يعتبر (البريء ـ 1985) من الأفلام المصرية الجريئة القليلة التي تناولت
السلطة ونظام الحكم. لذا فقد أثيرت حوله ضجة رقابية وإعلامية بسبب اعتراض
الرقابة والحكومة المصرية على الكثير من مشاهده، وبالتالي تأخر عرضه
كثيراً.
وعند الحديث عن فيلم (البريء)، لا بد لنا من التوقف طويلاً أمام أداء
الراحل أحمد زكي كفنان كبير امتلك طاقات تمثيلية عبقرية، شكلت اختياراته
لأدواره عاملاً مهماً في تألقه الفني. ففيلم (البريء) هو فيلم أحمد زكي
بحق. وهذا ـ طبعاً ـ ليس انتقاصا من تميز فيلم جريء عميق الدلالة قوي
الإخراج، وإنما هي حقيقة واضحة تؤكد بأن الفيلم ينتمي إلى أحمد زكي في
جوانب كثيرة. فشخصية سبع الليل أداها هذا الفنان ببساطة وصلت أحياناً إلى
حد السذاجة التي يحتاجها الدور فعلاً، ولم يتخل عنها لحظة واحدة.
أحمد زكي ـ في هذا الفيلم ـ لا يمثل وإنما يقدم جانباً من شخصية موجودة في
أعماقه ولم تلوثها المدنية بعد. وأكاد أقول بأن عبقرية هذا الفنان هي التي
جعلت من سبع الليل شخصية تتجاوز مرحلة السكون وتتحول من مجرد كلمات على
الورق إلى نبض حار متدفق ومؤثر، حيث جاء ذلك بأسلوب بسيط ومتمكن في الأداء
يعتمد اللمحة بدلاً من الكلمة وعلى الحركة عوضاً عن الصراخ الزاعق.
إن ما سبق، ليس إلا وسيلة للوصول إلى حقيقة واحدة، وهي أن أداء أحمد زكي
كان هو الفيصل الحقيقي الذي جعلنا نصدق سبع الليل، ونتابع معه خطوات
مغامرته الكبيرة هذه. إنه بهذا الصدق في الأداء قد جعل المتفرج يتعاطف مع
الشخصية إلى درجة التماهي، حيث أن المتفرج قد نسى أو تجاهل أن يفتش عن
الأخطاء والسلبيات التي احتواها الفيلم. بل إن هذا التماهي قد جعله لا يرى
ما يمكن أن يخالف المنطق أحياناً.
صحيح بأن فيلم (البريء) قد تناول موضوعاً خطيراً ومهماً، إلا أن هذا
التناول لم يتلاءم وحساسية هذا الموضوع. فالمعالجة جاءت تقليدية وضاعت بين
الميلودراما المؤثرة المصحوبة بالعنف، وبين أطروحات الفن الملتزم والموضوع
السياسي. لهذا جاء الفيلم ركيكاً في كتابته الدرامية، معتمداً في نجاحه على
فكرته الجريئة. إلا أنه يمكن الإشارة، بأن السيناريو قد نجح في الخروج من
إطار المعتقل، عندما كانت الكاميرا في الريف مع سبع الليل، تنقل لنا
الخلفية الاجتماعية والحياتية لبطل الفيلم، لكي تكون تصرفاته بعد ذلك مبرره
ومنطقية. وعلى العكس.. لم ينجح السيناريو كثيراً في خروجه مع الضابط من
المعتقل، رغبة في إعطاء شخصيته عمقاً وبعداً نفسياً واجتماعيا، حيث لم يؤثر
ذلك في شخصية الضابط ولم يبرر تصرفاته السادية.. بل كان من الأفضل
الاستغناء عن هذه اللقطات، طالما لم تؤد الغرض المطلوب منها.
|