أثار حكم المحكمة الذي صدر بحبس الفنان الكبير عادل إمام ثلاثة أشهر،
وغرامة قدرها ألف جنيه، بتهمة ازدراء الأديان، والإساءة للإسلام من خلال
تقديمه أعمالا فنية تسخر من الحجاب واللحية والنقاب، الكثير من الجدل وسط
المثقفين، وسادت حالة من الفزع بين الفنانين والمبدعين.
فجر الحكم العديد من الأسئلة، لعل أبرزها: هل يجوز محاسبة الفنان علي
الخيال؟ وهل يمكن إصدار حكم قضائي علي الأعمال الفنية بأثر رجعي!!؟ وهل
يعتبر الحكم بمثابة بداية لهجمة شرسة علي حرية الإبداع، واعتداء صارخ علي
الفنون؟ وهل هناك علاقة بين صعود التيار السلفي والإخوان المسلمين من جهة
وبين الحكم من جهة أخري، ولاسيما أن المحامي السلفي عسران منصور هو الذي
قام برفع القضية.
في التحقيق التالي تحاول «الأهالي» الإجابة علي تلك الأسئلة من خلال
نخبة من المثقفين والمبدعين والنقاد.
الدين والإبداع
قال وزير الثقافة الدكتور شاكر عبد الحميد في تصريحات خاصة
لـ"الأهالي" إن المجتمع لن يقبل الحجر علي فنونه أو آدابه أو مستقبله،
مشيرا إلي أن الحكم يعد بمثابة بداية لهجمة شرسة علي الإبداع، مؤكدا أن تلك
الهجمة لن تنجح، لأننا سنتصدي لتلك الاعتداءات الغاشمة، وسوف نقف بالمرصاد
أمام كل من يحاول الحد من الحريات، وقال سنظل ندافع مدي الحياة، عن حرية
الخيال والإبداع والتعبير بجميع أشكاله.
أشار الوزير إلي المسيرة الفنية الحافلة للنجم والزعيم عادل إمام الذي
تربع علي عرش الكوميديا لمدة ثلاثة عقود متصلة، تحديدا في السبعينيات من
القرن الماضي، مؤكدا انه لعب دورا بارزا في الحياة الفنية، ومازالت العديد
من أعماله محفورة في وجدان الجماهير، وله أفلام مهمة تميزت بالجرأة
والسخرية، ورصدت مشكلات وهموم وأوجاع المجتمع. وقال: يجب أن نفرق بين
الأعمال الفنية، والأشياء الواقعية، لأنه لا يجوز بحال من الأحوال أن نحاسب
الأعمال الفنية المتخيلة، لأن الفن يختلف عن الحياة، رغم انه يعكسها
ويرصدها.
أضاف د. شاكر أن الدين قوة إيجابية، لا يجب أن يتم استخدامه علي هذا
النحو السلبي، لأنه لا يمكن أن يكون الدين ضد الإبداع، موضحا أن الإبداع ما
هو إلا سلوك إنساني يتفق مع القيم الإنسانية العليا التي تدعو لها الأديان.
أكد الوزير أهمية دور "لجنة الدفاع عن الحريات"، المنوط بها التصدي
لمحاولات العبث بالتراث الثقافي والحضاري، ومواجهة أي اعتداءات علي حرية
الفكر أو الإبداع، ورفع سقف الحريات وليس الحد منها. مشيرا إلي أن المثقفين
المصريين قادرون علي حماية الإبداع والثقافة المصرية، ويري أنه من الضروري
أن يتحد ويتكاتف جميع مثقفي وفناني مصر لمواجهة تلك الهجمات، خاصة أن ثورة
25 يناير جاءت لتحقيق العدالة والحرية لجميع أطياف الشعب وليس لفئة بعينها.
قضية ثأر
بداية القصيدة كفر هكذا تحدثت المخرجة إنعام محمد علي، أضافت: الحكم
الذي صدر في حق الفنان عادل إمام في نظري يعد بادرة ليست مطمئنة علي
الإطلاق، لأنه يوضح أن ساحة الإبداع والفن المصري عموما سيتعرضان للمزيد من
القيود، علما بأن الإخوان المسلمين عندما حصدوا أغلبية مقاعد البرلمان
أكدوا أنهم لن يقتربوا من حرية الإبداع!! وأري أن تلك القضية تدل علي أن
تلك التيارات تسعي للأخذ بالثأر من الفنان عادل إمام بأثر رجعي، والمؤسف أن
القضاء في تلك الحالة متضامن مع الاتجاه الإسلامي، وتلك إشكاليه في غاية
الخطورة!!
وأخشي ما أخشاه أن يمتد هذا السيف المسلط علي رقاب الفنانين لينال من
العلوم والآداب ومختلف الفنون،علي الرغم أني ضد الأعمال الإباحية وأؤيد
الفن البناء الذي يساهم في عملية التنمية البشرية، خاصة ونحن في مجتمع
يعاني من الأمية والجهل ويستقي معلوماته من دور العرض السينمائي ووسائل
الإعلام. لكن لا يجوز وأد الإبداع أو الاعتداء عليه مثلما يحدث الآن، الأمر
الذي يساهم في رجوع المجتمع المصري برمته إلي الوراء.
فنان شجاع
شدد الناقد السينمائي فوزي سليمان علي ضرورة حماية الإبداع، وعدم
المساس به، لأنه لا يجوز الارتداد نحو عصور غابرة مضت، وبالتالي لن يستطيع
مبدع أن يعمل في ظل تلك القيود التي تحد من حرية الإبداع.
لاسيما أن تلك الأفلام التي يحاكم من أجلها الفنان الكوميدي القدير
عادل إمام تدل علي شجاعته، لأنه استطاع أن يقدم أعمالا تناولت الواقع في
قالب ساخر أسعد الملايين، وندد بالإرهاب، ودافع عن الإسلام والوحدة
الوطنية.
أنصار الإرهاب
أنا لست مندهشا لأنني أدرك تماما أنه بعد صعود السلفيين، وسيطرتهم
والإخوان المسلمين علي مجلس الشعب، أن يحدث مثل هذا العدوان علي حرية
الإبداع، هكذا بدأ حديثة النقاد السينمائي مصطفي درويش وأضاف: خاصة أن هناك
البعض من الفنانين المستهدفين من قبل تلك التيارات وفي مقدمتهم الفنان عادل
إمام، باعتباره من أهم الفنانين الذين عبروا عن خطورة الإرهاب وضرورة
مقاومته. وهذا الاتجاه بطبيعة الحال مكروه من أنصار الإرهاب، لذا عندما
سنحت لهم الفرصة رفعوا تلك الدعوي من أجل إرهاب عادل إمام، ومن ثم إرهاب
باقي الفنانين بغرض تكميم أفواه الجميع، إعمالا بالمثل الشعبي "اضرب
المربوط يخاف السايب".
أدان درويش رد فعل الفنانين تجاه تلك القضية ويصفه بأنه ضعيف للغاية
ولا يرقي لمستوي الحدث! مستشهدا بما جري في الولايات الأمريكية المتحدة
عندما شرعت في إعداد مشروع قانون لوضع بعض القيود علي الشبكة العنكبوتيه،
بناء علي طلب شركات هوليود لأن أعمالهم تتم سرقتها عبر القرصنة، حينئذ قامت
الدنيا، وحدثت حملة رهيبة ضد المشرعين أصحاب القانون، ما دفعهم للاعتراف
بالخطأ وإلغاء القانون.
أشار درويش أن المبدعين مهددون بسيف المشرعين الجدد، لأنه في حالة إذا
ما حاول المبدع أن يتناول سياساتهم أو أخطاءهم بالنقد أو بالتحليل سيتهمونه
علي الفور بالكفر وازدراء الأديان، لأن مواقفهم فوق الشبهات والنقد وذلك من
وجهة نظرهم. وأكد أن الإبداع في خطر، إذا استمر هذا الاعتداء علي الفنون
والمبدعين، لأنه في تلك الحالة ستصبح مصر في وضع أسوأ من حكم الملالي في
إيران!! خاصة أن هناك رقابة صارمة علي الفن، ومع ذلك نجح الإيرانيون في
التصدي لتلك القيود والعقبات، لذا تألقت السينما الإيرانية وبات لها بريقها
وإشعاعها علي مستوي العالم.
سلعة مطلوبة
الناقدة خيرية البشلاوي قالت: الجماعة المحظورة باتت محظوظة، تستعرض
العضلات!! وأضافت لقد انتزعنا حريتنا، فمن الصعب جدا، بل من المستحيل أن
تكمم أفواهنا مجددا، أنه حكم ظالم بكل المقاييس لأنه ينتصر للاستبداد،
ويعمل علي محاصرة حرية الفنان، ليس من حق أحد أيا ما كان، الحكم علي
الإبداع باستثناء الجمهور. بالتالي لن نقبل بسجن أي فنان إلا في حالة
اتهامه بقضية جنائية مخلة بالشرف أو الأمانة. أؤكد أن الفنانون فئة تستطيع
أن تدافع عن نفسها وهي سلعة مطلوبة في العالم العربي كله. ولديهم الجرأة
والقدرة علي الدفاع عن حريتهم التي يحاول البعض اغتصابها، لاسيما أن ممارسة
الحرية تتطلب قدرا عاليا من المسئولية من قبل الفنان صاحب الرسالة، لأنه
يقدم إبداعه وفقا لتقاليد وأعراف وثقافة المجتمع؟.
مسيرات حاشدة
الفنانة نجلاء فتحي تقول: أنا ضد حبس الفنان بصفة عامة، طالما لم
يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، فأي إنسان حتي لو كان في منصب رئيس
الجمهورية يجب أن يقع تحت طائلة القانون إذا خالفه، ومنذ أن عملت في الفن
وحتي الآن لم تكن هناك رقابة علي الإبداع حتي في أشد فترات القمع، فكنا
دائما نستطيع أن نقول ما نريد ولم يمنعنا أحد.
أؤكد أن عادل إمام ليس الوحيد الذي هاجم التيار الإسلامي إبان حكم
النظام السابق، فالجميع كان ضد هذا التيار في تلك الحقبة، حيث كانت هناك
هوجة ضدهم من أجل إرضاء الحكومة. كما أن هذا الحكم ليس الأول من نوعه، فقد
تعرض عادل إمام لضربات عديدة لعل أبرزها الحكم الذي صدر ضده أيام المستشار
مرتضي منصور. مع ذلك أري أنه لا يمكن لأحد أن يقف عقبة أمام الإبداع لأننا
لن نصمت وسنواجه تلك المحاولات بكل السبل وسنخرج في مسيرات حاشدة للدفاع عن
حرية الإبداع.
الأهالي المصرية في
14/03/2012
«الأهالي»ترصد تصريحات الإسلاميين عن الفن والفنانين
تحقيق: نسمة تليمة
الفن علي الطريقة «الإخوانية» يتمثل في «الحلال والحرام»
الجماعة الإسلامية عايزة الرقابة «لا تخالف شرع الله»
«التجربة الماليزية»، «سلفي في الجامعة الأمريكية»، «السجادة الخالية»،
«يا عزيزي كلنا إخوان»، «تمن دستة إخوان»، «ومواطن ومرشد وحرامي»،
«إخوان لكن ظرفاء».
ما سبق كانت بعض النماذج الساخرة للأفلام المصرية بتعديلات كثيرة لتصل
إلي مشهد وصول الإخوان المسلمين إلي الفن أو كما رأي البعض «الفن علي
الطريقة الإخوانية»، وذلك بعد صعود تيار الإخوان إلي البرلمان وحصولهم علي
نسبة كبيرة من
المقاعد «الأغلبية تقريبا»، ذهب الجميع ليتخيل المشهد كيف سيكون في
الفن «سينما، مسرح، تليفزيون» حتي أن البعض قام بتعديل صور المذيعين
والمذيعات في برامج «التوك شو» لتليق بهم، ولكن في الحقيقة كل هذا قد ينم
عن قلق تسرب إلي أهل الفن وحول حرية الإبداع الفني وهو ما فسره البعض
بإطلاق جبهة حرية الإبداع بعدها بفترة.
رسائل طمأنة
الأهم هنا أن تصريحات الإخوان المسلمين كانت علي مستوي الحدث فجاءت
زياراتهم لأهل الفن وتصريحات تابعة لهذه الزيارات تؤكد أهمية الفن وتقدير
«الإخوان» له.. ونرصد بعض هذه التصريحات، فجاءت زيارات للموسيقار عمار
الشريعي وهاني شنودة أيضا بل شكر الأخير علي ألبومه الديني «صلوا علي خير
الأنام» - تقريبا شافوها مجاملة لهم - كما جاءت أحد حوارت مرشد الإخوان
تؤكد «أهمية دور الفن» واعتبرها البعض رسائل طمأنة، أما لقاء المرشد مع
نقيب الممثلين أشرف عبدالغفور قال خلاله المرشد ما يريد فتحدث: بأهمية وضع
ميثاق شرف لكل مهنة لتضبط أداء العاملين بها ويلزمون بها أنفسهم من أجل
الرقي بالوطن فلا اختلاف - يا جماعة - طالما الجميع يعمل لصالح مصر، وتحدث
بعض أعضاء الجماعة عن مشروع للفن البديل الراقي، ورفض الفن «اللي من عينة
نطلع سوا علي الروف» مرفوض تماما بالنسبة لهم - مش عارفة مين قالهم إنه ده
الفن - المهم نكمل رصد التصريحات فمنها ما قاله سيد درويش مسئول اللجنة
الفنية بجماعة الإخوان المسلمين - تقريبا له نصيب من اسمه - حينما قال
«لدينا أكثر من 70 فرقة فنية وأكثر من 10 فرق وطنية ونعد لأعمال فنية كبري
في المستقبل ونحن نريد بصفة خاصة أن نقول للفنانين والوسط الفني إننا نقدر
الفن والمجالات الفنية كلها ونريد أن نتعاون مع أصحاب الباع الكبير في كل
المجالات» كما جاءت تصريحات «تاريخية» تؤكد أن الإخوان المسلمين دعموا فرقا
فنية ومسرحية في الأربعينيات من القرن الماضي بعد تأسيس الجماعة علي يد
زعيمها «حسن البنا» - «يعني علشان تفتكروا» - كما جاء تصريح مرشد الجماعة
الحالي محمد بديع حين قال «أنا مندهش من غضب الفنانين وأكدت لنقيبهم أن
الإخوان لن يمارسوا الوصاية علي الفن وسنترك الأمر للأزهر» - وهو جاء
بجريدة الفجر في 21 يناير الماضي - «واجعين دماغ الراجل ليه بقي؟» المهم أن
الإخوان تحدثوا عن الفن في المطلق دون إبداء رأيهم مثلا في فن الباليه أو
الرقص أو حرية الأفكار في الأفلام أو القبلات خلال المشاهد أو الملابس.
ومازال يصرح سيد درويش «نحن ضد الأحكام الاستباقية ويجب ألا يحكم
علينا أحد قبل أن يري ما سوف نقدمه» مؤكدا أننا - «مش عارفين مين بالظبط» -
سنحاول تقديم فن يليق بمصر ومكانتها ولدينا رؤي فنية متكاملة خلال المرحلة
المقبلة سنمد يد العون للمبدعين الجادين ولن نلتفت للغث والمبتذل.
مسرح للإخوان
كما جاءت تصريحات أخري لقيادات حزب «الحرية والعدالة» الجناح السياسي
لجماعة الإخوان المسلمين تؤكد أن موقفهم من الفن والإبداع يتمثل في «الحلال
والحرام» فهم مع الفن والإبداع الذي يتفق مع الهوية والتقاليد المصرية
والإسلامية ويرفضون العري والجنس والقبلات ويسعون للنهضة بالفن والنجاح
والتقدم كما حدث في الدراما التركية والسورية.
كما صرح ياسر محرز «أمين التثقيف في الحزب» بأن الإخوان والحزب يقدرون
الفن ويحترمونه حتي أن الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة هو أول من أنشأ فرقة
مسرحية للإخوان وكانت في الثلاثينيات من القرن الماضي وكان مشارك فيها
أساطين الفن أمثال «فاطمة رشدي»! وتابع قائلا: هدفنا أن تشارك مصر في
مهرجانات عالمية مثل «كان» وأن تعود لكونها هوليود الشرق الأوسط - «طيب يا
تري هانلبس ساعتها فساتين حلوة بردوا؟» - المهم نفوا أيضا غلق المسارح ودور
السينما ورأوه «كلام فارغ».
القيد الاخلاقي
هذا بالنسبة لتيار الإخوان أما الجماعة الإسلامية فلها رؤية مختلفة
وتصريحات أكثر سخونة ففي أحد الحوارات مع علاء أبوالنصر أحد قيادات الجماعة
الإسلامية وعضو الهيئة العليا لحزب «البناء والتنمية» قال «إننا لا نحارب
الفن والإبداع وموقفنا إيجابي من جميع أشكال الفن وليست لديهم مشكلة مع
الفن بمفهومه الواسع وليس الضيق والذي تم اختزاله - كما رأي - قبلات وأحضان
دافئة وغيرها من السلوكيات التي نرفضها في الفن والإبداع ورفض من يريدون
التحرر من كل القيود بما فيها «القيد الأخلاقي» ورأي في رد علي الضوابط
التي يجب أن تحكم العمل الفني أنها سيحددها «الأزهر الشريف» في إطار الحلال
والحرام إضافة إلي تفعيل «الرقابة» لتكون لها بعد شرعي وفي مقارنة أكد
اختلاف رؤية الجماعة الإسلامية عن السلفيين فيما يخص الفن.
فيما صرح أحد الأعضاء من حزب النور وهو أشرف ثابت بأنهم لن يستخدموا
العنف أو البرلمان لمواجهة الفن «المخالف لشرع الله». بل سيستخدمون الدعوة
والموعظة الحسنة لمطالبة القائمين علي الفن من مؤلفين ومخرجين ومنتجين
وفنانين بالالتزام بالفن الملتزم المتفق مع الشريعة وأنهم لن «يملوا» من
الدعوة لهذا الالتزام. أما عن موقفهم من الأفلام التي تظهر الملتحي كإرهابي
كما جاء بالسؤال فرد ثابت «أننا دولة قانون ومن يخالف هذا القانون ويسخر من
أي فئة في المجتمع سيكون القضاء بيننا وبينه ونطالب الجميع باحترام الآخر»
أما بعض مشايخ السلفيين فجاءت تصريحاتهم مفزعة مثلما قال أحدهم إن أدب نجيب
محفوظ «مبتذل» وحرم السينما واعتبر الغناء والموسيقي غير مستحبين والتصوير
الفوتوغرافي «مكروه».
هكذا جاءت تصورات الإسلاميين عن الفن وأهله ما بين فن بمقاييسهم هادف
وراق وبين ما لا يخالف شرع الله ولا عزاء للمبدعون.
الأهالي المصرية في
14/03/2012
الفنانون اعتبروا اتهامه تقييداً للإبداع ورجال
الدين اختلفوا عليه عـــادل إمـام.. هل حقاً يـزدرى الأديان؟!
شيماء مكاوي
فوجئ الوسط الفنى مؤخرا بالحكم الصادر على الفنان عادل إمام بحبسه
ثلاثة أشهر فى الدعوى القضائية التى اتهمه فيها أحد المحامين بازدراء
الأديان، والسخرية من الدين الإسلامى فى أكثر من عمل قدمه، مثل «مرجان
أحمـــد مرجـــــــان» و«الإرهابــــى» ومسرحية «الزعيم» ،فهل حقا يزدرى
عادل إمام الأديان.. هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال هذا التحقيق..? فى
البداية يقول الفنان أحمد بدير: أنا ضد اتهام الفنان عادل إمام بهذه التهمة
إطلاقا لان هذا يعد تقييداً لحرية الفنان فى مصر، وهل هذا كان من الممكن أن
يحدث قبل حدوث الثورة بالطبع لا، لماذا؟ لاننا نعيش فى مجتمع حر، فكل شخص
حر فى أن يهاجم الشخص الآخر بسبب أو بدون سبب، فالذى رفع قضية على عادل
إمام استند فى الدعوى إلى أعماله السابقة التى تم بثها من سنوات مضت فهل
هذا يعقل، عادل إمام ليس بفنان ضعيف بل ينتمى إلى جيل المبدعين، فجميع
أعماله تحمل رسالة واضحة للجميع حتى قبل اندلاع الثورة المصرية، فعلى سبيل
المثال فى مسرحية « الزعيم» الذى استند إليها المحامى الذى رفع عليه هذه
القضية، مسرحية حملت رسالة واضحة للجميع عن فساد الحاكم ومعاناة الشعب
المصرى، وهذه المسرحية تم عرضها تقريبا من عشر سنوات وربما أكثر من ذلك
وقبل قيام الثورة بسنوات كثيرة وليس بها أى مشاهد خارجة، لماذا استند عليها
كدليل فى تلك القضية ؟ أنا لا أعلم، أيضا فيلم « مرجان أحمد مرجان» عالج
قضية فساد رجال الاعمال ومشكلة الرشوة فى مجتمعنا وهى من المشاكل الخطيرة،
ما حدث مؤخرا هو مخطط واضح للجميع لهدم المجتمع المصرى بكافة عناصره وعلى
رأسهم الفنانون، فلابد ان نحذر جميعا فهذا يعد جرس إنذار لنا جميعا فمن
سيسرى على الفنانين سيسرى أيضا على كافة القطاعات داخل مصر!!
? أما الناقدة ماجدة موريس فتقول: بالطبع أنا ضد اتهام الزعيم أوغيره
من الفنانين بهذه التهم، التى ترمى بدون دليل، وأعتبر ذلك ضد حرية الابداع
وحرية الفنان، فالفنان أولا وأخيرا يقدم شخصية ودوراً، فعلى سبيل المثال لو
فنان قدم شخصية غير متدينة هل معنى هذا ان الفنان الذى قام بتقديم هذه
الشخصية ضد دين بعينه.. بالطبع لا، وهل يمكن لو قدم فنان شخصية مسيحى يكون
ضد الدين الإسلامى أو لو قدم شخصية مسلم يكون ضد الدين المسيحى، وأرى أن ما
يحدث هدفه مهاجمة الفن بشكل عام ومحاربته بشكل أو بآخر، ونحن سندافع عن
الفن والفنانين وحرية إبداعهم ضد من يريدون قتل الإبداع فى مصر..
? من جانبه يعتبر الناقد نادر عدلى هذا النوع من الدعاوى القضائية
قيدا على الابداع الفنى، ويقول: «هذا عمل لن نسمح به بأى حال من الاحوال،
نحن نعرض افلاما ذات قيمة وتصل للعالمية ولم يحدث أن فنانا هاجم دينا
بعينه، فالفنان يقدم رسالة هادفة للمجتمع المصرى، والسينما ساهمت بشكل او
بآخر فى التخلص من عناصر الفساد من خلال عرض مشاكل المجتمع المصرى
والعشوائيات، ولو كان هناك بعض الافلام غير الهادفة فهذا لا يعنى ان كل
الافلام والفن والفنانين كفرة ومنحرفين».
? ومــن الناحيــة القانونية يفسر «عمرو زين الدين» المحامى بالنقض
والاستئناف تهمة « ازدراء الاديان» قائلا : ينص القانون على أنه يعاقب
بالحبس وبغرامة أو بإحدى العقوبتين، كل من شوش على إقامة شعار ملة أو
احتفال دينى خاص بها، أو عطلها بالعنف أو التهديد، وكذلك كل من خرَّب أو
كسَّر أو أتلف أو دنس مبانى معدة لإقامة شعائر دين، أو رموزاً أو أشياء
أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس، وأيضاً كل من انتهك حرمة
القبور أو الجبانات أو دنسها، كما يعاقب كل تعدٍ على أحد الأديان التى تؤدى
شعائرها علناً، ويقع تحت أحكام هذه المادة طبع أو نشر كتاب مقدس فى نظر أهل
دين من الأديان التى تؤدَّى شعائرها علناً، إذا حرف عمداً نص هذا الكتاب
تحريفاً يغير من معناه، وكذلك تقليد مظهر دينى فى مكان عمومى أو مجتمع
عمومى بقصد السخرية به أو ليتفرج عليه الحضور، وهذا ينطبق على السينما، لكن
كل فيلم بالطبع حالة خاصة والتقدير يكون للقاضى فى النهاية.
? وعن رأى الدين فى هذه القضية، تحدثنا الدكتورة سعاد صالح، أستاذ
الشريعة والعميدة السابقة فى كلية الدراسات الاسلامية، قائلة : ما يحدث
الآن يشعرنا بأننا سنعيش فى إرهاب فى الايام القادمة وبغض النظر عن قضية
الفنان عادل إمام، الاسلام دين وسطى فهناك وقت للعبادة وآخر للترفيه عن
النفس وكما ان الاسلام يرفض الانحراف يرفض الحجر على حرية المبدعين، فهناك
العديد من الفنانين المحترمين الذين تحمل أعمالهم الفنية رسالة وهدفاً يوصل
من خلاله لطبقة من طبقات المجتمع، وهناك فن يكون هدفه الترفيه عن النفوس من
خلال الكوميديا، وعلينا ألا نخلط بين الابداع والفن الحقيقى وبين الانحراف
والانفلات الاخلاقى .
? ويؤيد الشيخ سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة هذا
الرأى ويقول: «أنا ضد التشدد فى الدين الاسلامى، وضد من يهاجم الفن، ولى
رأى واضح فى تلك القضية وهى اننى اعلم جيدا ان الفنان عادل إمام فنان مبدع
وأعماله تحمل رسالة للمجتمع المصرى ولكنى أتحفظ بعض الشىء عن المشاهد
الخارجة والتى تخدش الحياء وعليه من التقليل منها واستبدالها بمشاهد تحمل
مضمون العمل ولكن لا يمكن ان نحاسبه على أعمال سابقة ربما تكون هناك بعض
الاعمال هو شخصيا غير راض عنها او قدمها فى ظروف معينة ولكن لا يمكننا ان
نحكم عليه بأنه يزدرى الاديان .
? فيما يختلف معهما الدكتور جعفر عبد السلام، أستاذ القانون الدولى
والأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية،قائلا: «أنا مع اتهام عادل إمام
بتهمة ازدراء الدين لانه للأسف الشديد فى الفترة الاخيرة قدم أفلاما تنتمى
إلى أفلام العرى والانحراف، ويعتمد على ذلك فى ترويج تلك الافلام بدلا من
اعتماده على الكوميديا فقط، ولكن لكبر سنه بدأ يعتمد على ظهور العديد من
الفتيات العاريات مع العديد من المشاهد التى تخدش حياء المشاهد المصرى،
ولابد ان يتم تصعيد القضية على المستوى الدولي، مع فرض عقوبات رادعة على كل
من يزدرى الأديان، سواء عن طريق الفن أو الأدب وخلافه ،وتختص بتقدير ذلك
مؤسسة دولية تضم ممثلى كل الأديان لرصد المخالفين لذلك فى مختلف دول
العالم، لأن مناهضة ازدراء الأديان تؤدى إلى إشاعة التسامح ونبذ التمييز
والعنف على خلفية دينية.
أكتوبر المصرية في
11/03/2012 |