أصعب ما يواجهه أي باحث في
مجال السينما والصحافة في البحرين، هو ندرة المصادر وقلة العناوين في المكتبة
المحلية، باعتبار أن التاريخ المكتوب في البحرين لم يشمل هذا الجانب الحيوي
ثقافيا، لذا فإننا سنعتمد على متابعاتنا المتواضعة لما نشر وكتب عن السينما
في الصحافة العامة، وعمل رصد متواضع لبعض الصفحات السينمائية المتخصصة.
ولكن قبل أن ندخل في خصوصية
هذا الموضوع، أحب الإشارة، ولو بشكل مختصر، عن تاريخ بدء العروض السينمائية
في البحرين.. ففي هذا تكمن الطرفة والحكاية الخفيفة.
فصالات العرض السينمائي في
البحرين.. لها ذكريات جميلة، وتاريخ حي في قلوب روادها، منذ بدأت مع بدايات
القرن الماضي.. المعاصرون لفترة الخمسينيات والستينيات، مازالوا يتناجون
بذكريات طريفة ومقالب هزلية.. جيل السبعينات أيضاً، كان له ذكرياته الخاصة..
ذكريات عشناها وكانت جزءاً مهماً من حياتنا وتاريخنا.
أما بالنسبة لبدايات هذه
العروض السينمائية في البحرين، فيحدثنا الكاتب والباحث خالد البسام، في كتابه
"يا زمان الخليج"، من خلال بحثه القيم عن بدايات السينما في البحرين، قائلاً:
"بعد ربع قرن تقريباً على بداية السينما في العالم، راح جمهور صغير قرب ساحل
مدينة المنامة بالبحرين، يتفرج على أحد الأفلام السينمائية في كوخ صغير مبني
من سعف النخيل في منتصف عام 1921. ولم يكن في بال ذلك الجمهور الصغير المملوء
بالدهشة والسحر، أن هذا الكوخ الصغير هو بداية دخول السينما في منطقة الخليج
والجزيرة (باستثناء العراق)".
ومن خلال قراءتنا لهذا البحث،
نتعرف على بدايات تعلق ذلك الجمهور وتعطشه لهذا الفن الساحر، حيث يذكر البسام
بأن الجمهور البحريني: "كان يجد في السينما فناً جميلاً لا يجده في فنون
أخرى. فبرغم أن البحرينيين كانوا ا من أوائل أهالي المنطقة الذين أسسوا فرقاً
مسرحية وجمعيات وأندية أدبية وفنية، وتفاعلوا كثيراً مع أدوات التقدم العلمي
الأولى، مثل الراديو والفونغراف وغيرهما، إلا أن السينما وحدها هي التي سحبت
البساط من جميع كل تلك الأشياء وجعلتهم ينتظرون موعد غروب الشمس بفارغ الصبر
حتى يركضوا للسينما ويشتروا التذاكر".
ويواصل البسام حديثه المشوق،
ليطلعنا على نوعية هذا الجمهور، حين يقول: "ولعل أشهر جمهور للسينما هو
الجمهور الفقير الذي كان يشكل الغالبية الساحقة لرواد السينما في الخمسينيات
والستينيات، وكان يسمى "جمهور أبو روبية. حيث كان يحتل مقاعد الدرجة الثانية
بمقاعدها المهترئة والقريبة من شاشة العرض، ويملأ الصالات بالصفير والتصفيق
والتعليقات التي لا تنتهي. وكان هذا الجمهور يحرص قبل دخوله على البحث عن قطع
كرتون صغيرة ليجلس عليها. وفي الشتاء كان غالبية رواد السينما يحرصون على جلب
بطانيات الصوف معهم لتدفئة أنفسهم من الجو البارد في السينما المكشوفة، ولكي
يستمتعوا بمشاهدة الفيلم".
|