عندما سألوا شعبان عبد الرحيم باعتباره أكثر مطرب غنى لمبارك ماذا يفعل بعد
نجاح الثورة، أجابهم: «غنيت لمبارك لأنه كان الرئيس، ولو وائل غنيم مسك
الحكم حاغني لوائل، ولو الإخوان حكموا مصر حاعتزل الغنا واقرأ قرآن كريم».
نموذج بالطبع صارخ وفج للفنان الذي يعوم على عوم السلطة أيا كان توجهها،
ورغم ذلك فإن شعبان لا يمكن اعتباره حالة استثنائية، هناك كثيرون يتحسسون
الآن الخطوة القادمة على حسب توجه السلطة، إلا أنه على الجانب الآخر بدأت
أصوات من الفنانين تعلو مطالبة بالحرية. هناك إحساس يزداد بأن التوجه
الإسلامي بجناحيه الإخوان والسلفيين سوف يمارسون قدرا من القيود ضد الفنون
كلها، ومن البديهي أن يتصدى التيار الديني لتلك الأعمال الفنية مستندا إلى
المفاهيم التي تربط مباشرة بين القيمة الأخلاقية والإبداع، إلا أن المعادلة
بدأت تميل كفتها لصالح التيار الإسلامي، حيث بدأ عدد من السينمائيين
يقولون: «هل نطالب بالحرية من أجل أفلام خالد يوسف وإيناس الدغيدي؟»، وبعض
من المطربين والمطربات لديهم تحفظات كثيرة، لم يعلنوها قبل أن يسيطر حزب
العدالة والحرية وحزب النور على الأغلبية البرلمانية داخل مبنى مجلس الشعب
(البرلمان). كثيرا ما استمعت إلى انتقادات من هاني شاكر وإيمان البحر درويش
ومحمد فؤاد وغيرهم على أغنيات الفيديو كليب، والبعض كان يطلق عليها تهكما
«العري كليب». هؤلاء لديهم تحفظاتهم على ما تبثه القنوات الغنائية، ويشعرون
أن تلك المساحات التي تمنح لعدد من مطربات الفيديو كليب هم الأولى بها، بل
إن نقيب الموسيقيين إيمان البحر درويش يمنع تصوير النساء في أغانيه حتى لو
كنّ محجبات. ويبقى في المعادلة أهم ما فيها وهو الجمهور، ما الذي يقوله رجل
الشارع العادي؟ في الغالب لديه نفس الإحساس بأن هؤلاء الغاضبين يعبرون عن
قضية خاصة بهم هم ليسوا طرفا فيها، بل على العكس هم يرون أن الكثير من
الأفلام تحمل الكثير من المشاهد التي ينبغي حذفها.
أغلب الفنانين الذين شاركوا في مظاهرة الفنانين التي توجهت إلى مجلس الشعب
وقبلها المؤتمر الذي عقد في نقابة الصحافيين لم يستطيعوا أن يكسبوا إلى
جانبهم رجل الشارع، خصوصا وأن هناك من تظاهر أمام مجلس الشعب وهو يسأل عن
حق الدم للشهداء الذين أريقت دمائهم وزهقت أرواحهم ولم يتم حتى الآن القصاص
من القتلة. وكما ذهب الفنانون إلى مجلس الشعب مطالبين بحق الحرية، كانت قد
سبقتهم أسر الشهداء للمطالبة بحق الدم. بديهي أن رجل الشارع عندما يرى
المظاهرتين سوف يتضاءل كثيرا أمامه قضية حرية التعبير، خصوصا وأن مفهوم تلك
الحرية صار مغلوطا ومنتقدا من قطاع وافر من المصريين لا يرتاح إلى تلك
الحرية وما تثيره من تداعيات.
الناس أو نسبة غالبة منهم تعتقد أن الحرية التي يطالب بها الفنانون وخصوصا
السينمائيين هي حرية تبحث عن التجاوز الأخلاقي. المتفرج العادي الذي لديه
ملاحظات سلبية على ما يقدمه خالد يوسف أو إيناس الدغيدي أو الراقصة دينا،
يعتقد أن التيار الإسلامي من خلال الأغلبية التي حققها في مجلس الشعب سوف
يحميه من كل ذلك، ولهذا ينظر بقدر كبير من الريبة إلى من يرفع شعار الحرية،
وينتظر بفرح ولهفة المنقذ القادر على أن يمنع ويحذف!! أغلب فئات المجتمع مع
الحرية ولكنهم يتوجسون منها عندما تقترن بالفن. ومن ملاحظاتي أثناء تدريسي
لمادة النقد الفني في كلية الإعلام جامعة القاهرة أن الطلبة تحكمهم وتتحكم
فيهم في التعاطي مع الفنون معايير أخلاقية متحفظة في مجملها وخادعة في قسط
وافر منها. هم أسرى نظرة تقيم العمل الفني بمدى التزامه بتلك المعايير التي
نشأوا عليها. محاولاتي دائما هي أن أظهر للطلبة وحملة أقلام النقد والصحافة
في الأيام القادمة أنه لا يوجد تناقض بين الفن والأخلاق في معناها المباشر،
ولكن الفن لا يقيم بتلك المعايير. إنه فقط يخضع لعلم الجمال (الاستاطيقا)،
هذا هو ما يتوقف عنده المتذوق إذا أراد أن يعيش الحالة الفنية.
هل يدرك الناس ذلك؟ القضية تبدو عند البعض بأنها أقرب إلى القضية الفئوية
منها إلى قضية المجتمع، ولن يستطيع الفنان أو المثقف أن يكسب أرضا إلا إذا
كان الشارع إلى جانب الفنان.
خرج في مظاهرة المطالبين بالحرية وزير الثقافة المصري الحالي د. شاكر عبد
الحميد، بينما مجلس الشعب اختار للجنة الثقافة والإعلام والسياحة محمد عبد
المنعم الصاوي، الذي شغل في أول حكومة بعد الثورة موقع وزير الثقافة لأيام
محدودة، واشتعلت المظاهرات ضده فاضطر إلى مغادرة موقعه. من المؤكد أن
الصاوي لديه ثأر ممن اعتقد أنهم أطاحوا به، هو قد أشار في مقال له بعد
مغادرته الكرسي ببضعة أيام أنه اطلع على الكثير من الوثائق والملفات تدين
من هاجموه، وأنه سوف يرد عليهم في التوقيت المناسب. هل حان الوقت، خصوصا
وأن لجنة الثقافة والإعلام والسياحة منوط بها مراقبة الوزارات الثلاث؟
الصاوي بطبعه يميل في تعاطيه مع الفنون من خلال «ساقية الصاوي» التي تمارس
نشاطا ثقافيا خاصا في مصر.. يميل إلى ممارسة الرقابة الصارمة على كل ما
يعرض بالساقية، صحيح أنه لعب دورا مؤثرا خلال السنوات الأخيرة في مجال
الثقافة والفنون وبمبادرة شخصية عندما استطاع أن يحيل «خرابة» تقع تحت أحد
الكباري الشهيرة بالقاهرة إلى مركز إشعاع ثقافي، إلا أنه أيضا لم يتخلّ في
ممارسته للقيادة عن تلك النظرة المتحفظة للفن والثقافة، وكثيرا ما تدخل
لإيقاف بعض الأنشطة في الساقية!! الوزير السابق صار الآن مسؤولا عن متابعة
أداء وزارات الثقافة والإعلام والسياحة، وهو يملك أوراقا ضد الكثيرين، ربما
كانت الأيام القليلة التي أمضاها في الوزارة قد بددها في تصوير تلك الوثائق
التي سيحيلها إلى قنابل موقوتة. طبول المعركة الثأرية تدق على الأبواب
متزامنة مع توقع فرض قيود صارمة على كل الفنون.
ويبقى الطرف الأهم في كل ما يجري، إنه الناس. إلى من ينحاز المواطن البسيط؟
إن هذا هو الهدف الأساسي الذي ينبغي أن يراهن عليه المبدعون لتصل تلك
القناعة إلى رجل الشارع، وهو أن الدفاع عن حرية الإبداع هو دفاع عن رغيف
العيش!! الصورة كانت تبدو في البداية أن الفنانين لديهم قناعة جميعا بأن
الفن سوف يصطدم بالتيار الديني المحافظ بطبعه، والذي يحرم بعضه استخدام
الموسيقى في الأعمال الفنية، ولكننا اكتشفنا مثلا أن مطربي أشهر أغنية
ترددت في الثورة وهي «يا بلادي يا بلادي» لعزيز الشافعي ورامي عصام ليس
لديهما مانع من تقديم أغنيات بلا موسيقى تتواءم مع ما يطلبه بعض السلفيين
الذين يشعرون بريبة عند استخدام الموسيقى. ربما جاءت قناعات رامي وعزيز
لتعبر عن حالة من عدم الإدراك للمبدأ، وهو أن على الفنان أن لا يخضع لهذا
التيار، إلا أن هناك ولا شك حالة أخرى أراها أشد صعوبة، وهي حالة
الانتهازية التي يتميز بها الوسط الفني، حيث إن البعض سوف يحسبها بمقياس
الربح والخسارة، فإذا كان الإخوان سوف يضمنون له العمل فسوف يقدم لهم العمل
الفني من خلال المواصفات التي يطلبونها، تلك هي الصورة القادمة والقاتمة
أيضا، بل لا أستبعد أن من بين الفنانين الذين أقسموا قبل أقل من أسبوعين في
نقابة الصحافيين على الدفاع عن حرية الإبداع، مَن يمكن أن يحنثوا بالقسم
ليصبحوا هم في طليعة من يقدمون الفنون طبقا لشروط التيار الإسلامي الذي
يملك الأغلبية. إنها ثغرة في جدار جبهة حرية الإبداع، وتلك الثغرة من
الممكن أن تكبر في أي لحظة ليصبح للفن النظيف أتباعه ومريدوه والمدافعون
عنه أيضا!!
الشرق الأوسط في
03/02/2012
حكم قضائي بحبس عادل إمام 3 أشهر بتهمة ازدراء الدين
الإسلامي
قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه مؤشر خطير للوضع الذي نعيشه الآن
القاهرة: منى مدكور ومحمود عبد الهادي
بينما يواصل حاليا النجم المصري عادل إمام تصوير أحد المسلسلات التلفزيونية
باستوديو النحاس، فوجئ بصدور حكم قضائي يقضي بسجنه 3 أشهر، وتغريمه ألف
جنيه، بتهمة ازدراء الدين الإسلامي في أعماله الفنية والسخرية من الجلباب
واللحية.
وأبدى إمام اندهاشه من الحكم القضائي الصادر، وقال في تصريحات خاصة
لـ«الشرق الأوسط»: «استغربت كثيرا من هذا الحكم القضائي، خاصة أن الحكم صدر
غيابيا وكان المحامي الخاص بي قد طالب بتأجيل نظر القضية». وأضاف عادل إمام
قائلا «من قام برفع القضية علي بهذه التهمة يعد (جاهلا) لا يعرف ما هو
التفسير الحقيقي لمفهوم ازدراء الأديان وتحديدا الدين الإسلامي»، وتساءل
إمام: «هل كوني أقدم دورا كوميديا به شريحة من المجتمع ترتدي الجلباب
واللحية إذن أنا بذلك أهين الدين الإسلامي؟».
ونفى عادل سابق معرفته بأن أحدا رفع دعوى قضائية ضده، مؤكدا أنه تفاجأ
بالحكم وقال: «لا أعرف مقدم الدعوى ولا أعرف حتى اسمه ولا شكله ولا عمري
شفته». وأشار إمام إلى أنه لا يمكن فصل الواقع الذي تعيشه مصر حاليا، من
سيطرة التيار الإسلامي على الكثير من مجريات الأمور في مصر وما بين طبيعة
الحكم قائلا «إنه مؤشر واضح وخطير للوضع الذي نعيشه الآن».
وأكد أنه سوف يكلف محاميه الخاص باستئناف الحكم، وصرح منتج مسلسل «فرقة
ناجي عطا الله»، صفوت غطاس، أن المسلسل مستمر ولم يتوقف وهناك جدول زمني
موضوع لتصوير العمل، وسيستمر التصوير لمدة أسبوع باستوديو النحاس، نافيا
توقفه بسبب صدور الحكم، مؤكدا ثقته في القضاء المصري الذي يدافع عن حرية
الإبداع.
على صعيد ذي صلة، تدرس حاليا جبهة الدفاع عن الإبداع التي تكونت مؤخرا عمل
وقفة تضامنية بهدف التأكيد على رفضهم لصدور مثل هذه الأحكام التي وصفوها
بأنها «تحد من حرية الإبداع». ولا يعتبر هذا الحكم هو الواقعة الأولى التي
يواجه فيها عادل إمام أزمة بسبب اتهامه بازدراء الدين الإسلامي في أعماله
السينمائية، حيث سبق أن طالب أبو مصعب عبد الودود، أحد أقطاب الجماعة
السلفية في مصر بإهدار دم إمام بحجة انتقاده لحماس والمظاهرات في مصر.
وكان الحكم صدر ضد النجم عادل إمام غيابيا خلال جلسة محكمة جنح الهرم، التي
عقدت برئاسة المستشار محمد عبد العاطي، واتهم عسران منصور، محام سلفي، مدع
بالحق المدني، إمام بالسخرية من الدين الإسلامي والجلباب واللحية في بعض
أعماله الفنية ومنها مسرحية «الزعيم»، وقال عسران في دعواه القضائية إن
إمام في أعماله الدرامية، خاصة فيلميه «مرجان أحمد مرجان» و«الإرهابي»،
يتندر على التقاليد والأزياء الإسلامية، واصفا إياها بالإرهابية، وفي أعمال
فنية أخرى، استخف بالإسلام وسفه تعاليمه، حسب ما ادعاه مقيم الدعوى.
الشرق الأوسط في
03/02/2012
قضية حسبة تهدد عادل إمام بالحبس!
كتب
حسام عبد
الهادى
يظل «عادل إمام» اسماً مثيراً للجدل بآرائه وأفكاره وتصريحاته
وأزماته وأفلامه ومسرحياته ولكن مهما كانت توجهاته صادمة، فإن
هذا لا يعنى أن نقيم
عليه الحد أو نضع يديه فى الأساور الحديدية بسبب ما يمارسه من حرية إبداع،
خاصة إذا
كان من يريد أن يدخله إلى القفص الحديدى مدعو البطولات وراغبو الشهرة
و«الشو»
الإعلامى، وهم فى الأصل لا قيمة ولا تاريخ ولا وزن لهم - مهما اختلفنا أو
اتفقنا مع
أفكار «عادل إمام» نفسه، خاصة السياسية - فهذا لا ينفى أن له وزنه الفنى
وتاريخه
الذى يحمل علامات مضيئة فى تاريخ السينما المصرية والتى كانت
بمثابة البوصلة التى
تشير إلى الهدف للتعامل معه، خاصة فيما يشكل خطراً على المجتمع كالإرهاب
والفقر
والعجز والفساد مثل «الإرهابى»، «الإرهاب والكباب»، «الحريف»، «المولد»،
«المشبوه»، «حتى
لا يطير الدخان»، «المنسى»، «النوم فى العسل»
الأزمة الأخيرة التى
تعرض لها «عادل إمام» - رغم أننى لا أراها أزمة بقدر ما أراها حالة تعيدنا
إلى
الوراء بظهور الحسبة من جديد التى تهدد حرية الإبداع المصرى -
تحتاج إلى وقفة ولابد
من التصدى لها حتى لا نسمح لـ«طيور الظلام» بالعودة إلى الحياة مرة أخرى
ليفسدوا
علينا حياتنا وإبداعاتنا وهذه الفئة هى التى ظل «إمام» يطاردها فى أفلامه
لتنبيه
المجتمع إلى وجودهم.
الغريب أن الفيلم الذى قدمه بنفس الاسم «طيور الظلام»
منذ أكثر من 15 سنة جلب له العديد من المشاكل وكاد يدخله إلى السجن بعد أن
وصلت
الدعوى القضائية التى رفعها ضده «منتصر الزيات» بسبب اتهامه له بازدراء
الأديان إلى
ساحات المحاكم، وهى نفس التهمة التى نسبت إليه خلال الأسبوع الماضى بعد
صدور حكم
عليه بالسجن ثلاثة أشهر وغرامة 1000 جنيه بناءً على الدعوى
القضائية التى أقامها
ضده المحامى «عسران منصور» الذى يتردد أنه تربطه صلة وثيقة بجماعة الإخوان
المسلمين، وأنه أقام دعوته ضد «إمام» مجاملة لهم بعد صعودهم إلى سدة الحكم.
«منصور
عسران» استند فى قضيته التى رفعها فى عام 2011 على أدوار «إمام» فى
العديد من الأفلام منها «الإرهابى» و«حسن ومرقص»، و«مرجان أحمد
مرجان» ومسرحية «الزعيم»
اتهمه فيها بازدرائه للدين الإسلامى والإساءة إلى المسلمين وعليه أصدرت
محكمة جنح الهرم - باعتبارها المحكمة التابع لها محل إقامة «عادل إمام» -
حكمها
السابق برئاسة المستشار «محمد عبدالعاطى»، وكان الحكم قد صدر
غيابياً وهو ما يطلق
عليه فى القانون جنحة غير مباشرة بعريضة.
«عادل
إمام» أكد أن الحكم كان
غيابياً ومن حقه الطعن عليه ومعارضته مادام أنه لم يمر عليه أكثر من شهر
وقال: لم
أكن أعلم بالقضية إلا من خلال المكالمات الهاتفية التى تلقيتها من الأصدقاء
والزملاء والمعارف للاطمئنان علىَّ، فلم يكن قد وصلتنى أية
إخطارات من قبل
لاستدعائى إلى المحكمة التى نظرت القضية، وبالتالى لم يذهب المحامى الخاص
بى للدفاع
عنى، وأكد «إمام» أن الحكم مادام أنه غيابى لا قيمة له، وقد وكلت المحامى
الخاص بى
بتقديم طعن وبالفعل تم قبوله وتأجلت القضية إلى 3 إبريل القادم ليتم بحثها
من جديد
فى محكمة استئناف القاهرة.
عادل إمام تعجب من تصرف المحامى الذى يريد
الشهرة على أكتافه وقال: كنا فى زمن رقابى لا يسمح أبداً بالهجوم على
الأديان أو
ازدرائها فى الأعمال الفنية، فلو كانت أعمالى كذلك، فكيف سمحت بها
الرقابة؟! ولو
كان فيها ما يسئ إلى الأديان سواء الإسلامى أو المسيحى لكانت
الرقابة أوقفتها،
ويؤكد أن أعماله المتهم فيها بازدراء الدين الإسلامى جاءت فى إطار مجتمعى
من أجل
الصالح العام بعد انتشار ظاهرة الإرهاب التى كانت تمثل خطرًا على المجتمع
فدفعه
واجبه الوطنى للقيام بها وتقديمها لتنبيه الناس بوجود هذا
الخطر.
اللافت أن
الحكم على «عادل إمام» أثار غضب الكثير من الفنانين والمثقفين الذين أعربوا
عن
قلقهم من احتمالية تكرار ما حدث لـ«إمام» لهم، وهو الشعور الذى
أصابهم منذ صعود
التيارات الإسلامية إلى الحكم وخوفهم من فرض قيود على حرية الإبداع، وهو ما
جعلهم
يشكلون جبهة لمواجهة هذه القيود فى حال فرضها والدفاع عن حرية الإبداع،
أطلقوا
عليها «جبهة الإبداع المصرى»، هذه لم تكن المرة الأولى أو
الثانية التى يتعرض فيها
«عادل
إمام» للحبس بسبب أعماله الفنية، بل إن معظم أعماله بل وآرائه أيضا عرضته
للسجن، ووصل الأمر فى بعض الأحيان إلى إهدار دمه مثلما حدث بعد تصريحه
الشهير ضد
منظمة «حماس» الفلسطينية التى حملها مسئولية العدوان
الإسرائيلى على قطاع غزة منذ
أكثر من 5 سنوات، وأصدر تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربى فتوى بإهدار
دمه بدعوى
هجومه على المقاومة الإسلامية.
أيضا فى عام 1983 تعرض «إمام» للسجن عندما
سخر فى فيلمه «الأفوكاتو» من شخصية المحامى «حسن سبانخ» التى يقوم بها،
وسخر أيضا
من السلطة القضائية وتقدم- وقتها- 150 محاميًا بدعوى ضد المسئولين عن
الفيلم «عادل
إمام»- تمثيل- رأفت الميهى» إخراج، «يوسف شاهين» إنتاج، وصدر حكم بحبسهم
برئاسة
المستشار «مرتضى منصور» وكان حكما صادماً اتهمته فيه الصحافة
بأنه حول نفسه من قاض
على المنصة إلى رقيب سينمائى، وتدخل كبار الدولة لوقف الحكم الصادر، وعلى
إثر ذلك
استقال «منصور» من على المنصة كقاضٍ، بعد عدة شهور استغل «مرتضى منصور»
قيام «إمام»
بالهجوم عليه فى إحدى المجلات مما اعتبره «منصور» سبًا وقذفًا فى حقه حصل
بمقتضاه
على حكم بحبس «إمام» 6 أشهر وتعويض مليون جنيه، إلا أنه بعد تدخل العديد من
الشخصيات المهمة للوساطة بينهما انتهت الأزمة بتنازل مرتضى عن
بلاغه مقابل أن يقوم «عادل
إمام» بنشر اعتذار له فى الصحف المصرية الرسمية.
بعد الأزمة الأخيرة
اتصل كثير من الفنانين وناشطى حقوق الإنسان بـ«عادل إمام» للاطمئنان عليه
وأعلنوا
جميعا تضامنهم معه.
«أشرف
عبدالغفور» نقيب الفنانين رغم مرضه بنزلة برد
شديدة ألزمته الفراش منذ أسبوع، إلا أنه قرر تضامنه مع «إمام»
وأكد لى أنه سيطلع
وهو ومحامى النقابة على حيثيات الحكم التى سيقوم بإحضارها يوم غد الأحد
«صفوت حسين»
محامى «عادل إمام» للوقوف جميعا على أسباب
الحكم وتقرير ما سيتم اتخاذه بهذا الشأن
الذى اعتبره «عبدالغفور» قيودا على حرية التعبير عن الرأى
والإبداع وهو ما لا يقبله
أو يسمح به أبدا سواء كفنان أو كنقيب للممثلين، «عبدالغفور» أكد أن الدعوى
لم تكن
مرفوعة فقط ضد «عادل إمام» وحده وإنما كانت تشمل كلاً من «وحيد حامد»
و«لينين
الرملى» قال: نحن كنقابة الممثلين لن نتخلى عنهم جميعاً.
مجلة روز اليوسف في
04/02/2012
عادل إمام تحت رحمة اللحية والجلباب
زياد عبدالله ــ دبي
الخوف السينمائي من صعود الإسلام السياسي وتوليه المجالس النيابية
والبرلمانية، أمر مررنا عليه في هذه الصفحة مع ذكرى سنة على انطلاقة الثورة
المصرية في 25 يناير، مع الإضاءة على تصريحات قادمة من قياديين في حزب
النور السلفي، وحزب الحرية والعدالة، يراد لها أن تكون مطمئنة للسينمائيين
المصريين، فإذا بها ـ كما أسلفت في مقال سابق ـ مؤرقة أكثر ومدعاة للتخوف
على مستقبل السينما المصرية، وليأتي الحكم الصادر في حق عادل إمام تأكيداً
على تلك المخاوف، لا بل تجاوزاً للتوقعات في هذا السياق.
يمتلك السلفيون إن تعلق الأمر بالفن قدرة خارقة على تحقيق المفاجأة تلو
الأخرى وما خفي أعظم! مثلما هي الحال مع تصريحات لأحد النواب السلفيين
بضرورة تغطية التماثيل في مصر لأنها «تسيء للأخلاق العامة»، وآخر يدعو لمنع
مؤلفات نجيب محفوظ لأنها «تدفع للرذيلة»، وصولاً إلى الحكم الصادر في حق
إمام الذي يشكل ظاهرة خطيرة جداً تفتح الباب أمام المحامين الساعين للشهرة
لرفع القضية تلو الأخرى بحجة «الإساءة للإسلام»، لا بل وكما هو معروف فإن
القضاء المصري لديه عشرات القضايا من هذا النوع التي لم يبت فيها.
خطورة الظاهرة تتمثل في أن «الإساءة للإسلام» متعلقة بتهكم إمام على اللحى
والجلابيب، وتحديداً أن المحامي يعود إلى عام 1993 ويحاكم مسرحية «الزعيم»
التي استمر عرضها أكثر من ست سنوات، وجالت معظم أرجاء العالم العربي، والتي
تحكي عن زينهم (عادل إمام) الشبيه بحاكم دولة عربية لا يجري تحديدها، الذي
ما أن يموت ذلك الحاكم حتى تقوم حاشيته بوضعه مكانه أملاً منها بالحفاظ على
مصالحها ومقدرتها.
تشمل الدعوة أيضاً فيلم «الإرهابي» ،1994 الذي لا يرصد إلا واقعاً نعرفه
جميعاً يتمثل بقيام الجماعات السياسية باستهداف السياح وما إلى هنالك من
أعمال تخريبية وصولاً إلى قتل المفكر المصري فرج فودة، ولعل استعادة ذلك
يستدعي محاكمات لمن قاموا بتلك الأعمال وليس محاكمة الفيلم، وصولاً إلى
فيلمي «حسن ومرقص» و «مرجان أحمد مرجان» اللذين يجدهما المحامي مسيئين
أيضاً للدين الإسلامي، أي أن المحامي الصنديد يعود إلى أكثر من 20 سنة
ليحاكم ما انتج في تلك الفترة بأثر رجعي، في استفادة واستثمار لنجاح
السلفيين والإخوانيين في البرلمان، وليس الأمر إلا تصفية حسابات سياسية
وعبوراً سهلاً إلى الشهرة الزائفة.
إن ذلك وإن تحقق، أي الحكم على عادل إمام بالسجن ثلاثة اشهر، ودفع غرامة
مالية قدرها 166 دولاراً، سيفتح الباب على مصراعيه لتصفية حسابات لا حصر
لها، ونقول إن تحقق لأن عادل إمام استأنف الحكم. لا بل إن صدور حكم بحق
إمام سيُخضع كل ما حملته الشاشة الكبيرة من أفلام مصرية لبند «الإساءة
للإسلام»، طالما أن الجلباب واللحية هما المعياران لتبني هكذا توصيف، وأمام
هزالة الدعوى واقترابها من التفاهة فإنها تفتح الباب أمام شتى أنواع
الاحتمالات على اعتبار أنه من الصعب حصر التفاهة، كأن تجري محاكمة رشدي
أباظة على قبلة تبادلها مع نجلاء فتحي تحت بند «الإساءة للأخلاق العامة» أو
قد نجد أن الغناء الحرام فيتم اتلاف أرشيف السينما المصرية من الأفلام التي
حملت أغاني عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وآخرين.. ربما! فنحن في زمن
المفاجآت غير السعيدة.
الإمارات اليوم في
05/02/2012
فنانو مصر عن الحكم بحبس عادل إمام: بداية الإرهاب الفكري
كتب: القاهرة - فايزة هنداوي
استنكرت شخصيات نقابية وفنية الحكم الصادر بحق الممثل المصري عادل إمام
بالسجن ثلاثة أشهر وتسديد كفالة قدرها 1000 جنيه مصري، بتهمة ازدراء الدين
والاستهزاء بالجلباب والحجاب والنقاب في أعماله الفنية من بينها أفلام
«مرجان أحمد مرجان»، و«الإرهابي» و«حسن ومرقص».
سبب الحكم بحبس نجم الكوميديا عادل إمام ثلاثة أشهر مع الشغل وتسديد كفالة
قدرها 1000 جنيه بتهمة ازدراء الدين في أعماله الفنية، صدمة داخل الوسط
الفني بشكل عام والوسط السينمائي بشكل خاص، حيث رأه البعض بداية لعملية
الحد من حرية الإبداع والفكر في ظل صعود التيارات الإسلامية وقد أكد عدد
كبير من أعضاء نقابة السينمائيين رفضهم لهذا الحكم.
يقول مسعد فودة «نقيب المهن السينمائية» إن هذا الحكم يعد سابقة خطيرة لأن
فيه محاسبة على الماضي فما بالنا بالحاضر، كما قال فودة، مشيرا إلى أن
النقابة سترفض هذا القرار، وستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للتأكيد على حرية
الفكر والإبداع، وأضاف فودة أن النقابة ستجتمع سريعا لمواجهة هذا الحكم
الذي وصفه بالجائر.
بينما قال مهندس الديكور فوزي العوامري وعضو نقابة السينمائيين، إن
الاستسلام لهذه الأحكام يعني استسلاما لفرض القيود على الفن، لذا لابدّ من
تصدي جميع الفنانين لمثل هذه الأحكام.
وأكد المنتج محمد العدل، عضو جبهة «الإبداع المصرية»، أن الجبهة ستتخذ
إجراءات حازمة حيال الحكم الصادر، مشيرا لأن مجلس أمناء الجبهة ولجانها
التنفيذية سوف يعقدون اجتماعا طارئا لمتابعة الموقف واتخاذ الخطوات اللازمة
ضد مثل هذه القرارات.
وقال عبدالجليل الشرنوبي المنسق العام للجبهة، إن هناك معركة كبيرة بدأت
ملامحها تلوح في الأفق، وعلى الفنانين والمبدعين ومعهم الشعب المصري أن
يحاربوا بكل قوة، حتى لا تنزع منهم حقوق كانوا قد اكتسبوها بالفعل بعد
معارك طويلة.
وقال السيناريست نادر صلاح الدين، إن هذا القرار يشكل أول تحركات التيارات
المتشددة التي ستسيطر على مصر في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن هذا الحكم
يحاصر الرأي الحر ويشكل إرهاباً على أصحاب الفكر والإبداع، وأضاف نادر أن
ماحدث لم يشكل مفاجأة بالنسبة له، لأن المتابع لأحوال المجتمع المصري في
الفترة الماضية كان سيعلم أن مصر تسير في اتجاه ظلامي خاصة بعد وصول
التيارات الإسلامية لأغلبية ساحقة في مجلس الشعب بما يشي بأننا سنتحول
لمجتمع يشبه المجتمع الإيراني من حيث الرجعية وقمع ومصادرة أي فكر.
بدوره، قال المخرج محمد حمدي، إننا بصدد كارثة حقيقية، تعني أن مصر تتجه
نحو الانغلاق والحجر على الإبداع، مما يعني القضاء على الفن في مصر، وقال
إن وصول التيارات الدينية إلى سدة الحكم، كان سيؤدي حتما إلى مثل هذه
القرارات، ولكن الخطير برأي حمدي هو انصياع القضاء لمثل هذه الأفكار، بما
يعني أن جميع مؤسسات الدولة ستسير في ركب هذه التيارات وتساهم في المصادرة
على حرية الإبداع.
أعمال قديمة
وأبدى المخرج أحمد عواض دهشته من صدور هذا الحكم، خاصة أن الأعمال التي صدر
الحكم بسببها أعمال قديمة وقد أجازتها الرقابة بدون أي ملاحظات كما يعرضها
التلفزيون الرسمي دون أي حذف، إلا أن هذا الحكم برأي عواض هو وسيلة للإرهاب
في المستقبل حتى لا يجرؤ أي مبدع أو فنان على تقديم أعمال تخالف فكر مثل
هذه الجماعات الرجعية.
وقال الناقد يعقوب وهبي، إن الفنانين والمثقفين بشكل عام، عليهم أن يهيئوا
أنفسهم لمعركة طويلة مع القوى الظلامية التي ستسعى بكل قوتها إلى الحجر على
حرية الفكر والإبداع.
الجريدة الكويتية في
06/02/2012 |