في
(فارس المدنية ـ 1991) يتناول محمد خان
عالم
تجـارة الـعملـة
وغسيل الأموال من الأعمال غير المشروعة،
ويدينها ويكشف عن ذلك الزيف والكراهية التي هي الوقود الضروري لطريق
الفساد.
يأخذنا محمد خان في فيلمه هذا مع بطله الشاب الذي خرج من قاع المدينة،
وبدأ حياته كسائق لسيارة أجرة أشتغل في تجـارة الـعملـة
وتـهريـب الدولارات، واستطاع أن يغسل ثروته التي تضخمت من الأعمال غير
المشروعة،
بأن
بدا يشتغل في مشروعات نظيفة، فأصبح يتاجر في اللحوم واشترى ثلاجة ضخمة
وشارك ونصف مصنع للجلود، وغدت له شقة فاخرة في القاهرة وفيـلا جميلـة
في الإسكندرية، كما
ساهم بخمسة ملايين جنيه في إحدى شركات توظيف الأموال.
تبدأ
أحداث الفيلم، عندما يتلقى
فارس
في صباح أحد الأيام، مكـالمة تليفونية على جهاز التسجيل، يطلب فيها
ادهم
الوزان (عبد العزيز مخيون) من فارس أن يسدد له الدين الذي عليه خلال
خمسة أيام ـ هي زمن أحداث الفيلم ـ لأنه في حاجة إليها لتمويل صفقة
لحوم، نعرف فيما بعد أنها صفقة
مخدرات، مشيرا من طرف خفي إلى القرار الذي تصدر صحف صباح أحد
أيام شهر يونيو 1988،
والذي
يقضي بالتحفظ على شركـات تـوظيـف الأموال وتجميـد أرصدتها. ذلك القرار
الذي
طال
أموال فارس أيضا.
هنا
يبدأ فارس رحلته/ معركته لجمع الدين
الذي
عليه. فيبدأ ممتطيا سيارته
الفارهة، مديرا معركته عبر هاتف السيارة، ويناور لاسترداد بعض المال
ممن يدينون له،
وبيع
معظم ممتلكاته العلنيـة والسرية، وتصفية كل تعاملاته، ليبدأ من جديد من
نقطة
الصفر، لا يملك سوى قناعته الخاصة بأنه لن يتنازل عن شهامته
وفروسيته المتبقية
لسداد
هذا الدين.
ومن
خلال هذه الرحلة/المعركة، يكشف الفيلم عن ذلك العالم المليء
بالفساد والعنف والكراهية.. يكشف عن عالم لا وزن فيه للعواطف أو القيم،
تحكمه فقط
المصالح الخاصة، ويتحول فيه الأفراد إلى وحوش يلتهم كبيرهم
صغيرهم في نشوة وتلذذ..
عالم
مافيا التهريب والمخـدرات وتجـارة العملـة واللحوم الفاسدة والصفقات
المريبة وشركات توظيف الأموال المشبوهة.. عالم يتسيد فيه ادهم الوزان،
أحد كبار رجال هذه المافيا، الذي يدير شبكة أخطبوطية تمتد أذرعتها
لتطال كل شئ يعبث بالاقتصاد
والسياسة، ولا يتورع عن سحق فارس بأعصاب هادئة من اجل الملايين
المطلوبة.. مستخـدما
أصدقاء فارس أنفسهم، حين نراهم يبيعونه الواحد تلو الآخر لحساب
الوزان.
هذه
الشخصيات مع أخرى مثلها، تمثل
مزيجا
غريبا ومدهشا، جسدها محمد خان في (فارس المدينة)، فهو فيلم حاشد
يلهث
بين الشخصيات والأحداث.. تعبيرا عن عالم لاهث يجري وراء المال والربـح
السريع.. ولا تكاد تلتقط أنفاسك إلا مع مشهد النهاية.. حيث يستقر فارس،
بعد سداد
دينه، في هذه الشقة المتواضعة بالحي الشعبي بجوار حبيبته هدى
وصديقه العجوز
القرنفلي، ليبدأ صفحة جديدة.
|