هذه هي
حكاية فيلم (آسف على الإزعاج)، والتي عالجها كاتب السيناريو أيمن
بهجت قمر بنجاح، حيث أنه استطاع تجسيد تلك الحالة المرضية، التي
يعيشها فئة معينة من البشر، يفضلون الانسحاب من الواقع جزئياً،
والركون إلى عالم الوهم.. لقد صاغ الكاتب هذه الحكاية بشاعرية
وذكاء أخاذ، وقدم مزيجاً من الحب والغضب والألم.. وقدمها المخرج
خالد مرعي بسلاسة ورهافة في الطرح، تدعو المتفرج للتأمل والتفكير.
ولا
يمكن إلا أن نشير، بأن هناك تشابهاً واضحاً في أحداث هذا الفيلم مع
الفيلم الأمريكي (عقل جميل)، والذي نال عنه الممثل راسل كرو،
أوسكار أفضل ممثل.. تشابه يتمثل في الحالة النفسية التي يصاب بها
بطلي الفيلمين، فبطل الفيلم الأمريكي كان يعاني من عقدة اضطهاد
تجعله يرى شخوصاً لا وجود لها إلا في مخيلته فقط، هذا بالرغم من
عبقريته ونبوغه العلمي الذي أهله للحصول على جائزة نوبل للعلوم.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذا التشابه بين الفيلمين لا يصل إلى حد
التطابق، ويمكن اعتباره مجرد تأثر كاتب السيناريو بفيلم متميز
وجميل، لا يمكن أن يسقط من ذاكرة من شاهده. كما لا ينفي هذا
التشابه في الكثير من مشاهد الفيلمين، من أننا أمام سيناريو لماح
وذكي ومتميز، في سرد العلاقة بين البطل مع من حوله، خصوصاً علاقته
بوالده، وحبيبته. كما نجح صناع الفيلم المصري في تمصير هذه الفكرة،
وتقديم معالجة درامية لظاهرة مرضية، والنجاح في سبر أغوار هذه
الحالة السيكولوجية، بأدوات فنية متقدمة ساهمت في نجاح هذا الفيلم.
فيلم
(آسف على الإزعاج) يقدم كوميديا خفيفة، تحقق لها النجاح بفضل
السيناريو المكتوب بعناية، وقدرة المخرج على فهم روح هذا النص،
وتقديمه بعناصر فنية تتناسب والموضوع، وتقديم مشاهد ثرية بصرياً،
ذات إيقاع محسوب ومتناغم مع الحدث، مبتعداً بذلك عن الثرثرة
الحوارية، والاكتفاء بالتعبير بصورة موحية خلاقة. هذا إضافة إلى
تألق الأداء التمثيلي من مجموعة الممثلين وعلى رأسهم أحمد حلمي،
الذي أثبت بأنه من أكثر نجوم جيله جرأة وموهبة.
|