حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل الوردة

الجريدة• تنشر حلقات عن سيرتها ولحظات وفاتها   3

وردة الجزائرية تطوي أماكنها المحببة في أيامها الأخيرة

كتب: القاهرة - رولا عسران

تنشر «الجريدة» فيما يلي حلقات مخصصة عن حياة الفنانة الراحلة وردة الجزائرية، ولحظاتها الأخيرة في القاهرة، وظروف انتقالها إلى الجزائر، وكانت الحلقة الأولى تضمنت، حديثا عن بداياتها المبكرة، وشهادات على ألسنة مبدعين كويتيين ومصريين، فيما تضمنت الحلقة الثانية حكايات خاصة عن الحب في حياتها، والشائعات التي رافقت مسيرتها الفنية، وأما الحلقة الثالثة، والتي بين أيدينا فتتضمن الأماكن التي زارتها وردة قبل وفاتها، وكذلك أهم أغنياتها، وخاصة الوطنية منها.

اختلفت الأيام الأخيرة في حياة وردة عن غيرها من المطربات، فلم تكن أياما تقضيها على فراش المرض أو بأحد المستشفيات، بل كانت أياما اختلطت بالجولات الترفيهية وطلب السفر منتهية بأزمة قلبية مفاجئة أودت بحياتها في النهاية عن عمر يناهز ثلاثة وسبعين عاما، كما أن الأيام التي أعقبت وفاتها كانت حافلة بالإثارة والحزن على مستوى الوطن العربي الذي فقد واحدة من أهم الأصوات التي أثرته غنائيا وفنيا.

وردة الجزائرية المصرية كانت في فرنسا قبل أسبوع من وفاتها تجري بعض الفحوصات الطبية على عملية القلب المفتوح التي أجرتها قبل سنوات، ولم تكن في ذلك الوقت تعاني أية أزمات صحية، بل إنه وبشهادة المقربين منها كانت في حالة صحية جيدة قبل أن تغادر فرنسا إلى الجزائر، وكأنها تودع الأماكن التي تألقت بها في آخر أيامها، حيث شهدت فرنسا مولدها وبدايتها الغنائية في المطعم الذي امتلكه والدها الجزائري وقدمت خلاله العديد من الأغنيات قبل أن تبدأ رحلتها الفنية والموسيقية.

من فرنسا إلى الجزائر استقرت وردة ليومين، ولم تعلم أن هذه الزيارة هي الأخيرة لها في أحضان وطنها الأم، وأنها ستعود له ملفوفة بعلم بلدها الأول والثاني مصر والذي قضت فيها ثلاثة أيام قبل أن تغادر روحها، وكأنها بالفعل كانت تملي عينيها لآخر مرة بكل الأماكن التي عشقتها، وفي كل هذا الرحلات كانت بصحبة وردة سكرتيرتها التونسية نجاة التي رافقتها على مدار عشرات السنين ولم تفترقا إلا بالموت.

منطقة المنيل

في القاهرة وتحديدا بشارع عبد العزيز آل سعود بمنطقة المنيل كانت وردة تعيش آخر لحظات حياتها، برفقة صديقتها المصرية المقربة ناهد الشبوري، وخرجا معا في نزهة إلى مول «سيتي ستار» قبل يومين من وفاتها وكانت حينها تتمتع بصحة وفيرة ولم تكن تعاني أية أزمات، القدر قسم لوردة أن تودع أقرب رفيقاتها وأن «تتونس بها» في آخر لحظاتها.

ناهد الشبوري وكما تؤكد – كانت وردة جزءاً من حياتها يخرجان ويجلسان معا في المنيل تارة وفي فيلا الشبوري تارة أخرى، حتى جاء اليوم الموعود حينما كانت آخر الساعات في حياة وردة.

رياض ابن وردة أكد أنها طلبت أن تغادر إلى الجزائر قبل ساعات من وفاتها، لم يفهم سر إلحاحها في السفر وكأنها كانت تخشى ألا يمهلها القدر فرصة لأن تودع موطنها الأصلي مرتين واكتفى بوداع وحيد قبل أيام من وفاتها.

اللحظة الأخيرة

حين جاءت اللحظة الأخيرة والتي أصيبت فيها وردة بالأزمة القلبية فشلت كل المساعي التي أجراها الأطباء لمساعدتها، وتم استدعاء ناهد الشبوري التي جاءت إليها ولكن كل المحاولات لم تجد حتى فارقت روحها جسدها، وحين نشر الخبر التف جميع المقربين منها حولها، وحضروا جميعا إلى بيتها، وكان في مقدمة الحضور صلاح الشرنوبي الذي رافقها فترة طويلة في مشوارها الفني، كذلك هاني مهنا ووجدي الحكيم الذي ارتبط معها بصداقة طويلة الأمد، وكذلك حضرت أنغام والتي أصيبت بالإغماء أثناء وجودها بالشقة مع جثمان وردة ثم شيرين وفيفي عبده ونبيلة عبيد وغادة رجب، كل هؤلاء من أجل إلقاء نظرة الوداع على جثمانها، وكذلك الوفد الجزائري والسفير الجزائري.

يوم الجنازة

يوم الجنازة كان مليئا بالكواليس، حيث تم نقل الجثمان في الأسانسير والذي طالما صعدت به تدندن بصوتها، وها هي تنزل منه جثة هامدة لا تحرك ساكنا، وحينما فتح الأسانسير وأخرج أحد الموجودين هاتفه اعتدت عليه سكرتيرة وردة بالضرب خوفا من أن يقوم بتصوير جثتها. ثم تم نقل الجثمان إلى المسجد لأداء صلاة الجنازة ملفوفا بالعلمين المصري والجزائري ثم منه إلى قرية البضائع بالمطار حيث الطائرة العسكرية التي تنتظر وردة بأمر من الرئيس الجزائري بوتفليقة، وقد دخل بعض معارف وردة لإلقاء النظرة الأخيرة عليها في المطار بصحبة السفير الجزائري.

في الجزائر

هناك في الجزائر كان الاستقبال الشعبي لوردة بوصفها رمزاً من رموز الغناء وهناك كان رياض ينهي كل الإجراءات الخاصة بمراسم دفن وردة في مقبرة «العالية» التي يتم دفن كل الشخصيات الشهيرة والزعماء بها كيف لا وهي أحد الرموز الفنية الجزائرية، وهناك وضع جثمان وردة بقصر ثقافة «مفدي زكريا» بعدما تم نقله من مطار هواري بومدين والذي كان يتواجد به وزير الخارجية الجزائري بصحبة وزراء الثقافة والاتصال كذلك عدد كبير من المثقفين والأدباء والفنانين والقائم بأعمال السفارة المصرية في الجزائر، كل هؤلاء من أجل نظرة وداع على وردة أحد رموز الغناء، وتم وضع الجثمان بقصر ثقافة «مفدى زكريا» كي يسمح لأبناء الشعب الجزائري بإلقاء نظرة الوداع عليها قبل أن يتم دفنها بمثواها الأخير، تلك اللحظات التي اختلطت فيها الدموع بين الجميع، فحكاية وردة مع الزمان انتهت وقد ودعها ابنها رياض الذي كان في استقبالها بالجزائر وكذلك ابنتها وداد، وقد أقيمت جنازة رسمية من أجل وردة شارك فيها جموع وطوائف الشعب فكان المواطن الجزائري البسيط إلى جوار الفنان الجزائري والمسؤول الجزائري كل هؤلاء من أجل تشييع جنازة الراحلة، ولأنها كبقية الرموز الفنية في الجزائر وأيضا إحدى الشخصيات العامة التي لطالما أثرت مجالها فكان مثواها الأخير في الدنيا إلى جوار هؤلاء المشاهير وهذه الشخصيات البارزة بمقبرة «العالية» حيث وضع جثمانها ليسدل الستار على أميرة الغناء العربي والتي ستظل أغنياتها حاضرة في أذهاننا باقية في ذاكرتنا ووجداننا.

هكذا كانت الأيام الأخيرة من حياة وردة طافت خلالها البلاد الثلاثة التي عاشت فيها وأحبتها ولها فيها آلاف بل ملايين الذكريات، حرصت خلالها (عمدا أو سهوا لا يهم) على أن تلتقي أصدقاءها المقربين لكنها حرمت من وداع أبنائها، وكأن القدر كتب عليها أن تفارقهم للأبد. 

محطات في حياة وردة الغناء العربي

كتب: القاهرة - الجريدة

لم تكن وردة مجرد مطربة عادية، فمنذ أن كانت فتاة صغيرة، كانت تحلم بأن تغير العالم بصوتها القادم من أحضان الجزائر، ما يُفسر رفضها أن تظل حبيسة في أغنيات الكبار، خصوصاً أغنيات سيدة الغناء العربي أم كلثوم، بل ظلت حريصة على مذاقها الخاص، الذي عكس تجربة موسيقية مهمة في تاريخ الغناء العربي.

رفضت وردة أن تكون استنساخاً من أخريات، منتظرة ذلك اليوم الذي سيغني لها فيه كبار المطربين المصريين والعرب، ليعيدوا تقديم أغنياتها، وقد كان، بعد عقود من الكفاح، صارت وردة أكثر مطربة غنى لها المطربون، الذين تجاوز عددهم 20 مطرباً بعد أن أصبحت أيقونة لا تُقارن بغيرها.

عاشت وردة تجربة غنائية مهمة، عاصرت خلالها العديد من الأحداث والمحطات، بعضها مبهج وبعضها مؤسف، حتى اكتملت التجربة، ومن أهم محطات هذه التجارب، تلك التي فيها طلب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أن يتم إضافة «كوبليه» خاص بوردة في أوبريت «وطني الأكبر».

ورغم اعتزال وردة للغناء، فإن الرئيس الجزائري هواري بومدين طلبها للغناء في عيد الاستقلال العاشر للجزائر، وهو ما جعلها تلبي الدعوة، ومن ثم تواصل ما انقطع في تجربتها خصوصاً بعد زواجها من الراحل بليغ حمدي، وكانت أغنية «أوقاتي بتحلو» هي الانطلاقة الحقيقية لوردة في عالم الغناء، وذلك في عام 1979 رغم أن الأغنية كان من المفترض أن تقوم أم كلثوم بغنائها في عام 1975، ولكن وفاة أم كلثوم جعل الأغنية التي يمتلكها سيد مكاوي تكون من نصيب وردة بعد أن لعب القدر لعبته في حياتها الفنية.

كما قدمت بصحبة صلاح الشرنوبي واحدة من أورع أغنياتها هي «بتونس بيك».

الموسيقار الكبير محمد سلطان يرى أن تجربة وردة الغنائية لا تنفصل عن تجربتها الإنسانية، فلقد كانت صاحبة شخصية في الألحان التي تقدمها، تفرض صوتها على اللحن والكلمات بتعبير أدق توحي للملحن بما يمكن أن يقدمه مستخدماً كل تفاصيل صوتها من شجن وقوة وشموخ.

آخر عمل قدماه معاً كان أغنية «شمس وبحر ونسمة شقية»، أما أول أغنية قدمتها مع سلطات فكانت في فيلمها الأخير «ليه يا دنيا»، وعلى غير المشاع كانت تربطها بمنافستها الراحلة فايزة أحمد وزوجة سلطان علاقة صداقة، وكانت تحب أن تغني لهما أغنية «خليكوا شاهدين» وتدندنها مع فايزة في منزلها.

الملحن حلمي بكر أكد أن نجومية وردة لم تأتِ من فراغ، فتجربتها الغنائية من التجارب التي ينبغي أن تدرس في الكتب والمعاهد والكليات، فقد كانت تجربة غنائية شبه مكتملة ولها بصمة فنية مميزة ومختلفة عن باقي التجارب.

الموسيقار هاني مهنا يرى أنها هرم من أهرامات الغناء مثلها مثل عبدالحليم حافظ وأم كلثوم، فقد قدمت العديد من الأعمال التي أثرت في حياتنا الفنية، مؤكداً أنها ليست ملكاً للجزائر، ولكنها ملك للوطن العربي كله، وأنها ستظل باقية بما قدمته من أغنيات على مدار سنوات طويلة.

ويكمل مهنا قائلا «تقييم أي تجربة غنائية لأي فنان عادة ما يكون من خلال عدة نقاط، منها حصر عدد العلامات الفنية المميزة في حياة الفنان، ولا يوجد أكثر من العلامات المميزة في مشوار أميرة الغناء العربي الراحلة وردة، لذا فقد كانت تجربة غنائية من العيار الثقيل بحق».

الفنان فاروق الشرنوبي يرى أن صوتها لم يكن قوياً مميزاً ومختلفاً فحسب، ولكنه كان «طيعا»، ما يترك للملحن فرصة لأن يصول ويجول ويبتكر بحرية، مؤمناً بقدرتها على تجسيد اللحن بصوتها كما يجب أن يكون، مشيراً إلى أن الراحل بليغ حمدي بما يمتلكه من موهبة وقدرة على ابتكار أشكال موسيقية مختلفة، يعد أكثر من نجح في اكتشاف صوتها، بل إعادة اكتشافه في كل لحن، لذا فإن تجربتها معه هي الأبرز في مشوارها الفني والأكثر نضوجاً أيضاً.

نفس المقولات يؤكدها الملحن أحمد إسماعيل، مشيراً إلى أن تجربة وردة وبليغ هي الأكثر نضوجاً وثراء، ربما لكون بليغ أكثر من تفهم صوتها، وربما لموهبته الفذة كملحن وقدرته على تقديم الجديد.

إسماعيل يرى أن تجربة وردة وصلاح الشرنوبي كانت هي الأخرى إعادة اكتشاف لها، أو بتعبير أدق نجح عبر ما قدمه معها من أغنيات في التواصل مع أجيال جديدة.

الموسيقار هاني شنودة هو الآخر يثني على تجربة وردة مع بليغ حمدي بوصفها الأبرز في مشوارها، ولكنه يرجع قدرتها على الحفاظ على مكانتها لذكائها الفني ومعرفتها بحدود موهبتها، إضافة إلى عشقها للمغامرة، ومن ثم نجحت في أن تتربع على القمة سنوات طويلة، تاركة برحيلها فراغاً كبيراً. 

شدو الوردة… من كلنا جميلة إلى الربيع العربي

رصيد وردة من الأغنيات الوطنية لم يكن كبيراً مثل كثير من المطربين، لكنه كان كافياً ليبقى حتى الآن في قلوب الملايين، فللجزائر قدمت أكثر من أغنية، مثل «من بعيد» التي أدَّتها في الذكرى العاشرة لاستقلال الجزائر وأغنية «عيد الكرامة» عام 1983 وأغنية «بلادي أحبك» عام 1995، وانتظرها محبوها لتكون معهم في الذكرى الخمسين للاستقلال في يوليو المقبل، إلا أنها رحلت وهي تستعد لتسجيل أغنية تحيي بها الشعوب التي ثارت من أجل الحرية والعزة والكرامة وفي مقدمتها الجزائر وثورات الربيع العربي.

الطريف أن أول أغنية خاصة لوردة كانت أغنية وطنية بعنوان «كلنا جميلة» تلحين اللبناني محمد محسن، وكانت تتحدث عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد، وليست مصادفة طبعاً أن تكون آخر أغنية قدمتها «وطنية» أيضا وكانت بعنوان «مازلنا واقفين» وقد نالت إعجاب كل من استمع إليها من الجزائريين بالتزامن مع نجاح الانتخابات التشريعية التي أجريت مؤخراً في الجزائر.

أما لحرب أكتوبر المجيدة فقد تغنت بأغنيتها الشهيرة «ع الربابة» والتي كتب كلماتها الراحل عبدالرحيم منصور ولحنها زوجها الثاني والأخير الفنان بليغ حمدي.

الجريدة الكويتية في

21/05/2012

 

حب وموت وجراح في… حكايات وردة مع الزمان

كتب: القاهرة - الجريدة 

تنبأ لها كثيرون بالمجد الغنائي منذ طفولتها، بفضل ما كانت تملكه من موهبة حقيقية وحس فني يفوق سنوات عمرها، ورغم تكرار محطات الإحباط في حياة الفنانة الراحلة وردة الجزائرية فإن إصرارها على بلوغ المراتب الأولى سهّل مهمة تجاوزها العقبات والعراقيل.

بدأت حلاوة صوت «وردة فتوكي» -الفرنسية المصرية الجزائرية اللبنانية- تظهر وهي طفلة صغيرة، في المطعم الذي كان يمتلكه والدها بالعاصمة الفرنسية، ما جعل منها ظاهرة منذ طفولتها ونشأتها في العاصمة الفرنسية باريس، رغم أن عائلتها جاءت من ولاية قسطنطينة، وهي منطقة جبلية في الجزائر، وقد طبع هذا الانتماء على شخصيتها طابع الجدية والصرامة، والقدرة على كتم انفعالاتها ومشاعرها وعدم البوح بما يُغضبها.

اقتربت من الموت وهي صغيرة عدة مرات، مرة حين دخلت ثلاجة مطعم والدها هي وشقيقها مسعود كي يهربا من المدرسة وبالطبع لم يكونا يعلمان أنها لا تفتح من الداخل وظلا بداخلها أكثر من ساعتين، تجمع خلالها الثلج على وجهها، وغابت بالفعل عن الوعي، بينما استمر مسعود شقيقها في صراخه حتى تم إنقاذهما، ومرة أخرى أثناء الحرب العالمية حين اختفى اللبن تماماً من الأسواق، وهذا النقص في اللبن أضر صحتها كثيراً، إذ عانت سوء التغذية السليمة وكان البديل هو حقنة تأخذها من حين لآخر تجعلها تستطيع الوقوف على قدميها، إلا أن الله قسم لها العيش ومن دون آثار جانبية، حيث كانت مهددة بالإصابة بالشلل نظراً إلى سوء التغذية.

كانوا يطلقون على وردة «الطفلة المعجزة» ربما لأن مجيئها إلى الدنيا كان بالمصادفة التي لم يتوقعها أحد، خاصة أن أمها كانت مصابة بمرض السكري ونصحها الأطباء بعدم الإنجاب، لكنها رفضت التخلص من الجنين لتولد وردة، التي كانت تسهر على راحة أمها والاهتمام بها بعدما كبرت.

تحكي وردة عن طفولتها: «كنت طفلة عدوانية والبعض كان يطلق عليّ لقب الشرسة، ربما كان ذلك رد فعل لنصائح والدي الدائمة بضرورة أن أكون جادة ولا أتباسط في التعامل مع أي شخص».

وتكمل: «أول مرة وقفت على خشبة المسرح للغناء كان عمري 11 عاماً، وكنت في حفلة للأطفال على أحد مسارح باريس، وبمجرد أن اقتربت من الميكروفون فقدت النطق تماماً فبكيت، لذا صفق لي الجمهور لتشجيعي، ورغم ذلك التزمت الصمت ولم أستطع الغناء، الأمر الذي جعلني أشعر بالإحباط رغم أنني كنت دائمة الغناء في البيت أمام أسرتي وزبائن المطعم».

أما أصعب اللحظات في حياتها، فعندما اضطرت للانفصال عن زوجها الأول ووالد أطفالها رياض ووداد من أجل الغناء ومواصلة مشوارها الفني.

المكافحة

كافحت وردة، التي رحلت قبل أيام إثر أزمة قلبية، حتى تفتحت موهبتها بصورة دفعت الفنان أحمد التيجاني صديق والدها لاكتشافها وتقديمها في الإذاعة الفرنسية الموجهة للعرب في شمال إفريقيا، وحين نجحت عبر غنائها لأشهر أغنيات الفنانين المعروفين وقتها مثل أم كلثوم وأسمهان وعبدالحليم حافظ،غادرت باريس إلى لبنان مع أسرتها لأسباب سياسية، حيث كان والدها على ارتباط بالثورة الجزائرية، وفي يوم اكتشفت الشرطة أنه يخفي لديه بعض الأسلحة الخاصة بالثوار فتم اعتقاله، وبقي 17 يوماً تحت التعذيب بمياه الدش الباردة كي يعترف، وبعد إطلاق سراحه لم يكن أمام العائلة إلا أن ترحل إلى لبنان مسقط رأس عائلة والدتها.

وفي لبنان افتتح والدها مطعماً جديداً في «طانيوس»، وهو المطعم الذي تخصص في تقديم أطباق «الكسكسي» وكان يحوي تختاً شرقياً أندلسياً يصاحب بالعزف كبار المطربين مثل فريد الأطرش ومحمد فوزي ونور الهدى، وهناك ذاع صيتها عبر ما تقدمه من أغنيات لكبار نجوم الغناء، قبل أن تلتقي المنتج والمخرج حلمي رفلة الذي عرض عليها بطولة فيلم «ألمظ وعبده الحامولي» وبالفعل لعبت بطولته مع المطرب عادل مأمون وحقق الفيلم نجاحا كبيرا.

في بيروت سمعها أيضا الموسيقار محمد عبدالوهاب وأثنى على صوتها ونصحها بضرورة أن تأتي إلى مصر وقد كان.

أما أول جراحة في القلب فقد أجرتها عام 1993، وفي أعقاب نوبة نشاط فني مكثف حيث كانت تعمل بصورة جنونية، حيث أنهت تصوير فيلم «ليه يا دنيا» مع المخرج هاني لاشين، وسجلت ألبوم «بتونِّس بيك» وشاركت في عدة حفلات بأستراليا ولبنان وكندا والمغرب ودبي، وفي إحدى الليالي وبينما كانت تتناول العشاء في مطعم بباريس فوجئت بألم شديد في ذراعها اليسرى، وفي الحال نقلها ابنها رياض إلى المستشفى وكان تشخيص الحالة أزمة قلبية استدعت تغيير 3 شرايين.

العاشقة

وردة التي تغنت كثيراً بالحب لم تعرفه إلا مع زوجها الثاني الراحل بليغ حمدي، كما أكدت في الكثير من حواراتها، مع بليغ تذوقت «حلاوة الحب» وليس فقط «التوأمة الفنية والروحية» التي لعبت دورا في تألق مشوارها الفني.

كان أول لقاء جمعهما حينما رشح محمد حسن الشجاعي رئيس الإذاعة آنذاك الموسيقار الشاب بليغ حمدي لمنتج الفيلم حلمي رفلة ليشارك بألحانه في فيلم «ألمظ وعبده الحامولي»، وكان اللقاء الأول أشعل حماس بليغ نحو وردة المطربة فقط، بل وحرره كما يؤكد الكاتب الراحل فوميل لبيب في الحلقات التي كتبها عن بليغ ونشرتها مجلة الشبكة اللبنانية في أبريل عام 84، إذ تساقطت الدموع من عين بليغ وهو يستمع لها وهي تغني له «بحبك فوق ما تتصور» إحدى أغنيات الفيلم، لتبادله وردة الإحساس والدموع أيضاً، ما دفع حميدو شقيق وردة، الذي كان يلازمها كظلها، إلى أن يطرده من الأستديو، ومع تصاعد الشائعات التي تشير إلى قصة الحب التي تجمعهما حسمها حميدو بتصريحاته أن وردة شقيقته لا تفكر في الزواج قبل أن تحصل الجزائر على استقلالها، وبعد أن تحيي حفلات النصر.

غير أنها وبعد انفصالها عن زوجها الأول وعودتها إلى مصر لتستأنف وصل ما انقطع في مشوارها الفني عادت للاتصال ببليغ، وطلبت منه أن يجهز لها أكثر من لحن، كان منها «والله زمان يا مصر» والذي شاركت به في الاحتفال السنوي بعيد ميلاد إذاعة صوت العرب، وأغنية «العيون السود» والتي نجحت عبرها في استعادة مكانتها بقوة على خريطة الغناء.

وتواصلت اللقاءات الفنية، والتي تأكد عبرها أن «سهم كيوبيد» استقر بأمان في قلبيهما فكان الارتباط، ليس فقط حسماً للشائعات، ولكن لأنه لم يعد بالعمر ما يمكن إضاعته كما أكدا.

الجريدة الكويتية في

20/05/2012

 

لأن المشاركة بلا مقابل..

فنانات يرفضن حضور برنامج لتأبين وردة

الجزائر - لطفي زيان: 

هاجمت إحدى الصحف الجزائرية بعض الفنانين العرب بعد رفضهم حضور برنامج تليفزيوني سيقوم بتخصيص حلقته لتأبين الفنانة الراحلة وردة الجزائرية، والذي يقدمه إعلامي جزائري على إحدى القنوات اللبنانية.

وقالت الصحيفة إن الاعلامي الجزائري اتصل ببعض الفنانين والفنانات من أجل حضور هذه الحلقة الخاصة بأميرة الطرب العربي لكنهم رفضوا الحضور متحججين بمشاغلهم الفنية وارتباطاتهم.

كما ذكرت الصحيفة أسماء بعض الفنانات اللائى رفضن الظهور في التأبين وكان من بينهن الفنانة نوال الزغبي وأمل حجازي ونجوى كرم؛ التى رفضت الحضور لأن المشاركة في البرنامج ستكون بلا  مقابل، إضافة إلى الفنانة التونسية  لطيفة العرفاوي وعاصي الحلاني وراغب علامة و مروان خوري  وملحم زين.

وأشارت الصحيفة أن الفنان الوحيد الذي جاء الى البرنامج التليفزيوني بدون الاتصال به وبدون أية شروط هو الفنان وائل جسار ، كما أشادت الصحيفة بالفنان حسين الجسمي والتونسي صابر الرباعي بعد حضورهما جنازة فقيدة الوطن العربي الفنانة وردة الجزائرية .

الوفد المصرية في

21/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)