وجهة نظر
أبوظبي
عبدالستار ناجي
منذ ايام اصدرت اللجنة المنظمة لمهرجان أبوظبي السينمائي بياناً
مقتضباً حمل خبر ايقاف مهرجان أبوظبي السينمائي وللتبشير بان هناك
خططا جديدة للمرحلة الجديدة. انتهى البيان.
ونتساءل لماذا تم ايقاف مهرجان أبوظبي. نتساءل من واقع علاقتنا مع
السينما الإماراتية والخليجية والعربية والعالمية. ونتساءل بعد
سنوات من التعاون الإعلامي مع مهرجان أبوظبي. فقد كان لي شرف حضور
عدد كبير من دورات هذا المهرجان السينمائي ومنذ دورته الاولى.
نتساءل.. لماذا يتم ايقاف مهرجان تواصل على مدى ثماني دورات حققت
كثيرا من النجاح واستقطبت اهم الافلام وابرز النجوم والصناع
والمنتجين والموزعين وايضا النقاد والصحافيين والإعلاميين.
نتساءل.. ونحن نعلم جيدا القفزات التي حققها هذا المهرجان الذي بدا
حلما وتحول الى مهرجان حقيقي يمتلك جميع مقومات كبريات المهرجانات
على صعيد الاعداد والتنظيم والاستضافة. وايضا على مستوى الحضور.
ويكفي ان نعرف بان نسبة غير قليلة من نجوم هوليوود حطوا رحالهم في
دار زايد رحمه الله وكانت أبوظبي هي محطتهم ومهرجانها السينمائي هو
موعدهم..
هناك شاهدت عشرات الاعمال السينمائية سواء تلك التي وجدت طريقها
للاوسكار او تلك التي ذهبت بعيدا بحضورها وحصادها الفني والإعلامي
وايضا عوائد شباك الدخل. وهناك امن لنا مهرجان أبوظبي السينمائي
فرصا ذهبية للتواصل مع اهم النجوم. والقائمة تطول في هذا المهرجان.
ونعود للسؤال.. كيف لمهرجان استطاع ان يؤمن حضور دولة الإمارات
العربية المتحدة شانه شأن شقيقه مهرجان دبي السينمائي على خارطة
صناعة الانتاج السينمائي وبات موعدا متجددا لاهل السينما كما ساهم
في جعل الكثير من صناع السينما من تحقيق اعمالهم في عاصمة الإمارات
الحبيبة.. كيف لكل ذلك ان يتوقف او يتم الغاؤه.. نحن نعلم جيدا
مقدرات ابناء الإمارات على تحقيق الانجازات والمستحيلات ولكن لم
نلغى كياناً نشأ وترعرع وبزغت شمسه وبات له موعده وحضوره وتأثيره
على صناعة السينما.
ونتوقف عند السؤال.. ان ما تحقق لم يكن ليتحقق لولا ارادة ابناء
الإمارات وايضا الدعم السخي لقيادة دولة الإمارات العربية وأبوظبي
على وجه الخصوص.. فلماذا الغاء كل ذلك الجهد وكل ذلك العطاء وتلك
المسيرة عبر بيان يفتح الباب على اكبر كمية من الاسئلة التي لم تصل
اجوبتها.
مهرجان أبوظبي السينمائي ليس بالحدث التقليدي العابر الذي يمكن
تجاوزه والعبور عنه او حتى نسيانه عبر ذلك البيان. كما ان هذا
المهرجان وعبر اعوامه الثمانية الماضية استطاع ان يحقق كما من
الانجازات لعل ابرزها ذلك الاحتفاء بالسينما الإماراتية..
والخليجية.. والعربية.. والعالمية.
مهرجان أبوظبي السينمائي ليس مجرد مهرجان وبساط احمر وكمية من
النجوم والافلام. بل هو صناديق لدعم السينما. استطاعت تلك الصناديق
ان تفعل اليات الانتاج السينمائي فكان هذا الحصاد السينمائي الذي
تبرز ملامحه في العديد من المهرجانات ومن بينها مهرجان كان
السينمائي وغيره من كبريات المهرجانات والملتقيات السينمائية.
كما استطاعت صناعة السينما في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر
تلك الواجهة السينمائية العالمية المستوى ان تستقطب كبريات
المشاريع السينمائية لعل اخرها «حرب النجوم» في جزئه الجديد. فهل
بعد ذلك من انجازات وهنا نشير الى عدد من المنصات التي راحت تتألق
من «أبوظبي امجنشين» و«تو فور ففتي فور» التي تعتبر المظلة الراعية
لهذا الانجاز والبيت الحاضن لغيره من الانجازات.
ايقاف مهرجان أبوظبي السينمائي هو بمثابة الغاء لجهود جيل من
السينمائيين والإعلاميين والفنانين من ابناء دولة الإمارات
والعاصمة أبوظبي على وجه الخصوص. جيل استطاع وبعد عدد قليل من
الدورات ان يتحمل المسؤولية ويقلع بسفينة هذا المهرجان الى فضاءات
ابعد وارحب. ولو تأملنا «فقط» حصاد الدورة الاخيرة من المهرجانات
على صعيد الافلام والضيوف والصفقات واللقاءات لكان كافيا بمنح
المهرجانات شحنات اكبر من الدعم. بدلا من ايقافه عبر بيان سريع
مختصر لا يضع النقاط على الحروف.
نحترم القرارات ونحترم التوجهات حتى وان اختلفنا معها شكلا
ومضمونا. ونحن نعلم جيدا مقدرة ابناء المغفور له الشيخ زايد بن
سلطان رحمه الله على صناعة المستحيل وتقديم بدائل تذهب الى حد
الحلم كما هو شأن الكثير من المشاريع الجبارة التي تقودها دولة
الإمارات العربية المتحدة بشكل عام وأبوظبي بشكل خاص. ولكن يبقى
السؤال لماذا الغاء هذا المهرجان الذي بات خلال أعوامه القصيرة
صرحا سينمائيا وموعدا مع الابداع السينمائي العالمي.
نحترم القرارات ونحترم التوجهات ولكننا نستطيع الاشارة الى ان ما
تحقق من انجازات سينمائية في دولة الإمارات العربية المتحدة يعود
الفضل به لمهرجاني دبي السينمائي وأبوظبي السينمائي وكلاهما يكمل
الاخر وهما ليسا في موضوع المنافسة تماما. مشيرين الى ان المملكة
المغربية تمتلك اكثر من 25 مهرجاناً سينمائياً بين مهرجان يحضره
اهل المدينة الصغيرة التي تنظمه واخر يستحوذ على حضور عالمي كبير
ولم نسمع او نقرا بياناً لالغاء هذا المهرجان او تأجيل ذاك.
ونعود للأسئلة المفتوحة.. ماذا سنفعل بالافلام التي يتم انجازها
عبر الصناديق الداعمة للمشاريع الانتاجية اذا لم يكن لأبوظبي السبق
والريادة في عرض تلك الاعمال. وماذا سيكون مصير تلك الصناديق
بالذات فهل نتوقع بيانا اخر مقتضبا لالغاء مصادر دعم واسناد
السينما الإماراتية والخليجية والعربية.
مشيرين الى اننا لا نتحدث عن الاشخاص. خصوصا في هذه المرحلة من عمر
مهرجان أبوظبي السينمائي حيث ابناء دولة الإمارات العربية هم الذين
يقومون بكافة العمليات الخاصة بالتخطيط والاعداد والاختيار
والبرمجة والتنسيق والانجاز. وهنا نحن معنيون بالاشادة بجهود ابناء
الإمارات في هذا المجال وغيره من المجالات الابداعية.
ولا نطيل اذ نقول.. نحترم القرارات والتوجهات ولكننا امام سؤال هو
: لماذا تم ايقاف مهرجان أبوظبي السينمائي وهو من قفز بالحضور
السينمائي الإماراتي الى فضاءات العالمية.
وعلى المحبة نلتقي |