وصلنا إلي نصف رمضان واكتمل البدر في السماء ورغم ذلك فإنه ليس من
المنطق ولا من الأمانة النقدية أن نصدر أحكاما قاطعة علي المسلسلات
الدرامية..
دائما وبالتأكيد هناك خط رجعة لأي احتمالات قائمة بأن يخذلنا عمل فني في
النصف الثاني بقدر ما كان واعدا ومبشرا في النصف الأول ولكن هناك أحكام من
الممكن ونحن مطمئنون أن نرتكن إليها إنهم ثلاث فنانين قدموا أدوارا لاتنسي
تمردوا فيها علي قوالب صنعوها هم أو صنعها لهم صناع الدراما..
الفنانون الثلاثة
»حسن يوسف«، »صابرين«، »عمر الحريري«!!
ارتبط النجم الكبير »حسن يوسف«
في السنوات الخمسة عشرة الأخيرة بتعبير بات شائعا وهو الفنان الملتزم.. هو
نفسه كان حريصا علي التأكيد بأنه الملتزم غير المعتزل فهو لم يعتزل الفن إنما زوجته
»شمس البارودي« هي التي اعتزلت..
ولكن ما هو الالتزام أقصد شروطه كما سبق أن ذكرها
»حسن يوسف« في الكثير من أحاديثه تقديم الشخصية الإيجابية بكل أبعادها
وأستند »حسن« إلي حوار بينه وبين الشيخ الشعراوي »سأله عن التمثيل هل يستمر في مشواره الفني
أجابه الشيخ بأن عليه أن يواصل العطاء ولكن كما أنه قدم في شبابه الفني دور
الفتي ثم الرجل الطائش فإن عليه أن يقدم دور الملتزم..
وهكذا صار »حسن يوسف« لا يتعامل فنيا إلا في حدود الأعمال الدرامية الدينية
كان أشهرها دوره في مسلسل »إمام الدعاة« الذي جسد فيه حياة الشيخ »محمد
متولي الشعراوي«.. كنت دائما أري أن موهبة »حسن يوسف«
في فن الأداء موهبة أصيلة وعميقة ومترامية
الأطراف لايجوز أن نقيدها في إطار دور واحد وأعتقد أيضا أن كلمة
»التزام« التي كثيرا ما يرددها »حسن يوسف«
أو رددت منسوبة إليه هي تعبير ملتبس طالما
أننا بصدد عملا دراميا فإن الأهم والجدير بالتوقف عنده ليس الدور الذي
يؤديه الفنان ولكن الرسالة التي يحملها العمل الفني وحتي تصل ينبغي أن نري
كل الشخصيات الطيبة والشريرة وأن أداء دور الشرير ضرورة حتي تصل رسالة
العمل الفني..
ورغم ذلك رفض »حسن يوسف« كثيرا من الأعمال الفنية التي يقدم فيها دورا به
ملامح سلبية حتي جاء مسلسل »زهرة وأزوجها الخمسة..
إنه الحاج »فرج«
المتزوج من اثنتين ويطمع في الثالثة ونراه بعد ذلك مدانا في جريمة إتجار في
المخدرات.. نجح »حسن يوسف« في تقمص الدور تماما منذ المشهد الاول الذي رأي
فيه »زهرة« الممرضة رافضا أن يغادر سرير المستشفي..
فهو يريدها بجواره دائما ولكن بالطبع علي
سنة الله ورسوله وكان له صولات وجولات نسائية أخري انتهت بزيجات قصيرة..
وهكذا رأينا شخصية مدانة اجتماعيا واخلاقيا وجنائيا وقضائيا ورغم ذلك لعبها
»حسن يوسف« باقتدار وشاهدنا شذرات من طاقته الإبداعية الكامنة التي كانت
تنتظر الفرصة للتعبير عن نفسها..
أتصور أن »حسن يوسف«
عاد إلي »حسن يوسف« الذي تحتفظ به ذاكرة الجماهير العربية كواحد من كبار
مبدعينا في العالم العربي.
أما صابرين »صالحة«
في مسلسل »شيخ العرب همام«
فلقد انطلقت بذكاء لتضع حاجزا بين ارتداء الحجاب والعمل الفني..
»صابرين« مثل ٠٧٪ من النساء المصريات ترتدي في حياتها الشخصية الحجاب وبعد
أن قدمت مسلسل »أم كلثوم« تحجبت ثم اعتزلت وبعد تلك عادت وكانت تؤدي
أدوارها بالحجاب ولابأس أن ترتدي الفنانة الحجاب أثناء التمثيل فهذا هو
أيضا الواقع في الحياة ولكن المحجبة لاترتدي الحجاب ٤٢ ساعة في اليوم وكانت
أغلب المحجبات تحرصن علي ذلك في الاستديو وكل المشاهد نراها للمحجبة وهي
محجبة مما أفقد المتلقي الإحساس بالمصداقية في العمل الفني.. هناك شيء يكسر
الإيهام بالواقع وهو هذا الالتزام بالحجاب وهو ما كنا نراه مثلا في
المسلسلات التي لعبت بطولتها »سهير رمزي«
أو »سهير البابلي« و»حنان ترك«.. لم تستمر كبطلة بين المحجبات سوي »حنان ترك«
فلها دائما مسلسل كل رمضان.. »صابرين«
لعبت بطولة أكثر من مسلسل وهي ترتدي الحجاب
مثل »كشكول لكل مواطن«
إلا أنها قبل عامين وجدت أن عددا من المواقف الدرامية تفرض عليها ألا ترتدي
فيها الحجاب فقررت كحل وسط أن تضع باروكة علي الحجاب مثلما فعلت في مسلسل
»الفنار«.. هذا العام تشارك في أكثر المسلسلات جماهيرية »شيخ العرب همام«
بطولة »يحيي الفخراني«
تأليف »عبدالرحيم كمال«
إخراج »حسني صالح«.. كانت هي الزوجة الأولي لشيخ العرب وهي لاتنجب فكان
عليها أن تبحث له عن زوجة.. وفي نفس الوقت لديها مشاعرها كامرأة وزوجة فهي
لاتستطيع أن تري أخري تقاسمها شيخ العرب.. مزجت »صابرين« بين جمال الأداء
والإحساس وخفة الظل وقدمت لمحات شحن في الشخصية وارتدت الباروكة وبالطبع
فإن المتفرج لن يسأل هل هذه باروكة أم شعر »صابرين« وهل هي ترتدي حقا
باروكة فوق الحجاب أم باروكة فوق شعرها مباشرة كل هذه الأسئلة سوف تسقط
تباعا ولايتبق سوي أننا نري ممثلة تشتعل إبداعا وبالطبع فإن الباروكة سواء
ارتدتها أم خلعتها ليست هي الفيصل ولكنه جمال الأداء والتعبير فاستحوذت علي
مشاعرنا!!
ويتبقي هذا العملاق »عمر الحريري«
الذي تمرد في دور الشيخ »يوسف«
في
»شيخ العرب همام«
علي كل ما قدمه لنا من أدوار هامة طوال رحلته الفنية..
شاهدنا »عمر الحريري« وهو يؤدي دور والد »يحيي الفخراني«
بحالة من التحليق الفني..
رحلت الشخصية عن الحياة بعد ست حلقات فقط ولكنها لاتزال حية ترزق في
أعماقنا.. غادرتنا علي الشاشة فسكنت مشاعرنا..
وهكذا استقر
»عمر الحريري« علي شاشة رمضان تسأل نفسك دائما..
هل من الممكن أن يتمرد الفنان علي نفسه بعد
كل هذا الزمن والمشوار الفني؟!
الاجابة هي نعم ممكن لو كان بداخله موهبة
استثنائية مثل »عمر الحريري«!!
أخبار النجوم المصرية في
26/08/2010
ماما في القسم .. دون
كيشوتة
بقلم : د.عزة هيكل
العلاقة المتوترة درسا بين الأباء والأبناء في ضوء كل تغيرات العصر
الحديث هي لب الصراع الحقيقي الذي يشغل بال كاتب مسلسل
»ماما في القسم«
فالكاتب يوسف معاطي قدم هذا الطرح في عدة أعمال سابقة مؤكدا
علي أن الدور الذي تلعبه الأسرة في حياة أبنائها هو الموثر الاول يليه علي
ذات الاهمية المدرسة والمدرس وكلها عوامل ايجابية وسلبية تشكل سلوك وتفكير
وحياة جيل باكمله، منذ »زينات والثلاث بنات والتجربة الدنماركية وحمادة
عزو ومبروك رمضان حمودة«
حتي هذا المسلسل الرمضاني الساخر بطولة
سميرة أحمد ومحمود ياسين، لكن الجديد في هذه الدراما الضاحكة أن الأم
»فوزية« تحارب طواحين الهواء ولاتلقي ممن حولها سوي الجمود والجمود
والاتهام المباشر بالجنون والخبل علي الرغم من أن المجتمع كله بحاجة ماسة
إلي آلاف البشر الذين يشابوهون تلك المرأة التي ترفض الخطأ وتواجه الفساد
بكل صوره وأشكاله البسيطة جدا إلي تلك المعقدة جدا جدا..
فكرة أن الانسان السوي العادي يصطدم يوميا بعشرات السلبيات منذ اللحظة
التي يضع فيها قومه خارج جدران بيته والذي لايخلو هو الآخر من عشوائيات
الفساد والقبح وفساد الذوق العام وغياب الاخلاق ولأن
»الست فوزية« تؤمن بان الرأس هي اساس البلاء والابتلاء فهي دوما توجه
أتهاماتها القانونية ضد السادة الوزراء المسئولين عن تعطيل المرور في
الشارع أو غياب الأطباء والرعاية في المستشفيات، حتي الذوق الفني الذي أفسدته الرقابة ووزيرها
المختص عن هذا الهراء والعبث والسخف فيمن يدعون انهم مطربين يدفعون أموالا
للنقابات الفنية ويفرقون الاسواق بأعمال صادمة تدمر جيلا باكمله،
بالاضافة إلي التعليم الاجنبي الذي يربي جيلا لاينتمي إلي وطنه أو لغته أو
دينه أو حتي أهله وذويه جيل منفصل تربية مربيات أجنبيات بلغة مختلفة وثقافة
مغايرة، جيل لايقدر علي صنع مستقبل وطن له هوية أو قومية وأنما عولمة
ومادية بحته..
في كل مرة تدخل تلك السيدة »الدونكيشوتية«
علي غرار دون كيشوت وطواحين الهواء التي يحاربها متصورا أنه يحرر وطنه، في
كل مرة تنقسم مشاعر المشاهد بين الإدانة
لتلك المرأة المتمردة والغاضبة والمطالبة بالحق المشروع وبين السخرية
والاشفاق عليها من عدم جدوي محاولاتها المستميتة للاصلاح لأنها مجرد فرد في
ظل جماعة غائبة ولاهية حتي عقوق أبنائها الثلاثة لمجرد أنها كانت صارمة
وحازمة في تربيتهم لايعطيهم أي حق في هذا الجمود والعقوق وأنغماسهم في حياة
الوصولية والتسلق والنفاق الاجتماعي، فالضابط يتزوج بابنة وزير الداخلية
ويمارس سلطته في الترشح الانتخابي بوعود وأفكار كاذبة، والأبنة فريال
لاتعرف معني الامومة ولا البنوه وانما تعمل سيدة أعمال وصالونات وتقيم
الحفلات لعقد الصفقات المشبوهه والأبن الاصغر تائهاً في الكباريهات
والملاهي ولم يضع لذاته مشروعا فنيا أو هدفا أنسانيا لكنه يحيا بلا هدف سوي
المال والشهرة السريعة، أما
الاستاذ جميل العلم الفاضل فهو منفصل عن الواقع يعيش في الخمسين عاما
الماضية ورومانسية الأخلاق الحميدة والفاضلة...
كم من الصغائر تمر أمام أعيننا جميعا ونتغافل عن وجودها
ونريح الضمائر ونسكت رنين الدماغ بأن ندعي أن هذا واقع وأننا لن نقدر علي تغييره
وأن الحياة عليها ان تستمر وأنه ليس في الامكان أبدع ما كان،
وان القبح قد أصبح جزءا من قاموس حياتنا لغويا واخلاقيا وسلوكيا وان
المشاعر الجافة الباردة هي مرادف العصبية والحمية والأيجابية، لكن من يحاول التغيير ما هو الا مجنون مرفوض
مكروه ممن حوله الذين اعتادوا القبح والعشوائية والسلبية..
سميرة أحمد أستاذة في أختيارها الموضوع والشخصية المركبة الانفعالات
والمتضاربة المشاعر والتي تثير فينا الغضب والاعجاب وأيضا الغيرة في التحلي
بتلك القوة في مقابل شخصية الاستاذ جميل أو محمود ياسين أستاذ الأداء
والتمييز في الكوميدي والتراجيدي والاجتماعي فهو
غول تمثيلي لايقارنه أحد في سلاسة الأداء.
المخرجة رباب حسين في تجربة جديدة الا وهي الكوميديا الاجتماعية وان
كانت تقليدية في الاخراج التليفزيوني الا أنها تغامر بهذا العمل والاسلوب
والتقنيات الاخراجية في مواجهة أساليب الاخراج الحديثة وكاميرا السينما
والمشاهد الخارجية التي يتعامل بها المخرجين الجدد ومع هذا فأنها سريعة في
الايقاع بحيث تحفظ للعمل قوته وفاعليته وتأثيره مع كاريكاتير مصطفي حسين
المعبر..
مسلسل »ماما في القسم«
كوميديا ساخرة هادفة في قالب درامي يبتعد عن فانتازيا يوسف
معاطي في كل مشروعه الدرامي الفني عن صراع الأجيال وأهمية الاسرة والتعليم
في إصلاح ما أفسده الأخرون واغمضنا عنه أعيننا فكنا جميعا شركاء في الجريحة
التي تبلغ
عنها ماما فوزية في القسم..
وتتهم بالجنون..
أخبار النجوم المصرية في
26/08/2010 |