يتمحور سيناريو فيلم (حسن اللول -
1997) حول علاقتين يعيشهما حسن (أحمد زكي)، الاولى مع مأمور
الجمارك مصطفى العربي (عبدالعزيز مخيون) القادم من الصعيد وهو يحمل
دون أن يدري عوامل مصيده المأساوي.. وهي البراءة والشرف والجرأة
على مواجهة عمليات التهريب. والعلاقة الثانية مع الفتاة فاطمة أو
فتيما (شيرين رضا) الابنة المدللة لإمبراطور التهريب السرساوي
(محمد الدفراوي) الذي كانت تعده مافيا المخدرات في القاهرة بواسطة
مساعده زكريا (عزت أبوعوف) ليتحول من تهريب الاقمشة والآلات
الكهربائية الى تهريب الهيرويين مقابل الثروة الهائلة والمساعدة في
الانتخابات النيابية.
ومن خلال تتابع الأحداث نكتشف بأن حسن
اللول لم يكن سعيداً بمهنته، فهو حاصل على دبلوم صنايع، ولكنه يهوى
السياقة لأنها تساعده على الهرب من حزنه الدفين. ونراه يعاني
كثيراً داخل مدينة موحشة نزح منها الاب والاخت ليعيشا في المطرية.
ويعيش ذكريات حزينة عن شقيقه الذي مات غرقاً ضحية لفساد الذمم.
وتأتي علاقته العاطفية بفتيما لتؤكد مدى أحاسيسه المرهفة وقدرته
على التعامل مع الامور برجولة وأمانة.
لقد حقق نادر جلال وفريقه الفني فيلماً
رفيع المستوى مليئاً بالتفاصيل التي تعكس تجاوباً مع المعايشة
الذاتية لكاتب القصة، سواء في اختيار الاماكن داخل مدينة بورسعيد
في منافذها البرية والبحرية أو في تجسيد العلاقات المتشابكة بين
الشخصيات بسلاسة وحنكة.. ولولا الثلث الاخير من الفيلم، حيث تحولت
الاحداث الى مجموعة من المشاجرات والمطاردات المنفذ بعظها بإهمال،
لتحقق لهذا الفيلم شأن آخر.
ومن المهم أن نذكر بأن هذا الفيلم يقف
وراءه فنان كبير وعبقرية نادرة في الأداء، هو بطله الاول أحمد زكي،
الذي يتألق دائما، ويقدم لنا وجهاً آخر من وجوه موهبته المتألقة
التي لم يعد يشك فيها أحد. فهو في هذا الفيلم يأتي إلينا مغامراً
شهماً ومقاتلاً شرساً.. حزيناً في أعماقه قادراً على العشق مرة
وعلى التحدي مرات.. إنه يقدم لنا أفضل أدواره بعد (ناصر 56). لقد
فهم أحمد زكي بذكائه وحسه المشتعل طبيعة الدور التجاري الذي يلعبه
في حسن اللول.. فعزف على أوتاره ونجح في ذلك.
ثم لا بد من الإشارة الى أن المخرج
نادر جلال قد نجح الى حد كبير في اختيار ممثليه بل واكتشافهم من
جديد، فبالإضافة الى أحمد زكي، قدم لنا شيرين رضا في دور جميل
ومبتكر بوجهها الجميل الاخاذ وطريقة حركتها والحلاوة التي تقطر من
عينيها، فهي مكسب حقيقي للسينما المصرية.. رغم أن الطريق مازال
طويلاً أمامها، عليها أن تطوره لا أن تكرره. كما يؤكد مرة أخرى على
أن عزت أبوعوف هو نجم المستقبل للأدوار الثانوية، بعد أن قدمه من
قبل في أفلام (امرأة هزت عرش مصر، اغتيال)، وذلك في شخصية
الانتهازي الفاسد بأستاذية تؤكد أن مكانة هذا الفنان قد أصبحت
ثابتة في السينما المصرية وأنه قد أصبح من الدعائم الراسخة فيها.
إن الفيلم ينتمي بشكل مباشر الى نوعية
الفيلم التجاري الجماهيري الذي يهدف الى التسلية والامتاع.. مع قدر
بسيط من النقد الاجتماعي. فهو في تركيبته وأسلوبه لا يقصد هز قواعد
السينما.. أو تقديم اتجاه مبتكر.. أو طرح أسلوب سينمائي متجدد..
إنه يقدم نفسه من خلال تركيبة معروفة، سبق أن شاهدناها في الكثير
من الافلام.. ولكنه يضيف إليها جرعات متقنة من تمثيل وتصوير
وإخراج، تجعلنا نعاود مشاهدتها دون إحساس بالملل أو الضيق. والفيلم
شأنه في ذلك شأن معظم أفلام هذه الايام، وإن كان يعرض لقضايا جديرة
بالاهتمام، إلا أنه يعرض لها على الهامش، فيمر عليها مرور الكرام،
وبذلك تضيع رسالته الفيلم وسط ركام من مقبلات الفيلم التجاري. |