صفحات ذات صلة

كتبوا في السينما

 

نقاد السينما يعتبرونه من اهم الممثلين موهبة منذ زمن

فنان قل أن تجد مثيله وسط هذا الكم الهائل من الممثلين

كيف تقاطعت حياته مع حياة حليم في ظروف متشابهة؟

يصف نفسه بالبساطة وبأن لديه أحاسيس يريد التعبير عنها

تعالى دعاء المصريين والعرب بالشفاء للفنان احمد زكي متمنيين ان يتمكن من اكمال فيلم»حليم« الذي يؤدي فيه دور العندليب الاسمر والذي ينتظر ان يقدم اجابات على الكثير من التساؤلات عن حياة المطرب الراحل التي اتسمت بعض محطاتها بالغموض.

ومن ابرز هذه النقاط الغامضة حقيقة علاقته بالفنانة الراحلة سعاد حسني وهل تزوجها حقا، كذلك علاقته برجال ثورة ٣٢ يوليو التي تغنى بها في اغانية الوطنية الى جانب طبيعة علاقته بالموسيقاريين الراحلين فريد الاطرش ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وعلاقاته النسائية المتعددة.

ولا يقدم العاملون في الفيلم اي اجابات على كل هذه الاسئلة المعلقة طالبين من السائلين ان »ينتظروا عرض الفيلم حتى يجيب على بعض تساؤلاتهم« رغم ان كاتب السيناريو محفوظ عبد الرحمن قال مؤخرا في مقابلة تلفزيونية انه »لم يستطع التطرق لكل شيء حيث ان اهالي المشاهير يقفون لنا بالمرصاد على كل مشهد طالبين منا ان نقدم اثباتا على كل حادثة نتطرق لها«.

ومع كل هذا القلق الشعبي فان صاحب الشركة المنتجة للفيلم »جود نيوز« المخرج عادل اديب اكد لوكالة فرانس برس انه »غير قلق على الانتهاء من تصوير الفيلم وذلك لان ٠٩ في المائة من مشاهده الدرامية الاساسية تم تصويرها بالفعل«.

وتابع »اما الـ٠١ في المائة المتبقية فهي اضافات ارادها المخرج شريف عرفة وكاتب السيناريو محفوظ عبد الرحمن واحمد زكي نفسه وتتعلق ببعض المشاهد الغنائية في المغرب وبعض المشاهد خلال فترة مرضه في بريطانيا«.

واكد انه »متفائل جدا بقدرة احمد زكي على تجاوز محنته واستكمال تصوير المشاهد المتبقية خصوصا وان الاطباء يرون ان استجابة زكي للعلاج تتزايد مع العمل وانه هو نفسه طلب القيام بتصوير بعض المشاهد المتعلقة بمرض حليم خلال الاسبوع الحالي الا ان الاطباء ارجأوا ذلك الى الاسبوع المقبل في حالة استمرار استجابته للعلاج«.

واوضح اديب ان »شركته وقعت مع احمد زكي بطولة خمسة افلام واحد منها من تاليف والده عبد الحي اديب وسيقوم هو نفسه باخراجه واخر للمخرج احمد ماهر وثالث للمخرج مجدي احمد علي الى جانب »حليم« و»رسائل البحر« لدواد عبد السيد« ورفض اديب ذكر اسماء الافلام الثلاثة الاخرى.

وقد تكاثرت دعوات الجمهور في الاونة الاخيرة بان يتخطى النمر الاسمر ازمته الصحية التي تفاقمت منذ ايام مع نقله الى المستشفى في »حالة صحية حرجة«، بحسب ما ذكر مصدر مقرب منه لوكالة فرانس برس.

وكان احمد زكي تعرض لاول ازمة صحية خطيرة قبل عام اكتشف الاطباء بعدها انه مصاب بسرطان في الرئة. وقد نقل في حينه الى باريس لتلقي العلاج. ثم استكمل العلاج في مصر.

وعلى الاثر تحسن وضعه الصحي وبدأ بتصوير فيلم عبد الحليم بعد ان اكد طبيبه الفرنسي انه يستطيع ان »يزاول نشاطه الفني بشكل طبيعي مع الحرص الشديد على ان يتجنب نزلات البرد والارهاق التي قد يتعرض لها«، بحسب ما ذكر مصدر طبي في ٨ ديسمبر ٤٠٠٢.

وكان احمد زكي قال في الحفل الذي اقامته الشركة المنتجة للفيلم احتفالا ببدأ تصويره بحضور الغالبية العظمى من نجوم السينما المصريين وبعض النجوم العرب ان »حلم عمره كان تادية دور عبد الحليم في فيلم خاص عنه خصوصا وان هناك الكثير من العناصر الحياتية المشتركة بينهما« حيث اشتركا في اليتم في طفولتهما كما اصيبا معا بداء البلهارسيا الذي اودت مضاعفاته بحياة العندليب الاسمر.

نشأة أحمد زكي

اسمه بالكامل »احمد زكى عبد الرحمن«، من مواليد مدينه الزقازيق عام ٩٤٩١. بعد وفاه والده وزواج والدته تربى احمد زكي في رعاية جده.

 دخل المدرسة الصناعية حيث شجعه الناظر على التمثيل المسرحي.. التحق بعدها بمعهد الفنون المسرحية وأثناء دراسته بالمعهد شارك في مسرحيه »هالو شلبي«.. ثم تخرج عام ٣٧٩١ وكان الأول على دفعته.. بداياته الفنية الحقيقية كانت مع المسرح الذي قدم له أكثر من عمل ناجح مثل »مدرسه المشاغبين« و»العيال كبرت«.. يعتبر »احمد زكي« اليوم من ابرز نجوم السينما المصرية لما قدمه من أفلام متميزة بداية من »بدور« عام ٤٧٩١ وحتى »ارض الخوف« ٩٩٩١.

وكما لمع اسمه في المسرح و السينما تألق أيضا الفنان الأسمر في التليفزيون فكان له عده مسلسلات التي نذكر منها »الأيام« و»هو و هي« و»الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين«..

 حصل »احمد زكي« على العديد من الجوائز على مدار مشواره الطويل مع الفن وقدم للسينما مجموعه من أهم أعمالها التي منها »أبناء الصمت« عام ٤٧٩١ و»شفيقة ومتولي« عام ٨٧٩١، و»عيون لا تنام« ١٨٩١.

ومن أفلامه في الثمانينات »الراقصة والطبال« و»النمر الأسود« و»البيه البواب« و»زوجة رجل مهم.. و أخيرا في التسعينات نذكر له »ضد الحكومة« و»استاكوزه« و»ناصر ٦٥« و»هستيريا« و»اضحك الصورة تطلع حلوه« وغيرها كثيرا..

تزوج الفنان »احمد زكي« من الممثلة الراحلة »هاله فؤاد« و له منها ابنه الوحيد »هيثم«.

بدايته مع الفن

النجم الأسمر أحمد زكي، يستحق بجدارة لقب نجم الثمانينات، بل ونجم مستقبل السينما المصرية أيضا. فنحن أمام فنان مجتهد جدا، يهتم كثيراً بالكيف على حساب الكم، يلفت الأنظار مع كل دور جديد يقدمه، وأعماله تشهد له بذلك، منذ أول بطولة له في فيلم شفيقة ومتولي وحتى الآن، مروراً بأفلام إسكندرية ليه، الباطنية، طائر على الطريق، العوامة ٠٧، عيون لاتنام، النمر الأسود، موعد على العشاء، البريء، زوجة رجل مهم، والعديد من الأفلام التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء.

طريق صعب، ومليء بالإحباطات والنجاحات، هذا الذي قطعه أحمد زكي حتى يصل الى ما وصل إليه من شهرة وإحترام جماهيري منقطع النظير، جعله يتربع على قمة النجومية. حصد العديد من الجوائز المحلية والدولية، وإحتكر جوائز أفضل ممثل مصري لعدة أعوام متلاحقة.

ولد أحمد زكي عام ٩٤٩١ بالزقازيق )محافظة الشرقية(، وأهل هذه المحافظة مشهورون بالكرم الزائد، حتى قيل عنهم بأنهم عزموا القطار. وأحمد زكي )شرقاوي( وهو يذوب رقة وخجلا.

يحدث المرأة فلا يتطلع لعينيها أو لوجهها. ويحدث الرجال الكبار بإحترام شديد، ويعامل أقرانه بمودة متناهية، ويكفي أن تلقاه مرة واحدة حتى ترفض كل دعاوي الغرور التي تلتصق به، وترد السهام التي يطلقونها عليه الى صدور مطلقيها، وتصيح بأن أحمد زكي فتى نقي بريء.

مات والده وهو في عامه الأول، وتزوجت والدته بعد رحيل الوالد مباشرة.. فتعلقت بأهداله كلمة يتيم، وتغلغلت في كل تفاصيل عينيه، فعاش حتى الآن في سكون مستمر، يتفرج على ما يدور حوله دون أن يشارك فيه. ولهذا أصبح التأمل مغروساً في وجدانه بعمق، حتى أصبح خاصية تلازمه في كل أطوار حياته.

وعندما أراد أحمد زكي أن يهرب من وحدته بأية طريقة، بل أراد أن يهرب من حزن عينيه حين كره كلمة يتيم، كان يهرب الى بيوت الأصدقاء ليحاول أن يضحك، وكانت قدماه تتآكلان وهما تأكلان أرصفة الشوارع، حتى ظن الطفل الطري العود أنه كبر قبل الأوان. والذي ساهم في تكبير الطفل أكثر، هذا الصدام المتواصل بينه وبين العالم الخارجي، لم يضحك بما فيه الكفاية، ولم يبك بما فيه الكفاية.. ولكنه صمت بما فيه الكفاية. وحين أراد أن يهرب الى الكلام، وجد في المسرح متنفسه، فالتحق بعالمه يوم كان يكمل دراسته الثانوية، ولحسن حظه بأن ناظر المدرسة كان يهوى التمثيل.

أما أحمد زكي فصار في فترة وجيزة هاوياً للتمثيل والإخراج المسرحي على مستوى طلاب المدارس.

وهذا معناه بأن أحمد زكي قد اكتشف الفن في أعماقه مبكرا، فكان رئيس فريق التمثيل في مدرسته الإبتدائية، ومدرسته الإعدادية، ثم مدرسة الزقازيق الثانوية. وهكذا تحدد طريقه الى المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي تخرج منه عام ٣٧٩١ من قسم التمثيل بتقدير ممتاز، وهو نفس التقدير الذي حصل عليه في كل سنوات الدراسة.

لقد لمس أحمد زكي قلوب الناس وسط عاصفة من الضحك.. . وترجمت هذه الأعمال المتفوقة الى جوائز، وهنا بدأت الحرب عليه، وذلك للحد من خطورته. ومصدر الخطر فيه تحدد في ثلاثة مواقف سينمائية وتليفزيونية:

الموقف الأول حين قام بدور البطولة في مسلسل الأيام، فقد قام بدور طه حسين، وعندما أجرى النقاد مقارنة بينه وبين محمود ياسين، الذي قام بنفس الدور في السينما. وحين تجري المقارنة بين من مثل مائة فيلم، وبين من مثل خمسة أفلام ومسلسل، فمعنى هذا أن أحمد زكي قفز الى مكانة لم يسبقه اليها أحد !

والموقف الثاني برز حين قام بدور البطولة في فيلم شفيقة ومتولي، أمام سعاد حسني. ولا يهم ما قيل في الفيلم أو في سعاد حسني، إنما المهم هو البادرة بحد ذاتها، والتي هي إصرار سعاد حسني أن يكون أحمد زكي هو بطل الفيلم.

والموقف الثالث كان في دور ثانوي، هو دوره في فيلم الباطنية، بين عملاقين سينمائيين هما فريد شوقي ومحمود ياسين، حيث أن الجوائز إنهالت على أحمد زكي وحده، وهي شهادة من لجان محايدة على أنه، ورغم وجود العملاقين، قد ترك بصماته في نفوس أعضاء لجان التحكيم.

بعدها جاء فيلم طائر على الطريق، وجاءت معه الجائزة الأولى.. وهكذا وجد أحمد زكي لنفسه مكاناً في الصف الأول، أو بمعنى أصح حفر لنفسه بأظافره طريقاً الى الصف الأول !! وقد كان عام ٢٨٩١، هو الإنطلاقة الحقيقية لهذا الفنان الأسمر.

أما في عام ٣٨٩١، وخلافاً لكل التوقعات، فقد رأينا أحمد زكي منسحباً عن الأضواء والسينما بنسبة ملحوظة، ليعود في العام ٤٨٩١ أكثر حيوية ونشاطا. ومن العجيب أن هذا الشاب الريفي، البعيد الوسامة، جاء الى عاصمة السينما العربية، مفتوناً برشدي أباظة، المعروف بوسامته.

والحديث عن هذا النجم الكبير وعن مشواره الفني، لا يمكن إلا أن يكون في صالحه.. يقول زكي في احدى المقابلات ذات مرة:

جئت الى القاهرة وأنا في العشرين: المعهد، الطموح والمعاناة والوسط الفني وصعوبة التجانس معه، عندما تكون قد قضيت حياتك في الزقازيق مع أناس بسطاء بلا عقد عظمة ولا هستيريا شهرة.

ه ويكبتها.

المثقفون يستعملون كلمة إكتئاب، ربما أنا مكتئب، أعتقد أنني شديد التشاؤم شديد التفاؤل. أنزل الى أعماق اليأس، وتحت أعثر على أشعة ساطعة للأمل. لدي صديق، عالم نفساني، ساعدني كثيراً )في السنوات الأخيرة( ويؤكد أن هذا كله يعود الى الطفولة اليتيمة، أيام كان هناك ولد يود أن يحنو عليه أحد ويسأله ما بك.

في العاشرة كنت وكأنني في العشرين.. في العشرين شعرت بأنني في الأربعين. عشت دائماً أكبر من سني.. وفجأة، يوم عيد ميلادي الثلاثين. أدركت أن طفولتي وشبابي نشلا.. حياتي ميلودراما كأنها من أفلام حسن الإمام. والدي توفي وأنا في السنة الأولى. أتى بي ولم يكن في الدنيا سوى هو وأنا، وهاهو يتركني ويموت. أمي كانت فلاحة صبية، لا يجوز أن تظل عزباء، فزوجوها وعاشت مع زوجها، وكبرت أنا في بيوت العائلة، بلا أخوة. ورأيت أمي للمرة الأولى وأنا في السابعة.. ذات يوم جاءت الى البيت إمرأة حزينة جدا، ورأيتها تنظر اليّ بعينين حزينتين، ثم قبلتني دون أن تتكلم ورحلت. شعرت بإحتواء غريب. هذه النظرة الى الآن تصحبني، حتى اليوم عندما تنظر اليّ أمي فالنظرة الحزينة ذاتها تنظر. في السابعة من عمري أدركت أنني لا أعرف كلمة أب وأم، والى اليوم عندما تمر في حوار مسلسل أو فيلم كلمة بابا أو ماما، أشعر بحرج ويستعصي عليّ نطق الكلمة.

عندما كنت طالباً في مدرسة الزقازيق الثانوية، كنت منطويا جداً لكن الأشياء تنطبع في ذهني بطريقة عجيبة: تصرفات الناس، إبتساماتهم، سكوتهم. من ركني المنزوي، كنت أراقب العالم وتراكمت في داخلي الأحاسيس وشعرت بحاجة لكي أصرخ، لكي أخرج ما في داخلي. وكان التمثيل هو المنفذ، ففي داخلي دوامات من القلق لاتزال تلاحقني، فأصبح المسرح بيتي. رأيت الناس تهتم بي وتحيطني بالحب، فقررت أن هذا هو مجالي الطبيعي.

بعد ذلك بفترة إشتركت في مهرجان المدارس الثانوية ونلت جائزة أفضل ممثل على مستوى مدارس الجمهورية. حينها سمعت أكثر من شخص يهمس: الولد ده إذا أتى القاهرة، يمكنه الدخول الى معهد التمثيل. والقاهرة بالنسبة اليّ كانت مثل الحجاز، في الناحية الأخرى من العالم. السنوات الأولى في العاصمة.. يالها من سنوات صعبة ومثيرة في الوقت ذاته. من يوم ما أتيت الى القاهرة أعتبر أنني أجدت مرتين. في إمتحان الدخول الى المعهد ويوم التخرج.

ويواصل أحمد زكي.. ويقول: ثلاثة أرباع طاقتي كانت تهدر في تفكيري بكيف أتعامل مع الناس، والربع الباقي للفن، أصعب من العمل على الخشبة الساعات التي تقضيها في الكواليس.

 كم من مرة شعرت بأنني مقهور، صغير، معقد بعدم تمكني من التفاهم مع الناس. وسط غريب، الوسط الفني المصري.. مشحون بالكثير من النفاق والخوف والقلق.. أشاهد الناس تسلم على بعضها بحرارة، وأول ما يدير أحدهم ظهره تنهال عليه الشتائم ويقذف بالنميمة. مع الوقت والتجارب، أدركت أن الناس في النهاية ليست بيضاء وسوداء، إنما هناك المخطط والمنقط والمرقط والأخضر والأحمر والأصفر.. أشكال وألوان.

اليوم علينا معالجة الإنسان.. أنا لا أجيد الفلسفة ولا العلوم العويصة.. أنا رجل بسيط جداً لديه أحاسيس يريد التعبير عنها.. لست رجل مذهب سياسي ولا غيره، أنا إنسان ممثل يبحث عن وسائل للتعبير عن الإنسان، الإنسان في هذا العصر يعيش وسط عواصف من الماديات الجنونية، والسينما في بلادنا تظل تتطرق إليه بسطحية.

هدفي هو إبن آدم، تشريحه، السير ورائه، ملاحقته، الكشف عما وراء الكلمات، ماهو خلف الحوار المباشر. الإنسان ومتناقضاته، أي إنسان، إذا حلل بعمق يشبهني ويشبهك ويشبه غيرنا.. المعاناة هي واحدة.. الطبقات والثقافات عناصر مهمة، لكن الجوهر واحد. الجنون موحد.. حروب وأسلحة وألم وخوف ودمار، كتلة غربية وكتلة شرقية، العالم كله غارق في العنف نفسه والقلق ذاته. والإنسان هو المطحون. ليس هناك ثورة حقيقية في أي مكان من العالم.. هناك غباء عام وإنسان مطحون.

الشخصيات التي أديتها في السينما حزينة، ظريفة، محبطة، حالمة، متأملة.. تعاطفت مع كل الأدوار، غير أنني أعتز بشخصية إسماعيل في فيلم عيون لاتنام، فيها أربع نقلات في الإحساس.. في البداية الولد عدواني جداً كريه جدا،، وساعة يشعر بالحب يصبح طفلا.. الطفولة تجتاح نظرته الى العالم والى الآخرين.. لأول مرة الحب، وهاهو يبتسم كما الأطفال، ثم يعود يتوحش من أجل المال، ثم يحاول التبرئة، ثم يفقد صوابه.. كلها نقلات تقتضي عناية خاصة بالأداء. في عيون لاتنام جملة أتعبتني جدا، جعلتني أحوم في الديكور وأحرق علبة سجائر بأكملها.. مديحة كامل تسأل: إنت بتحبني يا إسماعيل ؟فكيف يجيب هذا الولد الميكانيكي الذي يجهل معنى الحب، وأي شيء عنه ؟ يجيبها: أنا ما عرفش إيه هو الحب، لكن إذا كان الحب هو أني أكون عايز أشوفك بإستمرار، ولما بشوفك ما يبقاش فيه غيرك في الدنيا، وعايزك ليّه أنا بس.. يبقى بحبك.

سطران ورحت أدور حول الديكور خمس مرات عشر.. لحظة يبوح إبن آدم بحبه، لحظة نقية جدا، لابد أن تطلع من القلب.. إذا لم تكن من القلب فلن تصل.. واحد ميكانيكي يعبر عن الحب، ليس توفيق الحكيم وليس طالباً في الجامعة، وإنما ميكانيكي يعيش لحظة حب.. هذه اللحظة أصعب لقطة في الفيلم.

على الشاشة

تألق أحمد زكي في شخصيات من الطبقة الفقيرة على الشاشة، البعيدة عن شخصية الأفندي التركي، وراح في كل مرة يقدم وجهاً أكثر صدقاً للمصري الأصيل، وإحتفظ بميزة التعبير عن الإنسان ذي المرجع الشعبي.. يفسر أحمد زكي ذلك القول: تغيرت السينما كثيراً عما كانت عليه وزادت الشخصيات تعقيدا. السينما الواقعية اليوم ليست تلك التي تنزل فيها الكاميرا الى الشارع فقط، بل أيضاً تلك التي تتحدث عن إنسان الحاضر بكل مشاكله وأفكاره ودواخله.

كما يرى أحمد زكي بأن التركيبة الشخصية إختلفت بإختلاف الأدوار التي أداها: صحيح لعبت دور صعلوك أو هامشي في أفلام أحلام هند وكاميليا و طائر على الطريق و كابوريا، لكن كل دور ذا شخصية مختلفة. شخصيات اليوم غالباً رمادية، ليست بيضاء وليست سوداء.. ليست خيرة تماماً وليست شريرة تماما، وما على الممثل سوى ملاحظة الحياة التي من حوله حتى يفهم أن عليه أن يجهد ويجتهد كثيراً في سبيل فهم هذه الحال.

والواقع أن أحمد زكي عرف كيف ينتقل من دور الى آخر حتى لو لم تكن هناك قواسم أساسية مشتركة بينها. فهو الفلاح الساذج في فيلم البريء، ومقتنص الفرص الهائم على وجهه في فيلم أحلام هند وكاميليا، وإبن الحي الذي قد يهوى إنما يحجم ويخجل في فيلم كابوريا، كما هو ضابط الإستخبارات القاسي الذي يفهم حب الوطن على طريقته فقط في فيلم زوجة رجل مهم. والثابت المؤكد هنا قدرة أحمد زكي على تقديم أداء طوعي ومقنع في كل هذه الحالات المختلفة، مقدرة يعتقد أنها ناتجة عن إهتمامه منذ الصغر بالملاحظة وحب التعبير. حيث يقول: إختزنت الكثير من الأحاسيس والرغبات الكامنة في التعبير عما أشعر به، لذلك تراني حتى الآن لا أهتم بالمدة التي ستظهر فيها الشخصية على الشاشة، بل بالشخصية نفسها إذا إستطاعت إثارتي ووجدت فيها فرصة جديدة للتعبير عما بداخلي.

يرفض أن يقوم عنه دوبلير أو البديل بالأدوار ذات الطبيعة الخطرة، ويقول أنه في فيلم عيون لا تنام حمل أنبوبة غاز مشتعلة، وألقى بنفسه من سيارة مسرعة في فيلم طائر على الطريق، وأكل علقة ساخنة حقيقية في فيلم العوامة ٠٧.

ويعتقد أحمد زكي بأن عدم إستخدام البديل يعطي الفنان قدرة وتدريباً أكثر، وقد حمله هذا الإعتقاد على أن ينام في ثلاجة الموتى بعد أن أسلم نفسه للماكيير الذي كسا أو دهن وجهه بزرقة الموت والجروح الدامية كما إقتضى دوره في فيلم موعد على العشاء. وقد بقى في الثلاجة الى أن دخلت عليه بطلة الفيلم سعاد حسني لتكشف عن وجهه وتتعرف عليه بعد أن صدمه زوجها السابق بسيارته.

 وقد أعيد تصوير المشهد، الذي إستلزم إقفال الثلاجةعلى أحمد زكي، عدة مرات حتى لا تأتي اللقطة التي لا تستغرق أكثر من بضع ثوان من وقت الفيلم مقنعة للمتفرج. يقول عن تجربته داخل الثلاجة: أحسست بأن أعصابي كلها تنسحب وكأنما توقفت دقات قلبي وأنا أحاول تمثيل لقطة الموت.. وقد ضغطت على قدمي بشدة لأنبه أعصابي وأنذرها.

وفي فيلم طائر على الطريق أصر على تعلم السباحة، عندما طلب منه المخرج محمد خان أن يستعين بالبديل في مشهد السباحة، بإعتباره لا يعرف السباحة، خصوصاً عندما علم منه بأن التصوير سيبدأ بعد شهر ونصف. فقد إختفى حوالي أسبوعان، وعندما عاد قال لمحمد خان مازحا: تحب أعدي المانش !!

فرد عليه: إزاي؟ قال: أنا عازمك على الغداء بجوار حمام السباحة بالنادي الأهلي. وأثناء جلوسهما هناك، ذهب أحمد زكي الى غرفة الملابس، وإرتدى المايوه.. ثم حيا المخرج خان.. وقفز في حمام السباحة وقام بعبوره عدة مرات بحركات فنية. وعندما خرج من الماء قال لمحمد خان: لقد ظللت أتدرب هنا ٥١ يوماً على يد المدرب.

هذا هو أحمد زكي، الفنان الذي يعاني ويتعذب كثيراً من أجل توصيل الفكرة والرؤية التمثيليلة من خلال شخصياته التي يؤديها.. يهتم كثيراً بتفاصيل الوجه أثناء الأداء، لذلك فهو يكره التمثيل في الإذاعة. فكل شخصية يؤديها تستنطقه وتحفزه وتتحداه أن يظهر كل ما بداخله من أحاسيس.. وهو كذلك يقبل التحدي وينجح كثيراً في ذلك.. فنان قل أن تجد مثيله وسط هذا الكم الهائل من الممثلين المصريين.. إنه حقاً فنان عالمي.

الأيام البحرينية بتاريخ 15 مارس 2005

 

ملف أحمد زكي

أحمد زكي يعود إلى القاهرة لاستكمال علاجه فيها

أحمد زكي أستاذ يحلم النجوم بالوقوف أمامه

حكاية صراع الامبراطور مع الالام في الغربة

الفنانون العرب والمصريون يلتفون حول أحمد زكي

محمد هنيدي:أحمد زكي مقاتل مملوء بالإيمان والتفاؤل

تصوير الضربة الجوية بعد الشفاء مباشرة

مديرة منزل احمد زكي تبحث له عن زوجة

ملف أحمد زكي

يدٌ للرب ويدٌ للـحب..

من أجل أحمد زكي

(1)

أحمد زكي يعلن عودته للسينما بعد مرضه

قلد العندليب عبد الحليم حافظ وداعب جمهوره

نبيل شرف الدين

في مؤتمر صحافي هو الأول من نوعه بعد أن تعافى، أعلن النجم المصري المحبوب أحمد زكي أنه سوف يبدأ اعتباراً من اليوم الاثنين تصوير فيلم (حليم)، وخاطب زكي جمهور الحاضرين قائلاً "أنتم تعرفون الظروف التي مررت بها وتابعتم كل مراحل العلاج وأنا أشعر الآن بأحاسيس ومشاعر مختلطة برجوعي إليكم وأنا الآن بينكم وكل لحظة تمر بالمرء لا بد أن يقضيها في مزيد من الحب والإنجاز"، وأضاف زكي قائلا إنه واجه مواقف كثيرة لذلك لابد أن نحب الحياة ونتمسك بها حتى آخر لحظة في عمرنا, مشيرا إلى معركته الشرسة الطويلة مع المرض والتي رافقته خلالها دعوات الحاضرين والزملاء وجمهوره في مصر والعالم العربي والجاليات العربية في أوروبا والعالم، مؤكدا أنه لذلك لم يكن يشعر بالوحدة أبداً، بينما تحاصره المشاعر الطيبة من ملايين المحبين" .

وفي سياق رده على سؤال حول الجديد الذي يحمله فيلم (حليم)، قال زكي إنه فيلم يتناول شخصية الفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ، ويلقي الضوء عليها، ويبرز مكانة هذه الشخصية ودورها في الفن العربي، معتبراً أن حليم يشبهه كثيراً، فكلاهما قدم من ريف مصر إلى القاهرة، وكلاهما تعب حتى صار نجماً تحترمهم الملايين، وتلتف حوله، شأن أي شاب مكافح خاض معركة الحياة بجدية، وإن كان حليم استخدم حنجرته التي وظفتها كتيبة من الملحنين والشعراء لنبض الشارع المصري والعربي, ورصد انتصاراته وسجل أيام كفاحه، واشتبك مع الشارع السياسي والاجتماعي، مؤكدا أن هذا الشاب البسيط وصل إلى قلوب كل الشعوب العربية، وأصبح أيقونة زمنه الجميل، وأضاف زكي "أنه شخصيا يحب حليم جداً، وأنه أيضاًَ "متأثر به" مشيرا بدعابة إلى تشابه ظروفهما في المرض أيضاً .

وقائع الحفل

وفي مستهل الحفل تحدث الإعلامي والصحافي الشهير عماد الدين أديب، باعتباره منتج الفيلم، قائلا إنه سيبدأ اعتبارا من اليوم الاثنين تصوير أول مشاهد الفيلم في خطوة تعد بمثابة اطمئنان على صحة النجم الأسمر أحمد زكي, مشيرا إلى أنه سبق ذلك جلسات عمل وتحضير بين المخرج شريف عرفة، والكاتب محفوظ عبد الرحمن والنجم أحمد زكي والموسيقار عمار الشريعي، موضحاً أن الفيلم هو قصة حياة عبد الحليم حافظ بمعنى يُحكي أن وهو سيكون "بمائة منظور وطريقة" وسيكون مفاجأة للجميع .

ونقل أديب إلى الحضور اعتذار الفنانة منى زكي بطلة العمل عن عدم حضور هذا الحفل لظروف قهرية، ثم قدم فريق العمل في الفيلم , حيث صعد إلى خشبة المسرح الفنان جمال سليمان والفنانة سلاف فواخرجي من سوريا والوجه الصاعد يوسف الشريف والكاتب محفوظ عبد الرحمن والموسيقار عمار الشريعي والمخرج شريف عرفه والمطربة ماجدة الرومي التي ستؤدي أغاني الفيديو كليب بصوت الفنان عبد الحليم حافظ في الفيلم .

ثم صعد النجم السينمائي أحمد زكي إلى خشبة المسرح , وحيا النقاد والفنانين الذين احتشدوا لرؤيته وهو في طريقه إلى المسرح , يلوح بيديه ويعبر عن امتنانه وشكره للحضور، وقد بدا متفائلاً ومقبلاً على الحياة وفي صحة جيدة، وداعب الصحافيين ضاحكاً, وكعادة زكي مع الشخصيات التي سبق له أن أداها عبر الشاشة، قام بتقليد الفنان عبد الحليم حافظ في حوار مع عماد أديب، وتحديدً حين سأله عن رأيه في عدد من المطربين في عصره وتقمص الفنان احمد زكي بنفس الطريقة التي أجاب بها عبد الحليم حافظ عندما وجهت إليه نفس الأسئلة في أحد الحوارات المتلفزة.

من جانبه قال المخرج شريف عرفة أن الفيلم يقدم عبد الحليم حافظ بصورة عصرية وانه شرف كبير لي ولكل من يعمل في هذا الفيلم وأتمنى بعد أن ننتهي من تصوير الفيلم وعرضه على الجمهور أن نري على وجوهكم علامات الرضا والسعادة عن هذا الجهد .

وفي الختام أعلن عماد أديب عن مفاجأة الحفل بوجود المطربة ماجدة الرومي صاحبة الصوت الذي سيغني الفيديو كليب الخاص بالفيلم وهي محبة لفن وصوت عبد الحليم حافظ، وأضاف أن كلاً من أحمد زكي وماجدة الرومي يعدان لفيلم آخر يجمعهما معاً، من دون أن يكشف عن موضوع هذا المشروع، الذي ألمح إليه .

القلب والسرطان

وخلافاً للصورة النمطية لنجوم الفن والسينما، فلم يعش أحمد زكي حياته بالطول والعرض كما يذهب الظن، فمشواره مع النجومية لم يكن ممهداً أبداً، وطريق المليارديرات الذي سار عبره كثير من الممثلين والفنانين لم يقترب منه زكي يوما، فقد ظل حتى سنوات قليلة خلت تنتابه كوابيس الفزع من مواجهة مصير موظف حكومي بسيط قد يجد نفسه فجأة وقد أُلقي به إلى الشارع بعد استغناء الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها عنه، ويقول أصدقاء النجم المقربون إنه ظل يعيش خوفا كبيرا يصل إلى حد الذعر مما تخفيه له الحياة، حتى أنهم عاتبوه مراراً مؤكدين أن هذا الخوف ليس له ما يبرره خاصة أن بوسعه أن يحصل على أجور عشرة أفلام لو أراد أن يسير وفق النمط الشائع، لكن الجميع كانوا يدركون أيضاً أن ذعر أحمد لم يكن مختلقاً، بل هو أصيل ترسخ منذ سنوات الفقر والكفاح، حينما كان يطارد بأحلامه منذ الصباح وحتى منتصف الليل في شارع عدلي بقلب القاهرة، حيث يقع مقر "نقابة السينمائيين"، أو في ردهات الطابق العاشر بإحدى بنايات شارع 26 يوليو وسط القاهرة، حيث استخراج تصاريح العمل بنقابة الممثلين، لكن من مجهول ما، لم يكن طيلة سنوات عمره يكاد يتبين ملامحه، حتى شاءت الأقدار أن تجتمع عليه متاعب القلب المنهك، ووحشية الورم الخبيث معاً، وأحاطه محبوه وعشاقه حتى تجاوز بفضل الله ودعاء الملايين أن يتعافى ويسترد قدرته على العمل والعطاء مجدداً .

ومساء يوم 24 كانون الثاني (يناير) من العام المنصرم، كان زكي قد أصيب بضيق مباغت في التنفس، وفي البداية خضع لعلاج لمدة أسبوع في منزله ثم انتقل إلى مستشفى دار الفؤاد في مدينة 6 أكتوبر جنوب القاهرة، حيث اكتشف الأطباء إصابته بالتهاب رئوي حاد، وأجرى له الأطباء عملية بذل للمياه الموجودة في الرئة، واستخرجت ثمانية لترات من السوائل من رئتيه، ومنعت الزيارة عنه، وقد أصدر فريق الأطباء تقريرا بضرورة استكمال علاجه في فرنسا فقرر الرئيس المصري حسني مبارك حينئذ علاجه فوراً على نفقة الدولة.

وأحمد زكي من مواليد عام 1949 في الزقازيق بمحافظة الشرقية بمصر، والتحق بقسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية منتصف الستينيات، ويعد حالياً من أهم نجوم السينما المصرية، وأكثرهم تنوعا وقدرة على الأداء الفني المتميز والخاص، وجسد على الشاشة المصرية أدوار عشرات الشخصيات بطريقته المتفردة، وعمل مع أهم كوادر السينما المصرية ومنهم الراحل عاطف الطيب الذي منحه بطولة أكثر من عمل وكذلك محمد خان الذي التقاه في العديد من أفلامه، ومن بينها "مستر كاراتيه"، و"السادات"، وكذلك علي عبد الخالق الذي عمل معه في "البيضة والحجر" وأفلام أخرى، كما عمل مع داود عبد السيد في "أرض الخوف"، ومع خيري بشارة في "كابوريا" كما عمل أيضا مع جيل الرواد ومنهم صلاح أبو سيف، ومن الشباب عمل مع شريف عرفة في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" .

موقع "إيلاف"

 17 يناير 2005

 

صور لأحمد زكي

كل شيء عن أحمد زكي

شعار الموقع (Our Logo)