كتبوا في السينما

سينماتك

إفتتاح الدور الـ 60 لمهرجان كان

كانّ - من هوفيك حبشيان

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

"ما أشبه الامس باليوم وما أشبه اليوم بالامس"، نقول لأنفسنا اذ نشاهد المخرج الصيني وونغ كار ــ واي وهو يتسلق السجاد الاحمر مجدداً، بعد سنة من توليه رئاسة لجنة التحكيم، هنا، في هذا المكان ذاته، الذي شهد على سجالات قاتلة بينه وبين سائر اعضاء لجنة التحكيم قبل أن يستقر خيارهم، آنذاك في العام الماضي، على فيلم كين لوتش. وها هو الآن ينضم الى زملائه، مخرجاً مثل سائر المخرجين، متنازلاً لستيفن فريرز عن منصب الـ"كوماندانتي"، منزلقاً في وضع لا يُحسد عليه البتة، لينتظر حكم الآخرين على فيلمه الجديد "ليالي العنبيّة" الذي افتتحت به مساء أمس الدورة الستون لمهرجان كانّ المستمرّ الى 27 أيار الجاري. دورة يقال عنها انها ستكون استثنائية بكل المقاييس، احتفالية وفنية وثقافية على حدّ سواء، فلننتظر ونر...

بعد مرور عشر سنين على اقتناص كار - واي جائزة الاخراج عن فيلمه "سعداء معاً"، عودة مؤثرة اذاً يقوم بها مخرج سرقته الولايات المتحدة، مسافة فيلم أو أكثر ربما، اذ انه لجأ اليها، مكاناً ولغة وممثلين، لينجز "ليالي العنبيّة" وهو أول فيلم أميركي له، علماً انه عرف كيف يحافظ على اصالته الاخراجية المتجسّدة في حركات الكاميرا الغنائية، وكأنها بيت من قصيدة. نعم، انها لعودة مؤثرة، ذلك ان قراراته تنم عن خيارات رجل مشبّع بالرقة والتعاطف، لا خيارات فنان ينتقل من مشروع الى آخر بلا رابط روحاني الى الاشياء التي يصنعها. مؤثرة ايضاً هذه العودة، لأنه اعاد كار ــ واي تصنيع ذاته من خلاله، في قالب أميركي صادق، مداوراً الرومانسية العذبة، بترف فكري كبير، وهو الشيء الذي اتسم به في أي حال عند اطلالته أمس أمام الجمهور في رفقة فريق العمل، وفي صحبة نورا جونز التي حبت الفيلم اداء متماسكاً يغوي البصيرة، في دور هو الاول لها، هي المغنية التي صارت ممثلة كرمى لموهبة كار ـــ واي وحسّه السينمائي الذي قلّ نظيره. أما العنصر الآخر الذي منعنا من أن نلومه على "مغامرته الاميركية"، فهو قدرته على تقديم تنويع جديد لفيلمه "في مزاج الحبّ" بمزاج أميركي هذه المرّة، مع العلم انه لم يتوانَ عن ايجاد فرص لتصادم الثقافات، ثقافته هو، الصينية الصارمة، في مقابل ثقافة نورا جونز، الاميركية التي لا تشبه الاميركيات البتة، على رغم انها صنيعة تلك الثقافة.

مع اختيارها "ليالي العنبيّة" فيلماً للافتتاح، قاطعت ادارة كانّ التقليد الذي كان سائداً منذ بضع سنوات وهو منح الاميركيين هدية شبه مجانيّة لترويج أفلامهم عبر اختيار اعمال تطمح الى الايرادات القويّة لعرضها في هذه الليلة التي تشهد أعلى نسبة تغطية اعلامية. ولكن يبدو انه بعد الانتكاسة التي كان عرضة لها "شيفرة دافينتشي"، كان القرار القاضي برفع مستوى الاعمال التي تفتتح كانّ. لكن، مرّة أخرى لم يكن الخيار موفقاً، اذ قسم كار ــ واي المشاهدين، بين مؤيد ومعارض لاسلوبية كار ــ واي، ولكن من غير ان يولّد جدلاً حوله، الأمر الذي يحلو لادارة كان اثارته. فلم تستقبله الصحافة بحفاوة كبيرة، اذ كان التصفيق له فاتراً وغائباً في بعض الاحيان.

كل الحوادث الصغيرة والكبيرة في "ليالي العنبيّة" تتمحور على شخصية اليزابيت (جونز). انه قصتها التي نسمعها في البدء في مقهى جيريمي (جود لو) المتواضع في مدينة نيويورك، وهو المكان الذي ترتاده وتتناول فيه فطيرة بالتوت الأزرق متأملة المشهد الخارجي عبر النافذة. ذات مساء تحكي إليزابيت جيريمي عن هجرة حبيبها لها. وحين تختفي إليزابيت عن نظره، يصبح واضحاً أنها غادرت المدينة، بغية الاستقرار في مكان آخر وفتح صفحة جديدة في حياتها. لكن إليزابيت ستلتقي خلال رحلة السفر التي ستقوم بها أشخاصاً مختلفي الطباع يعيشون صراعات داخلية.

صُوِّرت مشاهد الشريط في مدينة نيويورك الساحرة، وفي الطريق العام الأميركي "روت 66" الذائع الصيت والحافل بالمشاهد الخلابة، كذلك امتاز بفخامة أمكنته، على غرار أفلام كار ــ واي الأخرى، "سعداء معاً"، و"في مزاج الحب" و"2046" التي اتسمت بالصفات ذاتها، لذا كان يتعين على هواة السينما مشاهدة "ليالي العنبيّة" حتى لو اثار امتعاض البعض، علماً ان كار ــ واي يشارك في مشروع الفيلم الجماعي الذي سيقدم في مناسبة مرور 60 عاماً على انطلاق كانّ، الذي انجزه سينمائيون عالميون انطلاقاً من موضوع مشاهدة فيلم في صالة سينما ومعناها بالنسبة اليهم.

وعليه، فقبل الانكباب على جدولة سينمائية تعد الافضل منذ دورات بعيدة، نقداً ومشاهدةً، مناقشةً وتداولاً، اجتمع أمس للمرة الاولى اعضاء لجنة التحكيم برئاسة صاحب فيلم "الملكة" ستيفن فريرز وعضوية كلّ من ماغي تشونغ وماريا دو ماديروس وطوني كوليت وسارة بولي وماركو بيلوكيو وأورهان باموك وعبد الرحمن سيساكو... ونأمل أن تكون صدورهم رحبة لتتسع لكل ما هو مستجد ومثير ومختلف. بيد ان المفاجأة الكبرى أمس صنعها المخرج الاميركي الكبير ديفيد لينش الذي اهدى الى المهرجان فيلماً قصيراً سمّاه "أبسوردا"، وذلك في سهرة الافتتاح التي جرت على شرف عميد السينمائيين في العالم مانويل دو اوليفيرا، الذي لا يزال يعمل في السينما منذ عهد الصامت، كذلك على شرف الاميرة شو ــ كي، التي اضافت بعض الوهج والاناقة الى أمسية قدمتها الحسناء ديان كروغر، وكان لها محطات متتالية من الابتسامات المحيّرة والضحك!

النهار اللبنانية في 17 مايو 2007

 

سينماتك