كتبوا في السينما

سينماتك

مهرجان كان 60 عامًا من الإبداع

حكاية القاتل الذي ما زال مجهولاً فيلم القصة الحقيقية

قصي صالح الدرويش من مهرجان كان

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

محاطًا بمجموعة من الممثلات الجميلات، تقدم عميد المخرجين السينمائيين البرتغالي مانويل دو اوليفيرا لإفتتاح مهرجان كان في عامه الستين بأناقته المعهودة وعصاه المميزة. أوليفيرا الذي بلغ عامه التاسع والتسعين، تابع عمله الدؤوب والمدهش في تجربته السينمائية التي أصبح معها واحدًا من أفضل مبدعي الفن السادس، وقدم هذه السنة فيلمًا طويلاً عن كريستوف كولومبوس، وآخر يدور في فلك فيلمه الشهير (جميلة ليوم) إضافة إلى فيلم قصير أهداه للمهرجان.

حضور المخرج البرتغالي إلى جانب عدد آخر من كبار المخرجين العالميين، جاء ليؤكد الطابع الاحتفائي لمهرجان هذا العام. هذا المهرجان الذي اختزنت ذاكرته وسجله الذهبي أسماء غالبية المخرجين البارزين في تاريخ السينما ومنهم: روبرت التمان، كين لوش، اندريه فايدا، محمد الأخضر حامينا، بيل اوغيست، انطونيوني، مايك لي، يلماز غوني، الأخوين كوهين، الأخوين تافياني، انجلوبولس، دافيد لينش وفرنشيكو روزي وأمير كورستاريكا.. وتطول القائمة لتشمل ناني موريتي، فيسكونتي، أورسون ويلز، عباس كيروستاني، موريس بيالا، لارس فون تريير، رينيه كليمان، لوي بونويل، كوستا جافراس، فنسنت مينيلي، جوس فانسان، أكيرا كيروساوا، فيديريكو فيليني، مارسيل كامو، كلود لولوش، جين كوبن، شوهي ايماميرو، ستفين سودربيرغ، كوبولا، جاك ايميه، وفيتوريو دي سيكا، رومان بولانسكي وفيم فيندر وشلوندورف ولوي مال وبوب فوس وكانتان تارانتينو ومارتن سكورسيزي... بيرغمان وتاركوفسكي وغودار.

هذه الأسماء المميزة من المخرجين، سواء الأحياء أم من رحل منهم، ما هي سوى دلالة على حجم هذا المهرجان  ودوره، وما هي سوى جزء يسير من الأسماء التي سطرت كلمات فوق كراسة المهرجان الذهبية. ولا ننسى كبار النجوم الذين يجذب بريقهم آلاف المعجبين الذين يحضرون كل عام من مختلف مدن فرنسا وأوروبا، دون أن تكون لديهم فرصة لحضور الأفلام ولكن على أمل التقاط صور تذكارية لبعض نجومهم. 

زودياك... حكاية القاتل الذي ما زال مجهولاً

فيلم قوي عن قصة حقيقية

منذ أسابيع علقت وسائل الإعلام الفرنسية اهتمامًا كبيرًا على الفيلم الأميركي (زودياك) باعتباره سيكون حدث مهرجان كان الستين. ومع أن مخرجه دافيد فنيشر يأتي إلى هذا المهرجان للمرة الأولى، فإنه يعد في طليعة المخرجين المتفوقين منذ نجاح فيلمه (اليين3) عام 1992 الذي حقق دخلاً فاق 300 مليون دولار. ثم جدد نجاحه في فيلم "سيفين" عام 1995، ثم "نادي القتال" وبعده "غرفة الذعر.

في فيلمه الجديد يستند المخرج إلى وقائع حقيقية حدثت في مطلع الستينات في الولايات المتحدة، واشتهرت باسم "زودياك" اللقب الذي أطلق على قاتل جماعي ما يزال حتى الآن مجهول الهوية والملامح. ولم يكتف المخرج بالاعتماد على الرواية التي حملت الاسم نفسه، والتي طبعت 39 مرة وبيع منها 4 ملايين نسخة، بل جمع كما هائلاً من الوثائق والتقى بالأشخاص الذين عايشوا الأحداث  ليبدو فيلمًا أشبه بالوثائقية.

التصدي لهذه القضية التي شغلت الرأي العام الأميركي طويلاً، كان حلم فينشر منذ سنوات وساعده على تحقيق هذا الحلم ماس عدد من المنتجين له وللرواية. في ظل هذا الحماس، كان من الطبيعي أن ينال الفيلم كل ما يحقق له النجاح من وسائل الإنتاج، التي وضعت بين يدي مخرج مشهود له بالمهارة التقنية، لتكون النتيجة فيلمًا احتفظ بالوقائع دون الوقوع في فخ المشاهد الإلزامية للأفلام الواقعية التقليدية.  

هكذا تميز بصيغة إشكالية لأحداث غامضة تتنوع مساراتها، يحاول ضابط شرطة تسيطر عليه فكرة العثور على القاتل أن يجمع قطعها المتناثرة، قبل أن يكتشف أن الملف يزداد غموضًا كلما تقدم في تحقيقه الذي لا نهاية له، والذي تعوقه البيروقراطية الإدارية، لينتهي الفيلم دون نهاية سعيدة، بل ربما دون نهاية. التشديد على عدم إلقاء القبض على السفاح الشهير يعزز فكرة العدو الخفي الغامض الميول والهوية، فكرة عدم التأكد من الحقيقة. فينشر إعتمد نسيجًا متلاحقًا من الأحداث الغامضة التي تغذي الشكوك، تصل إلى حد عدم التأكد من عدد الضحايا الذي تراوح بين 13 إلى 30 قتيلاً. وقد نجح المخرج في مهارته الإخراجية، كما نجح في إدارة الممثلين الذين تألقوا في أدوارهم وخصوصًا جاك جيلينهال في شخصية المصور أو الرسام ومارك روفالو في شخصية الشرطي الفضولي الذي اضطر إلى الإبتعاد عن عمله كي يتفرغ للبحث عن زودياك. بهذه المواصفات الفنية وعلى خلفية موسيقى تصويرية جميلة، تابع المشاركون في المهرجان هذا الفيلم الأميركي الذي يعتبر من بين الأفلام الجيدة دون أن يصل إلى مستوى التحفة الفنية

الفيلم الروماني .. أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومين

فيلم متوسط عن مرحلة الديكتاتورية في رومانيا

عند قبلة فيلم وان كار واي التي أحيت حفلة الافتتاح والجمهور، انتقل المهرجان إلى فيلم روماني يفتقد البهجة ويعكس صورة المرارة التي عاشها سكان رومانيا في ظل دكتاتورية شاوشيسكو. بكثير من التقشف وباعتماد حركة كاميرا بطيئة تقابلها ثرثرة متلاحقة لبطلة الفيلم، صور المخرج كريستيان مانجيو عمله الذي نفذه بإتقان ومهارة.

قصة الفيلم تتناول حالة حمل غير مشروع لطالبة جامعية تتقاسم غرفتها في سكن للطالبات في بوخارست. تستعين الطالبة بزميلتها في السعي إلى  حل لورطتها التي بدأت قبل (أربع أشهر وثلاثة أسابيع ويومين) ومن هنا جاء عنوان الفيلم.

المشكلة تأخذ بعدها المأسوي نظرًا للظروف الخاصة برومانيا والنظام السياسي الصارم فيها، إذ كان من الصعب العثور على طبيب مستعد لإجراء عملية إجهاض سرية للتخلص من ثمرة علاقة آثمة. ولأن الفتاة عاجزة عن دفع ثمن العملية يطلب الطبيب الذي تعثر عليه الثمن عينيا، أي جسدها! وبما أن حالتها بعد العملية لا تسمح بذلك يعرض أن تحل صديقتها محلها في دفع الثمن.

رغم اشمئزازها، تقبل الصديقة الشريكة أن تضحي بنفسها وكأنها أصبحت بدورها آثمة وبشعة. أجواء فقر وتعسف يعيشها الشباب في رومانيا، لا يخفف من آلامهم حدث مفرح أو تنظير بعض أساتذتهم الجامعيين. ومن هؤلاء الشبان، ذلك الذي يحب بطلة الفيلم التي ضحت بنفسها لإنقاذ شريكتها. في منزل والدي الشاب وعلى مائدة الطعام والشراب ووسط ثرثرة سطحية، تجد البطلة نفسها غارقة في وحدة تزيدها شكوك بأن حبيبها قد خانها مع امرأة ما، ربما شريكتها في الغرفة، وبأنه قد يكون والد الطفل الذي دفعت جسدها ثمنًا لإجهاضه..

حول الشك والخوف المزمن في ظل التعسف والإرهاب، تتحطم سعادة الفتاتين والشاب. فيلم شاحب تسكنه المرارة والفشل في الحب وفي السعادة وفي الدراسة... فشل لا يمكن معه سوى الاستمرار في الحياة أو بالأحرى الاستمرار في عملية محاولة البقاء على قيد الحياة.

كان يمكن لهذا الفيلم المتوسط المستوى أن يجد مكانه قبل رحيل شاوشيسكو عن الحياة السياسية في رومانيا، لكنه يبقى تذكيرًا بمرحلة خرجت منها رومانيا إلى فضاء حرية أكثر اتساعًا، وإن لم تكن ديمقراطية بالكامل.

موقع "إيلاف" في 17 مايو 2007

 

ليالي التوتية يفتتح المسابقة الرسمية

قصي الصالح الدرويش يكتب من كان

وسط أجواء احتفالية، إنطلقت فعاليات الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي الذي احتفى هذا العام بعدد كبير من السينمائيين، سواء من المشاركين في المسابقة الرسمية للتنافس على أفضل الأفلام أم من خارجها، أكثر من خمسة آلاف صحافي  وحوالى 15 ألف من العاملين في قطاع السينما صناعة وتوزيعًا

وتجارة وإعلانًا، كانوا هذه السنة على موعد مع المهرجان، فقد دعت إدارة المهرجان الذي يعد بحق أهم تظاهرة في تاريخ السينما. تتضمن احتفالية هذا العام عرضًا لفيلم مشترك يتناول "قاعة السينما" شارك فيه 35 مخرجًا عالميًا من بينهم المصري يوسف شاهين والفلسطيني ايليا سليمان. وفي هذه التظاهرة الإستثنائية، إختير فيلم my blueberry nights  للمخرج الصيني ونغ كار واي لإفتتاح المسابقة الرسمية، مع العلم أنه سبق له وحصل على جائزة أفضل إخراج عام 1997 عن فيلم "سعداء سوية"، كما ترأس لجنة التحكيم العام الماضي.

يتناول كار واي في فيلمه الجديد عالم الوحدة والإنهيار عبر سلسلة من التقاطعات المتوازية لشخصيات الفيلم التي جاءت من مسافات بعيدة وقريبة تجمعها المتنافرات المشدودة بينها في خليط من الكآبة والحميمية، حيث يهرب كل شخص من ذكرياته وآلامه، كما هي حال اليزابيث الفتاة الجميلة التي تنطلق في مغامرة عبر أميركا، باحثة عن مداواة قلبها الجريح، بعد أن تركها حبيبها من أجل امرأة أخرى. وفي إحدى محطاتها تعمل كنادلة في مقهى يمتلكه رجل كان عداءً للماراتون، وفي ليلة من القلق والغضب لا تجد سوى صاحب المقهى للتحدث معه عن حبها الضائع أو عن أي موضوع آخر بحيث لا تبقى وحيدة .. وحيدة مهاجرة.

في إيقاع سريالي تشوبه متعة غامضة دافئة ومع فطيرة "التوت البري" تبدأ اليزابيث مرحلة جديدة من البحث عن كينونة جديدة مختلفة، كينونة تبحث فيها عن العمل الذي تنشغل به وعن فكرة توفير لتمكنها من شراء سيارة لها. مرحلة ترتبط خلالها بصداقات مع زبائن طموحاتهم أكبر من طموحاتها ومنهم شرطي تركته زوجته لأجل رجل آخر، شرطي ضائع يبحث عن مدى للفراق، عن كينونة لا يجد لها مسارًا آخر غير البعد والإنتحار.  كذلك هناك لاعبة القمار السيئة الحظ، والتي تقترض المال من اليزابيث بغية استرداد خسارتها لقاء مشاركتها الربح أو إعطائها سيارتها في حالة الخسارة. وتتطور العلاقة بينهما لتجد اليزابيث متعة المغامرة مع شريكتها الجديدة التي لا تنفك عن الخسارة.

مع المغامرة تخرج اليزابيث من دور المتفرجة لتصبح بشكل من الأشكال شريكة، وتنطلق إلى فضاء أكثر حرية يحملها نحو مسار جديد لرجل آخر هو عامل المقهى الذي التقاها ليلة، قبلها خلالها وهي نائمة (بدا على وجهها الارتياح وهي نائمة). عبر المصائر المنفردة للشخصيات المتقاطعة، تبدأ اليزابيث في فهم أن رحلتها الشخصية ما هي سوى بداية سبر أعمق لذاتها.  رغم ما يبدو من عدم ترابط بين شخصيات الفيلم، لكنها في لحظتها تعبر جميعها عن مسار ثابت يكون بمثابة بوصلة جديدة تجد فيها البطلة ثباتًا لحياة أخرى مع رجل جديد.

يشار إلى أن هذا الفيلم هو باكورة أعمال المخرج الصيني الكبير باللغة الإنكليزية. ويتميز بأنه له كينونة خاصة لا صينية ولا أميركية، فيلم له عالمة القائم بذاته. فيلم برع فيه الممثلون، خاصة مغنية الجاز الشهيرة نورا جونز التي بدت وكأن الدور فصل على مقاسها. 

إلى جانب فيلم الافتتاح، تضم المسابقة الرسمية 22 فيلمًا بعضهم لمخرجين نالوا السعفة الذهبية مثل امير كوستاريكا عامي 1985 و1995 وكانتان تارانتينو الذي نالها عام 1994 عن فيلم pulp fiction والأخوين كوهين عام 1991 عن بارتون فينك وجوس فإن سانت الذي نالها عام 2003 عن فيلم elephant .

حفل الإفتتاح الذي يعلن انطلاقة المهرجان ستقدمه الممثلة الألمانية ديان كروجر سيبدأ بعرض فيلم قصير للمخرج دافيد لينش بعنوان absurda وهو هدية عيد ميلاد من السينمائي للمهرجان.

موقع "إيلاف" في 17 مايو 2007

 

سينماتك