حفل افتتاح مهرجان دبي
السينمائي الدولي في دورته السابعة 2010 يمثل بوابة حقيقية صوب المستقبل من
خلال
تلك الاختيارات السينمائية العالية الجودة وتلك الصفوة المتميزة من صناع
ونجوم
السينما العالمية. الذين ازدحمت بهم مدينة دبي. فقد كان حفل البساط الاحمر
بمثابة
الدعوة الصريحة للانطلاق الى المستقبل وفق معطيات مقرونة
بالاحترام رفيع المستوى
والذي يؤكد الاقتدار العالي الذي تتحرك به قادة هذا العرس السينمائي والتي
تضم
الثنائي المتميز عبدالحميد جمعة ومسعود امر الله العلي.
اقيم حفل الافتتاح
في قاعة ارينا بمدينة جميرا بحضور الشيخ ماجد بن محمد ال مكتوم رئيس هيئة
دبي
للثقافة والفنون وحشد بارز من نجوم السينما العالمية. يتقدمهم النجم
البريطاني كولن
فريث نجم فيلم الافتتاح خطاب الملك -. وقد سبق عرض فيلم الافتتاح استعراض
مبسط
اقترن بالحرفة الابداعية في تنفيذ واعداد الفنان الاماراتي
الشاب محمد سعيد حارب
والذي استطاع ان يقدم استعراضاً يجمع الرؤية البصرية بالاداء الحي حيث
استحضار
ثقافات العالم وابداعاته. بالاضافة الى كلمات عبدالحميد جمعة رئيس مهرجان
دبي
السينمائي الدولي والتي حملها التأكيد على ان المهرجان سيظل جسر تواصل بين
الحضارات
كما كانت دولة الامارات العربية المتحدة ودبي على وجه الخصوص
ملتقى للقواقل القادمة
من انحاء المعمورة. كما اشار جمعة الى ان المهرجان سيكرم في دورته الحالية
عدداً
بارزاً من القامات السينمائية ومنها الفنانة العربية صباح والمخرج المالي
سليمان
سيسي والنجم الاميركي شون بين -. بعدها تحدث المدير الفني للمهرجان مسعود
امر الله
مؤكدا لغة الاكتشاف في هذه التظاهره للتواصل مع عدد من
المبدعين والاعمال
السينمائية التي تغزل على وتر علاقة الحب المتبادل بين المهرجان وصناع
السينما
العالمية. كما اشار امر الله الى عدد من التظاهرات التي يضمها المهرجان ومن
بينها
تظاهرة بعنوان سلام ثم اشار الى اعضاء لجان التحكيم في مسابقات
المهر المتعددة.
بعدها تم تقديم فيلم الافتتاح خطاب الملك الذي جمع عدداً بارزاً من
نجوم
السينما البريطانية والاسترالية وفي مقدمتهم كولن فريث بدور الملك جورج
السادس
والاسترالي جيفري روش بدور المعالج للنطق عبر حكاية ترصد مرحلة
هامة من تاريخ
بريطانيا والعالم ابان الحرب العالمية الثانية ومن سبقها وما لحقها.
دراما
سينمائية تاريخية تعتمد على قصة حقيقية للملك جورج السادس ومسيرته لقيادة
المملكة
المتحدة وتجاوز عقدته في الحديث والنطق بالذات في الاماكن العامة.
ومحاولات
متخصصة في اعادة النطق لغير القادرين من اجل مساعدته على تجاوز ازمته
واستعادة ثقته
بنفسه وصوته في حوار ذي ابعاد فلسفية وايضا تطور درامي كتب بعناية ونفذ
بتفرد
معتمدا على تلك المباراة العالية التي جمعت كولن فريث وجيفري
روش وايضا هيلينا
بونام كارتر التي تعود للسينما البريطانية بعد سنوات من العمل في اعمال
زوجها
المخرج تيم بيرتون. وهنا تجسد دور الملكة.
اختيار فيلم خطاب الملك يمثل
خطوة تؤكد جدية النهج الذي تسير عليه اللجنة المنظمة لمهرجان
دبي السينمائي حيث
تحول حفل الافتتاح الى رسالة حقيقية للانطلاق صوب المستقبل متجاوزا كل
الطروحات
التقليدية من اجل بوصلة تشير الى الغد والمستقبل وهو امر ما كان له ان
يتحقق لولا
ذلك التعاون والتفاهم المشترك بين ثنائي المهرجان عبدالحميد
جمعة ومسعود امر الله
العلي.
ويبقى ان نقول: مهرجان دبي السينمائي الدولي 2010: بساط احمر يسير
بنا وبسينما المنطقة والعالم الى الغد في حوار يستحضر الثقافات والابداع
والتفرد.
وجهة نظر
دبي «3»
عبدالستار ناجي
الحديث عن مهرجان دبي السينمائي الدولي لا
يكاد ينتهى، وفي هذه المحطة نذهب للحديث عن ذلك «الزخم» من
التظاهرات والمسابقات
والتي يمكن مقارنتها في اكبر المهرجانات السينمائية الدولية واعرقها.
لقد امن
عناصر اللجنة المنظمة ان مهرجان دبي هو جسر للتواصل بين الشرق والغرب، فكان
ذلك
الانفتاح على جميع سينمات العالم، عبر كم من التظاهرات والمسابقات التي
تحمل اسم «المهر» فكان المهر العربي والمهر الاسيوي
والافريقي، وكانت ايضا سينما العالم وكم
اخر من التظاهرات التي راحت تتطور ويشكل كل منها، هدفا محوريا
لدى ابرز صناع
الانتاج والاخراج والتوزيع في هذا الفن المتطور.
بالاضافة الى كل ذلك هنالك
العلاقة المتطورة بين المهرجان والجمهور، وكمتابع وراصد
للمهرجان منذ دورته الاولى،
استطيع التأكيد على تزايد كبير، بل يكاد يشكل قفزات كبيرة في نسبة الحضور
والمتابعة، بل ان هنالك اعمالاً حققت حضورا مذهلا.. وهو امر يحسب لصالح
المهرجان،
على اختياراته اولا، وعلى مقدرته للتواصل مع جمهوره في دولة
الامارات العربية
المتحدة ودبي على وجه الخصوص. ولعلي استطيع التأكيد بأن هنالك عدداً من
الافلام،
تكاد تكون تذاكرها قد نفدت منذ الاعلان عن فتح شباك التذاكر.
ونتجاوز ذلك، الى
تأكيد قيم التظاهرات والعمق في اختياراتها لتحقيق حالة من الثراء الفني
والفكري،
وهذا ما نلمسه ليس على صعيد التظاهرات التي تضم اتجاهات ودولاً ذات ارث
سينمائي، بل
يتمثل ذلك، حتى في تظاهرة «المهر الاماراتي» الذي يقدم هذا
العامل وكل عام، كماً من
الاعمال السينمائية التي تحمل بصمات كوادر راحت تشق طريقها مبشرة بسينما
اماراتية
وخليجية ذات مستوى احترافي عال.
ونشير الى ان مسابقات المهر الثالث استقطبت
«848»
طلبا للمشاركة من بينها «25» عملا اماراتيا في مسابقة «المهر
الاماراتي» فهل
بعد ذلك من انجاز.؟ انه شيء من الحصاد لمهرجان يتجاوز حديث البساط الاحمر
والنجوم
الى فعل سينمائي يذهب الى مستقبل هذه الحرفة اماراتيا وخليجيا وعربيا
ودوليا.
وعلى المحبة نلتقى
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
14/12/2010
٨
أفلام مصرية فى مسابقات دبى وثلاثة مصريين فى لجان
التحكيم
بقلم
سمير فريد
تشترك السينما المصرية فى مسابقة المهر العربى للأفلام الروائية
الطويلة (١٢ فيلماً) بثلاثة أفلام هى «ميكروفون» إخراج أحمد عبدالله السيد،
و«٦٧٨» إخراج محمد دياب، و«الخروج» إخراج هشام عيسوى، وهو إنتاج مصرى
أمريكى لمخرجه المقيم فى الولايات المتحدة.
وفى مسابقة المهر العربى للأفلام التسجيلية الطويلة (١٣ فيلماً) يعرض
من مصر ثلاثة أفلام أيضاً هى «ظلال» إخراج ماريان خورى، و«قصيدة غزة،
فلسطين» إخراج سمير عبدالله، و«بيت شعر» إخراج إيمان كامل، وكلها من
الإنتاج المشترك بين مصر وفرنسا والمغرب والإمارات وفلسطين والكويت
وألمانيا، وفى مسابقة المهر العربى للأفلام القصيرة (١٥ فيلماً) الفيلمان
المصريان «حواس» إخراج محمد رمضان، و«مايدوم» إخراج عمر روبرت هاملتون.
وإلى جانب اشتراك هشام سليم فى عضوية لجنة تحكيم المهر العربى للأفلام
الروائية، تشترك تهانى راشد فى عضوية لجنة تحكيم المهرجان العربى للأفلام
التسجيلية، كما يرأس كاتب هذه السطور لجنة تحكيم المهرجان الإماراتى التى
تقام لأول مرة.
كما يحضر المهرجان عشرات السينمائيين والصحفيين من مصر، وبهذا
الاشتراك تكون إدارة مهرجان دبى قد أثبتت من جديد أنها تعرف قدر السينما
المصرية ومكانتها فى العالم العربى والعالم أجمع على نحو لا يتحقق فى أى
مهرجان عربى آخر، إلا بين الحين والآخر، وذلك بغض النظر عن مسألة الفوز أو
عدم الفوز بجوائز.
وفى مسابقة المهر الآسيوى الأفريقى للأفلام الروائية الطويلة يعرض ١٥
فيلماً منها الفيلم البريطانى التايلاندى «العم بونمى» الذى فاز بالسعفة
الذهبية فى مهرجان كان، والفيلم الفرنسى التشادى «رجل يصرخ» الذى فاز
بجائزة لجنة التحكيم فى نفس المهرجان، وفى مسابقة المهر الآسيوى الأفريقى
للأفلام التسجيلية الطويلة عشرة أفلام، وفى مسابقة المهر الآسيوى الأفريقى
للأفلام القصيرة ١١ فيلماً، وفى مسابقة المهر الإماراتى ١٢ فيلماً، إلى
جانب الفيلمين اللذين يمثلان الإمارات فى المسابقة العربية للأفلام
التسجيلية والمسابقة العربية للأفلام القصيرة.
وخارج المسابقات ١٢ برنامجاً هى برامج المكرمين الثلاثة، و٩ برامج هى
سينما العالم، وإيقاع وأفلام وفوضى منتصف الليل (٢٣ فيلماً)، وليالى عربية
(١١ فيلماً)، وسينما آسيا وأفريقيا (١٠ أفلام)، والسينما الهندية (٤
أفلام)، والسينما المكسيكية (٥ أفلام)، وسينما الأطفال (٥ أفلام)، وكلها
تعرض أفلاماً طويلة، والبرنامج التاسع أصوات خليجية، ويعرض ٥ أفلام قصيرة،
أى أن فى المسابقات العربية ٢٥ فيلماً طويلاً و٢٧ فيلماً قصيراً، وفى
المسابقات الآسيوية الأفريقية ٢٥ فيلماً طويلاً و١١ فيلماً قصيراً، وخارج
المسابقات ٥٨ فيلماً طويلاً و٥ أفلام قصيرة.
samirmfarid@hotmail.com
المصري اليوم في
14/12/2010
جاءت تحت أسماء «المهر العربي» و«المهر الآسيوي ـ الأفريقي»
و«المهر الإماراتي»
مهرجان دبي السينمائي الدولي:
ثلاث مسابقات رئيسية في مهرجان دبي للأفلام
الروائية والوثائقية والقصيرة
محمد رُضا *
هل على المترجم أن يكون شاهد فيلم الافتتاح لتوم هوبر لكي يدرك أن
كلمة
Speech
في عنوان الفيلم
The King›s Speech
مقصود بها «خطاب» وليس «حديث»؟ الغالب لا. ببعض الفصاحة وبقليل من مراجعة
القصة سيدرك أن الدراما المُصاغة حول حياة الملك جون السادس (أربعينات
القرن الماضي) تدور حول التأتأة التي كانت منعت الملك البريطاني من إلقاء
«الخُطب» وليس من الحديث العادي.
لكن المهرجان انطلق بعنوانه البديل ومن حسن حظه أنها الملاحظة السلبية
الوحيدة في حفل الافتتاح، الذي دشن الدورة السابعة من هذا المهرجان على
أعرض شاشة شاهد عليها هذا الناقد صورا (وهو شاهد الكثير)، تم استهلال
الحفلة بلوحات واسعة بعضها حي وبعضها مصوّر تلاحمت في آن واحد ومن دون
هفوات بيد وتصميم عربيين كاملين، واستعراض موسيقي لثقافات بعض أركان هذا
العالم في تجسيد للهدف الذي رفعه المهرجان منذ دورته الأولى سنة 2004 وهو
«تلاقي الثقافات». وهو هدف ما زال مجسّدا يعايشه الزائر إليه عاما بعد عام
ولو أنه تطوّر كثيرا عما كان عليه في العامين الأوّلين. فعوض أن يكون عن
تلاقي ثقافات إنما مع وجود هوّة بين الوافد والمقيم، هو منذ عامه الثالث
وحتى الآن تلاقي ثقافات بلا فروقات ومن دون هيمنة ثقافة على أخرى كما الحال
في مهرجانين دوليين آخرين موزعين في المنطقة.
مرجع ذلك بالطبع إلى أن إدارته التنفيذية (الموزعة بين رئيسه عبد
الحميد جمعة ومديره الفني مسعود أمر الله آل علي) عربية. كذلك أن مديره
الفني ذاك، سينمائي ممارس وذو رؤية ومنهج وخطّة تطبيقية.
حين ازدادت المنافسة من حوله أصر على أن لا يجاري المتنافسين. ترك
المهرجانات الأخرى تفعل ما تريد لكي تؤمن الأفلام التي تستطيع الوصول إليها
وانتظر هدوء الغبار ليعلن برمجته الخاصّة. ليس أن هذا الانتظار كان هدوءا
وحده، بل كان توتّرا أيضا: كثيرون هم المخرجون والمنتجون الذين سارعوا
بقبول إغراءات وحوافز مالية تعرّضوا لها لأجل الاشتراك في المهرجانات
المحيطة. ليس أن «دبي» لا يستطيع أن يجاري لكن، وحسب ما يقوله مسعود أمر
الله لـ«الشرق الأوسط»: «لو فعلت ذلك لخسرت قيمة المهرجان وجهد ست سنوات من
العمل الدؤوب لمعاملة السينما والسينمائيين بالاحترام الواجب». ليس فقط أن
هذا حقيقي، بل هو أيضا شأن مثمر نتج عنه دورة تبدو، ولو على الورق حاليا،
أهم دوراته وأكثرها إثارة.
حفل الافتتاح تبع الاستعراض الموسيقي الموجز والفني بكامله بقراءتين
على نفس الإيجاز الأول من قبل الرئيس والثاني من قبل المدير ومن دون
استثمار الوقت لإطراءات (ولو أنها مستحقة نظرا لموقف حكومة دبي المؤيد
للمهرجان) كما أنه من دون أي تبجح بالإنجاز نفسه. بل ذكر واقعي بما حققه
المهرجان في تاريخه وبما يعتبر أنه حققه في هذه الدورة ولها.
ثم تم تقديم لجان التحكيم المختلفة (هناك ثلاث مسابقات رئيسية وأربع
موازية) بطريقة لم أجدها في أي مهرجان دولي: بالصورة وعلى الشاشة أيضا تم
استعراض كل اسم وصورة لكل عضو في كل لجنة تحكيم في أقل من خمس دقائق.
شخصيا، شعرت بالفخر إذ وجدت نفسي في هذا التقديم كوني عضوا في لجنة اتحاد
نقاد السينما الدوليين التي ستمنح جائزتين؛ واحدة لأفضل فيلم عربي طويل
وأخرى لأفضل فيلم عربي قصير.
كل واحدة من هذه المسابقات مقسمة إلى ثلاثة: هناك مسابقة المهر العربي
الموزعة إلى الأفلام الروائية والأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة. والحال
نفسها بالنسبة لمسابقة المهر الآسيوي - الأفريقي وللمرة الأولى - تم
استحداث مسابقة للمهر الإماراتي.
مرّة أخرى مسعود أمر الله: «هذا الحراك لم يكن لولا تأسيس مهرجانات
إماراتية، فمن «مسابقة أفلام من الإمارات» في أبوظبي سنة 2002 إلى «مهرجان
دبي السينمائي الدولي» سنة 2004 وانتهاء بـ«مهرجان الخليج السينمائي» في
دبي (2008)، ساهمت هذه الحضانات بشكل حقيقي في دفع صانعي الأفلام لإنجاز
هاجسهم المجتمعي والبصري.
مجمل عدد الأفلام المشتركة في هذا القسم أربعة عشر فيلما تتوزّع ما
بين الوثائقي الطويل والقصير وبين أفلام روائية قصيرة.
عشرة أفلام روائية عربية في مسابقة المهر العربي وثمانية أفلام
وثائقية طويلة وخمسة عشر فيلما قصيرا تم التعامل معها جميعها، وكالعادة،
بتساو مثالي حيث الإيمان بأن كل شكل من أشكال العمل السينمائي يستحق مكانته
بجدارة. يقول رئيس برمجة القسم العربي عرفان رشيد إن هناك تركيزا على
المخرجين الشباب: «إذا كان التركيز على الشباب المبدعين خيارا جوهريا، فإن
ما يأتي من هؤلاء الشباب يؤكد صحة المسار إذ يضع كل منهم أصبعه على الجرح
الأكثر إيلاما وحضورا في الواقع اليومي المعيش».
* «مطر أيلول» - إخراج: عبد اللطيف عبد الحميد - سورية - 2010 - مبدأ
الأصبع والجرح يتّضح كثيرا في فيلم عبد اللطيف عبد الحميد «مطر أيلول» الذي
شاهدناه في عرضه الإماراتي الأول بعدما كان شارك في مسابقة مهرجان دمشق
السينمائي الدولي قبل نحو شهر حيث خرج بالجائزة الثالثة.
عبد اللطيف عبد الحميد ليس من شباب السينما لكنه متع السينما السورية
بعدد كبير من أفلامه التي تناولت مواضيع عاطفية معظمها يحدث مع الشباب ولو
أن ذلك ليس وقفا عليهم في هذا الفيلم. الموضوع هنا يدور حول أب أسرة (أيمن
زيدان في إقناع) ماتت زوجته وشاهد ترعرع أولاده الشبّان الستّة. أربعة منهم
يعزفون الموشّحات والتراثات الموسيقية لكن الجميع واقعون في الحب. هؤلاء
الأربعة يحبون أربع شقيقات من عائلة صديقة، والشابان غير العازفين كل في حب
مختلف: واحد مع فتاة يركض من أجلها مسافات المدينة حاملا إليها وردة كل
صباح، وآخر يصر على تنفيذ سيارة الفتاة التي يحبّها. كلتا الفتاتين تحب
هذين الشابّين والكلمات بين الأربعة قليلة جدّا إن لم تكن نادرة والعلاقة
واقفة على الوله المعبّر عنه بالنظرات.
لكن، علاوة على ذلك كله، فإن الأب أيضا في الحب. إنه يحب خادمة البيت.
امرأة متوسّطة العمر يلتقيها في سيّارته في بستان ما. أيضا تنظر إليه وينظر
إليها والكلام بينهما محدود.
في الهاجس هناك الشخص النافذ (أو هكذا يريدنا الفيلم أن نفترض) الذي
كان الأب ضربه علقة ذات يوم قريب والآن يسعى لمصالحته والاعتذار منه لأنه
يخشى على نفسه وأولاده. سنرى قرب النهاية أنه كان على حق في مخاوفه، ولو أن
النتائج الأليمة ليست من صنع أحد باختياره.
التعليق على الجرح النازف في فيلم عبد الحميد يتمثّل بخفّة: هذه
العائلة التي تحب على نحو شامل، تعيش حالة خوف من خطر مضاد للحب. «مطر
أيلول» يصبح حول الضغط الذي يشعر به الإنسان العادي في وطنه ضد التبعيات
الناتجة عن المحسوبية والفساد والعلاقات السُلطوية. في هذا النحو لم يختلف
هذا الفيلم عن أعمال عبد الحميد السابقة، فهي جميعا دارت عن السُلطة
الكامنة في شخص ضد الأشخاص الباقين. عادة، وفي أعماله الريفية (غالبية ما
حققه للآن) هي شخصية الأب التي قد تعكس شخصية السياسي أو تماثلها. لكننا
هنا مع أب مختلف هو بدوره ضحية الوضع الجاثم ذاته.
كما في أفلام عبد الحميد الأخرى أيضا مسألة لا تسبح في التيار ذاته:
العاشقون في أفلام المخرج متيّمون لدرجة البلاهة. لا تجد حكيما في العشق،
ربما لأن الوقوع في الحب مناف للحكمة، لكن المشكلة هي أن التصرّفات دائما
ما تنم عن سذاجة تكسر نوعية الرسالة المنشودة من وراء تجسيد تلك العاطفة
الإنسانية. إذ هي عاطفة جياشة في أعمال المخرج، وفي هذا الفيلم أيضا، تفقد
ما قد تدعو إليه أو قدرا منه على أي حال. تصبح المسألة أن كل هذا القدر من
الحب سيقود إلى كل هذا القدر من البؤس.
تنفيذيا، لدى المخرج أفكار نيرة وتنفيذ لقطات جيد، لكن الصلة بين
الاثنين دائما ما تأتي فاترة. بعض المشاهد مزروعة في غير أوانها، وبعض
النقلات ليست سلسة، كذلك فإن الشخصيات مكتوبة باجتهاد خاص ولا تؤدي إلى
المنشود منها، ما يجعل العمل واقعا تحت مخاطر الانزلاق بفعل كثرة المطر
وليس بسبب جفافه.
على ذلك، هو أفضل من أعمال المخرج القريبة السابقة وعلى الأخص، «أيام
الضجر» الذي كان شارك في مهرجان دبي العام ما قبل الماضي.
* عند الفجر - إخراج: جيلالي فرحاتي - المغرب - 2010 سيبقى فيلم
جيلالي فرحاتي «شاطئ الأطفال الضائعين» (1991) ليس من أفضل أعماله وحسب، بل
من أفضل أعمال السينما المغاربية إلى اليوم. هذا يقول شيئا عن حال فيلمه
الجديد الذي لا يصل إلى مستوى ذلك الفيلم، لكنه يبقى - في أضعف الأحوال -
عملا بارزا بملكيات فنية خاصّة.
أبطال هذا الفيلم هم - في شطحة ما - أطفال ذلك الحين وقد نموا وتزوجوا
وأنجبوا. الشيء الوحيد الذي لم يحققوه هو الانتقال من الهامش الذي وجدوا
أنفسهم فيه على أحد الشواطئ، إلى المتن أو الكيان الاجتماعي ذاته. أنهم ما
زالوا على الهامش وإن كان أبطال هذا الفيلم (بينهم المخرج نفسه في دور عمر)
غيّروا الموقع الجغرافي. عمر وزوجته كلثوم (أسماء الحضرمي) يعيشان في بيت
صغير في بلدة في منطقة غير مسمّاة. كلاهما ممثل مسرحي (وهو مخرج أيضا)
يتمنيان تحقيق مسرحية ولو في خلاء المنطقة الجبلية التي يعيشان فيها. لكن
الزوج يسعى لمسرحية يقدّمها في طنجة. المشكلة هي أنه يكتب كلاما من نوع
يخاف المنتجون الاحتكاك به. ردّا على ذلك يسأل عمر أحد المنتجين إذا ما كان
يريد هو أن يكتب النص. بجواب أو من دونه، يجد عمر نفسه وقد استرد نصّا لا
زال على الورق ومن دون أمل في خروجه إلى حيّز الفعل.
لكن هذا ليس كل ما يقع معه: أحد تجار المخدّرات ألقى بحقيبة خضراء
أمام منزله هربا من البوليس. يفتحها عمر ويكتشف ما فيها فيخفيها ويحاول
بيعها ليحل لا مشكلته الفنية فقط، بل مشكلة زوجته الصحية. في الوقت ذاته،
تعمل ابنته الشابّة في ملهى يديره شخص مدمن. إنه يتمنّى الفتاة كما
يتمنّاها صاحب الشقّة الملتحي، لكنها تقف بنبل وراء رسالتها مدافعة عن
شرفها من دون تردد وبقوّة نجدها عادة بين شخصيات المخرج النسائية في كل
أفلامه.
هذا الفيلم هو شحنة اجتماعية - سياسية أخرى لكن مشكلته موغلة في
محاولة سرد يختلف عن التقليدي مما يوقع الفيلم في خطوط موازية لا تشكّل
بديلا صحيحا. مرّة أخرى، نجد تشتتا في العرض وتكرارا في الحالات تمر
متكاسلة. إنجاز المخرج البصري جيّد من حيث تأليف الصورة، عادي من حيث
التصوير (قام به كمال درقاوي) ولو أن حضور الأداء لا غبار عليه في كل
الحالات. هناك قناعة وإدارة صحيحة للشخصيات ولممثليها وفوق كل ذلك، ذلك
الحزن القيّم الذي يتسرّب إلى العمل، ولو أنه لا يترك التأثير العاطفي الذي
كان من المفترض أن يتركه.
* عضو الاتحاد الدولي لنقاد السينما
الشرق الأوسط في
14/12/2010 |