابعة والدراسة وحضور الملتقيات والمهرجانات السينمائية والإطلاع على أغلب
ما ينتج في السينما العربية والعالمية. إلا أن كل هذه الأمور لا تشكل الخبرة
العملية.. فالعمل السينمائي المتواصل هو الذي يكسب الخبرة.. حتى أن
بسام الذوادي، منذ فيلمه الأول، وعلى مدى خمس عشر سنة لم يعمل
في السينما إطلاقاً، لا مساعداً ولا مخرجاً للأفلام التسجيلية أو الوثائقية.
وقولي هذا، لا يأتي للتقليل من قدرات بسام الذوادي كفنان، بقدر خوفي على
موهبته المتألقة من التعطل.. ففي ظل غياب السينما المحلية، فإن محاولة خلق أو
البحث عن جو سينمائي مناسب لممارسة فعل السينما يعد أمراً ضرورياً.
فقدرات أي مخرج سينمائي، تتوضح من خلال الخبرة الفنية والعملية التي يتمتع
بها.. من خلال عمله في السينما التسجيلية أولاً، أو كمساعد مخرج لسنوات طويلة
ثانياً، تؤهله لإخراج فيلمه الروائي الأول.. والأمثلة على ذلك كثيرة.. أبرزها
نجوم الإخراج في تيار السينما المصرية الجديدة التي انبثقت مع بداية
الثمانينات من القرن الماضي، على يد فرسان أمثال: محمد خان، خيري بشارة، عاطف
الطيب، داود عبد السيد وغيرهم. فجميعهم مخرجون، أكسبتهم الخبرة العملية، رؤية
فنية وتقنية قدموها في أفلامهم الروائية المتأخرة.
|