|
تسعة أشهر مرّت على واقعة أم درمان الشهيرة، ولا تزال «المقاطعة»
الثقافية والفنيّة سيّدة الموقف في البلدين... ليلى علوي، ويحيى الفخراني،
وإلهام شاهين، وغادة عبد الرازق والآخرون ضلّوا الطريق إلى رمضان
الجزائريين
في ما مضى، كانت الدراما المصريّة حاضرة بانتظام على الشاشات
الجزائرية. وكانت المسلسلات تعرض طوال أيام السنة، وتتكثّف خلال رمضان. لكن
الحكاية تغيّرت بعد واقعة «أم درمان». فجأة، اختفت المسلسلات المصريّة عن
تلفزيونات الجزائر، في ما يشبه اتفاقاً ضمنياً بين إدارات المحطات على حذف
كل ما يمت للمحروسة بصلة. ويبدو أنّ هذه «الموضة» ستستمرّ في رمضان 2010!
وخصوصاً أنّ المسؤولين في الجزائر لا يبدون أي رغبة في التطبيع الفني
والثقافي مع مصر في الوقت الراهن، على رغم بوادر التطبيع السياسي الذي أوحى
به رئيسا البلدين في لقاءيهما في باريس والجزائر. إذ لا يزال «بلد المليون
ونصف مليون شهيد» يفرض حصاراً محكماً على كل ما يمت إلى الثقافة المصرية
بصلة. هكذا، يستمر حظر الأفلام والأغاني في التلفزيون الرسمي، تماماً كما
تُتجاهَل دعوة الوجوه المصرية للمشاركة في التظاهرات الثقافية الجزائرية...
ورمضان سيكون خالياً هذه السنة من أي نكهة مصرية!
وعلى رغم مرور تسعة أشهر على الأزمة بين البلدين العربيَين بسبب
مباراة كرة القدم، تواصل الجزائر فرض «قطيعة مطلقة» على التبادل الثقافي مع
مصر. تجاهلت الجزائر رسائل الود التي أطلقها عدد من الفنانين المصريين سبق
أن شاركوا في موجة الهجوم على الجزائريين، من أمثال محمود ياسين، ويسرا،
ومحمود عبد العزيز، ومحمد صبحي... ويقول الجزائريون إن استرسال نجوم مصريين
في كيل الاتهامات ضدّ بلدهم هو الذي أثّر في التبادل الثقافي بين البلدَين.
وبلغت الأزمة ذروتها، عندما طالبت صحف وهيئات ثقافية جزائرية من هؤلاء
الفنانين بإعادة الأموال والجوائز التي نالوها في مناسبة مشاركتهم في
مهرجانات سينمائية وثقافية في الجزائر. وهذا ما حصل. بينما فاجأ المخرج
الجزائري أحمد راشدي «المتخاصمين» في البلدين، حينما تمسّك بالجائزة
التكريمية التي نالها في «مهرجان القاهرة السينمائي»، الأمر الذي جعل
الناقد المصري طارق الشناوي يعلّق قائلاً: «لقد لقّن راشدي المصريين درساً
لَيتَهُم يستفيدون منه».
وانطلاقاً من كل المعطيات السابقة، قرر «التلفزيون الجزائري» فرض حظر
مطلق على كل الأفلام، والمسلسلات، والإنتاجات الفنية والثقافية المصرية،
ومنع ظهور الفنانين المصريين في التلفزيون والإذاعة الرسميين. بينما لا
تذكرهم الصحف إلا بالسوء...
ولجأت الجزائر إلى ضخ سيل من الأفلام والمسلسلات السورية، والخليجية،
والتركية، والمكسيكية، إلى جانب توجيه دعوات إلى كل الفنانين العرب
للمشاركة في مهرجانَي «تيمقاد» و«جميلة» الفنيين وغيرهما، وإقصاء مطلق
للثقافة المصرية، خوفاً من رد فعل شعبي ساخط على كل ما يرمز إلى مصر.
استعانة بالأفلام والمسلسلات السورية، والخليجية، والتركية و... المكسيكية!
وكان لافتاً أنّ حملة تبادل الاتهامات لم توفّر الفنانين، وخصوصاً
وردة الجزائرية، وهيفا وهبي، ونانسي عجرم، وجمال سليمان. حتى أنّ بعضهم
طالب باستبعاد هذا الأخير عن مشروع مسلسل «ذاكرة الجسد» المقتبس عن رواية
الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي. ولم تسلم القنوات التلفزيونية من
الشتائم والهجوم، وخصوصاً «روتانا»، و«ميلودي». وراح بعض الجزائريين
يتحدّثون عن «مؤامرة» تحاك ضدّ الجزائريين في برامج تلفزيون الواقع التي
تبثّها شاشات «قد تكون داعمة لمصر».
وعلى رغم الإشارات الإيجابية التي يبعثها القائمون على الثقافة
المصرية إلى نظرائهم الجزائريين منذ لقاء الرئيسين، ورغم التغيّر الجذري في
لغة خطاب القنوات، والصحف المصرية، يبدو مسار استعادة العلاقات الطبيعية
طويلاً. إذ لم يبدِ المسؤولون في الجزائر أي بوادر إيجابية لإنهاء القطيعة.
وقد حاول الفنانون المصريون «المغضوب عليهم» في الجزائر تهدئة الأجواء،
بعدما دعا عدد منهم لمناصرة «الخضر» في مونديال جنوب أفريقيا، يتقدمهم أشرف
زكي، ويحيى الفخراني، وعادل إمام، ويسرا، ومحمد صبحي، وأحمد بدير. وقال
عادل إمام إنه يتمنى للمنتخب الجزائري النجاح «لأنه منتخب عربي وسيرفع
علماً عربياً وسط أعلام دول من مختلف القارات». بينما أعلن يحيى الفخراني:
«لم نتريّث في ما حدث، عالجنا المسألة علاجاً سيئاً». وصرح محمد صبحي:
«أقول لجميع المصريين علينا أن نقف جنباً إلى جانب مع الجزائر في المونديال
كدولة وكشعب شقيقين»، متسائلاً: «ماذا لو كانت إسرائيل في المونديال؟». وفي
ظل كل هذه التطورات، لا يزال الشعب الجزائري عاجزاً عن إعادة العلاقات
الفنية والطبيعية إلى ما كانت عليه. لذلك يبدو أنّ مقاطعة الإنتاجات
المصرية مستمرة حتى إشعار آخر.
بداية الأزمة
شحن إعلامي للجماهير في كلا البلدين، كان كافياً ليحوّل مباراة كرة
القدم المؤهلة لكأس العالم في جنوب أفريقيا إلى «حرب داحس والغبراء» بين
الجزائر ومصر. وسريعاً توالت الأحداث، وانخرط إعلاميون وسياسيون مصريون
وجزائريون في «حرب كلامية» ساخنة. هكذا خرج إعلاميون مصريون، وخصوصاً مدحت
شلبي وعمرو أديب (الصورة) لشتم الجزائريين ووصفهم بنعوت قبيحة. من جهته،
حاول «التلفزيون الجزائري» تجاهل ما يحصل، وهو ما أغضب الجزائريين، فشنّت
بعض الصحف الجزائرية حملات حادة ضدّ مصر والمصريين، متهمة إياهم تارة
بالعمالة لإسرائيل، وطوراً بتضييق الحصار على الفلسطينيين.
الأخبار اللبنانية في
02/08/2010
... والتلفزيون الرسمي خارج التغطية
الجزائر ــ سعيد خطيبي
مجدداً، يبدو التلفزيون الرسمي خارج المنافسة في ظلّ غياب أبرز النجوم
الذين «نزحوا» إلى الفضائيات العربية مثل
mbc، و«أبو ظبي»، و«نسمة تي في»
في وقت تشتعل حرب الدعاية، وينشط سوق الإعلانات لأهم البرامج
التلفزيونية الرمضانية على مختلف الفضائيات العربية، يجد «التلفزيون
الجزائري» نفسه وحيداً. ونكاد نقول إنه يشعر بأنّه غير معني بهذا الشهر في
ظلّ غياب أي بادرة ترويجية، تهدف إلى جذب المشاهدين، والتنفيس عن حالة
الملل الداخليّة التي يعانيها الجزائريون طيلة أيام السنة.
هكذا كما جرت العادة منذ سنوات، يبدو «التلفزيون الجزائري» غير مهتم
بالإعلان عن الأعمال الرمضانية، وربما غير مقتنع بها، نظراً إلى غياب أهم
النجوم، والمنتجين.
مع ذلك، تشير مصادر «الأخبار» إلى أن التلفزيون الرسمي سيراهن هذا
العام على مجموعة برامج تطغى عليها صفة المحلية، على غرار سلسلة «الكاميرا
المخفية» للمخرج جعفر قاسم الذي اكتسب سمعة جيدة في الجزائر، من خلال
سلسلتي «ناس ملاح سيتي» (2003ــــ2005)، و«جمعي فاميلي» (2008ــــ2009).
كما تعرض القناة السلسلة الهزلية «زواج ليلة تدبيرو عام» للمخرج المخضرم
الحاج رحيم الذي يراهن على الممثلة عتيقة طوبال في دور البطولة. وأخيراً
سلسلتي «أعصاب وأوتار» التي حجبت خلال السنوات الأخيرة الماضية، و«على
الخط» للمخرج مهدي عبد الحق.
وسيشهد رمضان 2010 مرة جديدة غياب عدد من الوجوه التلفزيونية المعروفة
التي اعتادها المشاهد، وخصوصاً الممثلة الشهيرة بيونة التي ستطل على
الجزائريين، عبر قناة «نسمة تي في»، من خلال مشاركتها في بطولة المسلسل
الفكاهي «نسيبتي العزيزة» الذي يسرد يوميات عائلة جزائرية ــــ تونسية،
تقيم في أحد أحياء مدينة تونس القديمة.
تراهن «نسمة تي في» على البعد المغاربي لبرامجها
وأمام حالة الانغلاق الداخلي، وغياب روح المبادرة، والرغبة التنافسية،
سيجد المشاهد الجزائري نفسه مرغماً على البحث عن ضالته على الفضائيات
العربية، وخصوصاً
mbc و«أبو ظبي» التي ستعرض مسلسل «ذاكرة
الجسد». ومن بين القنوات التي صارت تستحوذ على اهتمام الجمهور الجزائري
هناك «نسمة تي في» التي تحضّر لجدولة رمضانية متنوعة، فتعرض الجزء الخامس
من مسلسل «باب الحارة»، إضافة إلى المسلسل التاريخي الإيراني «يوسف
الصديق»، للمخرج فرج الله سلحشور، وبطولة مصطفى زماني. علماً بأنّ العمل
أثار العام الماضي جدلاً دينياً كبيراً.
من جهته، سيحاول استديو برنامج «ناس نسمة» التجدد خلال رمضان فيستقبل
عدداً من النجوم يتقدمهم نجم الأغنية الأمازيغية إيدير، ونجمة الراي الشابة
الزهوانية، والمغني جيمي وحيد. كما تعرض القناة برنامج «جاك المرسول»، وهو
النسخة المغاربية من البرنامج الإيطالي الشهير
Cè Posta Per Te
الذي يحاول الغوص في خصوصيات الأفراد، والكشف عن تفاصيل حياتهم الحميمة.
كما ستنتج القناة سلسلة خاصة بالطبخ المغاربي تحمل عنوان «كويزينتا».
وتحاول القناة التميّز من خلال الرهان على البعد المغاربي في برامجها،
وفي لغة مقدّمي مختلف البرامج. ما يمنحها قرباً من المشاهد الجزائري الذي
سيواصل البحث عن ذاته، عبر مختلف القنوات، ما يجعله هدفاً سهلاً للفضائيات
العربية.
الأخبار اللبنانية في
02/08/2010 |
