لا أعتقد بأن أحداً، يمكنه أن
ينفي ذلك الجو الفني والثقافي المظلم التي تعيشه أميركا بشكل عام وهوليوود
بشكل خاص، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وحتى الآن.. بل إن الحرب الأخيرة
على العراق، قد ساهمت في تأكيد هذا الإحساس، وهذا القهر الثقافي.. وبدأ
الجميع يتذكر، ذلك التاريخ المظلم لموجة المكارثية.. تلك الموجة التي ارتبطت
باسم السيناتور جوزيف مكارثي، والذي ظل محل كره وازدراء شديدين في التاريخ
الأميركي المعاصر منذ النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين.. وذلك بإشاعته
الذعرً في حملته ضد فئة المفكرين والفنانين والمبدعين والمشتغلين بقضايا
العمل العام والمعنيين بهموم المجتمع وشئون الفكر والفن والإبداع.
هذه الحملة قد شكلت تعذيباً
طغى على كل شيء، بل كانت أشد من التعذيب، فقد كان التعذيب من نوع بالغ
الخطورة شديد الوطأة باعتباره تعذيباً نفسياً. تعدى أن يكون تأثيره فردياً،
ليكون ذو تأثير جماعي على البنية الاجتماعية في أميركا، مما دفع البعض من
المبدعين إلى الانتحار، وألحق بالبعض الآخر تشويهاً وانتحاراً معنوياً، وخاصة
بين صفوف الذين لم يتحملوا وخارت قواهم وضعفت إرادة صمودهم، إزاء ضغوط مكارثي
ومعاونيه. فكان أن اعترفوا على رفاق طريقهم وأدلوا بمعلومات حقيقية، كانت
كافية للتشهير بزملائهم، فيما كانت كافية أيضا بإدانة أصحاب الاعترافات
هؤلاء، الذين تحولوا في نظر الناس من مبدعين إلى مرشدين ومخبري شرطة، جعلوا
قصارى همهم إنقاذ أنفسهم ونيل الرضا السامي من جانب المكارثية وأتباعها، ولو
على حساب الأصدقاء والزملاء ورفاق الطريق.
هذا هو ما حدث، في النصف
الأول من خمسينيات القرن الماضي.. فهل يتكرر ذلك، ونحن مع تباشير القرن
الحادي والعشرين. خصوصاً ونحن نرى ذلك التوجه المعارض للفنان والمثقف
الأميركي في مواجهة النظام الحالي في الولايات المتحدة الأميركية. فقبل
أسابيع فقط من بدء الحرب الغاشمة على العراق، وردت ثلاثة أخبار متلاحقة عن
الممثل والمخرج "شين بين"، الذي تراجع عن موقف سياسيا، كان قد أعلن عنه بعد
زيارته للعراق، يعبر عن رفضه للحرب وللعدوان على العراق وان العدوان يتعارض
تماما مع مصالح الشعب الاميركي ويهدد الأمن والسلام ليس في هذه المنطقة وحسب
وإنما في العالم اجمع. هذا التراجع في الموقف، يبين ذلك التفاوت والتغير في
المبدأ والعقيدة للفنان، ويوضح بشكل تام، ما يعيشه الإنسان الأميركي الحر على
أرض الديمقراطية ودولة القانون.
هكذا كان مصير أحد أعمدة
هوليوود.. فهل سيحصل هذا للبقية، الذين يحملون توجهاً آخراً، ضد مصالح
الولايات المتحدة الأميركية. فالحملة على نجوم هوليوود المناهضون للحرب على
العراق قد بدأت، فشارلي شين ومارتن شين، هما أول ضحايا هذه الحملة، وذلك
عندما تم إلغاء إعلانات للفيزا كارد، يقومون فيه بالإعلان عن الفيزا. وكان قد
تم
إلغاء الإعلانات الأسبوع
الماضي بعد التصريحات التي أدلى بها شارلي مؤخرا.
وأعتقد بأن القائمة طويلة،
تلك التي تشمل فنانين مثل مايكل مور، جورج كلوني، وغيرهم.. سيأتي دورهم في
التجاهل والمطاردة.
|