شاء المخرج السويدي 'انجمار برجمان' ان يسترجع علي شاشة
ذاكرته، وهو علي مشارف الخامسة والستين، ما في وسعه ان يسترجعه
من قصاصات حياته،
وان يصوغ تلك القصاصات في شكل سيرة ذاتية، ضمنها كتابا اسماه 'الفانوس
السحري'، ثم
اخرجه إلي الناس، قبل ربع قرن من عمر الزمان.
ولقد شاء له قدره ان يجيء رحيله عن
دنيانا في نفس سنة الاحتفال باليوبيل الفضي لهذا الكتاب النفيس، وتحديدا
صباح يوم
الثلاثين من شهر يوليه الماضي، عندما طيرت وكالات الانباء خبر
اختفائه بالموت، عن
عمر يناهز التاسعة والثمانين.
واللافت للنظر في فانوسه السحري هذا، صدق صاحب
السيرة وجرأته علي نحو قل ان يكون له نظير فعن ابيه يقول.
'كان
أبي يمتلك موهبة
التمثيل، وكان قلقا شرسا.
لم يكن مسموحا لنا ان نصفر، او نمشي وايدينا في
جيوبنا.
نشأت في جو متصلب وقاس، كانت تعاليمنا قوامها الاعتراف
بالخطيئة وطلب
الغفران.
وبعدما كان يضربنا، عقابا لنا، كان علينا ان نقبل يده.
امضيت عمري
اكرهه، غير انه عندما توفيت أمي تقاربنا كثيرا.
كانت تذهلني نزاهته، فجأة اسقط
قناعه القاسي'.
وعن مذكرات امه نقل فقرة، بها أختتم فانوسه السحري.
وفيها،
تصف علاقتها الزوجية المتوترة بأبيه، وكيف كادت تؤدي إلي الانفصال.
ورغم اعجابه
بالمخرج الايطالي 'ميكيل انجلو انطونيوني' الذي جاءه الموت، هو الآخر، بعد
رحيله
ببضع ساعات، رغم ذلك، وصفه علي النحو الآتي 'كان انطونيوني' سائرا في
الطريق
الصحيح، ثم ضاع.
لقد اضاعه الشعور بالملل والاكتفاء' وعنده 'الفيلم حلم، وهو
ايضا موسيقي والاخراج فن يحاول الغوص في الزمن، وفي الحلم
وجذور الحلم تقبع في مكان
ما
منا'.
وليس هناك فن يسبر اغوارنا المظلمة، مثل فن السينما'.
أما كيف دخل
غرفة الاحلام، اي السينما، حيث بعث مخرجا، صانع اطياف، فذلك يرجع الفضل فيه
إلي
فيلمه الاول 'ازمة' (1946).
ولاتجيئه الشهرة الا بعد ذلك بعشرة أعوام، بفضل
مهرجان كان، حيث فاز فيلمه 'ابتسامات ليلة صيف' بجائزة خاصة
(1956).
وفاز فيلمه
الشهير 'الختم السابع' بجائزة التحكيم الخاصة (1957).
ومن أغرب ما جاء في سيرته،
انه بعد تتويجه بجائزة اوسكار افضل فيلم اجنبي عن رائعته 'من خلال مرآة
مظلمة'
(1961).
وتتويج فيلمه 'صرخات وهمسات' بجائزة اوسكار افضل تصوير (1974).
فضلا
عن
منحه جوائز أخري من اكثر من مهرجان، وتكريمه من اكاديميات وجامعات.
moustafa@sarwat.de
أخبار النجوم
في 18 أغسطس 2007
|