في كتابه "أدباء العالم والسينما"، إصدار المجلس الأعلى للثقافة في
مصر 2004.. يقدم الناقد السينمائي سمير فريد، عملاً هاماً لا بد أن
يحتفي به، باعتباره يتناول العلاقة الشائكة بين الأدب والسينما،
وذلك عندما يجمع في طيات كتابه هذا أبرز ما كتبه من مقالات ودراسات
حول نفس الموضوع.. (الأدب والسينما).. مقالات تجسد خبرة هذا الناقد
ودرايته بما يعرض في أبرز مهرجانات السينما في العالم، منذ عام
1968 وحتى 2001.
وفي مقدمة كتابه هذا، يتحدث سمير فريد عن العلاقة بين السينما والأدب
(الرواية والقصة القصيرة والمسرح)، باعتبارها علاقة قديمة بدأت مع
اختراع السينما في نهاية القرن التاسع عشر، وتبلورت مع تحولها إلى
فن مع بداية القرن العشرين.. (...في تقديري أن هناك ثلاثة أنواع من
العلاقات بين السينما والأدب: النوع الأول: الفيلم الذي يصنع عن
عمل أدبي لترجمة هذا العمل إلى لغة السينما بدعوى احترام النص
الأدبي، كما في العديد من الأفلام السوفيتية مثل "الحرب والسلام"
عن رواية تولستوي من إخراج سيرجي بوندارتشوك، والذي وصل إلى حد
تصوير صفحات الرواية المكتوبة، وقلب هذه الصفحات وكأن المتفرج
يقرأها.
والنوع الثاني: الفيلم الذي يستغل شهرة العمل الأدبي لصنع فيلم تجاري،
مثل أفلام المخرج المصري حسام الدين مصطفى عن روايات دستوفسكي،
والتي تقطع بأنه لم يقرأ هذه الروايات، وإنما شاهد الأفلام
المأخوذة عنها، ويكفي أنه جعل راسكولينكوف في "الجريمة والعقاب"
مجنوناً، وبالتالي لم يعد لرواية دستوفسكي المعنى الذي عبر عنه
الكاتب، ومن الأقوال الشائعة أنه ليس على المجنون حرج لا في الواقع
ولا إزاء القانون.
أما النوع الثالث: فهو الفيلم الذي يتعامل صانعه مع الأصل الأدبي
كمصدر للوحي والإلهام، ويجد فيه ما يعبر عن ذاته، فيصبح إبداعاً
على الإبداع، أي رؤية للعمل الأدبي من دون إدعاء ترجمته، ومن دون
استغلاله لمجرد صنع فيلم تجاري، فالعمل الأدبي يبقى بين دفتي كتاب،
والعمل السينمائي يبقى على الشاشة، ولكل منهما لغته المختلفة
تماماً...).
وهو في مقدمته هذه لم يقدم مثالاً على النوع الثالث.. مع أن الأمثلة
بالطبع كثيرة وقريبة أيضاً، فالمصري داود عبدالسيد بفيلمه "الكيت
كات"، يجسد مثالاً حياً لتعامل السينما مع الأدب الروائي.. حيث
الرؤية السينمائية الثاقبة لما تطرحه الرواية من فكر وفن.. يأتي
بشكل سينمائي مغاير لما يقدمه الأدب.
ومن خلال هذا التعريف الذي يقدمه سمير فريد لهذه العلاقة بين السينما
والأدب، يتناول الناقد كم كبير ومنتقى بشكل متميز لأفضل ما قدمته
السينما العالمية في هذا الموضوع.. بل ويعلن الناقد انحيازه للنوع
الثالث من هذه العلاقة، ويقدم أفلاماً مأخوذة عن كبار الأدباء في
أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأسيا.
إننا حقاً.. أمام كتاب هام يثير الكثير من الأسئلة والجدل من جديد،
حول هذه العلاقة، وكيفية تعامل السينمائي بالعمل الأدبي.. كتاب يعد
إضافة هامة للمكتبة السينمائية العربية.. بعد سلسلة من الكتب عن
السينما في الغرب والشرق قدمها الناقد المتميز سمير فريد، ضمن
إسهاماته في إثراء ذائقة المتفرج العربي. |