نجح فيلم (حسن اللول - 1997) في أن
يجمع كل مواصفات الفيلم التجاري، وتوافرت فيه كل أسباب القبول
الجماهيري.. (نجم شهير، في دور البطل الذي لا يقهر.. نجمة شابة
جميلة بل فاتنة تسير يخطى ثابتة نحو احتلال مكانة شرعية على
الشاشة.. ومخرج حركة متمكن أصبح يعرف تماماً قواعد اللعبة
السينمائية).. ماذا تطلب من فيلم تجاري استهلاكي، أكثر من هذا؟ قام
ببطولة الفيلم النجم الجماهيري أحمد زكي مع شيرين رضا وعبدالعزيز
مخيون وعزت أبوعوف وجمال إسماعيل ومحمد الدفراوي. أما الإخراج فكان
للمصري نادر جلال.
من خلال الدعاية الصحفية عن فيلم (حسن
اللول)، التي ذكرت بأنه يدور حول شاب فقير يسعى الى الثراء السريع
باللجوء الى مافيا المخدرات وعالم التهريب.. كان متوقعاً بأنه
سيتبنى فكرة درامية مقتبسة وربما مملة، ينقذها إخراج عالي الحرفية
ليستهلكها الجمهور.. وكان هذا أقصى التوقعات. إلا أننا شاهدنا
فيلماً قادراً على شد انتباه المتفرج، يضع نفسه في مقدمة أفلام
الشباك. فتفاصيل أحداث الفيلم مشبعة بوقائع اجتماعية وتاريخية
محسوسة، والمخرج وطاقمه الفني نجحوا في أن يجعلوا الفيلم يستمر
متحدياً في السباق. فأحداث الفيلم السريعة وتفاصيل مشاهده المثيرة،
جعلتنا نشعر بالتفاؤل في أن يستمر هكذا حتى النهاية.. إلا أنه لا
يفعل ذلك.
يحكي الفيلم عن حسن اللول (أحمد زكي)،
مهرب صغير من بورسعيد، ينتمي الى أسرة بسيطة مكافحة، شأنها شأن
الكثير من الأسر المصرية.. يعمل مثل الكثيرين من مواطني بورسعيد في
تجارة نصفها مشروع والنصف الثاني قائم على المهارة والذكاء وحسن
التصرف مع ضباط الجمرك والمسئولين فيه. وهو بالرغم من اشتغاله في
التهريب، إلا أنه نموذج لابن البلد، كما عرفناه في الكثير من
الافلام المصرية، بشهامته وحسن تدبيره وإيمانه بقيم أخلاقية
واجتماعية ثابتة. هذا رغم الحياة التي يحياها والعمل الذي يمارسه.
وربما يعود ذلك أصلاً الى تكوينه العائلي المتين، والى اضطراره
السير في طريق فرضته السوق الحرة المقامة في بورسعيد واختلاف طرق
الحياة فيها. فهو مثلاً لا يلوث يديه بتهريب المخدرات، بل يحاول أن
يأخذ الحياة (بفتاكة).. يناورها بيديه وقلبه ولسانه.
أول ما يلفت الانتباه في فيلم (حسن
اللول) هو اختيار بورسعيد مسرحاً للأحداث، مما أعطى الفيلم طابعاً
مميزاً وجديداً على المتفرج، هذا بالرغم من ضعف القصة وسطحيتها في
بعض الأحيان. وقد نجح المخرج في استغلال المدينة بكل ما فيها من
مخازن كبيرة ومقاهي ولنشات بحرية ومصانع كبيرة، التي ساعدته كثيراً
في إبراز إمكانياته وإضفاء إيقاع حركي متميز، وهو أسلوب يتميز به
كمخرج.
ومع وجود إحساس بطبيعة هكذا مكان،
وحوار ذكي وشيق، كان هناك اهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي تحيط
بالموضوع الأساسي، ألا وهو عالم التهريب. إننا هنا في مدينة
بورسعيد بعد أن أصبحت منطقة حرة تتاجر في السلع الاستهلاكية.. إذن
نحن نتابع عالم قائم على معايير ومقاييس محددة. فمن خلال أحداث
الفيلم سنجد صوراً مؤلمة لمجتمع أصبح يفكر على نسق واحد.. فالكل
يعلم ما يحدث من عمليات تهريب وعليه أما أن يشارك فيها أو يتغاضى
عنها. ومن يقاومها مصيره الموت. |