في
فيلم (مشوار عمر ـ 1985) يتناول محمد خان التحولات الاقتصادية
والاجتماعية في المجتمع، وتأثيراتها النفسية على الإنسان
المصري، بأسلوب سينمائي جديد وخلاق وغير مباشر في نفس الوقت.
يأخذنا محمد خان في مشوار مليء
بالمفاجآت، استغرقت أحداثه ثمان وأربعون ساعة فقط، مع بطله عمر (فاروق
الفيشاوي)،
ذلك
الشاب الذي يملك كل شيء دون أن يؤدي أي شيء. فبالرغم من أنه يحمل
مؤهلاً
جامعياً إلا أنه لا يجد ضرورة لأن يعمل، معتمدا علي ثروة والده
تاجر المجوهرات في
تأمين
حياة رغدة وسهلة له. ولهذا نراه شاباً مدللاً ومستهتراً وغير مسئول، لا
يخطط
للوصول إلى هدف معين ويعيش حياته بلا معنى بعيدة عن الاستقرار
الاجتماعي والنفسي.
فهو يملك سيارة فخمة وثمينة اشتراها له والده .. هذه السيارة بشكلها
وطرازها الأخاذ
تتحدى
كل من يراها، وتترك في عيونه نظرة هي مزيج من الحسد والإعجاب، وهي
بالطبع جزء
لا
يتجزأ من شخصية عمر، لا يعيش إلا بها ولها، ولا يتركها إلا ليعود
إليها. فكل أحداث الفيلم تسير بشكل متواز معه ومعها، لذلك تظل ماثلة
أمامنا دائماً حتى عندما
تسرق، وذلك عندما نلاحظ التغيير المفاجئ الذي يحدث لشخصية عمر
بسبب فقدها، وكأنما
يفقد
بذلك كل مكونات شخصيته.
في
البدء يلتقي بشاب قروي اسمه
عمر
أيضاً (ممدوح عبدالعليم)، شاب بسيط فقير وساذج، ليست لديه طموحات من أي
نوع،
مستسلم لقدره بالعمل في محطة بنزين حيث يلتقيه عمر الأول عندما ينفذ
بنزين سيارته.
لكنه يقبل بسرعة عرض عمر له بمصاحبته في مشواره وتوفير عمل مناسب له في
القاهرة،
وذلك
رغبة منه في تحقيق حلمه بالتخلص من حالة الفقر والواقع الصعب الذي
يعيشه، وذلك
رغم
معارضة والده الفلاح لفكرة السفر. كما يلتقي عمر بسائق الشاحنة (أحمد
عبدالوارث) الحرامي الحاقد على مجتمعه، هذا المجتمع الذي علمه
أن يكره ويقتل ويتحدى
كل
القوانين. أيضاً هناك نجاح (مديحة كامل) المرأة التي دفعتها ظروفها إلى
الانحراف.
ومع
نهاية الفيلم نرى عمر وقد
قذفت
به ظروف مشواره في مكان مهجور، بعد أن نجح سائق الشاحنة في سرقة
المجوهرات،
وعاد
عمر الثاني إلى مكانه الطبيعي وهو العمل في الأرض، بعد ضياع أحلامه
وتبخرها. وواصلت نجاح مسيرتها الخاصة جداً. كما لا يفوتنا أن نشير إلى
أن محمد خان قد جعل من نجاح وعمر الثاني شخصيتين مساندتين للشخصية
المحورية، حتى يبرز ما في أعماق الأخيرة
من متناقضات سلوكية أخلاقية ونفسية. وهو لا يتخذ موقفاً
مباشراً من هاتين
الشخصيتين، فهما مناسبتان لظروف ذاتية وموضوعية، ولكنه يعرض مبرراتهما
بشكل صادق
وموضوعي، تاركاً للمتفرج الحرية في إصدار الحكم عليهما.
قضية
الفيلم هي قضية
الشباب الفاقد لكل الأحلام والطموحات والذي ينحدر من سلالة
الطبقة البورجوازية الجديدة، التي ساهمت بشكل كبير في بروز المجتمع
الاستهلاكي. ومن ثم ظهرت ثروات مادية ضخمة وخيالية.. ثروات تحطمت فوقها
كل أحلام وطموحات أبناء هؤلاء الانفتاحيين
الأثرياء. حيث لم يعد هؤلاء الشباب في حاجة إلى الحلم بالحصول على
سيارة مثلاً.. أو
الحاجة للدخول في أية مشاريع استثمارية لضمان المستقبل، فكل
شيء سهل وميسور وفي
متناول أيديهم. ومع ضياع الحلم والطموح لدى هؤلاء الشباب، أصبحوا
يفتقدون لأي هدف
حقيقي
واضح، وانعدمت في داخلهم روح تحمل المسئولية، كما أصبحوا يعيشون على
هامش هذه
الحياة.
|