صفحات ذات صلة

كتبوا في السينما

 

* لماذا غاب النجم الأسمر مسرحيا منذ منتصف السبعينيات؟

* من الممثلة التي يغار عليها مسرحيا... ومن الممثل الذي حسده أحمد زكي وتمني منافسته؟

علاقة نجوم السينما بالمسرح علاقة مضطربة وتتسم دائما بالشد والجذب، وغالبا ما يخشي نجوم السينما الكبار من مواجهة الجمهور، خاصة إذا ما كانت بداياتهم الفنية بعيدة عن خشبات المسرح جماع الفنون، واعتمدوا في نجاحاتهم علي تلك القدرات والمهارات التي تتطلبها الأعمال السينمائية كصناعة يتدخل فيها الفنيون والآلة لتسجيل لحظات الإبداع المتقطعة وغير المتواصلة.

لقد خشي عدد كبير من نجوم السينما الاقتراب من عالم المسرح وفي مقدمتهم سيدة الشاشة، فاتن حمامة والسندريللا، سعاد حسني وسميرة أحمد والفتي الأول رشدي أباظة وعمر الشريف وأحمد رمزي وكانت هناك محاولات لم تحقق النجاح المنشود لنادية الجندي وأحمد مظهر وصلاح ذوالفقار ونبيلة عبيد ونادية الجندي وحسن يوسف ولكن الحال يختلف مع النجم والممثل القدير أحمد زكي فبداياته مسرحية ومن خلال المسرح وبالتحديد من خلال أعماله الثلاث بفرقة المتحدين والتي بدأ معها أثناء مرحلة دراسته بالمعهد العالي للفنون المسرحية وذلك بمشاركته في عرض «هاللو شلبي» ثم عرض «مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت» استطاع أن يؤكد موهبته ويلفت الأنظار إليه وذلك منذ تجسيده لشخصية الجرسون بالفندق الهاوي للتمثيل وتقليده لآداء الفنان حسن البارودي والفنان محمود المليجي في نهاية الفصل الأول.

لقد تعامل «أحمد زكي» في هذه المسرحيات الثلاث مع ثلاثة مخرجين كبار اكتشفوا قدراته الأدائية وهم بالترتيب الزمني سعد أردش وجلال الشرقاوي وسمير العصفوري واستطاع الفتي الأسمر أن يبرز وسط كوكبة من نجوم الكوميديا في مقدمتهم عبدالمنعم مدبولي وليلي فهمي وسهير الباروني وحسن مصطفي وعبدالله فرغلي ونظيم شعراوي وكريمة مختار ومن الأجيال التالية عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي، وانطلق أحمد زكي من خشبات المسارح إلي الشاشة الفضية والشاشة الصغيرة ليجسد العديد والعديد من الشخصيات الدرامية المركبة والثرية وليحقق نجاحات متفردة لا مثيل لها ولكن يبقي السؤال المستمر ألم يشعر بالحنين إلي خشبات المسارح وما أسباب ابتعاده عنها خاصة أن كثيرا من نجوم السينما قد اجتذبتهم أضواء المسارح مرة أخري ومن بينهم عادل إمام ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز وفاروق الفيشاوي وحسين فهمي ومحمود ياسين وشادية ويحيي الفخراني ودلال عبدالعزيز وصفية العمري وذلك في محاولة للهروب من المشاركة بأفلام المقاولات التي انتشرت حينئذ، وأيضا لإعادة الحياة إلي المسرح باجتذاب الجمهور المصري والعربي واستغلال مواسم السياحة العربية.

رفض أحمد زكي جميع إغراءات المنتجين بالمسرح ولذلك شعرت بالغيرة كمسرحي لعدم إمكانية الاستفادة من إمكانات هذا الممثل العملاق مسرحيا، وعدم الاقتراب من عالمه الفني الخاص حتي أتيحت لي فرصة اللقاء الأول معه بفندق هيلتون رمسيس ـ حيث كان يقيم ـ في نهاية الثمانينيات وذلك بتكليف من المخرج القدير كرم مطاوع والذي رشحه لبطولة عرض «عودة الأرض» عن نص الكاتب الكبير ألفريد فرج وبطولة المبدعة سهير المرشدي وهو العرض الذي تشارك به وزارة الثقافة في احتفالات أكتوبر وافتتاح قاعة المؤتمرات وكان ذلك بالتحديد عام 1989، ولم أكن أتصور أن حرارة استقباله لي كمخرج منفذ وحرصه علي معرفة جميع تفاصيل العرض سوف تنتهي بهذا الاعتذار المهذب عن المشاركة لقد استمرت الجلسة أكثر من ساعتين أعلن فيها عن إعجابه الشديد بكتاباتي النقدية وبنصوص وإبداعات ألفريد فرج وبطرافة الموضوع الذي يعالجه وهو عودة الوعي والذاكرة للمقاتل المصري في 1973 بعد أن فقدها عام 1967 وعن عمق التناول وجودة الحبكة الدرامية كما أعلن عن تقديره الشديد للفنان كرم مطاوع وحرصه علي التعامل الفني معه ومع مجموعة المبدعين المشاركين بالعمل وفي مقدمتهم الشاعر الكبير سيد حجاب والموسيقار جمال سلامة ومجموعة الممثلين ومن بينهم سهير المرشدي والعم عبدالحفيظ التطاوي والفتي الرصين الممثل شريف صبري كما أطلق عليهما، ولكنه في النهاية فاجأني باعتذاره الحاسم والذي جاء في صيغة سؤال محدد:

هل يرضيك أنت يا عم دوارة وأنت مسرحجي أبا عن جد أن أشارك في عرض يقدم لليلة واحدة؟ معقولة بعد طول الحرمان عن معشوقتي لا أستمتع بالبقاء معها لأطول فترة؟ معقولة تحرموني من الاستمتاع بفترة البروفات والمعايشة ونقدم عرضا كبيرا زي ده بعد ثلاث أسابيع فقط؟

يومها شعرت بالأسي لعدم توفيقي في إقناعه ولإحساسي بالورطة بالرغم من إيماني بعبقرية الأستاذ كرم مطاوع وقدرته علي الإبداع مع الاحتفاظ بسرعة الإيقاع والتوظيف الدقيق للزمن ولم أستطع الإجابة علي تساؤلاته فقط اكتفيت بالابتسام والوعد بتكرار اللقاء.

مرت الأيام مسرعة ولم يتكرر مثل هذا اللقاء الحميمي معه إلا في بداية الألفية الثالثة وبالتحديد عام 2003 عندما شرفت بإخراج رائعة الكاتب القدير محفوظ عبدالرحمن السلطان يلهو بمسرح الغد وفوجئت بمدير دار كرم أحمد يخبرني بأن أحمد زكي واقف أمام شباك التذاكر ويسأل عن قيمة أعلي تذكرة ومعه خمسة ضيوف وأصر أحمد زكي علي تسديد قيمة التذاكر ورفض جميع محاولاتي لاستضافته قائلا: يا عم عمرو مع غلاوتك مش هاتكون أغلي عندي لامؤاخذة من العم محفوظ وبرضه مش أغني من عم محفوظ عبدالرحمن اللي تقدرتعمله فقط هو أنك توافقني علي استرداد اللي دفعته لو ماعجبتنيش المسرحية اللي كل النقاد والصحفيين اختاروها أفضل عرض في الموسم.

والحقيقة أنه برغم نجاح العرض وإشادة النقاد به وتحقيقه لأعلي الإيرادات بمسرح الغد إلا أنني جلست بجوار المطرب والصديق أحمد إبراهيم لرصد انطباعات ومشاعر هذا الفنان القدير وكم كانت فرحتي عندما أصر علي التعبير عن إعجابه بالعرض علنيا وقيامه بتحية المشاركين فيه والتصوير معهم ودعوته لجمهور الحاضرين بضرورة اتخاذ المواقف الإيجابية والمشاركة في الدعاية لهذا العرض الذي يجمع بين المتعة والفكر ويبتسم بالجرأة والمواجهة مع مجموعة العرض بل أصر أيضا علي اللقاء معهم وقضاء السهرة بينهم، وفي ضيافة الصديق شريف عبداللطيف مدير المسرح حينئذ وبمكتبه دار الحوار الذي استمر لأكثر من ساعتين مع نجوم العرض أحمد راتب وسميرة عبدالعزيز وخليل مرسي وسامي مغاوري وزين نصار وانتصار وبدأ حديثه بتلك الدعابة معي حول كيفية تجميع وقيادة هذه الدستة من الأشرار المبدعين، وكم كانت ملاحظته دقيقة حيث يضم فريق العرض أيضا كل من عادل أنور ومحمد دسوقي ويوسف رجائي ومحمود عبدالغفار وسمير ربيع وصديقه الكوميديان عهدي صادق.

وحول أسباب ابتعاده عن المسرح أجاب بأنه يفضل أن يوجه جهده للسينما فهي الذاكرة الباقية ويشاهدها أكبر عدد ممكن خاصة مع استمرار ذلك العداء الخفي والمستمر بين الثقافة والإعلام وعدم إذاعة المسرحيات الجادة وكذلك عدم تسجيل المسرحيات الجديدة.

وإذا كان الجميع قد أعجبوا وأثنوا علي بساطة هذا الفنان الكبير وتلقائيته وقدرته علي إثارة جو من المرح والسعادة بقفشاته وانتقاداته اللاذعة وقدراته ومهاراته في التقليد، والتشخيص والتقمص فإنني قد اندهشت من ذاكرته الحديدية وتذكره للقاء الأول بيننا بعد مضي خمسة عشر عاما حينما عاتبني ضاحكا لماذا لم تعرض علي المشاركة بأداء دور «أبوالعيون» بدلا من ترشيحي لعرض يقدم ليلة واحدة.

والحقيقة أن اختياره لدور أبوالعيون بعيدا عن دور الملك أو الوزير يوضح بجلاء مدي حساسيته ودقته في اختيار الأدوار التي ينجح في تجسيدها وحتي لا يترك أي مجال للتفسير أوضح بأن ذلك لا يقل من تألق زين نصار في أداء هذا الدور بل أضاف بأنه قد شعر بالغيرة لوجود مثل هذا الممثل الذي يمتلك جميع مفرداته ونجح في أداء هذه الشخصية المركبة الصعبة بصورة رائعة.

وتضمنت تلك الجلسة الحميمية الرائعة التعبير عن مشاعره الفياضة ورغبته في تقديم عرض غنائي استعراضي بإمكانات حقيقية تقارب إمكانات المسارح في برود واي والعالم الغربي، كما أعلن عن إعجابه بأداء جميع الممثلين وبهذا التناغم الفني الذي تفتقد كثير من العروض الحالية وفي النهاية أشاد بأداء وحساسية الفنانة سميرة عبدالعزيز والتي يعتبرها أمه الحقيقية برغم تقارب السن بينهما وذلك لحساسيتها ورقتها وتميزها بأداء دور الأم لجميع الشخصيات الشهيرة وإن كان له السبق حيث جسدت دور والدة طه حسين بالمسلسل الذي قام ببطولته.

رحم الله الفقيد الغالي جزاء ما أمتنعا وأسعدنا وأخلص في عمله وأدخله فسيح جناته.

جريدة القاهرة بتاريخ 5 أبريل 2005

 

ملف أحمد زكي

أحمد زكي يعود إلى القاهرة لاستكمال علاجه فيها

أحمد زكي أستاذ يحلم النجوم بالوقوف أمامه

حكاية صراع الامبراطور مع الالام في الغربة

الفنانون العرب والمصريون يلتفون حول أحمد زكي

محمد هنيدي:أحمد زكي مقاتل مملوء بالإيمان والتفاؤل

تصوير الضربة الجوية بعد الشفاء مباشرة

مديرة منزل احمد زكي تبحث له عن زوجة

ملف أحمد زكي

ثلاث مسرحيات وحضور طاغ

أحمد زكي علي خشبة المسرح

عمرو دوارة

 

صور لأحمد زكي

كل شيء عن أحمد زكي

شعار الموقع (Our Logo)