كتبوا في السينما

سينماتك

... وفي اليوم السابع احتج الإيرانيون وأعاد «عصيّة على الموت» اختراع السينما...

حين أيقظ تارانتينو أهل المهرجان من سبات كان يستبد بهم

كان (جنوب فرنسا) - إبراهيم العريس 

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

هل حصلت «السعفة الذهبية» أخيراً على فيلمها؟ هذا السؤال بدأ يطرح هنا في شكل جدي، فدخلت على الشاشة آخر صور فيلم كوينتن تارانتينو «عصيّة على الموت» ثم كلمة النهاية، ثم صورة إضافية ثم موسيقى صاخبة غربية رافقت خروج الحضور من الصالة... مذهولين. الذهول هو الشعور الذي انتاب كثراً على أي حال. فمن حيث لا يتوقع أحد، بدا واضحاً أن تارانتينو، وأكثر مما اعتاد أن يفعل في أي مرة سابقة، يعيد اختراع فن السينما من جديد. يفعل هذا وهو بين المازح والجاد في فيلم يبدو للوهلة الأولى وكأنه احتجاج على مصير بطلتي فيلم زميله ردلي سكوت «تيلما ولويز» قبل سنوات. غير أن هذه العبارة الأخيرة لا يجب أن تخدع أحداً، ففي العمق ليس لـ «عصيّة على الموت» علاقة بفيلم سكوت، ولا بأي فيلم على الاطلاق. إنه فيلم جديد في ذهنية جديدة وفي تركيب هندسي جديد. تركيب يعد المتفرج في كل دقيقة بفيلم، ثم يقوده الى فيلم آخر. على هذه الطريقة، إذاً، أيقظ تارانتينو في هذا الفيلم الذي يخلط الأنواع ويعيد اختراعها والربط بينها. أيقظ مهرجان «كان» في دورته الستين من سبات أو تثاؤب كانا قد بدآ يدبّان فيه. على الأقل في الأفلام «الكبيرة» التي كانت حبلى بالتوقعات، فإذا بمعظمها يخيب الآمال إلى درجة أن من كان يريد أن يتفاءل قليلاً كان عليه أن يبحث في تظاهرات أخرى، في فيلم إسرائيلي من هنا، لبناني من هناك، أو صيني بينهما.

وسط مثل هذا المناخ قلب فيلم تارانتينو الاتجاه تماماً. قدم فيلماً ذكياً عنيفاً حنوناً إلى ما بعد حداثته الخاصة، حتى إن بدا أولاً فيلماً شبابياً، ثم لاح فيلماً عن سفاح مريع، ليبدو بعد ذلك وكأنه مزحة توقع في طريقها القتلى من دون هوادة. منذ الآن نقول إن الدهشة والغضب سيكونان كبيرين إذ لم يفز هذا الفيلم بالسعفة الذهبية. ونقول أيضاً إن الأقلام ستكتب عنه كما لم تكتب عن أي فيلم آخر في الآونة الأخيرة، وان سينمائيين كثراً سيكتشفون أن لديهم موضوعات تشبه موضوعه ويشمرون اكمامهم.

في انتظار ذلك أمكن محبي السينما السياسية (ومن قال، بعد كل شيء، ان «عصيّة على الموت» ليس فيلماً سياسياً؟)، أمكنهم أن يشاهدوا فيلم الرسوم المتحركة الوحيد في المسابقة «برسبوليس» لمرجان سارتابي. إن لم يكن حباً بالفيلم وأسلوبه، فعلى الأقل نكاية بسلطات إيرانية احتجت على عرضه. هذه السلطات لم يرقها أن يتحول كتاب شرائط مصورة روت فيه سيدة إيرانية طفولتها قبل الثورة الإسلامية وفرارها من هذه الثورة مع أهلها، إلى فيلم يشاهده الناس أجمعين ويصفقون. جمهور «كان» لم يبال طبعاً بالاحتجاج الإيراني، وعرض الفيلم، وصفق له أناس يتساءلون منذ سنوات ماذا حدث للسينما الإيرانية التي كانت تتحفنا بجديدها المبدع قبل حلول أحمدي نجاد ومحافظيه في السلطة؟

بين تارانتينو والاحتجاج الإيراني ليس ثمة قاسم مشترك. ولكن من المؤكد أن تارانتينو، وإنما في شكل موارب، يقدم في «عصيّة على الموت» وصفة للرد تليق أيضاً بمن يريد موت السينما والفن والحرية من طريق الاحتجاج الرسمي.

الحياة اللندنية في 23 مايو 2007

 

سينماتك