بفيلم
واحد فقط قفز المخرج الألماني، التركي الأصل، فاتح أكين من مصاف غير
المعروفين الى مصاف المعروفين فعلاً. في سينما لا يمكن أن تتقدّم إلا بفضل
الجهد المخلص والعمل المثابر والنظرة المتأنيّة للحياة، يجد فاتح أكين
المجال مناسباً اليوم للعودة الى الأضواء. فيلمه السابق “تصادم” كان خطف
الدب الذهبي من مهرجان “برلين” السينمائي الدولي قبل ثلاث سنوات ما جعله
لفت انتباه المجتمع السينمائي حول العالم. لكن الأمر لم يتوقّف عند ذهبية
برلين وجائزة “اتحاد النقاد السينمائيين الدولية” التي نالها في ذات العام،
بل امتد ليشمل “جوائز الفيلم الأوروبي” وجوائز السينما الألمانية فيما بعد.
في نهاية العام الماضي دخل أكين تصوير فيلمه الجديد “حافة الجنّة” الذي
عُرض هنا قبل يومين وبناءً عليه تمّت هذه المقابلة. ولد المخرج سنة 1973
وأقدم أساساً على إخراج الأفلام القصيرة وبعضها نال جوائز في مهرجان
لوكارنو من بين أخرى.
·
هذا الفيلم الجديد لك، وفيلمك السابق “تصادم” يشملان موضوعاً واحداً وهو
صعوبة العيش في عالمين معاً. العالم الشرقي المتمثّل بتركيا والعالم الغربي
المتمثّل بألمانيا. هل تستمد رسالتك هنا من كونك ولدت ألمانياً من جذور
تركية؟
نعم.
بالطبع. وأحاول أن أجهد في سبيل عكس حياتي الخاصة على أفلامي من دون أن
ألوّنها بالطابع الذاتي أكثر من اللازم.
·
هل هناك المزيد من هذا الإنعكاس؟
فيلمي
المقبل سيكون آخر الحلقات في هذا الشأن. بعده سألتفت الى مواضيع أخرى لا
علاقة لها بتجربتي في الحياة.
·
وعما يتحدّث عنه فيلمك المقبل؟
إنه فيلم
تسجيلي بعنوان “زبالة في حديقة عدن” وهو عن قرية تركية تحارب المسؤولين
الذين قرروا السماح للنفايات بأن تُدفن او تُحرق هناك. هذا ليس عدلاً.
·
لكن ما علاقة التجربة الخاصة بفيلم يحمل هذا
الموضوع؟
حين
تحدّثت عن فيلمي المقبل، قصدت فيلمي الروائي المقبل وليس هذا الفيلم
التسجيلي. معك حق، لا علاقة بين التجربة الخاصة وموضوع مثل هذا يهم البيئة
وصحّة الإنسان والعدالة التي يطالب بها أهل القرية.
·
يلتقي “تصادم” و”حافة الجنّة” في أنهما يبدوان كما لو أن الفيلم الجديد هو
تواصل للفيلم السابق. هذا أكثر من مجرّد استخلاص تجربة.
صحيح لو
أن الفيلمين متواصلان. لكن “حافّة الجنّة” ليس جزءاً ثانياً من الفيلم
الأول ولو أن الموضوع هو التصادم بين عالمين. حينما كنت أكتب فيلمي الأول
“تصادم” قررت أن يكون موضوعه عن الحب. لذلك تبحث المرأة عن الرجل الذي ترك
ألمانيا وعاد الى تركيا لعلّها تجده.
حينها خطر
لي أن أجعل موضوع فيلمي التالي، “حافّة الجنّة” الموت والى أن وصلت الى
مرحلة إنجاز هذا الفيلم أصبح واضحاً لديّ أنني أتحدّث عن الموت كفكرة وليس
كحالة محدّدة. أردت أن أتحدّث عما يقع في العالم اليوم. فيلمي الثالث سيكون
عن الشر.
·
هل كتبته؟
كتبت
مشاهد وإشارات مبدئية. لم أجلس بعد وأنجز السيناريو الكامل.
·
الصراع الذي في “حافّة الجنّة” صراع قائم بين
الإسلام والغرب.
نعم، لكن
وصفك ربما كان مجرّداً. “حافة الجنّة” هو عن الصراع الحالي بين الديانات
هذا الصراع موجود في تركيا وفي ألمانيا وبالطبع في أماكن أخرى.
·
هل تحرض على إبراز التناقضات الحياتية
والحضارية في أفلامك؟
نعم ففي
“تصادم”، فيلمي السابق، نرى ذلك متمثّلاً في الحرية من جهة ثم محاولة تقويض
صناعة سينما البورنو.
·
لكن سينما البورنو ليست فنا وليست ذات قيمة
وربما من الأجدر بالحضارة التخلّص منها.
هذا ليس
شأنها. الحضارة ستتخلّص منها عندما تصعد فوق الصراعات وتثري حياة الناس
بحيث تبتعد عن الصناعات المتدنية او العادات غير الضرورية. لكن ليس من شغل
المنشغلين بنشر الحريّة منع أي شيء لأن ذلك تناقض مع مبدأ الحرية ذاتها. في
“حافّة الجنة” يكمن التناقض في صميم المنحى الأيديولوجي. معظم الأتراك لا
يؤيّدون حكومة إسلامية لكن معظمهم أيضاً يعارضون أوروبا.
المفكرة
*“لماذا
يتصرّف الناس هكذا؟ لماذا هم شغوفون بتدمير أنفسهم؟”السؤال تطرحه المخرجة
ليلى كونورز بعد عرض فيلم “الساعة 11” على مجموعة من النقاد الذين جلسوا
حولها يسألونها عن الدافع الذي حدا بها، وبشقيقتها ناديا، الى تحقيق هذا
الفيلم البيئي وتضيف: “أعتبر أن المناخ الملوّث المنتشر في جميع أرجاء
العالم هو الأرق اليومي الذي علينا جميعاً أن نعيشه. أولئك الذين يغضّون
النظر هم إما مستفيدون مباشرة أو موافقون بصمتهم. لقد لوّثوا البحر
والأنهر والسماء والأرض. نفقد كل عقدين او ثلاثة نوعاً من الحياة على هذه
الأرض”.
*الهجوم
على الكوميكس في أوجه حالياً ويترك الساحل الأمريكي في حالة إزدهار ليصل
الى الشواطئ الأوربية على نحو ملحوظ. هناك فيلم بعنوان “أساطير” وبميزانية
قدرها 35 مليون دولار مأخوذ عن هذا المصدر المرسوم والشعبي سيخرجه اليوناني
باتريك تاتوبولوس. وشركة إنتاندرم البريطانية تقف وراء مشروع بعنوان “عصر
الظلمات” يُقال أن ميزانيته ستتجاوز الخمسة وعشرين مليون دولار، كذلك هناك
“الزمرة المتوحّشة” (غير فيلم سام بكنباه الشهير) و”دم على مسيرة هركوليس”
اللذان سيتم تصويرهما تباعاً في إيطاليا.
شاشات ... خيبة أمل
كبيرة إن لم ينل السعفة الذهبية
"ألكسندرا"
جسر ممدود
للثقافة بين الناس جميعاً
سيكون
الأمر فضائحياً لو أن لجنة التحكيم، برئاسة المخرج البريطاني ستيفن فريرز،
منحت السعفة الذهبية غداً لفيلم غير “ألكسندرا”. سيكون الأمر عيباً ووصمة،
خيبة أمل وخسارة وعدم ثقة من بعد هذا اليوم بالفريق الذي يألوا على نفسه
الخروج بقرارات يُعيّن فيها النتائج بناءً على رؤاه.
فيلم
ألكسندر سوخوروف هو الفيلم الذي يستحق الجائزة، إنه جسر ممدود للثقافة بين
الناس جميعاً، بين الشيشانيين والروس في تلك الأرجاء ثم بين المسلمين
والمسيحيين في كل مكان. لكن هذا الجسر الإنساني لم يكن ليأتي مهمّاً
وملهماً لولا أن المخرج سوخوروف، صاغه بالأسلوب الخاص الذي يتميّز به.
أسلوب عمل قائم على متابعة لحظات الدفء الإنسانية المتواصلة عبر هذا
الفيلم.
بعد
“الصد” بسبره الواسع لحياة عائلية مجهضة في عالم انغلق على نفسه مرّتين
(مرّة داخل العائلة ومرّة على العالم حولها) ها هو “ألكسندرا” يسبر غور
شخصيات لا حاجة بها لتحكي عن نفسها. تترك للكاميرا متابعتها في مواقفها
الصغيرة، في لمحاتها وفي سكونها، في إيقاعها الرتيب كما في تأمّلاتها وما
ينتج بعد ذلك من حوارات لها. وسبر الغور لا يعني أن تجعل الكاميرا مثل طوق
العنق يحيط بالشخصية ليستخرج منها عمقاً. ذلك سيكون افتعالاً وتركيباً.
الأنجح هو ترك تلك الشخصية تتحرّك طبيعياً في بيئة تتفاعل طبيعياً ليؤلف
ذلك كله فيلماً طبيعياً بدوره.
سوخوروف،
الى ذلك كله، ملك الحنين على الشاشة. لا أعتقد أنه عكسه على نحو جيّد في
فيلمه السابق “أب وابن” قبل خمس سنوات، لكنه عكسه جيّداً في كل فيلم عائلي
له منذ أن حقق، قبل نحو عشر سنوات، فيلمه الآسر “أم وابن”.
هناك لم
يقم بأكثر من تصوير أم تحتضر وابنها الذي يعاودها، يهتم بها، يفعل ما بوسعه
لأن تعيش لحظة واحدة أكثر. قبل موتها، يساعدها على الخروج من ذلك الكوخ
الذي يعيشان فيه الى ضفّة خضراء على جدول نهر عابر. يعيشان ربع ساعة من
تنسّم الطبيعة. يؤخر موتها الى أن تستنشق رحيق الزهور وتمتع ناظريها بجمال
الطبيعة مرّة أخيرة قبل موتها، ثم يساعدها على دخول الكوخ ثم يبكيها إذ
تستلقي هناك وتموت.
في
“ألكسندرا” نلتقي بامرأة مسنّة. روسية تركب القطار متجهة الى ثكنة عسكرية
في تشيشنيا لكي تزور حفيدها الوحيد المجنّد خلال تلك الحرب التي شنّها
الروس على الشيشان. حين تصل تبدأ يومين من المعايشة. تلحظ بعينين حزينتين
حياة الجنود. ما يأكلونه وما يشربونه وكيف ينامون وماذا يفعلون. ترقب بشعور
مُتعَب الجنود وهم يعتلون الدبّابات. حفيدها ليس سوى واحد من اولئك الجنود
الذين يحاربون لأنه طُلب منهم ذلك، ألكسندرا تتحوّل من جدّة واحد منهم الى
أم كل واحد فيهم. تعكس حناناً وتثير ألفة وتجسّد الأمومة.
كلهم
يبتسمون إليها حتى حين تؤنّبهم لأن أحدهم يشّدها من يديها لكي يساعدها
(“ستفصل يداي عن جسدي”) أو حين يدفعها آخر قليلاً ليحثّها على التقدّم (“لا
تدفعني”). ثم يأتي ذلك المشهد الذي يجمعها بحفيدها قبيل مغادرتها المكان.
وما سكن حياة بطلي فيلم سوخوروف “أم وابن” يسكن حياة ألكسندرا وحفيدها.
الحب في طهارته المُثلى، في صفائه الذي لا يمكن أن تجد مثيلاً له إلا بين
أفراد عائلة وليس كل عائلة.
ألكسندرا
امرأة مُتعبة، تتحرّك ببطء ولو بعناد، تمشي لاهثة ولو أنها لا تتوقّف وتفصح
عن نفسها لحفيدها بكلمات رائعة “جسدي تعب، لكن روحي تستطيع الاستمرار” بذلك
تضمّن وجودها رمزاً يُطال كل أم فالأمومة تستمر لكن الأم نفسها تموت.
لكن ماذا
عن ما ذكرناه من علاقات شرق وغرب، شيشينيا وروسيا وإسلام ومسيحية؟
في جانب
من الفيلم تمشي الجدّة في الأسواق المحلّية، تتعب فترتاح عند صاحب “بسطة”
لبيع السجائر اسمها “مليكة”. تتعرّف إليها. تمشي معها الى بيتها وتتركها
تعتني بها وقد أخذت تنشد الراحة بعض الشيء. مليكة تفعل ما في وسعها للعناية
بها ثم تنادي على فتى قريب لها ليوصلها الى حيث أتت.
قبيل
السفر عائدة من حيث أتت، تلتقي ألكسندرا بمليكة. تشكرها كثيراً وتعرض عليها
مالا لقاء ما اشترته حين لم يكن معها ذلك المال، لكن مليكة ترفض. مليكة
ومسلمات شيشانيات أخريات يصطحبنها الى المحطّة وتعانق ألكسندرا مليكة على
الأخص (والمرأتين الأخرتين) بحب شديد. هذه ألفة لا تجد لها مثيلاً في أفلام
أخرى، وهي لا تتبدّى على الشاشة كما لو كانت أضواء زاهية تحيط لافتات تحمل
مضامينها، بل -وبسبب أسلوب المخرج- واقعية، صادقة، مخلصة، الكاميرا هنا
مجرد عين المشاهد على طينة الحياة الحقيقية. العلاقة التي بين مضمون المشهد
وبين عين المُشاهد علاقة غير صناعية، مثل حب ألكسندرا لحفيدها طاهرة.
“تعالي
لزيارتي”
تقول
ألكسندرا لمليكة:
“فعلا؟”
ترد
ألكسندرا:
“بالطبع.
أنا بانتظارك. أريد أن أتحدّث إليك”.
تستطيع
بهذه الكلمات (ومن دون أن تغيّر الكاميرا موقعها في لقطة بعيدة متوسّطة) أن
تلتقط من الشخصيات المزيد من الرغبة في التواصل كاسرة الحواجز. ألكسندرا
ومليكة برهان على أن السلام هو امرأة، الحرب هي رجل.
سجل "كان"
1967
7 أفلام
من بييترو جيرمي، روبير بريسون، غلوبر روشا، جوزف لوزي، ألان جسوا، و-لأول
مرة- فرنسيس فورد كوبولا (“أنت ولد كبير الآن”). المخرج الجزائري محمد لخضر
حامينا قصد المهرجان بفيلمه “رياح الأوراس”.
فيلم
السعفة:
**** Blow
Up
“تكبير” (مايكل أنجلو أنطونيوني- بريطانيا)
مصوّر (ترنس
ستامب) شاهد الكثير لكن شيئاً لم يؤثر فيه بعد، يلتقط في أحد الأيام ما قد
يكون مفتاح جريمة قتل. شخصيات أنطونيوني هذه المرة تختلف عن شخصيات أفلامه
السابقة من حيث إن أياً منها لا يستدعي التعاطف، حتى الشخصية التي تؤديها
فانيسا ردغراف حادّة وتثير التساؤلات حول نيّاتها. لكن هذا هو جزء من
الصورة الغامضة الكبيرة التي يرسمها. العنوان إشارة الى قيام المصوّر
بتكبير لقطاته الى أكبر حجم ممكن رغبة في الوصول الى عمق بحثه.
1968
كانت هناك
دورة، لكنها لم تكتمل ولم توزّع جوائز بسبب ثورة الطلاّب ذلك العام. من بين
الذين أمّوها بأفلامهم المجري ميكلوش يانشكو، الألمانية ماي زترلينغ،
الإيطالي كارلو ليزاني، التشيكي ميلوش فورمان والفرنسي ألان رينيه بين
آخرين.
1969
“كان”
دائماً ما عرض أعمالاً ذات ايديولوجيات يسارية (أفلام بترو جيرمي، إليو
بتري، أنطونيوني، فيسكونتي، غلوبر روشا، إميليو فرنانديز، لوي بونييل
وآخرون). هذا العام أضاف للمجموعة كوستا- غافراس الذي فاز فيلمه “زد”
بجائزة “لجنة التحكيم”.
فيلم
السعفة:
... ****If
“إذا...” (لندساي أندرسُن- بريطانيا)
لندساي
أندرسُن كان أحد المخرجين اليساريين الغاضبين في السينما الإنجليزية
الجديدة التي صاحبت، زمنياً، “موجة السينما الجديدة” الفرنسية. وفيلمه هذا
هو أقصى الغضب الممكن على الطبقية والتقليدية في مجتمع وجده المخرج غير
قابل للإصلاح الا بثورة شبابية. مالكولم ماكدووَل يقود هذه الثورة في حكاية
مكتوبة للترميز بخيال جانح وبإخراج مؤلف من مشاهد طويلة.
أوراق ناقد ... الفوز
اللبناني
بعد أن
وجدت نادين لبكي نفسها محاطة بأكثر مما توقّعته من نجاح، فوجئت بأن حفل
تقديم فيلمها “سكّر نبات” لم يكن النهاية.
المخرجة
اللبنانية التي عرضت هذا الفيلم (من بطولتها أيضاَ) في إطار “نصف شهر
المخرجين” وواجهت، هي والممثلات اللواتي كن معها، أكثر من سبع دقائق من
التصفيق عند نهاية العرض، اكتشفت في اليوم التالي أن الفيلم مطلوب من شركات
توزيع عالمية بهدف عرضه في مناطق متعدّدة.
كبداية،
بيع الى الولايات المتحدة عبر شركة اسمها “رودسايد أتراكشنز” وبعد عروضه
الجماهيرية في الصالات الأمريكية، سيؤول الفيلم الى محطة “إندبندنت فيلم
تشانل” الأمريكية التي تريد عرضه تلفزيونياً.
كذلك
ابتاعته شركة “لامود” لسوقي ألمانيا والنمسا. ثم تقدّمت الشركة السويسرية
فرنتيك واشترته. كذلك فعلت شركات سسيفيل الكندية، وهوبسكوتش الأسترالية
وشانتييه التركية ولومبيير البرازيلية.
وإليها
أضف شركات حصلت على حقوق توزيعه في كل من إسبانيا (شركة “ألبا كلاسيكس”)،
البرتغال (“أتلانتا”)، اليونان (“روزباد”) وفي فرنسا واحدة من أكبر شركات
التوزيع الفرنسية وهي “باك”.
المشروع
كان وَرد الى شركة “روتانا” السعودية حين كان لا يزال حبراً على ورق. كنت
حينها (قبل نحو عام ونصف العام) أعمل مستشاراً لقراءة النصوص وكتبت تقريراً
أنصح بقبول المشروع وتمويله. لكن “روتانا” قررت المضي عنه (تقول الآن أن
المخرجة غيّرت في شروطها) فتبنّته الشركة اللبنانية المنشأ “صبّاح ميديا”.
الآن “صبّاح ميديا” التي ستوزّعه في كل أنحاء الشرق الأوسط تعيش نعمة
قرارها ذاك إذ إن كل عمليات البيع تتم بها ولها.
هذا من
ناحية، أما من ناحية أخرى فإن معنى هذا الكلام هو التالي: السينما
اللبنانية، وحدها بين سينمات المنطقة، حضرت “كان” هذا العام ووحدها
-بالتالي- استفادت معنوياً وماديّاً منه. ما يجعلني أهيب بالمسؤولين الذين
لم يقصّروا هنا إعلامياً فأنشأوا مكتباً في السوق وأقاموا حفلة ليلية ساهرة
وأمسية لعرض ثلاثة أفلام روائية أخرى، بأن يواصلوا مد يد العون الى هذه
السينما التي تتقلّب، كحياة اللبنانيين جميعاً، على نار الظروف القاهرة.
ومع أنها برهنت عبر محطّات كثيرة على أنها أقوى من هذه الظروف، الا أن
النجاح الحالي يتطلّب أن يسعى المسؤولون الى إدراجها في أولويّات سياساتهم
الإعلامية.
لا أقول
إن الفيلم نجح لأن لبنان في محنة (شركات التوزيع ليست جهات خيرية) بل نجح
لأن الفيلم يمتلك ناصية لغة دولية هي الصورة. يمتلك الموضوع الذي يدعو
للألفة والمحبّة والأسلوب الذي يعرض على مستويين بنجاح متواز: مستوى الحدث
المرتسم ومستوى ما تحته، أو بعده، من رسالات.
الى الآن
فإن الدعم الفعلي الوحيد للسينما اللبنانية هو ذلك المتأتّي من مجموعة
مخرجيها الجيّدين: بهيج حجيج، جوانا حاجي توما، خليل جريج، جان شمعون،
غسّان سلهب، ميشيل كمّون وفيليب عرقتنجي، واليوم نادين لبكي (ولولا سوء
فيلم “الرجل الضائع” لأمكن ضم مخرجته دانييل عربيد الى القائمة). هم
الذخيرة التي تحارب بها السينما اللبنانية بحثاً عن غد أفضل.
الخليج الإماراتية
في 26 مايو 2007
|