الظهور الأول:
كانت الخطوة التالية، هي انضمامه الى جمعية إحياء فن التمثيل، مع
أصدقائه يوسف وهبي وشقيقه عليّ وهبي ومختار عثمان.. وكانوا يجتمعون
خفية في منزله أو في منزل يوسف وهبي، بعيداً عن أنظار الكبار،
الكبار الذين كانوا يعتبرون التمثيل مهنة من لا مهنة له، وإنه
مضيعة للوقت، ولا يليق بأبناء الكبراء أن يتعاملوا معه من بعيد أو
قريب. ولكن عشق محمد كريم وأصدقائه لهذا الفن، قد جعلهم يتمردون
على مثل هذه الظروف.
وفي عام 1916 تأسست شركة سينمائية من بعض الإيطاليين المقيمين في
الإسكندرية، وبتمويل من فرع بنك دي روما، فاستغل محمد كريم هذه
الفرصة وأرسل الى هذه الشركة رسالة طالباً العمل في الأفلام التي
تنوي الشركة تصويرها، وأرفق مع الرسالة 36 صورة له مع مواقف
تمثيلية متعددة. ولكن جهل محمد كريم باللغة الإيطالية كان عقبة في
طريق الاتفاق معهم، لذلك عكف على تعلم الإيطالية، وفي أقل من عشرة
أشهر استطاع تعلم الكثير منها، كان يدفعه الى ذلك عشقه للسينما
وحرصه على عدم إضاعة هذه الفرصة. وفعلاً استدعته هذه الشركة، بعد
أن عاود الاتصال بها، وقام الفنيون باختياره ووافقوا على إشراكه في
تمثيل دورين قصيرين بفيلمي "شرف البدوي"، "الأزهار الميتة". وبهذا
يكون محمد كريم أول مصري يظهر في شريط سينمائي تم عرضه في العشرين
من يوليو عام 1918.
العمل في الصحافة:
كتب محمد كريم عدة مقالات عن السينما في الصحف المصرية، إبان
انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكان تفكيره في الكتابة منصب على
تمصير السينما. كما قام أيضاً بترجمة ونشر الأخبار الفنية من بعض
المجلات السينمائية الأجنبية التي كانت تصله من الخارج، حيث كان
يراسل أكثر من خمس عشرة شركة سينمائية أوروبية.
أما بخصوص الشركة السينمائية الإيطالية بالإسكندرية، فلم يحالفها
التوفيق فأشهرت إفلاسها. عاد بعدها محمد كريم الى القاهرة وفي ذهنه
حلم السفر الى الخارج للاستزادة من المعرفة عن كل ما يتعلق بفن
السينما، وكان أول رد إيجابي على مراسلاته الخارجية في مارس 1920
من إيطاليا، حيث أعد العدة للسفر الى هناك، بعد أن أقنع أسرته بأنه
سيدرس الهندسة في إيطاليا. ركب الباخرة الى إيطاليا والفرحة تغمره
لتحقيق حلم حياته، إلا أن الحلم تبدد بعد أن رفض طلبه من قبل
الشركة الإيطالية، فاضطر أن يقوم بدور الكومبارس في عدد من الأفلام
الإيطالية، الى أن تهيأت له فرصة السفر الى ألمانيا، بعد أن تعلم
لغتها. وفي برلين استطاع أن يلتحق بأستوديوهات »أوفا« السينمائية،
حيث عمل في قسم المونتاج. وفي خلال سنة ونصف فقط أصبح أحد مساعدي
المخرج الألماني الكبير »فريتز لانج«، مما أكسبه خبرة ودراية بفن
الإخراج السينمائي. وعـاد محمد كريم الى القـاهرة، بعد غياب دام
سـبع سنوات، ومعه زوجته الألمانية »نعمة اللّه« الذي كان قد تزوجها
أثناء عمله في ألمانيا، والتي أصبحت فيما بعد مساعدته في جميع
أفلامه. |