جاءت تجربة أمينة محمد الأهم في السينما بفيلم (تيتاوونج ـ 1937)،
حيث اتجهت أمينة محمد إلى الإنتاج السينمائي بهذا الفيلم، ولم تكن
تمتلك وقتذاك غير مبلغ قليل لا يزيد عن سبعة عشر جنيهاً، كانت كل
رأسمال الفيلم. فقد أنتجت أمينة محمد هذا الفيلم بطريقة المشاركة
الفنية، والمصطلح عليها باسم "الكومينة".. فقد دخلت فيه شريكة
بالمجهود الفني إلى جانب جهود العاملين بالفيلم من الفنانين
والفنيين، ومشاركة مع المصور الفرنسي "ديفيد كورنيل" الذي تعهد
بتقديم الفيلم الخام إضافة إلى التصوير. وقد صُورت مشاهد الفيلم
فوق سطح العمارة رقم 64 بشارع إبراهيم باشا (الجمهورية) حالياً..
وأُستكمل التصوير ما بين أستوديو مصر وكاتساروس وبين متاجر الجالية
الصينية ومنازل الدبلوماسيين الصينيين والحديقة اليابانية في
حلوان. أما الصوت فقد سُجل على أجهزة محلية من تصنيع مهندس الصوت
المصري "سابو"، وقامت إحدى الشركات السينمائية بتمويل إنتاج الفيلم
تحت حساب التوزيع.
كانت أمينة محمد قد كونت شركة سينمائية باسم "أمينة فيلم"، واتخذت
لها مكتباً في نفس العمارة التي تم التصوير فيها. ونشرت إعلاناً في
جريدة الأهرام، تطلب فيه وجوهاً فنية جديدة لفيلمها الأول.. لذا
تقدم إليها هواة السينما في تلك الفترة، والذين اشتهروا فيما بعد
كمخرجين، أمثال: كمال سليم، صلاح أبو سيف، سيد بدير، أحمد كامل
مرسي، حلمي حليم، محمد عبد الجواد، يوسف معلوف، محمود السبع، يوسف
سلامة، عثمان أباضة.. ومن المنتجين: روفائيل جور.. ومن الصحفيين:
حسين فريد، سيد إسماعيل محمد، حسن إمام عمر، حسن جمعة، نسيم عمار..
ومن الفنانين التشكيليين: عبد السلام الشريف، رشاد منسي، رمزي
لبيب.. ومن الممثلين والممثلات: محسن سرحان، محمد الكحلاوي، نجمة
إبراهيم، زوزو نبيل، حكمت فهمي، إستر شطاح، صفية حلمي، ونجم
الألعاب السحرية الدكتور سعيد. أما حسين صدقي، فقد أكتشفه أمينة
محمد وعبد السلام الشريف بطريق المصادفة، ليقوم بدور الفتى الأول
بدلاً من محسن سرحان، الذي اعترض عليه المصور الفرنسي، بعد أن ظهر
في بعض لقطات الفيلم، وذلك لأنه كان مصاباً بحركة عصبية في إحدى
عضلات الوجه.
ومن المعروف بأن الإعلان الذي نشرته أمينة محمد في الأهرام، قد جذب
إليها مجموعة كبيرة من الهواة الشباب، إضافة إلى ما ذكرناهم،
والذين لم يكن لهم نصيب في الظهور على الشاشة، وكان من بينهم
الرئيس السابق أنور السادات، إلا أنها رفضته مع كثيرون.
عموماً.. نعود بالحديث عن فيلم (تيتاوونج)، فقد قامت أمينة محمد
بكتابة القصة واشتركت مع أحمد كامل مرسي وحسن جمعة ونسيم عمار في
كتابة السيناريو والحوار، إضافة إلى قيامها ببطولته وإخراجه. ويؤكد
كل العاملين في هذا الفيلم بأن أمينة محمد قد قامت بالاشتراك في كل
شيء في الفيلم، ماعدا التصوير الذي قام به ديفيد كورنيل، والديكور
الذي قام بتصميمه عبد السلام الشريف، وإن كانت أمينة محمد قد
اشتركت فيه بالتنفيذ. وقد فرضت على جميع من تعاونوا معها بالاشتراك
في كل الأعمال التي تطلبها منهم.
ولأنها كانت مؤلفة القصة، فقد رسمت لنفسها دوراً يتناسب ومواهبها
الفنية وملامحها الآسيوية، والتي تجعلها قريبة الشبه بالصينيات..
حيث جعلت من البطلة "تيتاوونج" فتاة صينية تقيم في القاهرة مع
أسرتها المكونة من والدها (حسن جمعة) ووالدتها (إستر شطاح) وعمها
(عبد السلام الشريف). وتنشأ قصة حب بينها وبين المحامي ابن الجيران
(حسين صدقي). وتضطرها الظروف للاشتغال بالرقص في ملهى ليلي، وتتهم
بقتل عمها، فيتصدى حبيبها للدفاع عنها إلى أن تحصل على البراءة.
وقد قام السيد بدير بدور زبون في الملهى الليلي، ويشهد في المحكمة
ضد تيتاوونج. كما مثلت حكمت فهمي دور الشاهدة التي تؤدي شهادتها
إلى البراءة. أما صفية حلمي، فقد قامت بدور إحدى ضحايا الملاهي
الليلية. وسجلت نجمة إبراهيم أغنية بصوتها في الفيلم، إلا أنها لم
تشارك في الفيلم بسبب بعض الخلافات. وهناك أيضاً زوزو نبيل التي
رفضت الاشتراك في التمثيل لأن المنتجة طلبت منها الكشف عن ساقها في
إحدى المشاهد. هذا إضافة إلى أن الفنان محمد الكحلاوي قد قام بدور
البطولة الغنائية.
وللعلم.. فان جميع من ذكرت أسمائهم، قد شاركوا في الأعمال الفنية
والإنتاجية بالفيلم، ماعدا كمال سليم الذي كان يريد أن يستقل وحده
بالإخراج. أما صلاح أبو سيف، فقد اعترف أكثر من مرة، بأنه قام بدق
مسامير الديكورات التي أعدها الفنان عبد السلام الشريف. ولا ننسى
بأن نشير إلى أن يوسف معلوف (المخرج لاحقاً) قد عمل في الفيلم
كحامل للكاميرا. |