يأتي
تكريم الفنان العالمي عمر الشريف في مهرجان القاهرة السينمائي ديسمبر
الماضي، تكريماً متأخراً.. فهذا الفنان يستحق بالفعل الكثير.. فمن خلال
مشواره السينمائي الطويل الذي استمر قرابة الخمسين عاماً.. قدم الكثير
من الأدوار السينمائية الهامة، توزعت بين أمريكا، ومصر، وفرنسا،
باعتباره يجيد الإنجليزية والفرنسية إضافة إلى الإيطالية والأسبانية
واليونانية.. ولكنه رغم كل هذا لم يحض بذلك التكريم الهام الذي حضي به
لدى الفرنسيين. فالـ"سيزار" الفرنسي الذي حصل عليه الفنان عمر الشريف
في مارس العام 2004، يشكل تتويجاً لهذا المشوار السينمائي، بل يشكل
نجاحاً كبيراً، ليس لعمر الشريف فحسب، وإنما لكل فنان عربي طموح.
فهذا
الفنان الذي أفنى عمره في خدمة فنه وموهبته.. بدأت علاقته بالفن منذ
الصغر، عندما وقف على خشبة المسرح المدرسي ليؤدي دوراً في إحدى
المسرحيات العالمية. أما فرصته الذهبية فكانت في عام 1954، عندما
اختاره المخرج يوسف شاهين للوقوف أمام النجمة الكبيرة فاتن حمامة في
فيلم (صراع في الوادي). وبالطبع كانت جرأة كبيرة وحساسية فنية من
شاهين، عندما قدمه ولأول مرة في دور بطولة.. إلا أن عمر الشريف لم يخذل
مكتشفه، فقد نجح الفيلم والدور، وأصبح اسم عمر الشريف على كل لسان.
مشوار
فني حافل بالكثير من المشاكل والعقبات أيضاً، صادفها عمر الشريف.. إلا
أن ذلك لم يثنيه عن مواصلة مسيرته السينمائية وحياته الخاصة كذلك،
حياته التي اقتصرت ـ في أكثر الأحيان ـ على ممارسة هواياته واهتماماته
في لعب البريدج والسكر بل وتربية الخيول، واستمر في تنقله من لندن إلى
باريس إلى هوليوود وغيرها، حتى استقر به المقام في باريس في بداية
الثمانينات. وأصبحت السينما بالنسبة إليه مجرد أكل عيش (كما يقول). فقد
كان لا يشارك في أي فيلم إلا إذا أحس بضائقة مالية. فهو يذكر ـ بصراحة
ـ في إحدى مقابلاته الصحفية بأن عمله في السينما يرتبط بخسارته على
موائد البريدج.
ومعنى
هذا بأن عمر الشريف قد انغمس في مباريات البريدج والسهر ومراهنات سبق
الخيل، وانشغل عن تقديم الفن الحقيقي والجاد، ولهذا انحسر نجمه لفترة
طويلة (الثمانينات خصوصاً). غير إنه ـ في نفس الوقت ـ كان يعاني
وحيداً، ويشعر دائماً بأن عليه أن يجتاز مرحلة حساسة من مراحل التحدي
الشخصي، وضرورة إثبات الوجود.. ذلك لأنه يريد أن يبرهن لنفسه وللسينما
العالمية التي خذلته، أن بإمكانه النهوض من كبوته الفنية، وإن النجاح
بالنسبة إليه لم ينته مع فيلم (الدكتور زيفاجو).
وهذا
بالضبط ما فعله عمر الشريف..كانت سنوات التسعينات، مرحلة أخرى متجددة
في مشواره، مصرياً وعالمياً. قدم خلالها عدة أدوار في السينما المصرية،
ساهمت في تأكيد نجوميته عربياً مرة أخرى.. وبعض الأدوار في عدة مسرحيات
ومسلسلات وأفلام عالمية، أرجعته إلى الأضواء من جديد.
|