وسط أجواء
احتفالية، إنطلقت فعاليات الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي الذي احتفى
هذا العام بعدد كبير من السينمائيين، سواء من المشاركين في المسابقة
الرسمية للتنافس على أفضل الأفلام أم من خارجها، أكثر من خمسة آلاف صحافي
وحوالى 15 ألف من العاملين في قطاع السينما صناعة وتوزيعًا وتجارة
وإعلانًا، كانوا هذه السنة على موعد مع المهرجان، فقد دعت إدارة المهرجان
الذي يعد بحق أهم تظاهرة في تاريخ السينما. تتضمن احتفالية هذا العام عرضًا
لفيلم مشترك يتناول "قاعة السينما" شارك فيه 35 مخرجًا عالميًا من بينهم
المصري يوسف شاهين والفلسطيني ايليا سليمان. وفي هذه التظاهرة الإستثنائية،
إختير فيلم
my blueberry
nights
للمخرج الصيني ونغ كار واي لإفتتاح المسابقة الرسمية، مع العلم أنه سبق له
وحصل على جائزة أفضل إخراج عام 1997 عن فيلم "سعداء سوية"، كما ترأس لجنة
التحكيم العام الماضي.
يتناول
كار واي في فيلمه الجديد عالم الوحدة والإنهيار عبر سلسلة من التقاطعات
المتوازية لشخصيات الفيلم التي جاءت من مسافات بعيدة وقريبة تجمعها
المتنافرات المشدودة
بينها في
خليط من الكآبة والحميمية، حيث يهرب كل شخص من ذكرياته وآلامه، كما هي حال
اليزابيث الفتاة الجميلة التي تنطلق في مغامرة عبر أميركا، باحثة عن مداواة
قلبها الجريح، بعد أن تركها حبيبها من أجل امرأة أخرى. وفي إحدى محطاتها
تعمل كنادلة في مقهى يمتلكه رجل كان عداءً للماراتون، وفي ليلة من القلق
والغضب لا تجد سوى صاحب المقهى للتحدث معه عن حبها الضائع أو عن أي موضوع
آخر بحيث لا تبقى وحيدة .. وحيدة مهاجرة.
في إيقاع
سريالي تشوبه متعة غامضة دافئة ومع فطيرة "التوت البري" تبدأ اليزابيث
مرحلة جديدة من البحث عن كينونة جديدة مختلفة، كينونة تبحث فيها عن العمل
الذي تنشغل به وعن فكرة توفير لتمكنها من شراء سيارة لها. مرحلة ترتبط
خلالها بصداقات مع زبائن طموحاتهم أكبر من طموحاتها ومنهم شرطي تركته زوجته
لأجل رجل آخر، شرطي ضائع يبحث عن مدى للفراق، عن كينونة لا يجد لها مسارًا
آخر غير البعد والإنتحار. كذلك هناك لاعبة القمار السيئة الحظ، والتي
تقترض المال من اليزابيث بغية استرداد خسارتها لقاء مشاركتها الربح أو
إعطائها سيارتها في حالة الخسارة. وتتطور العلاقة بينهما لتجد اليزابيث
متعة المغامرة مع شريكتها الجديدة التي لا تنفك عن الخسارة.
مع
المغامرة تخرج اليزابيث من دور المتفرجة لتصبح بشكل من الأشكال شريكة،
وتنطلق إلى فضاء أكثر حرية يحملها نحو مسار جديد لرجل آخر هو عامل المقهى
الذي التقاها ليلة، قبلها خلالها وهي نائمة (بدا على وجهها الارتياح وهي
نائمة). عبر المصائر المنفردة للشخصيات المتقاطعة، تبدأ اليزابيث في فهم أن
رحلتها الشخصية ما هي سوى بداية سبر أعمق لذاتها. رغم ما يبدو من عدم
ترابط بين شخصيات الفيلم، لكنها في لحظتها تعبر جميعها عن مسار ثابت يكون
بمثابة بوصلة جديدة تجد فيها البطلة ثباتًا لحياة أخرى مع رجل جديد.
يشار إلى
أن هذا الفيلم هو باكورة أعمال المخرج الصيني الكبير باللغة الإنكليزية.
ويتميز بأنه له كينونة خاصة لا صينية ولا أميركية، فيلم له عالمة القائم
بذاته. فيلم برع فيه الممثلون، خاصة مغنية الجاز الشهيرة نورا جونز التي
بدت وكأن الدور فصل على مقاسها.
إلى جانب
فيلم الافتتاح، تضم المسابقة الرسمية 22 فيلمًا بعضهم لمخرجين نالوا السعفة
الذهبية مثل امير كوستاريكا عامي 1985 و1995 وكانتان تارانتينو الذي نالها
عام 1994 عن فيلم
pulp fiction
والأخوين كوهين عام 1991 عن بارتون فينك وجوس فإن سانت الذي نالها عام 2003
عن فيلم
elephant
.
حفل
الإفتتاح الذي يعلن انطلاقة المهرجان ستقدمه الممثلة الألمانية ديان كروجر
سيبدأ بعرض فيلم قصير للمخرج دافيد لينش بعنوان
absurda
وهو هدية عيد ميلاد من السينمائي للمهرجان.
موقع "إيلاف"
في 16 مايو 2007
|