(سارق الفرح ـ 1994) هو أحد أهم أفلام
المخرج المبدع داود عبد السيد، من بطولة لوسي وماجد المصري وعبلة
كامل وحسن حسني وحنان ترك ومحمد هنيدي.
وداود عبد السيد، يعد واحد من بين أهم
مخرجي السينما المصرية الجديدة. فبعد أربعة أفلام (الصعاليك ـ
البحث عن سيد مرزوق ـ الكيت كات ـ أرض الأحلام)، يتوضح بشكل أكثر
أسلوبه السينمائي ورؤيته الفنية والفكرية في نوعية السينما التي
يصنعها. فهو يقدم سينما خاصة جداً، يتمرد بها على السائد
والتقليدي، ويبحث عن أفلام مختلفة ذات أسلوب ذاتي خاص يحمله رؤيته
الفنية والفكرية. والسينما الذاتية التي يصنعها عبد السيد، لا تعني
أن يتحدث عن نفسه، وإنما تعني أن يقدم الموضوعات التي يشعر بها
كإنسان وكفنان. فهو يهتم كثيراً بشخصياته أكثر من اهتمامه بالقضية
المطروحة على الشاشة، مقتنعاً تماماً بأن أية قضية، إنما تبرز
عندما تتألق الشخصية لتعبر عن أحلامها وطموحاتها بصدق وواقعية. وهو
بالتالي لا يبحث إطلاقاً عن حكايات تقليدية، وإنما يبحث عن نماذج
وحالات اجتماعية نمطية تعيشها شخصياته. ثم أنه يقدم لنا شخصياته
ويتركها تعيش واقعها وتتصرف بحرية وبتلقائية، حتى ولو أدى ذلك الى
تصرفات لا أخلاقية.. فهو يتركها ويقدمها كما هي ولكنه يتابعها في
نفس الوقت.. لا ليدينها بل لينظر إليها برحمة متلمساً لها الأعذار
والدوافع متفهماً حاجات النفس والجسد لكل شخصية من شخصياته.
في فيلمه (سارق الفرح)، وعلى مدى أكثر
من الساعتين، يقدم لنا داود عبد السيد سيمفونية بصرية شديدة
الواقعية، عن حكاية حب رومانسية ممزوجة بأحلام الفقراء، وبمجموعة
من الحكايات والحالات عن أناس فقراء يعيشون في عشش على هامش
المدينة. حكايات تتناول أدق التفاصيل عن حياة هؤلاء الناس وعن
أفراحهم وأحزانهم. أما شخصياته، فهي نماذج بشرية تعيش يومها ولا
تخطط لليوم الآخر.. تعيش أحلامها البسيطة مع كم هائل من المشاعر
الجياشة، هذا بالرغم من الكثير من الإحباطات في واقع يسوده الفقر
والتشرد.
الفيلم يحكي عن عوض (ماجد المصري)،
الذي يسعى للزواج من حبيبته أحلام (لوسي)، إلا أن المال ـ والمال
القليل جداً ـ هو العقبة الوحيدة في طريق زواجه منها. فيتحتم على
هذا الإنسان الفقير عوض أن يدبر ثمن المهر والشبكة الذي طلبهما
والد أحلام عم بيومي (لطفي لبيب)، في مدة تتراوح بين أسبوع الى
عشرة أيام، وإلا فقد حبيبته. فبعد اجتيازه للكثير من الصعاب في
طريق جمعه لثمن المهر والشبكة، يستطيع عوض في النهاية، وبمساعدة
الجميع، أن يحقق رغبته في الزواج من أحلام.
هذه هي الحكاية الرئيسية في الفيلم، وهي حكاية بسيطة فعلاً، إلا أن
شخصيات هذه الحكاية، التي صاغها عبد السيد بذكاء وأضفى عليها
الكثير من الصدق والواقعية، قد ساهمت في صنع فيلم شاعري جميل،
يتأرجح ما بين الواقعية والشاعرية.