بعد سنوات من العمل في إطار محدد لم يخرج عن الأدوار الجادة والمثالية
والشخصية الطيبة - وأحياناً الكوميدية - قرر الفنان الدكتور حبيب غلوم أن
يظهر بشكل مختلف في رمضان من خلال دور رجل “حقير” كما يقول في مسلسل “بنات
آدم” الذي يعرض على التلفزيون الكويتي، إضافة إلى مشاركاته في أعمال أخرى،
مثل “طماشة 2” المسلسل الكوميدي المحلي و”أحلام سعيد”، عن هذه الأعمال
وغيرها، يتحدث حبيب غلوم في حوارنا معه .
·
عهدناك في الأدوار المثالية
الجادة، لكنك هذا العام قلبت الطاولة وفاجأتنا بأدوار الشر البعيدة عن
شخصيتك، هل تعمدت ذلك؟
- بالفعل، هذا العام بالنسبة لي أعتبره عام المغامرة والتمرد إلى حد كبير،
لأنني تقولبت منذ سنوات في الأدوار الخيرة التي يضرب بها المثل في الأخلاق
والالتزام، لكن هذا العام كانت هناك فرصة عظيمة للخروج عن تلك الشخصيات،
وساعدني على ذلك جمال سالم في مسلسل “بنات آدم” إضافة إلى الدور الكوميدي
الشرير في مسلسل “أحلام سعيد” .
·
ألم يساورك القلق في أداء تلك
الأدوار؟
- بالطبع أصابني القلق، وأعتذر لجمهوري الذي يشاهدني للمرة الأولى بهذه
الصورة، خاصة في مسلسل “بنات آدم” الذي أعتبره نقلة في خطي الدرامي، لكني
من الناحية الأخرى كنت واثقاً إلى حد كبير بنص جمال سالم الذي أقنعني
بالقيام بدور الشاب الذي يغري النساء بكلامه المعسول ومظهره الجذاب، بينما
يُكِن في داخله مشاعر الأنانية والوصولية والنذالة . أضف إلى ذلك الإخراج
المتقن لأحمد المقلة الذي شجعني على قبول العمل .
·
من أين لك بالنظارة التي تلبسها
في لعب هذا الدور؟
- في رسمي للشخصية فكرت في وضع نظارة تسهم في إبراز “حقارة” هذا المدير
المستبد الفاسد، فأتيت بواحدة، ولم أجدها مناسبة، حتى وجدت بين أكسسوارت
السيدة التي تضع لي الماكياج تلك النظارة التي رأيتها مناسبة، والجيد فيها
أنها غيرت من ملامحي الشخصية، وجعلت وجهي فيه من المرونة للتعبير - بشكل
كوميدي - عن الشر الذي تكنه الشخصية لمن حولها، و”لسعيد” الذي يقوم بدوره
الفنان جمعة علي .
·
وما رأيك في الفنان جمعة علي في
أول بطولة له؟
- “أحلام سعيد” فرصة جيدة له، فهو من المسرحيين الموهوبين، ويعد من أفضل
الكوميديين على المسرح، لكنه لم يأخذ حقه في الدراما بعد، ولا نستطيع الحكم
عليه من التجربة الأولى لأنها غالباً ما يكون عليها ملاحظات، وتنقصها
الحرفية الكاملة . لكننا في النهاية أمام تجربة جيدة وجديرة بالاحترام،
والمهم هو البناء على ما تم كسبه من جمهور، والاهتمام بما يختاره من أدوار
في ما بعد .
·
هناك نجوم آخرون كانوا قادرين
على أداء بطولة كتلك، مثل مروان عبدالله صالح، فما رأيك؟
- نعم هناك الكثير من الممثلين، ولكننا بحاجة لأبطال جدد لإثراء الحياة
الفنية والدرامية على الصعيد المحلي . كما أن الدور كان بحاجة إلى شخصية
مثل جمعة علي، وأعتقد أن اختياره كان موفقاً إلى حد بعيد، لأن شخصية “سعيد”
كانت تحتاج لشخص تظهر عليه “المسكنة”، لكنه يتمتع بالذكاء في الأداء، وهو
ما قام به جمعة علي . أما مروان عبد الله صالح فهو من النجوم الشباب أصحاب
الموهبة القوية، لكن كل دور أو بطولة وشخصية لها من يجسدها .
·
كم حلقة شاركت فيها ضمن المسلسل
الكوميدي “طماشة 2”؟
- أثناء تصوير المسلسل كنت في البحرين أستكمل تصوير مسلسل “بنات آدم”، وهو
ما جعلني أشارك في عشر حلقات فقط .
·
المسلسل حلقاته منفصلة، وتعددت
الشخصيات التي أديتها، ما الدور الأكثر تشويقاً بالنسبة لك؟
- الكثير من الحلقات كانت ممتعة، وهو ما لمسته من ردود الأفعال خلف
الكواليس أثناء العمل، لكن هناك دوراً استوقفني وعلق بذهني، حيث كنت مديراً
وطلب مني بناء قرية تراثية لمصلحة ما . فأتى إليّ “جابر” الذي كان يقوم
بدوره جابر نغموش، وعرض علي القيام بالمهمة مقابل 300 ألف درهم، فرفضت،
وأوكلت المشروع لشركة أجنبية مقابل 27 مليون، وأثناء ذهابي لتفقد المشروع
التقيت بجابر، وقال لي إنه هو المنفذ للقرية التراثية مقابل 500 ألف درهم .
وهي شخصية موجودة كأي موظف كبير يهدر المال العام، من دون دراية وخبرة ولا
دراسة .
·
برأيك هل هناك تشابه بين “طماشة
2” وبين مسلسل “حاير طاير”؟
- لكل كاتب أسلوبه في مناقشة ما يتناوله من قضايا، لكن المشترك بين ما كتب
سلطان النيادي في مسلسل “طماشة 2” وما كتبه جمال سالم في مسلسل “حاير طاير”،
هو المبدع جابر نعموش، الذي يضفي على الدور جواً من الحميمية بينه وبين
المشاهد .
·
* تشاركك زوجتك الفنانة هيفاء حسين البطولة في مسلسل “بنات آدم”، إضافة إلى
بعض حلقات المسلسل الكوميدي “طماشة 2”، هل اختلفت نظرتك الفنية لها بعد
الزواج؟
- لم تختلف على الإطلاق، فنحن زملاء منذ خمس سنوات، وأعرفها حق المعرفة،
ولم أكن بحاجة للزواج منها لكي أكتشفها، فهي فنانة مرهفة الحس دقيقة في
عملها، تقدس الحياة الاجتماعية، وتفرق بين عملها وواجباتها العائلية .
·
هل تعطيها ملاحظاتك على ما تلعبه
من أدوار؟
- نتشاور بحكم المهنة المشتركة في ما يسند أو نوافق عليه من أعمال، لكن لا
ندخل في التفاصيل، إذ بحكم عملي الوظيفي، لا أجد الوقت الكافي لذلك فقط
أعرف مؤلف العمل ومخرجه ومن يشاركها البطولة .
·
وهل تقبل منك الملاحظات؟
- أنا أكبرها بخمسة عشر عاماً وهي كفيلة بفهم الدنيا بشكل عام، إضافة إلى
خبرتي الفنية التي تصل إلى قرابة الثلاثين عاماً، وهي كفيلة بأن أفهم من
حولي من الجانبين الإنساني والفني . بينما هيفاء عمرها الفني 10 سنوات، وهو
يمنحها خبرة فنية عالية، خصوصاً وأنها خلال هذه السنوات كانت تنتقل من نجاح
إلى آخر .
·
هل تنتقدك وتقبل ما تقوله؟
- منها ومن غيرها، أنا أقبل النقد مادام في صالح العمل، ومصلحتي الفنية
أقبلها وأحيي من يوجهه إليّ، مادام بناءاً، أما في حال كان هداماً فأنا لا
أعيره اهتماماً على الإطلاق، لأني كما قلت لك لدي مسؤوليات كثيرة، وأحاول
قدر الإمكان قضاء وقت التمثيل في أدوار جادة ومع أشخاص يحترمون العمل
الفني، ويتعبون لإيصال مشهد مهم أو رسالة تناقش قضية مهمة من قضايا المجتمع
.
·
لكنك لم تسلم من الشائعات؟
- هذه هي القاعدة أنت فنان فأنت محط شائعات، لكن المهم ألا تنال منا ومن
صفائنا النفسي، لذلك فنحن لا ندخل على المواقع المليئة بالافتراءات .
الإنسان لا يستطيع أن يرضي كل الناس، لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وإذا
كتب العشرات ما لا يرضينا، فهناك الآلاف من المحترمين المقدرين لحياة الناس
ورغبتهم في العيش بسعادة .
·
وهل وجدت السعادة؟
- نعم أعيش أسعد أيام حياتي .
·
ما تقييمك للأعمال الدرامية
المحلية هذا العام؟
- بشكل عام، هناك تقدم وأعمال متميزة صيغت بهدوء، وأبطال جدد وإنتاج فني
متميز . وأحمد الله أن منتجينا من الفنانين لم يصابوا بعد بالسعار المادي
الذي يسود خريطة الأعمال الدرامية العربية خلال رمضان، ومازال أغلبهم عينه
على معالجة قضايا المجتمع، واضعين نصب أعينهم تقديم شيء جيد وأعمال متميزة
للناس .
·
هل تتابع غير الأعمال التي شاركت
فيها؟
- طبعاً، وأعجبني كثيراً مسلسل “ريح الشمال”، لأنه في جزئه الأول حقق
نجاحاً كبيراً، ويسير الجزء الثاني بنفس النجاح، كما أن هناك أعمالاً
وأدواراً جديدة هذا العام جديرة بالاحترام والمتابعة، لكنها لم تظهر بعد
عبر الحلقات الأولى .
الخليج الإماراتية في
26/08/2010
«أنا القدس..» شذ عن أعمال رمضان الحافلة بالفضائح والإثارة
شياطين الدراما العربية لا تعرف الأصفاد في رمضان!
حذام خريّف
تقضي الحكمة الإلاهية أنه بحلول شهر رمضان تصفّد الشياطين في أغلالها وتنزل
الملائكة إلى الأرض وتصبح الحياة على صورة مغايرة، حيث يسود التراحم
والتوادد وقيم الخير، وكان من الطبيعي أن تنهض كل هياكل المجتمع على ترسيخ
هذه القيم بما فيها القنوات الفضائية والجهات الإعلامية، غير أن رمضان هذا
العام جاء بصدمات كثيرة وفتائل فتنة اشتعلت في أكثر من ميدان ولم تأت
"الكارثة" من نزعات سياسية أو طائفية أو تغوّلا أجنبيا، بل جاءت من
"الدراما" التي أطلقت شياطينها من أصفادها لتعيث فسادا في أكثر من بلد
وتزرع أكثر من أزمة وتشعل أكثر من فتنة، بسبب مسلسلات استنزفت ملايين
الدولارات لتغرق شهر الرحمة بالإثارة والتطاول على المقامات السامية
والاستهانة برموز العرب الوطنية والقومية.
قبل حلول شهر الصيام، كثر التطبيل لدراما مختلفة وثرية، وعندما انتهى اليوم
الأول من رمضان بدأ الترويع، حيث اكتشفنا مفاجآت لا علاقة لها بالدراما
ووجدنا أنفسنا أمام موضوعات لا يوجد سبب مقنع لإثارتها، رغم أن واقعنا يعجّ
بعشرات المواضيع الساخنة التي تحتاج عشرات المسلسلات والأفلام والمسرحيات
وحتى "الفوازير"، بل إن المواضيع الهادفة جرى تهميشها بإضمار مفضوح
واستبعدت من دائرة الفرجة لتحلّ محلّها أعمال فاضحة تغلب عليها مشاهد غرف
النوم والعري والإثارة.
خذ مثلا، عندما أعلن المخرج باسل الخطيب عن إنتاج مسلسل "أنا القدس" توقعنا
أن يكون هذا العمل الملحمي على قائمة الأعمال الدرامية المعروضة في أكثر
الفضائيات العربية جماهيرية؛ ولكن تبيّن مع بداية الموسم الرمضاني أن "أنا
القدس.." رغم أهمية قصّته بقي "شاذا" عن سلّة أعمال رمضان هذا العام التي
حفلت بما لذ وطاب من الفضائح والإثارة والمشاكل.
"أنا القدس" عمل درامي ضخم، تشارك فيه نخبة من ألمع نجوم الدراما السورية
والمصرية والأردنية واللبنانية والفلسطينية، فيه القدس تتكلّم عن نفسها
وتاريخها وتبوح بأحزانها وأفراحها وما جرى فيها من أحداث على مدى 50 عاما
من 1917 إلى1967.
ورغم أن مختلف عناصر التميّز من موضوع وممثلين ومخرج ومطربة وشاعر أغنية
المقدمة، متوفّرة في العمل إلا أن حظه في العرض التليفزيوني اقتصر على بضع
فضائيات "هامشية" من بينها الفضائية الفلسطينية.. فيما تجاهلته أهم القنوات
الفضائية العربية وأكثرها مشاهدة وتأثيرا.
البعض برّر غياب "أنا القدس" على الشاشات العربية بأن شركة انتاج العمل
طلبت من الفضائيات مبلغا باهظا؛ ولكن حتى لو كانت هذه الإجابة صحيحة أفلا
تستحق القدس أن تدفع لأجلها الملايين؟ فيما قالت جهات أخرى إنها أجّلت عرض
المسلسل لما بعد رمضان نظرا للتخمة في عدد الأعمال المعروضة خلال الشهر على
شاشتها.. وهنا أيهما أولى بالعرض في رمضان مسلسلات "الفتنة" أم أعمال من
قبيل "أنا القدس؟..
أما الأسوأ من ذلك فإن هناك إشاعات تقول إن غياب المسلسل عن كبرى الفضائيات
العربية في رمضان يرجع إلى "ضغوط سياسية" ترفض النبش بين طيّات القضية
وإزالة الضماد عن الجرح الذي ينزف منذ أكثر من ستين عاما. فإلى متى ستبقى
الفضائيات العربية تضجّ بأعمال لا تسمن ولا تغني، وتترك الأمة غارقة في
"مصائبها" متجاهلة، عن عمد، مواطن الخلل بل وتزيد من اتساع رقعتها عوضا عن
محاولة وضع سبل العلاج التي نوقن بأن للدراما، واللإعلام عموما، القدرة على
تحريكها؟
في الوقت الذي يروّج فيه لفضائية اسرائيلية ناطقة باللغة العربية لتعرض
فيها أهم وأشهر الأعمال الفنية العربية "المسروقة"؛ وفي الوقت الذي سلكت
فيه إيران مسلك تركيا، وقرّرت غزو العرب عن طريق الدراما والمسلسلات، سلكت
الفضائيات العربية طريق "العار"، وأنستها حكايات "زهرة وأزواجها الخمسة" أن
لهذا الشهر خصوصياته الثقافية والدينية، فجاءت "مذكّراتها سيئة السمعة"،
حافلة بأعمال "حصرية"، تحاصرنا أينما ولّينا زرّ "الريمونت كنترول" هربا من
البؤر الدرامية المنتشرة من فضائية إلى أخرى والتي جعلت المشاهدين أشبه بـ"السائرين
نياما" يتسمّرون بالساعات أمام الفضائيات يشاهدون دون وعي، عددا لا نهائيا
من المسلسلات المصرية أو السورية أو الخليجية.
فيما مضى كانت القنوات الفضائية محدودة العدد، وتقدّم كل واحدة أعمالا
معدودة، تنكبّ على التحضير لها على مدار السنة، لتخرج بمستوى رفيع؛ أما
اليوم وفي عصر السماوات المفتوحة فيبدو أن "الثراء الفاحش" الذي غرقت فيه
الدراما العربية أفسدها. وحين تكشف الاحصائيات أن مصر، وحدها، أنفقت أكثر
من 131 مليون دولار لإنتاج أكثر من خمسين مسلسلا خصّصت لشهر رمضان فقط،
فيما بلغت ميزانية الأعمال الدرامية الرمضانية السورية السبعة والعشرين 50
مليون دولار، ناهيك عن الملايين التي أنفقت على الأعمال الخليجية، فإن ذلك
يعني أننا لا نعيش فقرا ماديا لإنناج الأعمال الجيدة، ولا فقرا في
الإبداعات الفنية الخلاّقة، ولا فقرا يقعد فضائياتنا العريقة عن شراء "أنا
القدس"، أو أي إنتاج عربي درامي عن واقع العرب وحياتهم.. وإنما نعيش "خوفا
وارتباكا" من كشف الجرح وتأزم الوضع ونخشى أن يستفيق العقل العربي على صور
الواقع والحقائق المغيّبة عن فضائياتنا التي بقدر ما تتكاثر تتضاعف معها
مصائبنا.
"أنا القدس"، وأمثاله القليلة، برهن على أن وسائل الإعلام بما تعرضه من
برامج، وعلى رأسها المسلسلات، قادرة على أن تكون أصدق ناقل للقضية.. كما
برهن على أن الفنانين العرب حين يتّحدون على هدف سام فإنهم يقدّمون
الروائع.. والأهم من ذلك أنه برهن على أن الفضائيات العربية لا تسهم في
تحرير الإعلام بل أصبحت وسيلة لتأجيج الفتن العربية-العربية وتمعن
باحترافية "مدهشة" في تغييب المجتمع وجذبه أسفل الدرك وبئس المصير.
العرب أنلاين في
26/08/2010 |