حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثامن والستون

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي

يطلق موسم الجوائز حول العالم ويواجه منافسة تنتظر الضربة القاضية

فينيسيا: محمد رُضا

الزاوية التي تنطلق منها المؤسسات السينمائية حول العالم (شركات إنتاج، شركات توزيع، مؤسسات إعلامية أو وكالات إعلانية وسينمائيين..) في النظر إلى مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي كل سنة، تختلف عن تلك التي ينطلق منها الناقد والباحث عن المتعة الفنية أو أولئك الذين يرون البعبع السياسي عند منعطف كل فيلم.

بالنسبة لتلك المؤسسات، مهرجان فينيسيا يأتي كرأس حربة في سباق الجوائز الذي يقع كل عام في الأشهر الأربعة الأخيرة من كل عام. «برلين» لحشد من أفلام مطلع العام، «كان» لعيد ينتصف السنة تقريبا، أما فينيسيا فلموقع تحضيري تنطلق على أثره المناسبات الرئيسية المثمرة عن عشرات الجوائز الكبيرة والمتوسّطة والصغيرة.

بعد فينيسيا هناك تورنتو، وبعدهما المناسبات الغربية الكبيرة المانحة للجوائز السنوية: جائزة الفيلم الأوروبي، السيزار، الغولدن غلوب، بافتا، جمعية المخرجين، جمعية المنتجين، جمعية الممثلين، وصولا إلى المحطة الأخيرة المتمثّلة في جوائز الأوسكار. هذا عدا عن تلك المناسبات الأصغر شأنا، كقيمة جماهيرية أو إعلامية، ومن بينها جوائز الجمعيات النقدية المختلفة.

ومع أن مهرجانات السينما العالمية لا تتوقّف بدورها فتتوالى على أثر فينيسيا ومنها تورنتو وسان سابستيان وروما وأبوظبي ونيويورك ولندن و - من العام المقبل - بالم سبرينغز وسندانس، فإن تورنتو وحده هو الثاني في إثارة اهتمام هذه المؤسسات. الباقي كأحجار ثمينة ونصف ثمينة تزيّن العقد لكنها لا ترفع من سعره.

* مهرجان ضد مهرجان

* فينيسيا، إذ يقع في المقدّمة، يدفع بالأفلام المشتركة في اتجاه أميركي. إذا ما ربح فيلم أميركي الجائزة رفع من نسبة حظه في الأوسكار كما في المحافل المتتالية ذات الجوائز المهمّة الأخرى، وإذا ما ربح فيلم غير أميركي الجائزة ساعده هذا على الوصول إلى السوق الأميركية كما إلى جوائزها إذا أمكن. ومع أن تورنتو هو الأكثر جذبا لشركات التوزيع العاملة على ضفّتي الأطلسي، كما يقول الغربيون، فإن قيمة فينيسيا ترتفع من عام إلى آخر وعلى نحو مستمر.

بات ملحوظا مثلا العدد المتزايد من النجوم الذين يؤمونه: هذا العام كيت وينسلت، كايرا نايتلي، مونيكا بيلوتشي، جورج كلوني، مادونا، رومان بولانسكي، رايان غوزلينغ، وهذا فقط على سبيل المثال. وحسب البرنامج الموزّع فإن غالبية النجوم الكبار القادمين إلى هنا سيحضرون ويتلألأون في الأيام الخمسة أو الستّة الأولى من المهرجان قبل أن ينطلق الجميع في وجهتهم التالية تورنتو.

فينيسيا لا يبدو خاليا من الأضواء لأن هناك الكثير من الضيوف، لكن تورنتو يسحب منه قدرا من البريق وعددا لا بأس به من النجوم كذلك عددا أكبر من النقاد والصحافيين الذين يكتفون بالأسبوع الأول منه وينطلقون للانخراط في دورة تورنتو التي تنطلق قبل نهاية فينيسيا بأيام.

السبب الذي من أجله لا يستطيع فينيسيا المقاومة وحماية أضوائه من الخطف يكمن في أن صانعي الأفلام المشتركين هنا، هم أيضا مشتركون في تورنتو وهم الذين يصرّون على الانتقال باكرا من المهرجان الإيطالي إلى الكندي، ولا يسع ماركو مولر سوى الموافقة. كيف لا وهو إذا قال لا قد يحرم المهرجان مما بات متوقّعا: النجوم والحفلات والطبل الإعلامي؟

على ذلك، فينيسيا رأس الحربة بفارق أيام قليلة. وأحد العالمين بذلك المنتج جيريمي توماس الذي له في الدورة الحالية من فينيسيا ثلاثة أفلام هي «عار» لستيف ماكوين و«منهج خطر» لديفيد كروننبيرغ و«مرتفعات وذرنغ» لأندريا أرنولد. يقول في تصريح: «اختياري فينيسيا عن سابق تصميم ومنذ مرحلة مبكرة جدّا. إنه مهرجان جيّد لا يزال يهتم بالمستوى الفنّي لجانب المستوى الإعلامي».

لكن آخرين لا يشاركونه الرأي، ومعظم هؤلاء من النقاد الذين يعتبرون أن المهرجان سار بعيدا في ركب الجماهيرية والتجارة وأن ذلك لا يساعد السينما كفن وإبداع.

* حسابات مهمة

* ما يحدث إذا هو سير في اتجاهين: من ناحية فإن مهرجان فينيسيا لا يزال أحد الثلاثة الأهم، لكن من ناحية أخرى فإن المهرجان الرابع في السلسلة (تورنتو) على بعد خطوات ذهنية وزمنية وهذه الخطوات تزداد اضمحلالا. الكاتب السينمائي جاسون سولومون كتب في صحيفة «الأوبزرفر» مؤخرا ملاحظة مهمّة إذ ذكّر كيف أن «مجلس الفيلم البريطاني» قام في مثل هذه الأيام في العام الماضي (أي قبل إنهائه على يدي الحكومة البريطانية الحالية) بالتوجّه بأفلامه الثلاثة عشر إلى تورنتو من دون المرور بأي منها في «فينيسيا». هذا ما ينقل المنافسة بين الاثنين من نطاق ما كان عليه حتى الأمس القريب (مهرجان يسبق آخر والثاني يحاول استقطاب ما يختاره المهرجان الأول لكي يعرضه أيضا) إلى نطاق جديد: مهرجان فينيسيا (الأكثر تكلفة) يستطيع أن يجذب الجمهور والأضواء لبضعة أيام، لكن إلى هناك، في الشمال الأميركي تتسارع الخطوات والنبضات كونه يقف عند أبواب السوق الأميركية بأسرها.

على كل ذلك، الجائزة التي حازها الفيلم الأميركي «بجعة سوداء» في العام الماضي، وهو الفيلم الذي أخرجه دارن أرونوفسكي وقام ببطولته كل من نتالي بورتمان وميلا كونسي وفنسنت كاسل، وجد نفسه محمولا بفضل تلك الجائزة من البندقية إلى هوليوود وطوال الأشهر الستة الفاصلة بين فينيسيا والأوسكار. مما يعني أن الحسابات أكثر أهمية مما نعتقد حتى حينما نضن على أنفسنا بالاهتمام بمثل هذه التيارات ومجريات الأمور.

ما هو ثابت أن هوليوود لم تعد مؤسسة رمزية ولا هي مدينة لصناعة السينما الأميركية وحدها، بل تشبه المافيا السينمائية ذات الأصابع الممتدة صوب قرارات العالم المنتج للأفلام بأسره. لذلك فإن هوليوود لا تدخل المسابقات بأفلام ترعاها الاستوديوهات إلا فيما ندر، لأنها تخشى من الصيت الذي قد يعود به فيلم من أفلامها إذا ما فشل في الفوز بجائزة.

القارئ قد يعتقد أن تورنتو بات المهرجان الأهم على الكوكب. لكن هناك بضعة أفلام رئيسية (والعشرات غير المتسابقة) التي سيعرضها فينيسيا ولن ترى نور الشمس في تورنتو ولا عتمة صالاتها. مثلا فيلم رومان بولانسكي الجديد «مجزرة» وهذا يحوي بين دفّتيه كريستوف وولتز وكيت وينسلت وجودي فوستر وجون س. رايلي. عدم التوجّه إلى تورنتو لا علاقة له بالوضع القانوني للمخرج، فهو لا يستطيع الخروج من أوروبا (وبعضها في الواقع) حتى ولو أراد. القرار له علاقة بخطف مهرجان نيويورك الفيلم المذكور ليفتتح به الدورة المقبلة التي تنعقد في الأسبوع الثالث من سبتمبر (أيلول). كذلك فيلم «معدٍ» الذي يعرضه فانيسيا في اليوم الرابع من أيامه وهو للمخرج ستيفن سودربيرغ وبطولة كيت وينسلت، مات دايمون، ماريون كوتيار ولورنس فيشبورن.

أيضا «مرشد، مقتف، جندي، جاسوس» الذي اقتبسه المخرج الدنماركي عن رواية جون لي كاريه الذي قررت شركة توزيعه الأميركية (فوكاس) تخصيص فينيسيا به كونها ليست بحاجة إلى سوق تورنتو لبيعه.

مفكّرة | كلوني يفتتح فينيسيا وينزل الانتخابات الرئاسية ليبراليا لجانب أوباما في اليوم السابق لافتتاح المهرجان الذي يصادف اليوم 31 أغسطس (آب)، ترددت الأنباء الواردة من هوليوود على أن جورج كلوني، الذي يفتتح فيلمه الجديد «منتصف أشهر مارس» الدورة الثامنة والستين من المهرجان الإيطالي العتيد، قرر الانسحاب من فيلم كان سيتصدّر بطولته تحت عنوان «رجل من أونكل» أو The Man From U.N.C.L.E في الأصل هو مسلسل تلفزيوني ترعرع تحت جناح النجاح الذي كان جيمس بوند قد حققه سينمائيا. في عام 1964 انطلق المسلسل على الشاشة الصغيرة بطولة اثنين من العملاء الأميركيين الذين يعملون خارج الحكومة (لكن لها) وبعد ثلاث سنوات تم إطلاق الفيلم الأول من السلسلة عبر فيلم للراحل باري شير ومن بطولة الثنائي الذي قام بأداء الحلقات روبرت فون وديفيد ماكغولام.

لم يعط كلوني سببا لقراره العزوف عن بطولة الفيلم الجديد الذي يعد له صديقه المخرج ستيفن سودربيرغ، لكن من الغالب أن البعض سيسأله السبب في المؤتمر الصحافي الذي يعقده بعد عرض فيلم الافتتاح، الذي قد لا يكون بعيدا في أجوائه عن شغل السياسة ومؤامراتها. «منتصف أشهر مارس» هو دراما سياسية عن حاكم ولاية ليبرالي (كما حال كلوني) الذي يستعد لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية. ومن تابع أفلام كلوني التي أخرجها من قبل، «اعترافات عقل خطر» (2002) و«ليلة طيّبة وحظ جيد» (2005) و«رؤوس جلدية» (2008) يدرك إصراره على تمرير خطوط سياسية تتنوّع بين المباشرة (كما في الفيلمين الأوّلين) والخفّة (في الفيلم الثالث).

هذا الفيلم الذي اختارته إدارة المهرجان لإطلاق دورتها الجديدة الحالية به، لديه ثلاث محطّات مهمّة في المستقبل: الأولى هي أنه سيتوجّه من هنا إلى مهرجان تورنتو. كلّها 14 ساعة (بما فيها فترات الانتظار في المطار) ويحط في المهرجان الأكبر في الشمال الأميركي. الثانية هي ترشيحات الأوسكار الذي سيعمد الفيلم إليها حاملا على جناحيه مجموعة ممثليه وكتّابه ومخرجه ومنتجيه، والثالثة أنه سينطلق للعروض الجماهيرية خلال ارتفاع حدّة الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كلوني والنجاحات الفنية على تضاد معين. على كثرة الترشيحات التي خاضها وأفلامه في السباقات الرئيسية حول العالم (الأوسكار، بافتا، جائزة الفيلم الأوروبي، غولدن غلوب الخ...) فاز مرّتين بالغولدن غلوب (الأولى كأفضل ممثل كوميدي عن فيلمه «يا أخ، أين نحن» الذي أخرجه ستيفن سودربيرغ سنة 2002، والثانية كأفضل ممثل مساند في «سيريانا» سنة 2006).

ومن أصل خمس ترشيحات أوسكار فاز مرّة واحدة وذلك كأفضل ممثل مساند (أيضا) عن «سيريانا». في العام الماضي أفصح عن رأيه بجوائز الأوسكار حين قال إنه يشعر، خلال عملية الترشيحات بأنه «غير نظيف».

* بين المهرجانات

* لأول مرّة سنشاهد الممثلة البريطانية كاري موليغن تغني وذلك حين يتم عرض «عار»، فيلم بريطاني من إخراج ستيف ماكوين مشترك في المسابقة تؤدي فيه دور البطولة لجانب مايكل فاسبيندر لاعبة دور مغنية في ناد ليلي. الفيلم واحد من أكثر أفلام المسابقة ترقّبا لجملة من الأسباب من بينها ما قيل عن أنه يحتوي على مشاهد ساخنة. كانت موليغن فازت بالغولدن غلوب في العام الماضي عن دورها في «تعليم».

* اختار مهرجان روما السينمائي (يكمن على بعد شهر ونصف من فينيسيا) «السيّدة» كفيلم افتتاح وهو للمخرج والمنتج الفرنسي لوك بيسون. الفيلم سيرة حياة المناضلة أونغ سان سو كيي ضد سلطات بورما (التي أصبحت اليوم تكنّى بميانمار) وتقوم بدورها الأميركية ميشيل يوه.

* أحد الأفلام التي أخفق مهرجان تورنتو في الحصول عليها هو «أسبوعي مع مارلين» الذي تؤمه الممثلة ميشيل وليامز لاعبة شخصية مارلين مونرو. لجانبها كينيث براناه مؤديا شخصية الممثل لورنس أوليفييه.

* نفى المكتب الإعلامي لمهرجان فينيسيا أن يكون طلب فيلم كلينت ايستوود الجديد لكنه لم يستطع الحصول عليه. وهو محق في نفيه حقيقة أن الفيلم لا يزال قيد العمل في مرحلة ما بعد التصوير. إلى ذلك، يقول لهذا الناقد مصدر إعلامي من شركة «وورنر» الموزّعة إن ايستوود لا يسعى لعرض الفيلم في المهرجانات الدولية: «لقد اكتفى من ذلك وهو ليس بحاجة».

الشرق الأوسط في

31/08/2011

 

يوميات مهرجان فانيسيا الـ 68:

جورج كلوني مرشّح انتخابات الرئاسة وله حظ في المسابقة

محمد رُضا - فينيسيا

فيلم جورج كلوني الجديد The Ides of March دراما سياسية رائعة حول مرشّح انتخابات الرئاسة الذي يتعرّض لنكسة في اللحظات الأخيرة بسبب إمرأة. لكني سأتحدّث عنه بعد قليل، لأن ما هو لافت أنه في اليوم السابق لافتتاح المهرجان في الحادي والثلاثين من أغسطس، ترددت الأنباء الواردة من هوليوود على أن جورج كلوني، الذي يفتتح فيلمه الجديد “منتصف أشهر مارس” الدورة الثامنة والستين من المهرجان الإيطالي العتيد، قرر الإنسحاب من فيلم كان سيتصدّر بطولته تحت عنوان «رجل من أونكل» او The Man From U.N.C.L.E في الأصل هو مسلسل تلفزيوني ترعرع تحت جناح النجاح الذي كان جيمس بوند قد حققه سينمائياً. في العام 1964 انطلق المسلسل على الشاشة الصغيرة بطولة إثنين من العملاء الأميركيين الذين يعملون خارج الحكومة (لكن لها) وبعد ثلاث سنوات تم إطلاق الفيلم الأول من السلسلة عبر فيلم للراحل باري شير ومن بطولة الثنائي الذي قام بإداء الحلقات روبرت فون وديفيد ماكغولام.

لم يعط كلوني سبباً لقراره العزوف عن بطولة الفيلم الجديد الذي يعد له صديقه المخرج ستيفن سودربيرغ، لكن من الغالب أن البعض سيسأله السبب في المؤتمر الصحافي الذي يعقده بعد عرض فيلم الإفتتاح، الذي قد لا يكون بعيداً في أجوائه عن شغل السياسة ومؤامراتها. «منتصف أشهر مارس» هو دراما سياسية عن حاكم ولاية ليبرالي (كما حال كلوني) الذي يستعد لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية. ومن تابع أفلام كلوني التي أخرجها من قبل، “اعترافات عقل خطر” (2002) Confessions of a Dangerous Mind و”ليلة طيّبة وحظ جيد” Good Night, and Good Luck (2005) و«رؤوس جلدية» (2008) Leatherheads يدرك إصراره على تمرير خطوط سياسية تتنوّع بين المباشرة (كما في الفيلمين الأوّلين) والخفّة (في الفيلم الثالث).

جورج كلوني هو المرشّح الرئاسي إذاً ورايان غوزلينغ هو مستلم شؤون الحملة تحت إدارة فيليب سايمور هوفمان. فجأة رايان على علاقة بفتاة من العاملات في الحملة ويكتشف أنها كانت على علاقة بالمرشّح نفسه. هذه المسألة بالإضافة إلى لقائه مع مخطط حملة سياسي مناويء يؤديان به إلى سلسلة من المشاكل في عمل رصين يذكّر بأفلام السبعينات السياسية. هذا الفيلم الذي اختارته إدارة المهرجان لإطلاق دورتها الجديدة الحالية به، لديه ثلاث محطّات مهمّة في المستقبل: الأولى هي أنه سيتوجّه من هنا إلى مهرجان تورنتو. كلّها 14 ساعة (بما فيها فترات الإنتظار في المطار) ويحط في المهرجان الأكبر في الشمال الأميركي. الثانية هي ترشيحات الأوسكار الذي سيعمد الفيلم إليها حاملاً على جناحيه مجموعة ممثليه وكتّابه ومخرجه ومنتجيه، والثالثة أنه سينطلق للعروض الجماهيرية خلال ارتفاع حدّة الإنتخابات الرئاسية المقبلة. 

فارييتي العربية في

31/08/2011

 

هل يحافظ مهرجان فينيسيا على مكتسباته؟!

فينيسيا: محمد رُضا

* يقال إنها الدورة الأخيرة لماركو مولر كمدير للمهرجان.. وهكذا قيل أكثر من مرة من قبل. الفارق أنه هذه المرة أشرف على نهاية العقد المبرم بينه وبين الإدارة العامة التي استأجرت خدماته لأجل إنجاز نجاح أعلى لهذا المهرجان الذي كان انطلق وتوقف، ثم انطلق وتوقف، ثم تداولت إدارته شخصيات متعددة مما أوصل الحدث الإيطالي - العالمي هذا إلى مفترق طرق: يستطيع المضي في وضعه التقليدي المضطرب هذا أو تحسينه والانتقال من مركز ثالث ورابع بين المهرجانات الدولية إلى مركز أول أو ثان.

لخمس سنوات مضت، كان من الممكن لناقد سينمائي أو صحافي أو سينمائي تفويت «فينيسيا» والالتحاق بمهرجان تورونتو الذي ينطلق عادة قبل نهاية الأسبوع الأول من المهرجان الإيطالي. تورونتو كان (ولا يزال) يحمل مزايا لا يحملها أي مهرجان آخر بنفس الحجم: أولا، يعرض أكثر من ثلث ما يعرضه مهرجان فينيسيا من أعمال، مما يعني أنه إذا ما فاتك «فينيسيا» تستطيع أن تلحق به في تورونتو. كذلك، يعرض نحو نصف ما عرضه «برلين» و«كان» من قبل. ثانيا، تورونتو أكبر حجما وأكثر زخما: في تلك السنوات كان المهرجان الإيطالي لا يزال يحشد نحو 150 فيلما في المتوسط، في حين أن تورونتو يجمع بين دفتيه أكثر من 330 فيلما عادة. ثالثا: تورونتو بوابة الأفلام الأميركية إلى العالم وأفلام العالم إلى أميركا. شركات الإنتاج والتوزيع كلها هناك.. تشاهد.. تختار.. تلتقي.. تحتفل.. و- الأهم - تشتري. رابعا: تورونتو مدينة كبيرة، فيها مستويات مختلفة من العيش، بينما «فينيسيا» يُقام في جزيرة كل ما فيها، فنادق ومطاعم، مرتفع الثمن. لو كنت سينمائيا أو ناقدا لفضلت «تورونتو» الخالي من المسابقة الرسمية ولجان التحكيم والرسميات والمكون من عروض متلاحقة ولقاءات عمل متواصلة. فينيسيا كان مهرجانا قائما لدعم السينما فنيا وحسب.. هذا مبدأ نبيل، لكنه لا يُطعم خبزا.

منذ ثلاث سنوات، الأمور تغيرت. ماركو مولر قرر أن مستقبل المهرجان يكمن في منحه سببا آخر غير الناحية الفنية. إنه مهرجان بلا سوق سينمائية، على عكس الحال في «كان» و«برلين»، لكن ذلك لا يعني أن يكون منعزلا عن النشاط السينمائي من كل أبوابه وحقوله. سيقوم المدير في السنوات الأخيرة برفع شحنة الأفلام المعروضة في أكثر من تظاهرة، وتزويده بالأسباب التي ترفع من نسبة حضوره ومن حاجة الإعلام إليه. وبينما كان من المعتاد بالنسبة لعدد كبير من النقاد والصحافيين السينمائيين الاكتفاء بنصف الفترة الزمنية والهرع لاستقبال مهرجان تورونتو من بدايته، رغم بعد المسافة، أو كان من المعتاد أيضا تفويت «فينيسيا» لصالح «تورونتو»، بات هذا الفعل أكثر صعوبة. اليوم تأتي إلى «فينيسيا» برغبة البقاء من مطلعه إلى نهايته. وغالبا ما ستجد أنك اخترت المهرجان الصحيح والفترة الزمنية المناسبة.

يوم الأربعاء المقبل، ينطلق المهرجان في دورته الثامنة والستين بزخم غير عادي مع فيلم من بطولة وإخراج جورج كلوني عنوانه «منتصف أشهر مارس». وهو دراما سياسية حول موظف (رايان غوزلينغ) يعمل لصالح حاكم ولاية (كلوني) ويتعرف على الوسائل المتبعة في السلوك السياسي الداخلي. ويكتشف قذارة البيئة التي انضم إليها ويجد نفسه أمام خيار المضي في ذلك أو العودة عنه.

كلوني كان يرغب أن يفتتح بفيلمه السابق «الأميركي» دورة العام الماضي، لكن التوقيت لم يكن مناسبا. كلوني أراد حفلة الافتتاح السابقة لعروضه التوزيعية. مولر تحفظ حيال اختياره للافتتاح وتمنى لو يؤجل كلوني العروض التجارية لفيلمه، لكن ذلك كان مستحيلا. كلوني سحب فيلمه ومولر اختار «بجعة سوداء» مكانه.

كل من كلوني وغوزلينغ وفيليب سيمور هوفمان وماريسا توماي وإيفان رايتشل وود وبول جيوماتي (أم الدورة السابقة عن فيلم «نسخة بارني») سيحضرون الافتتاح وينطلقون بعد ذلك إلى الحفل الذي تقيمه شركة كولومبيا فوق جزيرة قريبة لمن تدعوهم من سينمائيين وإعلاميين وهم نحو 2000 شخص في المجموع.

«سبب مهم لاختيار هذا الفيلم للافتتاح» (يقول مدير المهرجان في حديث هاتفي)، مضيفا «وهو أن الفيلم جاد وجيد ومليء بالنجوم والممثلين المعروفين في الوقت ذاته».

فيلم الاختتام مختلف 180 درجة باستثناء أنه فيلم أميركي أيضا. المخرج هوت ستيلمان الذي اختفى بعد نجاح «آخر أيام الديسكو» سنة 1998 الذي كان، مثل هذا الفيلم، مستقل الأسلوب ويتناول حكايات وخطوطا لحكايات نسائية. الفيلم الجديد عنوانه «آنسات تعيسات» (ويمكن «نساء في الحجز» للمعنى المزدوج للعنوان الأصلي Women in Distress).

الفيلم من بطولة غريتا غرويغ، كايت بكنسال وجنيفر بيلز. مولر قال «هذا فيلم كوميدي وموسيقي مرح اخترناه لأنه مناسب جدا لخاتمة المهرجان».

ومن يلقي نظرة فاحصة على الأفلام المشتركة رسميا داخل أو خارج المسابقة سيجد عددا من الأعمال التي تستوجب الاهتمام.. أحدها الفيلم الثاني للمخرج البريطاني ستيف ماكوين وعنوانه «عار». المخرج كان قدم، في إطار مهرجان «كان» قبل أربع سنوات فيلمه الأول «جوع» حول معاملة المعتقلين السياسيين الآيرلنديين، ونال عنه جائزة نقاد «الفيبريسي (الاتحاد الدولي لنقاد السينما الذي كنت أحد أعضاء لجنة تحكيمه آنذاك). هنا يكتب ويخرج دراما حول رجل يضطر لاستضافة شقيقته مما يؤثر على شكل حياته. الفيلم (الذي سيعرضه مهرجان تورونتو أيضا) من بطولة كاري موليغن ومايكل فاسبيندر. ومايكل فاسبيندر هو من نراه في فيلم الكندي ديفيد كروننبيرغ «أسلوب خطر» لجانب فيغو مورتنسن وكايرا نايتلي. دراما أخرى تدور حول صراع النظريات النفسية بين فرويد ويونغ.

«مجزرة» هو فيلم جديد لرومان بولانسكي يفوز به المهرجان الإيطالي هذا العام. كوميديا اجتماعية من بطولة جودي فوستر وكيت ونسلت وكريستوف وولز وجون س. رايلي، عما قد يدور بين عائلتين اجتمعتا لتسوية خلاف ولديهما في المدرسة. الأسماء التي وراء هذا العمل تكاد تتساوى، إثاريا، مع تلك التي تقوم بالتمثيل فيه. فالكتابة من ياسمينا رضا، وهي صاحبة كتابات لأفلام فرنسية صغيرة من إخراجها، وإنتاج سعيد بن سعيد شاب من أصل جزائري، وبدأ الإنتاج في فرنسا من العام 2000 وبعض أفلامه كانت من إخراج وكتابة ياسمين رضا نفسها.

هذه الأفلام وسواها (22 فيلما زائرا.. مفاجأة في المسابقة) تؤكد سعي المهرجان، متمثلا في إدارته، استقطاب الجانبين الفني والإعلامي معا. وبينما استدعى ذلك، ولا يزال، نقد البعض على أساس أن هذا يحول المهرجان إلى «كانتون» تجاري آخر، فإن البعض، خصوصا في الصحافة الإيطالية، بارك هذه الخطوات على أساس أنها ضرورية لرفع درجة النشاط والحفاظ على النجاح المحقق، بل هو، نسبة لهذا الرأي، الثمن المقبول دفعه لإبقاء فينيسيا على السدة. وكان ماركو موللر واجه هذا النقد من قبل حين كان مديرا لمهرجان «لوكارنو» السويسري (انتهت دورته الأخيرة قبل أسابيع قليلة). حينها ومن على سدة المهرجان المخصص للأعمال الأولى والثانية أساسا، تلقّى مولر نقدا مبرحا بعدما أخذ يحيد عن هويّة المهرجان باستقطابه أكثر مما كان في بال مؤسسي ورؤساء لوكارنو من أفلام (وبالتالي نجوم) هوليوود.

وإلى حد كبير، ما لم يستطع مولر فعله في لوكارنو فعله وزيادة هنا. لكن «فينيسيا» أو «برلين» أو «كان» ثلاثة مهرجانات تبقى محكومة دوراتها بمستوى الأفلام المختارة. وكم مرّت دورات سادتها أسماء كبيرة لكنها خلصت إلى نتائج صغيرة؟

الشرق الأوسط في

26/08/2011

 

أسطورة "فاوست" تظهر في مهرجان البندقية

محمد رُضا 

قيام المخرج الروسي المنتمي إلى مدرسته الخاصّة، ألكسندر زوخوروف، بتقديم الأسطورة الألمانية “فاوست”، عن الرجل الذي باع نفسه للشيطان، يعد احتفالاً خاصّاً، لا بالحكاية الخيالية ذاتها، بل لحقيقة أن معالجات زوخوروف للشخصيات التي قدّمها في أفلامه، سواء أكانت خيالية أو واقعية، دائماً ما جاءت مختلفة من حيث تركيبتها الخاصّة، كما من حيث أجوائها وبيئاتها المميّزة .

في الأصل هي حكاية تناولتها الأساطير الشعبية الألمانية وانتقلت منها إلى الآداب والأعمال الفنية منذ قرون عديدة . وهي ليست فقط عن شخص رضي بأن يتحالف مع الشيطان ، بل أيضاً، وفي الداخل، عن كيف يدخل الصراع بين الخير والشر إلى عمق الإنسان المقبل على تسليم كل شيء للشر .

لم يستطع أحد تحديد مصدر هذه الأسطورة لكن الوثيقة المحفوظة الأولى تعود إلى عام 1587 ونشرت تحت عنوان “تاريخ فون د .يوهان فوستن” . ثم ظهر كتاب في سنوات متباعدة من القرن السادس عشر مع اختلافات وتباينات مصحوبة بإضافات صغيرة . بعض المؤرخين الألمان ينفون أن الأمر أسطورة ويقولون إنها مجرد رواية وضعها يوهان جورج فاوست (1480-1540) في عام 1509 .

وبعد نحو مئتي سنة قام يوهان وولفغانغ غوتيه بوضع نسخته التي اقترنت باسمه في بعض المراجع أكثر مما اقترنت باسم أي من كاتبيها السابقين . كما عالجها، وبقدر كبير من النجاح الأدبي، نقل الكاتب توماس مان في عام 1947 فحواها وأحداثها إلى الزمن المعاصر . في ذلك الحين، كانت الحرب العالمية قد انتهت، ما جعل الرواية تستمد بصماتها ورموزها مما حدث من صعود وسقوط النازية الألمانية .

سينمائياً، سبق المخرج الألماني ف . و . مورناو آخرين كثيرين بتحقيق فيلم روائي طويل مقتبس من الرواية المذكورة وذلك سنة ،1926 قبله نقل الأمريكي إدوين س . بورتر الرواية إلى فيلم قصير سنة 1909 وبعده بعام، قام هنري أندرياني بمحاولة أخرى في هذا المجال .

لكن التاريخ يعلمنا أن مخرجاً بريطانياً اسمه برترام فيليبس سبق مورناو إلى إنجاز ما يُعتقد أنه أوّل فيلم روائي عن “فاوست” وذلك سنة 1923م .

وبعد ذلك، ومن الثلاثينات وما بعد، تزاحمت الأفلام المقتبسة عن “فاوست” أو الدائرة برحاها . فهناك نسخة يوغسلافية مجهولة المخرج تم إنجازها سنة ،1934 وهناك نسخة المخرج بيتر غورسكي سنة ،1960 وأخرى للمخرج ستيفن رمبلوف سنة ،1980 وذلك من بين نحو ثلاثين نسخة أخرى .

بالنسبة إلى نسخة زوخوروف الجديدة، فإن السينمائي الروسي المعروف سيعرض رؤيته الخاصّة في إطار مهرجان البندقية في دورته الثامنة والستين التي ستنطلق في الواحد والثلاثين من الشهر الجاري، هذه الرؤية الخاصّة هي ما جعلت المخرج مطلوباً بسبب قراءته الإنسانية المتميّزة للشخصيات وللظروف السياسية والتاريخية المحيطة بها، أفلامه ليست سياسية، ولو أن التفسير السياسي ليس بعيداً عنها. وهو سبق وقدّم شخصيات هتلر ولينين والإمبراطور هيروهيتو . ناظراً إلى البعد الإنساني من الأزمة الأخلاقية التي عاناها كل منهم .

وآخر فيلم شاهدناه لهذا المخرج كان “أم” . عنوان بسيط وكبير في كيان فيلم يتحدّث عن أم جندي روسي مجنّد للخدمة على الجبهة في تشيشينيا . تصل إلى المعسكر والبلدة القريبة، وتجد في الشيشينيات صداقة لم تكن تتوقّعها . من بعيد نسمع طلقتي مدفع . هذه المرأة لا تستطيع، كروسيا القديمة، إلا أن تكون أمّاً لكل جندي روسي فرضت عليه الظروف أن يشترك في حرب لا يتمنّاها أحد .

الخليج الإماراتية في

28/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)