نجم له بريق خاص يتمتع بالوسامة والجاذبية وساعدته ملامح وجهه الغربية
في دخوله العالمية واجهة مشرفة مصرية لما يتمتع به من ثقافة وإجادته لبعض
اللغات وامتلاكه طاقة فنية جعلته يخطو السينما العالمية كان أحدثها فيلم
«الأب والغريب» الذي دخل المسابقة الرسمية ضمن فعاليات مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي في دورته الـ 34 وحصل علي جائزة أفضل ممثل وأفضل سيناريو
ولذا سألناه:
·
أهم ما يميز الفيلم من وجهة نظرك
لفوزه بأفضل سيناريو؟
- الفيلم فيه محاكاة من ثقافتين مختلفتين ما بين
الشرق والغرب وكيفية التعايش أصدقاء معاً كل منا يحترم مقدسات ومعتقدات
الآخر دون تعصب من أجل المصلحة الإنسانية بالإضافة إلي الملحمة الإنسانية
الخصبة من خلال التطرق نحو الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم والفيلم
عملية إبحار في النفس الإنسانية التي لا يعلمها الغرب عنا.
إذابة الجمود
·
بعد الجائزة ماذا ستفعل؟
- سأكون أكثر دقة وموضوعية وستكون رسالتي الحقيقية
هي كيفية إزابة الجمود والتقييم بين الشرق والغرب لان السينما هي المنبع
الرئيسي الثقافي والتي لها تأثير في جميع الشعوب وهدفي ان تجد السينما
المصرية مكانتها بين سينما العالم.
·
هذا يعني ان اتجاهك سوف يكون نحو
السينما العالمية؟
- لا ليس شرطًا أنا يهمني الرسالة التي يقولها
الفيلم أولا سواء كان عالمياً أو محلياً لان العمل الفني الجيد الذي يخاطب
كل العالم والاستغراق في المحلية كما فعل العملاق نجيب محفوظ الذي عمل علي
توحيد الأطراف الإنسانية الثقافية من جميع الجهات ولذا أحبته كل الشعوب
العربية والغربية وأنا بدأت مشواري الفني من خلال السينما العالمية وكان
أول أفلامي «جنة الشياطين» إخراج أسامة فوزي والسيناريست مصطفي زكريا.
عالمية محفوظ
·
هل إجادتك للغات هي التي ساعدتك
علي دخول السينما العالمية؟
- لا.. ليس شرطا، نجيب محفوظ وصل للعالمية وكان لا
يتحدث سوي اللغة العربية ويوجد كثير من الفنانين العرب يتحدثون اللغة
الأجنبية ولكنهم لم يصلوا للعالمية، المسألة في مضمونها رسالة يستطيع
الإقبال علي فهمها جميع الشعوب وهذا يحتاج إلي موهبة خاصة في المقام الأول
وبعد ذلك اللغة تساعد فقط ولكن ليست الأساس.
·
كيف تعاملت مع الشعب الإيطالي؟
- الجماهير الإيطالية تتمتع بخفة الظل كالمصريين
تماماً وكنا متفاهمين جداً جداً والشعب الإيطالي به الكثير من العادات
والتقاليد والمشاعر والسلوكيات المصرية وهذا شيء طبيعي لأننا تربطنا معهم
منطقة البحر المتوسط.
·
من عمرو واكد؟
- إنسان مصري من المعادي خريج الجامعة الأمريكية
قسم اقتصاد وكم عملت بمسرح الجامعة والتحقت بالعديد من الورش الفنية وعملت
في المسرح التجريبي والمسرح المستقل.
ممثل كل الأدوار
·
كيف تصنف نفسك؟ كوميدي ، تراجيدي
أم أكشن؟
- أنا ممثل أجيد كل الأدوار بإتقان ومؤمن بأن
التمثيل رسالة وموهبة في المقام الأول فأستطيع أن أقدم كل الأدوار وأنا في
منطقة لا ينافسني فيها أحد رغم كل هذا الزحام أنا مقتنع بذاتي وراض كل
الرضا.
·
ما الذي ينقص عمرو واكد ليكون
نجم شباك؟
- هذه المسألة تدخل فيها مصالح أخري أولها أصحاب
السينما والموزعون الذين يفرضون علي المنتج نوعية معنية من النجوم
والموضوعات الفنية وبناء علي ذلك ينفذ المنتج لانه في النهاية يريد المكسب
وليس الخسارة وعندما أريد ان أكون نجم أول سأكون لكن بطرق غير مشروعة ولكن
أنا في النهاية لا أريد أن أخسر نفسي وكرامتي.
·
النجم الوحيد الذي وافق علي ان
يكون المساعد للبطولات السينمائية النسائية كفيلم «ديل السمكة» مع حنان ترك
وفيلم «من نظرة عين» لمني زكي.. ما تعليقك؟
- لم يحدث في تاريخ حياتي السينمائية إلا من خلال
هذين الفيلمين فقط وهاتان الفنانتان لهما تاريخ سينمائي لا بأس به بالإضافة
إنني تربطني بهما علاقات صداقة قوية ومعزة خاصة.
السينما النسائية
·
هذا يعني انك ضد السينما
النسائية؟
- لا.. بالعكس أنا مؤيد السينما النسائية ولا ننسي
تاريخهن السينمائي المشرف الذي قامت علي أساسه أولي صناعة سينما كالسيدة
فاتن حمامة، ماجدة، هند رستم، نادية لطفي، سعاد حسني، نادية الجندي، نبيلة
عبيد، يسرا، وكثيرات كثيرات أحمل لهن جميعاً الاحترام والتقدير وأنا أحترم
عمل المرأة في جميع الاتجاهات ومؤمن ان وجود المرأة وماهيتها من خلال عملها
بدليل انني وافقت ان أكون بطلاً ثانيا لمني زكي وحنان ترك، ولكن أنا أقصد
أنني لم أجازف بنفسي كبطل ثان لأي فنانة أخري ربما تكون من وجهة نظري أنا
عادية وقد تكون فنانة سوبر لآخرين المسألة في النهاية عملية اقناع وحب
للآخر.
·
من مكتشف عمرو واكد؟
- محمود حميدة وأسامة فوزي أول من آمنا بي علي
المستوي الفني.
الفن والبورصة
·
لو لم تكن فناناً، فماذا تحب أن
تكون؟
- أنا كنت أعمل في البورصة وحالتي المادية مرتفعة
جداً ولكن حبي للفن كان أقوي مني ولذلك تفرغت للفن ولم أرض غيره بديلاً.
·
القضية التي تشغلك علي المستوي
العام؟
- القضية التي تشغلني علي المستوي العام: العالم
العربي الذي يعيش حالة انفصام وحيرة في قلب الحضارة الأوروبية فهو حائر ما
بين هويته الضائعة والحضارة الغربية عنه التي يملكها ولا يفهمها ويستغلها
بشكل سيئ غير موضوعي دون فهمها واحترامها أتمني ان تكون هذه قضيتنا
الأساسية التي يجب الإنتباه إليها جيدًا خصوصاً في تلك الأيام.
·
هل لك هوايات أخري؟
- كرة القدم، الشطرنج، العزف علي آلة الجيتار
·
أصدقاؤك من الوسط الفني؟
- معظم الفنانين الذين عملت معهم أصدقائي ولا يوجد
شخص بعينه.
·
فلسفة تتبعها في حياتك؟
-الفلسفة التي أتبعها في حياتي امشي عدل يحتار
عدوك فيك والخط المستقيم هو أقصي وأسمي الطرق وهذا الذي أتبعه كسلوك في
حياتي كلها سواء الفنية أو الشخصية.
·
من المطرب أو المطربة المفضلة
عند عمرو واكد؟
- المطرب الذي يطربني وبه عبق الطرب الأصيل هو سيد
درويش وحفيده إيمان البحر درويش، أما المطربة فمازالت هي كوكب الشرق
والعالم كله أم كلثوم.
·
المرأة التي تجذب عمرو واكد؟
- أنا أقدس واحترم الجمال ولذا أول ما يجذبني
للمرأة جمالها في المقام الأول وبعد ذلك يأتي زكاؤها وثقافتها وأخلاقها
وتدينها.
·
وبسبب حبك للجمال تزوجت فرنسية؟
- لا.. الجمال موجود أيضاً في المرأة المصرية
والعربية بل أحياناً تتفوق المرأة العربية علي الأوروبية في الجمال ولكن
الذي ربطني بزوجتي هو الحب فقط وأنا تزوجت عن قصة حب ومازلت أعيش الحب مع
زوجتي.
·
صفة تتمني التخلص منها؟
- الطيبة التي بداخلي تزيد علي الطبيعي وأتمني
التخلص من هذه الصفة التي يعتبرونها سذاجة وأحياناً يسمونها عبط وهبل.
جريدة القاهرة في
14/12/2010
«الشوق»،
«ميكرفون».. مصر تفوز
مرتين
بقلم : د.رفيق الصبان
تمامًا.. كما حصل في مهرجان دمشق السينمائي ونجحت الجزائر في اقتناص
أكبر جائزتين في المهرجان (الجائزة الدولية وجائزة أحسن فيلم عربي) عن
فيلمها الرائع (خارجون عن القانون) الذي أخرجه رشيد بوشارب.
نجحت مصر.. في اقتناص الجائزتين الكبيرتين أيضًا (الجائزة الدولية
وجائزة أحسن فيلم عربي) عن الفيلمين الذين قدمتهما للمهرجان من أصل أربعة
أفلام.. (الشوق) الذي كتبه سيد رجب وأخرجه خالد الحجر والذي حصد الهرم
الذهبي.. وجائزة أحسن فيلم عربي التي نالها أحمد عبدالله عن فيلمه
(ميكرفون) وكان قد سبق له أن نال جائزة جانبية العام السابق عن فيلمه
البديع هليوبوليس.
واستطاعت سوسن بدر.. المصرية أن تقف وقفة الند مع واحدة من عبقريات
التمثيل في العالم (إيزابيل هوبير) وأن تتقاسم معها جائزة أحسن ممثلة في
المهرجان.
لا شك أن هذا العام.. هو عام السينما المصرية الشابة.. التي حققت في
أغلب المهرجانات العربية.. نجاحات كانت كثيرًا ما تأمل بها سابقًا..
واستطاعت أن تحققها هذا العام.
الجائزة الكبري في قرطاج الجائزة الكبري في أبوظبي وها هي تثلث
جوائزها بجائزة الهرم الذهبي والملحوظ أن هذه الأفلام كلها من إخراج مخرجين
شبان.. يكونون أنفسهم وسينماهم بموهبتهم وعزمهم وعنادهم.. بعيدًا عن سيطرة
المنتجين ونفوذ النجوم الكبار.
الحياد الإيجابي
كنا قد أشرنا سابقًا.. وفي بداية المهرجان إلي مستوي لجنة التحكيم
الدولية لهذا العام برئاسة المكسيكي (رويشتايف) والتي تضم عناصر سينمائية
محترمة من كافة البلدان.. ولم يكن لمصر نصيب فيها إلا من خلال كاتب سيناريو
(محمد حفظي) ومخرج متمكن (علي بدرخان).. لذلك لم تكن هناك أية شبهة في
حياديتها وفي بعد نظرها.. وفي حكمها الصائب علي الأفلام.. وهذا ما تجلي
بصورة واضحة في توزيعها لجوائزها المبتعددة.. التي خرجت علينا دون شائبة.
(شوق) هو مرثية شعرية واقعية لحارة وامرأة من
إسكندرية.. تتصالب أقدارهما لتقود المرأة إلي الهاوية.. وكأنها منومة تسير
علي هدي قدر رهيب لا يرحم.
الفيلم يتمتع بصورة خلابة لمدينة الإسكندرية وأداء مدهش من كل
عناصره.. وأغلبهم ممثلون يعبدون عن الأضواء الساطعة.. ولكنهم قريبون جدًا
من مشاعر الحارة ومن خفقات القلب الإنساني إنه فيلم يقول الكثير.. من خلال
نقاط متفرقة.. وشخصيات تائهة تشكل مع بعضها موزاييكا يدخل مباشرة إلي القلب
كرصاصة محكمة.
خالد الحجر يعود إلي تألقه.. الذي عرفناه في فيلمه الأول ويغوص عميقًا
في أغوار النفس البشرية ويقدم درسًا في الأداء التمثيلي لأبطاله..
ممثلة متمكنة
لقد عرفنا سوسن بدر.. منذ زمن ممثلة جيدة ومتحكمة في أوراقها.. ولكنها
في هذا الفيلم.. تصل إلي حدود عبقرية الأداء.. وتذكرنا بكبار الممثلات من
أمثال أيرين باباس وسيمون سينوريه.
ولا أعتقد أن شيئًا من الظلم قد نالها.. عندما شاركت العبقرية
الفرنسية (إيزابيل هوبير) جائزتها.. إن وجود هوبير في المسابقة.. يلقي
ستارًا علي كل الممثلات الأخريات.. اللواتي من الصعب الوقوف إلي جانب ظلها
العملاق.. لذلك جاءت جائزة سوسن بدر جائزة ذات حدين.. حد يتعلق بأدائها
العميق لشخصية أم شوق، والحد الآخر وقوفها وقفة المناصفة مع هوبير.. وهذا
لوحده في رأيي.. يفوق كل الجوائز الأخري، وكل جائزة في التمثيل تطمح بها
ممثلة من بلدنا.
جائزة لجنة التحكيم أو الهرم الذهبي ذهبت إلي فيلم مشترك (إيرلندي
مقدوني سويدي) يركز علي فظائع حرب البوسنة.. وما فعله الجنود الصرب بالسكان
الآمنين.. من قتل واغتصاب وتشريد، فيلم يغوص أيضًا في أعماق الواقع.. ليقدم
لنا صورة ترتعد لها النفوس، ولكنه يغلفها بستار من (العشق الرقيق) والذي
يبدو لنا بادئ الأمر مستحيلاً في هذه الظروف. ولكن دقة السيناريو واختلاط
الواقع الشديد القسوة فيه بلهيب شاعري دافئ.. جعلنا نقبل مشاهده العنيفة..
التي تصفعك وتفيقك من سباتك رغمًا عنك، إنه مثال حقيقي (لسينما القضية) أو
سينما المعركة إذا أردنا أن نطلق عليها تسمية أخري. عالجتها مخرجة حساسة
تعرف كيف تقول وكيف تصرخ أحيانًا وكيف تهمس في أحيان أخري.
جائزة مستحقة بجدارة لجائزة الفيلم الفلبيني (أمير) الذي حصل علي
جائزة أحسن تقنية صوتية وتصويرية. الفيلم يسير علي خطي الفيلم الفرنسي
الشهير (مظلات ثربورج) أو الفيلم الأمريكي (كارمن جونس) حيث يستبدل حواره
كله بالغناء وأحيانًا بالرقص رغم أنه يعالج بالنسبة لنا موضوعًا شديد
الحساسية، عن العمالة الآسيوية.. في بلاد الخليج.
قصص الحب
كذلك لا يمكن الشك في موهبة الفيلم البولندي الذي أخرجه كأول عمل لها
مخرج شاب تحدي بفيلمه كبار المخرجين، وقدم فيلمًا ملحميًا تختلط فيه
البطولات بالتاريخ بقصص الحب وتدور كلها حول بناء ميناء هولندي وما يتخلل
ذلك من أحداث (ولد من البحر).
موضوع قد يصبح في يد (مخرج) غيره.. موضوعًا مملاً وبعيدًا عن التشويق
المطلوب ولكن أداء المخرج وإيقاعه وقدرته علي رسم الجو التايخي.. كل ذلك
أعطي الفيلم نكهة مدهشة وبشرنا بسينمائي شاب.. يمكن أن يقدم لبلده الكثير.
الفيلم الإيطالي الذي أخرجه (ريكي تنيازي) ويروي علاقة شاب عربي بآخر
إيطالي يتجاوران في مأساة واحدة تتعلق بأولادهما.. إنه من خلال دراما
بوليسية نفسية.. يرسم معالم طريق مشترك بين متعارضين وليس بلدين.. يجمعهما
شوق واحد وهم واحد.. وتفصل بينهما حواجز وهمية اخترعناها بأنفسنا
واعتبرناها أحيانًا حواجز لا يمكن تجاوزها.
الفيلم نال جائزة السيناريو إلي جانب جائزة تمثيل ثنائية، جمعت بين
نجمنا الصاعد (عمرو واكد) وبين ممثل شاب موهوب (السندروحاكمان) الذي أطل
علينا بوسامته.. وحضوره ليذكرنا بأبيه العملاق الذي فقدته السينما
العالمية.
واعترف بأنني لم أشهد الفيلم البلغاري (تعليق صوتي) الذي فاز بجائزتين
كبيرتين هما جائزة النقاد العالميين (الفبرس) وجائزة أحسن إخراج، ولنا عودة
لهذا الفيلم الذي لا أشك أبدًا بحسن اختيار لجنة التحكيم له. إذا نظرنا
بعين التأمل إلي اختياراتها الأخري المفاجأة.. في هذه الجوائز المستحقة
غياب فيلمين كانا بالنسبة لي من أهم أفلام المسابقة الروسي (من أنا) الذي
يعيد للسينما الروسية بريقها.. من خلال جو بوليسي محكم وتصوير خلاب.. تختلط
فيه شاعرية الرؤية.. بعمق الدراما.. وسيناريو أقل ما يقال عنه إنه (درس
حقيقي في فن السينما).. شيء مثير للدهشة، أن يمر فيلم كهذا أمام أنظار لجنة
تحكيم لهذه دون أن ينال تقديرًا أو إشارة أو حتي تنويهًا بسيطًا.
عباقرة السينما
الفيلم الآخر هو فيلم واحد من عباقرة السينما الكبار (باتشكو) الذي
يقدم كعادته فيلمًا يستمد أحداثه من تاريخ بلاده.. ومقاومتها لمن استعمر
أرضها من خلال أسلوب.. لم يتخل عنه المخرج منذ بداياته الأولي. أسلوب يختلط
فيه الشعر بالموسقي بالرقص الفلكلوري بالتاريخ والمعارك.
من أجل العدالة.. فيلم كبير.. كبير كبر المهرجان نفسه.. ومخرجه واحد
من القلائل في العالم لأن الذي يصنع سينما خاصة به وبأسلوبه وبرؤياه.. وهو
بهذا النهج يقف مع مخرجين كبار أمثال فيليني وأنطونيوني وبرجمان وشاهين.
وأنا أعتقد أن حجب أية جائزة عنه (وهو الذي نال تتويجًا أكثر من مرة
في مهرجانات كبري ككان والبندقية وموسكو وبرلين).. إنما يعود لعدم رغبة
لجنة التحكيم بوضعه موضع المقارنة مع غيره.. لأنه بالحق نسيج وحده، ولا
يمكن تصنيفه بعد تاريخه الطويل الحافل بالتحف السينمائية في خانة واحدة مع
باقي المخرجين.
أريد أن أؤمن العذر كي لا أفقد احترامي للجنة تحكيم عالية المستوي..
شديدة الثقافة وتملك من رهافة الحس وعمق النظرة الشيء الكثير مما يجعلني لا
أصدق.. إنها وضعت فيلم (من أجل العدالة) تحت ميزان التعادل.. وأنها أخرجته
من سباق الجوائز عامدة متعمدة.
نعم جوائز مستحقة وتدل علي وعي سينمائي متكامل.. وهذه ميزة تنسب
لإدارة المهرجان.. التي عرفت كيف تختار محكمي مهرجانها، وكيف تخلق بينهم
هذا الانسجام وهذه الرصانة والحيادية.. التي تمثلت بشكل قوي في الجوائز
المعطاة.
الفيلم العربي
وتبقي جوائز الفيلم العربي وقد نال أكبرها الفيلم المصري.. (ميكرفون)
لصاحب هليوبوليس أحمد عبدالله والتي لم تكتف اللجنة بإعطاء جائزة واحدة كما
كان مقدرًا وإنما تنوعت جوائزها وزادتها شهادات تقدير.. سنضعها جميعًا في
كفة الميزان في رؤية قادمة.
جريدة القاهرة في
14/12/2010
الشوق .. الهرم الذهبي وتهمة
الإساءة لسمعة مصر
بقلم : ماجدة خيرالله
الإساءة لسمعة مصر،تهمة تلاحق كل الأفلام التي تتحدث عن الفقراء،أو
تلك التي تناقش قضايا الفساد،أوتظهر شخصيات تعاني من ضعف إنساني أو سقطات
سلوكية، باختصار كل الأفلام تسيء لسمعة مصر،بمنطق من يتربصون بالفنون،
ويريدون للسينما أن تكون وسيلة دعائية،أو للترويج للأماكن السياحية، أو
مجرد وسيلة للترفيه الذي لايحمل أي مضمون،وتغرق وسط أمواج من التفاهة
والسطحية! لقد أدي انتشار الجرائد الخاصة،الي ظهور جيل من الصحفيين لايمت
للمهنه بصلة،بعضهم يحلو له الكتابة في الفن، علي اعتبار أنه المجال الذي
يمكن ان يحقق شهرة سريعة، فمجرد الهجوم علي فنان أو عمل سينمائي او
تليفزيوني يمكن أن يلفت نظر القارئ، وأصحاب العمل أيضاً، وهؤلاء يحققون
نشوة عارمة من مجرد إثارة حالة من اللغو، حول الأعمال الفنية، فهذا فيلم
يقدم مشاهد مثيرة وذاك ظهر به البطل وهو يدخن السجائر،ويتحول الصحفي الفني
بقدرة قادر الي مفتي يتحدث عن الحلال والحرام،ويقوم بتصنيف نجوم الافلام
الي مؤمنين وكفار،حسب نظرته ووجهة نظره فيما هو حلال أو حرام،حالة هائلة من
الفوضي والعشوائية،والبلادة الفكرية،تنم عن جهل عظيم،والجهل هنا ليس هجاء
أو "شتيمة" ولكنه وصف لمن يجرؤ علي الحديث في موضوع بدون أن يتسلح بمعلومات
كافية،أو تكون لديه الخبرة والمعرفة التي تتيح له حق إبداء رأي أو إطلاق
الأحكام علي الأعمال الفنية! وإذا كان لصغار الصحفيين الذين ملؤوا حياتنا
مثل ذباب الصيف عذراً في جهلهم وقلة خبراتهم، فماعذر الكبار الذين قضوا في
مهنة الصحافة الفنية ما يزيد علي نصف قرن؟
جائزة مستحقة
المناسبة الحديث عن فيلم "الشوق" للمخرج خالد الحجر وهو الفيلم الذي
حصل علي جائزة الهرم الذهبي في الدورة الـ 34 لمهرجان القاهرة الدولي،وجاء
هذا الفوز بعد 14سنة من حصول فيلم" تفاحة" للمخرج رأفت الميهي علي نفس
الجائزة! وبمجرد الإعلان عن فوز الشوق بالجائزة التي رأت لجنة التحكيم أنه
يستحقها، بدأت السهام تنطلق صوبه، والاتهامات تؤكد أنه يسيء لسمعة مصر،لأنه
يقدم سكان أحد الاحياء الشعبية بمدينة الإسكندرية في حالة من الفقر والعوز
والمرض، مما يدفع إحدي سيدات هذه الحارة وهي "فاطمة" أو سوسن بدر بطلة
الحكاية إلي التحايل علي ضيق ذات اليد، بمد اليد للآخرين "التسول"! وقد
أصابتني حالة من الدهشة والانزعاج عندما قرأت مقالة لصحفي كبير،يؤكد أن
وراء إنتاج فيلم الشوق جهات مشبوهة !!ولذا قمت بالبحث والتنقيب عن تلك
الجهات المشبوهة التي قامت بإنتاج فيلم الشوق أو ساهمت في تدعيمه ،فوجدت
أنها شركة "أرابيكا للإنتاج الفني " التي يملكها محمد ياسين،بدعم من شركة 3B
الفرنسية،التي يساهم في إنتاجها المخرج الجزائري رشيد بوشارب، والشركة تقوم
بإنتاج وتدعيم مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة بالإضافة
للأفلام الوثائقية، من بينها فيلم
FLANDERS
الذي حصل علي الجائزة الكبري من مهرجان كان السينمائي في عام 2006، وفيلم
"خارج علي القانون" الذي شارك في آخر دورة من مهرجان كان وهو من إخراج رشيد
بوشارب! والشركة لها نشاط فني وثقافي واضح، وليست جهة مشبوهة أو مجهولة، ثم
إن معظم الافلام التي تقدمها سينما شمال أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وشرق
أوروبا تعتمد علي المشاركة والدعم من مؤسسات كبيرة، تضمن خروجها للنور
وتهدف إلي تنشيط عملية الإنتاج السينمائي بين دول العالم، لأهداف ثقافية
وتجارية أيضاً، بحيث يصعب ان تجد فيلما يعتمد علي جهة إنتاج واحدة خلال
العشرين عاما الماضية! وقد كان المخرج الراحل يوسف شاهين أول من بدأ
التفكير في مد جسور التعاون مع الهيئات الفرنسية لدعم إنتاج أفلامه، وكان
الرجل يتحمل موجات التشكيك في انتمائه ووطنيته، وأهدافه ممن يجهلون طبيعة
نشاط الجهات الداعمة لأفلامه، حتي وصل الهوس والخبل مداه، وطالب البعض
بتجريده من جنسيته المصرية بعد أن قدم الفيلم التسجيلي "القاهرة "منورة
بأهلها"، وهي جريمة لا تسقط بالتقادم اقترفها بعض أدعياء الوطنية والغريب
أن منهم من يواجه تهماً مشابهة مع كل عمل فني يقدمه!
أفلام الفقراء
فيلم الشوق للمخرج خالد الحجر،الذي يواجه تهمة الإساءة لسمعة
مصر،يتشابه مع بعض عناصر الفيلم الاسباني "بيوتيفول" ومع عشرات الافلام
التي خرجت من دول فقيرة لها نفس الظروف الاقتصادية والسياسية،التي تعيشها
مصر،وفيلم بيوتيفول الذي أخرجه المكسيكي "أليخاندروكونزاليز أنيريتو" يقدم
شخصية إكسبيل "خافييه بارديم" وهو رجل في منتصف العمر،يعيش مع أطفاله في
أحد الأحياء الفقيرة، في إحدي المدن الإسبانية، زوجته امرأة سكيرة ماجنة،
ولذا فقد أبعدها عن تربية أبنائه، يكتشف إكسبيل اصابته بالسرطان، ويؤكد له
الطبيب أنه لن يعيش أكثر من شهرين، فيسعي بجد وجهد للحصول علي أكبر قدر من
المال ليؤمن مستقبل أطفاله، وكانت وسيلته الوحيدة لكسب العيش،الانخراط في
أنشطه غير شرعية، والتحالف مع بعض عصابات تشغيل المهاجرين غير الشرعيين من
الافارقة،والصينيين،الذين يعيشون حياة غير آدمية مقابل الحصول علي الطعام
والمسكن،ويقدم الفيلم نماذج لرجال شرطة يحصلون علي إتاوات ورشاوي من تلك
العصابات،ويقوم "إكسبيل"بدور الوسيط بين رجال الشرطه ورءوس العصابة، فهو
الذي يدفع الرشاوي ليغض رجال الشرطة الطرف عن الانشطة غير المشروعة التي
يقوم بها هؤلاء المهاجرين لحسابات تلك العصابات! ورغم ان الفيلم يصور حياة
"إكسبيل" البائسة التي لاتقل بؤسا وبشاعة عن حياة غيره من سكان الحي،إلا أن
بيوتيفول من الافلام الجميلة التي لايمكن أن تسقطها الذاكرة،ولم يتهمه
النقاد بالإساءة لسمعة اسبانيا رغم أنه يفوق الشوق مرات،في استعراض حالات
الفقر والغلب و الفساد الاخلاقي والاجتماعي!
ثقافة التلقي
الفرق في ثقافة المتلقي،وللاسف فإن من يكتبون عن السينما وغيرها من
الفنون ليست لديهم الدراية بمعني الفن وأهدافه،ويصدرون أحكاماً أخلاقية علي
الافلام ،وعلي هذا فإن فيلم بداية ونهاية يصبح فيلماً غير أخلاقي لان
"نفيسة" اضطرها الفقر للوقوع في الخطيئة،وقامت بالمتجارة في جسدها،لتعيل
اسرتها واشقاءها الرجال، وهي نفس التهمة التي واجهت افلام بديعه وقيمه مثل
الحرام، والفتوة، والقاهرة 30، وثرثرة فوق النيل، والمذنبون والعار، وليله
ساخنة وعشرات الأفلام التي تعتبرها السينما المصرية من أهم منجزاتها ومن
كلاسيكاتها التي صنعت مجدها،فيلم الشوق الذي حصل علي جائزة الهرم الذهبي من
مهرجان القاهرة السينمائي، يحتاج لناقد واع ومثقف للحكم عليه وتقييمه،
ولايهم أن يختلف مع بعض عناصره الفنية ،طالما كان الاختلاف نابعاً عن منطق
وبعيداً عن التهم الجاهزة والجائرة التي تتصدرها تهمة الإساءة لسمعة مصر!
جريدة القاهرة في
14/12/2010 |