هل ما زال الوقت مبكراً على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
الذي يبلغ سنته الـ31 في دورته الحالية، حتى يتجاوز هنّاته التنظيمية؟ بات
السؤال يفرض نفسه بعد أن تكررت أخطاء السنوات السابقة نفسها في يوم
الافتتاح، وما تلاه من عروض. على رغم أن موعد حفلة الافتتاح بحسب ما جاء في
الدعوة هو السادسة مساء، إلا أن الحفلة لم تبدأ إلا في الثامنة مع وصول
وزير الثقافة المصري فاروق حسني والراعي الرسمي للمهرجان ورجل الأعمال نجيب
ساويرس وقيادات وزارة الثقافة، ونضيف الى هذا الفوضى التي وقعت قبل بداية
فاعليات المهرجان بيوم واحد ثم في يوم الافتتاح، إذ لم يستطع الكثير من
الصحافيين المصريين المتابعين لأنشطة المهرجان الحصول على دعوات حفلة
الافتتاح، ما أدى بهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية أثناء مراسم الحفلة وفي ساحة
دار الأوبرا المصرية، رافعين لافتات ينددون بـ «الفوضى التنظيمية» و «سوء»
معاملتهم «من قبل إدارة المهرجان».
والمفارقة أن تصريحات رئيس المهرجان الدكتور عزت أبو عوف كانت
حتى يوم الافتتاح، ثم تواصلت من بعده مباشرة وتؤكد أن هناك «تغييراً
ملموساً» سيشهده المهرجان في دورته الحالية. لكن المؤسف ان المهرجان لم
يستطع تجاوز مثل هذه الأخطاء التنظيمية المعتادة. مع هذا يمكن القول في
الوقت نفسه ان رئيس المهرجان نجح في شكل كبير في حشد نجوم الفن المصري من
جميع الأجيال لحضور حفلة الافتتاح والتي جاءت مراسمها بسيطة، ومن خلال
ديكور مختلف. ولكن، كالعادة أيضاً، لم يكن هناك شكل تنظيمي خاص بصعود لجان
التحكيم والضيوف من المكرمين إذ ازدحم المسرح بعدد كبير من الشخصيات وتاهت
ملامح النجمين الأميركيين اللذين تم تكريمهما مات ديلون وهيرفي كيتل وسط
هذا الزحام.
ولكن المشهد المؤثر والذي ساعد على محو بعض آثار التنظيم السيئ
كان ظهور جينا ابنة الفنان الراحل نجيب الريحاني للمرة الأولى. هي التي بدت
غير مصدقة الحفاوة التي استقبلت بها من قبل الحضور، فعلقت قائلة: «أنا
سعيدة لأنكم ما زلتم تتذكرونه حتى الآن». ثم دخلت في نوبة بكاء، حتى ربت
على كتفها رئيس شرف المهرجان النجم عمر الشريف الذي حاول تهدئتها أكثر من
مرة.
وبعد انتهاء مراسم حفلة الافتتاح وتسليم المكرمين الدروع
الخاصة بهم عرض الفيلم البريطاني - الألماني - الأميركي «موت في جنازة» وهو
من إخراج فرانك أوز وتأليف دين كريج، وبطولة ماتيو ماكفيدن، وايوين برمنر.
ويؤكد الفيلم الذي تدور أحداثه في يوم واحد وفي المكان نفسه، أن الكوميديا
هي الوجه الآخر للمأساة، إذ يبدأ الفيلم بدانييل الذي يقوم بالتحضير لمراسم
دفن والده في حضور الأصدقاء وأفراد العائلة والذين تتكشف التناقضات في
حياتهم. ثم يتأكد عدم رضا الجميع عن حياته من خلال المفارقات الكثيرة -
المضحكة والمبكية -. فالابن الروائي المشهور والذي يعيش في أميركا، لا
يستطيع مشاركة شقيقه تكاليف الجنازة لأنه دفع كل ما يملك ثمناً لتذكرة
طيران درجة أولى من نيويورك إلى لندن ليشارك في مراسم الدفن. والشقيق
المتورط في الحياة مع والده ووالدته يشعر دائماً بعدم الثقة في نفسه ولا
يستطيع الاستقلال في منزل بمفرده مع زوجته، وهو صاحب الموهبة الحقيقية،
وتتعقد خيوط الفيلم مع اكتشاف أن الأب كان «مثليّ الجنس» ولديه علاقة خاصة
مع قزم! ومن خلال المضحكات المبكية التي تتفجر طوال الوقت من خلال تشابك
أحداث الفيلم يطرح العديد من التساؤلات المتعلقة بالنفس البشرية
وتناقضاتها، لنخلص في النتيجة أن الشخص الذي يعيش بيننا قد يكون مختلفًا
تماماً عن صورته التي ترسخ في أذهاننا.
أما فيلم «ألوان السما السبعة» المصري المشارك في المسابقة
الدولية والذي عرض في اليوم الأول من بدء الفعاليات فهو التجربة الإخراجية
الثانية للمخرج المصري سعد هنداوي ومن بطولة ليلى علوي وفاروق الفيشاوي
وشريف رمزي. وشهد حضوراً مكثفاً من قبل الجمهور، ولكن في المقابل تباينت
الآراء في شأنه فالبعض رأى أنه فيلم جيد يحمل العديد من العناصر الفنية
المتميزة، فيما رأى الآخرون أن الفيلم، على رغم تميزه بصرياً وإخراجياً
وموسيقياً، إلا أنه ناقش فلسفة التصرف وتحرر الروح من خلال راقص التنورة -
يجسد دوره فاروق الفيشاوي - بشيء من الخفة واكتفى فقط بالتركيز على الشكل،
لذلك فهو سيروق أكثر للعين الغربية. ولقد جاء عرض فيلم «ألوان السما
السابعة» افتتاحاً لعروض سينمائية عربية لفت من بينها عرض الفيلم المغربي
«عود الورد» للمخرج المغربي حسن زينون.
نذكر هنا أن فعاليات المهرجان ستستمر حتى السابع من كانون الأول (ديسمبر)
المقبل.
على هامش
الفعاليات
فيلم «التملص» كان مقرراً عرضه أول أيام المهرجان وانتظره
الكثير من النقاد العرب والصحافيين المصريين لكن الحضور فوجئوا بتأخير
العرض عن موعده في السادسة مساء لأن نسخة الفيلم لم تصل وتم استبدالها
بنسخة أخرى لفيلم يوناني وهو الذي تم عرضه بعد انتظار ساعتين فكان ان تقرر
عرض «التملص» الخميس.
> شهدت ندوة الفيلم المغربي «عود الورد» مشكلة في الصوت تسببت
أيضاً في تأخير موعد بدء الندوة.
> على رغم كثافة فعاليات المهرجان وإثارتها الاهتمام العام
انشغل الكثير من الضيوف بالأزمة التي نشبت من حول فيلم المخرج يوسف شاهين
«هي فوضى» والذي بدأ عرضه متزامناً مع بدء المهرجان، إذ قررت وزارة
الداخلية التدخل لحذف وتخفيف بعض المشاهد المتعلقة بقمع المواطنين وإهانتهم
داخل مخافر الشرطة في مصر.
الحياة اللندنية في 30
نوفمبر 2007
|