من أجمل
الأفلام التي
عرضها مهرجان 'كان' بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده الستيني،
فيلم 'لكل
سينماه'،chacun
son cinema
الذي أشرف
على إنتاجه جيل جاكوب رئيس المهرجان، الذي
فكر، وحسنا فعل، أنه من الأفضل بدلا من أن يكون الاحتفال الستيني احتفالا
بذكريات،
واسترجاعا لتاريخ المهرجان، لتأكيد أمجاده، أن يكون تكريما لفن
السينما ذاته،
وتكريما لهؤلاء المخرجين العظام من أمثال شارلي شابلن ودراير وهيتشكوك
وفيلليني
وأورسون ويلز وغيرهم، الذين جعلوا السينما بسحر الضوء، تدلف إلى حياتنا من
أوسع
باب، فتشكل وجداننا، وتصبح قطعة منا.
وذلك من
خلال فيلم يشارك في صنعه مجموعة من
أشهر المخرجين في العالم ـ وكان المهرجان كما هو معروف تبنى بشكل ما هؤلاء
المخرجين، عبر رحلة عمرهم الطويلة، وشجعهم على صنع أفلامهم، ودافع عن
حريتهم، بل
هرب بعض أفلامهم كما مع البولندي اندريه فاجدا، والتركي ايلماظ
جوني، لكي تعرض في
المهرجان ـ على أن يحكي فيه كل مخرج على حدة عن علاقته بفن السينما وكيف
يتمثله،
حين يسترجع ذكرياته عن صالة العرض، وبشرط الا تتجاوز مدة عرض الفيلم ثلاث
دقائق،
وأن يمنح كل مخرج 25 ألف يورو، على ان يتولى المخرج بنفسه إنتاج الفيلم
والانتهاء
منه، وتسليمه قبل شهر من بداية المهرجان، ليقوم جيل جاكوب
بنفسه بترتيب الأفلام فقط
في
شريط سينمائي واحد طويل، عرض يوم احتفال المهرجان بعيد ميلاده الستين،
وشارك في
صنعه من العالم العربي مخرجنا الكبير يوسف شاهين من مصر، والمخرج الشاب
ايليا
سليمان 'يد الهية' من فلسطين.
أفكار
وتصورات
الجميل في
فيلم 'لكل سينماه'
الذي
اقتصر الاحتفال بعيد الميلاد الستيني على عرضه، ومن دون احتفالات مكلفة
وبهرجة
فاضية، أنه يبدأ من مصر بفيلم للفرنسي ريمون دوباردون بعنوان 'سينما
الصيف'، يصور
فيه احدى دور العرض الصيفي في الهواء الطلق في مدينة
الإسكندرية، فوق سطح أحد
المنازل التي تطل على البحر، ويجعلنا من خلال الفيلم نستشعر قيمة السينما
والحنين
الى الصحبة والمشاركة، فقد كانت في ما مضى خروجا وفسحة ونزهة، وتشرد مع من
نحب، وكم
من صداقات وعلاقات عاطفية وقصص حب، تخلقت داخل الصالة المظلمة،
ويكتب دوباردون كلمة
عن السينما، في الملف الصحفي للفيلم، يقول فيها: مازلت أتذكر
تلك الاحتفالات على
أسطح البيوتات في مدينة الإسكندرية، عندما كان الليل يهبط في الصيف، ووقتها
لم يكن
يكن يهم ابدا اسم الفيلم، وأعتقد أن ذلك هو ما تعنيه السينما بالنسبة إلي
فيلم 'لكل
سينماه' قدم بانوراما لأفكار وتصورات وأمزجة كما في فيلم
الاميركي مايكل شمينو 'صائد
الغزلان' الذي يصور حفلة موسيقية لفرقة كوبية، ولا يهم أن نفهم كلامات
الأغنية، فالسينما عنده لا تحتاج الى ترجمة.
كما جعلنا
'لكل سينماه' نعيش 'حالات'
متباينة من الخوف والقلق والحلم والدهشة والفرح، وتميز بحميميته، واستغل
البعض من المخرجين الذين شاركوا في الفيلم الفرصة لعمل دعاية لأنفسهم
والإشادة من
خلال تلك الأفلام بعبقريتهم بشكل منفر ومزعج وعدواني، وكشفوا
عن نرجسية مقيتة
ممجوجة، مثل الفرنسي كلود ليلوش والمصري يوسف شاهين وآموس جيتاي ودافيد
كروننيورغ
فكل مخرج يحكي في الفيلم عن نفسه، ويقول بصراحة أحبوني، ويتسول عطفنا.
في فيلم
شاهين بعنوان 'بعدها بسبعة وأربعين سنة' يظهر شاهين في صورة
شاب يحضر مع زوجته
مهرجان كان، ويطلب منها ان تذهب لشراء الجرائد الفرنسية، ليعرف ان كانت
كتبت عن
فيلمه 'ابن النيل' المشارك في المهرجان فتعود وهو ينتظرها في صالة المهرجان
لتبلغه
بأن الجرائد ياحسرة، لم تكتب أي شيء عن الفيلم، سوى أنه سيعرض
بعد فيلم مكسيكي في
برنامج المهرجان، وبعد مرور 47 عاما على تلك الواقعة يكون المخرج السينمائي
الشاب
صاحب 'الارض' و'باب الحديد' و'الاختيار' نضج وكبر وصار علامة من علامات
السينما
العربية، ويعود شاهين الى المهرجان، ويشارك فيه بأفلامه ويجري
تكريمه في الدورة
الخمسين، ويظهر في فيلم شاهين مشاهد تسجيلية من حفل التكريم ذاك، تعلن فيها
الممثلة
الفرنسية ايزابيل ادجاني منح شاهين تلك الجائزة لمجمل أعماله، وللعلم يظهر
هذا
المشهد أيضا في فيلم 'اسكندرية نيويورك'، مثل 'ركلام' وهو نوع
من التخريف لا علاقة
له بالسينما، من حيث انها تكره وتنفر من تلك التصريحات الفجة،
ولم يكن المقصود كما
فهم شاهين ربما، أن يصنع كل مخرج فيلما يحكي فيه عن حياته، بل عن تأثير
السينما في
حياته، وأن يكون بالصورة أي بلغة السينما، وليس الكاميرا الشخصية، لعرضه
والاحتفال
به ومشاهدته مع الأصحاب والأقارب في الاجتماعات العائلية،
وبصراحة لم يعجبني فيلم
شاهين على الاطلاق وكان عرضه فضيحة في 'كان'، جعلت الأجانب الذين شاهدوا
الفيلم
يضحكون على مخرجنا الفنان الكبير.
متاعب
ومصاعب
في حين
أعجبنا فيلم 'ارتباك'
للمخرج
الفلسطيني ايليا سليمان الذي يظهر فيه كعادته في شخصية الممثل الفكاهي
الأميركي 'بستر كيتون' المدهوش والمذهول دوما من عبثية العالم، وتصرفات
وسلوكيات
البشر، كما لو كان سقط فجأة من المريخ في قلب مسرح اللامعقول،
ليسأل أين أنا و ماذا
جرى؟
يظهر
ايليا داخل صالة سينما في رام الله، وينتظر أن يبدأ مؤتمر صحفي
لمناقشته مع الجمهور فيذهب الى دورة المياه ويسقط منه تلفونه المحمول في
البالوعة،
فيبحث عنه ثم يجده، ويرن التلفون فيرتبك ويخشى ان يقربه من
أذنه بعد ان تلوث، ويدخل
شخصان غريبان دورة المياه، ومن وضع ايليا منحنيا يفكران في انه ربما يكون
شاذا،
ونضحك في الفيلم من 'ارتباكه'، وحين يبدأ المؤتمر الصحفي اذا بهم يطلبون
الشخص الذي
تعطل سيارته امام صالة السينما حركة المرور، وفي اللقطة
التالية يتضح ان ذلك الشخص
هو
ايليا سليمان، ونضحك من المقالب التي يقع فيها، ويصنعها لنفسه كما في فيلم
'يد
الهية' وقد وجدنا ايليا في الفيلم وكان مخلصا مع نفسه وقدم فيلما يشبهه ولم
يخذلنا.
ويقول
شاهين عن السينما في ملف الفيلم 'لقد عشقت السينما طوال حياتي،
غير أن المرء لايقول للسينما أنا احبك، من دون ان يكون عالما بما يتضمنه
مثل هذا
التصريح بالمتاعب والمصاعب والمشاكل، فالموهبة وحدها في
السينما لاتكفي، ويجب
تطعيمها بالعلم والدراسة والمعرفة، على أن تتدعم بإرادة من حديد، وبحب
وبهجة
الحياة.
ويقول
إيليا سليمان: فيلم 'ارتباك' هو فيلم عن صناعة فيلم
the making of
لا يحكي
ارتباك عن صناعة فيلم، بل يحكي بالاحرى عن بارانويا او انفصام الشخصية، أي
عن المرض الذي يصيب المخرج، في أعقاب الانتهاء من عمل وصناعة
فيلم.
احتفال
وبهجة
وقد
أعجبني كثيرا في فيلم 'لكل سينماه' أيضا، فيلم المخرج الصيني زانج
ييمو، الذي يصور احتفال الأطفال وبهجتهم بالسينما في الصين، وحين يهبط
الظلام وتدور
ماكينة العرض، يغلبهم النعاس فيستسلمون له، لكي تصبح السينما
عندئذ جزءا من حلم
الإنسانية الكبير في مجتمعات أكثر محبة وعدالة وتسامحا.
في حين
يصور المخرج
الألماني الكبير فيم فندز في فيلمه التأثيرات التي تمارسها
السينما على الأطفال
خاصة في أفلام العنف والحرب في أفريقيا ، فيروح يصور وجوههم في الظلام، وقد
ارتسمت
عليها مشاعر الخوف والرعب، ويهزنا بفيلمه إلى أقصي حد، بينما
يحكي الأميركي جوس فان
سانت في 'لكل سينماه' عن أول قبلة، وعلاقة السينما بالمراهقة والحب، من
خلال عامل
عروض شاب، تطلع له حورية شقراء من قلب المياه على الشاشة، وتستولي على
روحه، فيترك
من
فرط جمالها ووقوعه في حبها من أول نظرة، يترك كل شيء خلفه مثل الشاطر،
ويدخل إلى
الشاشة بلا تردد فيلم 'لكل سينماه' الذي شارك في إخراجه 33
مخرجا، أصبح الآن أيقونة
من
أيقونات 'كان' في عيده الستيني، للحفاظ على تاريخ السينما وتراثها من
الزوال
والانقراض والعدم، ونعتبره أحد انجازات و'شهادات' المهرجان السينمائية
المهمة في
دورته الستين.
فان سنت.. السينما ترصد
العنف الذي يجتاح العالم
كان ـ
كونا ـ شدد المخرج الاميركي غاست فان
سانت على ان السينما ترصد اليوم العنف الذي يجتاح العالم ويشكل الارضية
الخصبة
لكتابة وتوليف العديد من الاعمال السينمائية العالمية.
واشار فان
سانت الذيش عرض
له فيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي
وحمل عنوان 'بانرويا
بارك' في تصريح صحافي الى ان 'الفيلم مأخوذ من قصة حقيقية جرت احداثها في
احدى
المدن الاميركية'. واوضح ان 'احداث الفيلم تتناول قيام مراهق باغتيال حارس
احد
المنتزهات ليلا ولم يعترف بجريمته ولهذا صورت احداث الفيلم
بصياغة تحمل الاتهام
لجميع الاطراف وبالذات المناهج التربوية التي تظل في حالة غياب عن تحفيز
وعي
المواطنة الصالحة'.
وكان غاست
فان سنت فاز ب 'السعفة الذهبية' عن فيلمه 'فيل'
الذي تناول مجزرة كولنباين في حادثة هزت المجتمع الاميركي.
وكان
موضوع العنف
احتل موقعا بارزا في اعمال مهرجان كان.
ومن ابرز
الاعمال التي تعرضت لموضوع
العنف ايضا فيلم 'لا موطن للرجال العجائز' من بطولة تومي لي جونز والاسباني
خافيير
باراديم.
واكد فان
سانت ان 'على السينما ان تركز على هذا الموضوع من اجل خلق
حالة من الوعي عند الجماهير من العنف الذي يجتاح العالم'.
'نفرتيتي'
يصور
بميزانية 130 مليون دولار
كان ـ
كونا ـ اعلن فى مهرجان كان السينمائى
الدولى عن انتاج فيلم روائي جديد بعنوان 'نفرتيتي' بميزانية قدرها 130
مليون دولار
سيصور فى استديوهات مدينة الانتاج الاعلامى بالقاهرة.
وقال
المنتج الاميركي جون
هايمان انه بصدد انتاج ثلاثة اعمال سينمائية فى مدينة الانتاج
الاعلامي في القاهرة
من بينها فيلم 'نفرتيتي'. واوضح ان فيلم 'نفرتيتي' الذي خصصت
له ميزانية قدرها 130
مليون دولار سيصور فى مطلع شهر نوفمبر المقبل وبمشاركة حشد متميز من نجوم
السينما
العالمية مضيفا ان سيستعين بعدد ضخم من الفنانين المصريين والعرب. وتابع
انه سينتج
ايضا فيلم 'كليوباترا الصغيرة' بميزانية 5 ملايين دولار.
واشار جون
هايمان الى
ان استديوهات مدينة الاعلام المصرية باتت تمثل منافسا كبيرا
لعدد من القطاعات
الانتاجية العالمية مثل استديوهات مدينة ورزازات المغربية واستديوهات مالطا
وعدد من
دول اوروبا الشرقية.واوضح ان استديوهات مصر تتمتع بالجودة
الانتاجية والخدمات
العالية علاوة على المواقع الامنة مشيرا في الوقت ذاته الى التكلفة غير
المرتفعة
للخدمات الانتاجية. ويتوقع ان تشهد مدينة الانتاج الاعلامي في القاهرة
توافد عدد
كبير من شركات الانتاج العالمية.
تكريم نقاد سينمائيين
بينهم عربيان
كرم
مهرجان كان السينمائي الدولي بدورته
الستين خلال احتفال عددا من النقاد السينمائيين الأقدم، بينهم عربيان، ممن
تابعوا
دورات المهرجان وقدموها لوسائل الإعلام في مختلف بلدان العالم.
واذا كان
كبير
هؤلاء وعميدهم فرنسيا حضر الى مهرجان كان عام ،1946 فقد كرمت
الدورة الستون
للمهرجان هذه السنة ناقدين سينمائيين عربيين هما سمير فريد من مصر وعز
الدين مبروكي
من
الجزائر.
وقد سلم
رئيس المهرجان جيل جاكوب الميداليات لهما شخصيا ولنحو 35
صحافيا تعبيرا عن تقدير المهرجان لجهودهم.
وقال سمير
فريد اثر تسلمه الميدالية
لوكالة فرانس برس انه 'سعيد وحزين في الوقت نفسه بعد اربعين عاما من حضوره
للمرة
الأولى الى مهرجان كان عام 1967 عندما كان المهرجان في عز
شبابه في دورته
العشرين.
إيليا سليمان يواصل.
التحضير ل 'الوقت المتبقي
كان
(فرنسا) ـ أ.ف.ب ـ يبحث المخرج
الفلسطيني ايليا سليمان عن منتج لشريطه الجديد الذي يحمل عنوان 'الوقت
المتبقي'
الذي تدور احداثه خلال ثلاث فترات زمنية وفي ثلاثة بلدان هي فلسطين
والولايات
المتحدة وفرنسا حيث يعيش المخرج حاليا.
وقصة
الفيلم مستوحاة كما في اعمال سليمان
السابقة من ملامح في حياة العائلة والأصدقاء، وستكون روح الفترة الزمنية
والأجواء
السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تلف حياة الشخصيات حاضرة في
الفيلم.
وأجرى
سليمان عددا من اللقاءات الانتاجية في مدينة كان مع عدة جهات،
وبات التمويل شبه متوافر على رغم انه لم يجر توقيع كل الاتفاقات. وسيبدأ
التحضير
للفيلم بين يوليو واغسطس المقبلين اذا جرى كل شيء على ما يرام.
وقال
المخرج
لوكالة فرانس برس انه سيعود الى مدينة الناصرة قبل أربعين عاما
عبر قصة عائلية تتصل
بسيرة والده وبه حين كان طفلا، ثم ينتقل الفيلم الى مرحلة كان فيها في
العشرين
وصولا الى الفترة الحالية.
وسيجري
بناء ديكورات مدينة الناصرة كما كانت في
الماضي، ويتضمن الفيلم مؤثرات خاصة كثيرة يتطلب التحضير لها بين ثمانية
وتسعة
أشهر.
التصوير
سيجري مبدئيا عام 2008 ولم يجر بعد اختيار الممثلين، لكن المخرج
اشار الى انه سيختار على عادته ممثلين من غير النجوم وغير المحترفين.
القبس الكويتية
في 28 مايو 2007
|