السينما.. أو بالمعنى الأشمل، الصورة مطلوبة في كل مكان
وزمان.. والدليل هو هذا الكم الهائل من الإنتاج السينمائي في
العالم، والمستهلك بشكل خرافي عندنا في البلاد العربية.. هذا
إضافة إلى طابور القنوات الفضائية التي تتكاثر بشكل لا يدع
مجالاً للشك في أهمية الصورة المتحركة..!!
أعتقد ـ من العقيدة ـ بأن من يُقْدِم على الاشتغال بالصورة
المتحركة.. لابد له أن يهتم كثيراً بمشاهدة الأفلام.. فهي
المصدر الأهم لتعلم السينما.. ثم بعد ذلك يأتي دور التثقيف
السينمائي.. القراءة عن كل شيء يخص السينما.. عن المخرجين
السينمائيين.. عن الأساليب والتيارات السينمائية.. عن تراث
السينما بشكل عام..!!
ثم هناك عامل مهم آخر يمكن المثول إليه.. ألا وهو المهرجانات
السينمائية.. فهي ضرورة حتمية للنهوض بأي نشاط سينمائي.. وهي
المحك الرئيسي للتعاون واكتساب الخبرة والتعارف بين
السينمائيين.. هذا إضافة إلى مشاهدة الكثير من الأفلام والتعرف
على التيارات والتجارب السينمائية العالمية الجديدة.. لابد أن
يكون هناك مهرجانات ومحافل سينمائية تثري الساحة الفنية بشكل
عام.. وتشكل الأسس الصحيحة للثقافة السينمائية.. لنلاحظ مثلاً
ماذا أضاف مهرجان قرطاج السينمائي في تونس.. نرى بأن الجمهور
التونسي لديه ثقافة سينمائية متميزة لا نجدها عند بقية
الجماهير العربية.. وهذه نتيجة هامة من نتائج وإرهاصات مهرجان
قرطاج السينمائي.
مما سبق من حديث.. يدعونا ندعو ونحرض أيضاً على العمل الدؤوب
لإقامة المهرجانات والفعاليات السينمائية.. فهي المنفذ الهام
لتأسيس نواة للثقافة والعمل السينمائيين.. فمن يقول بأننا لا
نحتاج كعرب لإقامة مهرجان سينمائي لأننا لا نملك سينما أو
أفلام أو حتى تجارب سينمائية.. من يقول هذا.. لا يتعامل مع
الواقع تماماً ولا يستفيد من تجارب الآخرين..!!
وهذه الدعوة.. تأتي نتيجة لما لاحظناه منتشراً على الساحة
الفنية وعند المشتغلين بالصورة المتحركة عندنا.. فمن خلال
تعاملنا مع السينما كمتابعة، سنحت لنا الفرصة لمشاهدة مجموعة
ليست بالقليلة، من أفلام الفيديو التي صنعها الشباب البحريني
والخليجي المليء بالحماس للسينما.. كانت بالطبع تجارب متفاوتة
المستوى.. بين الجيد والمقبول وحتى السيئ..
أولى تلك الملاحظات، وهي أهمها.. افتقار غالبية تلك التجارب
للعمق الفكري والفني.. والإهتمام بتوصيل مضمون مركز وعميق..
وهذا ربما ناتج أساساً من ذلك الفقر الثقافي والفني السينمائي
الذي يعيشه هؤلاء المشتغلون بالصورة المتحركة.. فنادراً ما تجد
أحداً يتابع ويشاهد ويناقش ويستفيد من التجارب العالمية في
مجال الصورة.. وكأن الإستفادة هذه ستعيق حركته وعمله..!!
|