يجسد فنان السينما المصرية والعربية الكبير داود عبد السيد فى فيلمه
"رسائل البحر" رؤية شاملة للحياة، يتأملها ويدعونا لتأملها، ولمحاولة "فك
شفرة" رسائلها إلينا، وما البحر فى هذا الفيلم إلا تلك الحياة وما رسائله
إلا أسئلتها التى نتلقاها فنحيا الحياة، ونسبر أغوارها قدر ما نستطيع، وفى
النهاية نعثر على أجوبة فى خصوص القليل منها ونعجز عن الوصول إلى الأجوبة
عن الأكثر.
فى بداية الفيلم، نرى عناوينه تنزل على زجاجة مغلقة تطفو على أمواج
البحر، ولا نلبث خلال مشاهدة أحداث الفيلم إدراك أن بطله الشاب "يحيي" (آسر
ياسين) بينما يصطاد (حيث يعيش فى الإسكندرية) يعثر على تلك الزجاجة، ويكتشف
فيها رسالة، كتبت بلغة قديمة غير متداولة ولا مفهومة، يدور بها بعد ذلك على
أفراد متنوعين يعرفون لغات عديدة من لغات العالم، لكن من دون جدوي، متمنياً
كشف طبيعة ومعنى هذه الرسالة التى تظل مستعصية على الفهم.
واللافت أن ذلك يظل حتى نهاية الفيلم، وحينما يقول بطله فى النهاية
لبطلته "نورا" (بسمة) إنه يتمنى أن يعرف ماذا تقول هذه الرسالة، ومن الذى
أرسلها ولمن؟.. تقول له: ما هو الذى يهمنا فى ذلك؟.. قد تكون على أى نحو،
ومن أى راسل.. فهناك أشياء ليس من الضرورى أن نكتشف سرها.. وقد تظل قيمتها
وجمالها فى أن تبقى كذلك أبداً!.
يضع داود، وهو ذاته الذى كتب الفيلم، مجمل خبرته فى الحياة، وخلاصة
خبرته فى الفن ـ فى آن واحد معاً ـ فى هذا الفيلم العذب، فيلم يذكرنا بالفن
الحقيقى البليغ الذى يمكن أن نراه عبر شاشة السينما، ويذكرنا بأن السينما
لدينا يمكن أن تقدم هذا المستوى الرفيع بالفعل، لكن إذا توافر فنانون
حقيقيون كبار من طراز داود، وهم نادرون على أى حال سواء فى مصر أو العالم.
وبطلنا الشاب الذى رأيناه يصطاد، ليس كهواية بل كعمل يحترفه، نكتشف
أيضاً بعد قليل ـ للغرابة ـ أنه فى الأصل طبيب، لكنه سرعان ما ترك مهنة
الطب بسبب درجة من التلعثم أو "الثأثأة" التى منى بها فى نطقه للكلام، وكان
أبوه بسببها وهو لا يزال بعد صبياً أو طالباً يتطلع إليه بحزن عميق ـ كما
يروى الشاب ـ وبسببها كان زملاؤه من الطلاب أو من الأطباء بعد تخرجه وكذلك
المرضى ينظرون إليه باستغراب وأحياناً يدارون الضحكات أو لا يدارون ـ كما
يروى أيضاً ـ فعجز عن الاستمرار فى عمله كطبيب، واتجه إلى البحر واحترف صيد
الأسماك، أى اتجه إلى الحياة ذاتها فى أعلى حالات رحابتها وتسامحها،
وتفهمها.
فى حياته الشابة "كارلا" (بأداء سامية أسعد) وأمها فرانشيسكا (التى
أدتها المخرجة اللبنانية المصرية الكبيرة نبيهة لطفي) وهما من أصل أجنبي،
يمثلان أيضاً دفئاً إنسانياً وعائلة كذلك تتفهمه وتحبه، منذ سنوات مبكرة
(قبل ابتعاده لفترة)، والأن يقطنون معاً فى عمارتهم القديمة فى الإسكندرية
ـ برحابتها الحضارية بدورها ـ لكن مالك العمارة هاشم (صلاح عبد الله) أو
رجل المرحلة الجشع، (الذى يصطاد السمك بالديناميت!!)، يصر على طرد الجميع
لإقامة "مول" أو مشروعه الذى يتواكب مع عصر ما يسمى الانفتاح الحالى وما هو
إلا انفتاح على السوقية والنهب والنهم الذى لا يعرف حدوداً، على حساب كل
القيم الإنسانية الإيجابية، الآخذة اليوم فى تلقى الضربات تحت سنابك أولئك
الهمج أو التتر الجدد.
إن قصة حبه لهذه الفتاة كارلا ـ التى تمتلك "اتيليه" للأزياء ـ يكون
مصيرها البتر، فهى وأمها لا يجدان أمامهما سوى ترك البلاد التى ارتبطا بها
وانتميا إليها والذهاب للإقامة فى إيطاليا حيث الأصول الأولي. لقد صارت
الإسكندرية وبلادنا الحالية طاردة حتى لأبنائها وليس فحسب للمقيمين من أصول
غير مصرية!.
وتقول "كارلا" فى مشهدها الأخير إن عالمها القديم يترنح بشدة ويتبدل،
وهى الآن على حافة الخطر أو المخاطرة بل و"الغواية"، فتقبل (فى نفس اللحظة)
حتى علاقات حسية غير سوية بعد أن كانت تنشد السوى والطبيعى مع جارها يحيى
الذى تربت معه..!.
ويجسد "يحيي" أمامنا طول الوقت قيمة البراءة الحقة، المفتقدة فى
زمننا، والتى أصبحت بوضوح فى مهب الريح.. وهو مولع بموسيقى آسرة موحية يسمع
عزفها فى شقة بعيدة من دون أن يعرف عازفها، إنه مولع بالجمال وبالحياة رغم
كل ما يعانيه فيها.
هذا إلى أن يجد أخري، إنها "نورا"، شابة باحثة عن الحب والحياة
الحقيقية الصادقة مثله، ولا تجدها أبداً، فى أى جانب أو صعيد ولا مع الزوج
(أحمد كمال) الذى يأتيها كزوجة ثانية فى أوقات معينة تروقه هو لإشباع رغبته
الحسية فحسب، لقاء مستوى مادى ميسور يقدمه، فلا تشعر معه سوى بأنها تبيع
المتعة كأى "مومس".. حسب تعبيرها، وحسب تقديمها نفسها لبطلنا، الذى يحبها
حتى وهو يفهم أنها كذلك.. إنه يحبها ويقبلها كما هي، وهى تحبه وتقبله كما
هو.. وهذا ـ على التحديد ـ مفتاح أساسى من مفاتيح الفيلم وفهمه.
عمل داود عبد السيد "رسائل البحر" يستحق تناولاً متأملاً، ويستحق ذلك
التضافر الفنى والحرفى البارع لجميع من أسهم بخبرته وعمله المتقن فى كل
مجالات التصوير (أحمد المرسي) والمونتاج (منى ربيع) والديكور (أنسى أبو
سيف) والموسيقى (راجح داود)، والتمثيل سواء أبطاله أو أصحاب الأدوار
الثانية والثانوية.
والفيلم بداية جديدة قوية لآسر ياسين كنجم شاب وممثل حقيقى تحتاجه
السينما المصرية (أول من لفت نظرى ونوهت به كان فى مسلسل "عمارة يعقوبيان")،
وتأكيد لمواهب كل من النجمة الشابة المتميزة بسمة (فى دور آخر كبير لها بعد
فيلم "زى النهاردة")، والراسخ صلاح عبد الله، ومحمد لطفى (فى دور مهم ومشهد
عذب لا ينسى لشخصية "قابيل" الذى يستعد بشجاعة وتحسب لكارثة فقد الذاكرة
بعد إجراء عملية خطرة)، وكذلك أحمد كمال ومى كساب وغيرهم، أما اكتشاف
الفيلم اللافت فهو سامية أسعد التى قدمت أداء جميلاً دقيقاً إلى جانب نبيهة
لطفى بأداء تلقائى وحضور حقيقى فى دور مؤثر.
لقد أمتعتنا فى فيلم "رسائل البحر".. رسائل داود عن الفن والحياة،
ولقطات هذا العمل السينمائى الأخاذ الذى قدمه كقصيدة شعر، بلغة السينما
وبلاغتها الخاصة، وباختيار مرهف معبر لزوايا التصوير والإضاءة وحجم اللقطة
والتكوين.
إن فيلم "رسائل البحر" أنشودة فى حب الحياة ورحابتها وتسامحها
وتفهمها.. أنشودة فى حب الإنسان وبراءته وقدرته على مواجهة الحياة رغم كل
شئ، رغم قتلة الحياة وآكلى البشر، وموت يحيق وأسماك ميتة تطفو على سطح
الماء بعد "الديناميت" من حول قارب البطلين فى مشهد النهاية، رغم العواصف
الهوجاء وتلك الأنواء التى تداهم أبطال "رسائل البحر" المرة تلو المرة.!
العربي المصرية في
02/03/2010
القبح سائد والجمال شحيح!
صفاء الليثي
ما أن يظهر فيلم لداود عبد السيد حتى تنشط التفسيرات وندخل فى متاهة
لتفسير البعد الأول والثانى والثالث، ويتحول الأمر إلى لعبة من لا يمارسها
يحكم عليه بالسطحية، ويخرج من جنة المثقفين وكبار النقاد، وقد يتهم بالغباء
لعدم فهمه الرسائل.
أكتب عادة بعد المشاهدة الأولى لأى فيلم، وهناك جدل دائر بينى وبين
أصدقاء مقربين، صديقتى تقول سيكون هذا انطباعا وليس نقدا، وأصر أن الأفلام
تصنع لتشاهد فى طقس جمعى ويكتب عنها مباشرة، وعادة لا تضيف إلى المشاهدة
الثانية إلا تأكيدا لما وصلنى فى التلقى الأول للفيلم، ولما لم أجد بعد
المشاهدة الأولى فى "رسائل البحر" هذه الأعماق المرتبطة دائما بأعمال داوود
عبد السيد، وخشيت من اتهامى بالتخلف وأنه ليس لى فى "الشغلانة"، عزمت على
مشاهدته مرة أخري، والتقيت زميلا شابا يتابع ما أكتبه، وأتابعه أيضا،
وتناقشنا قبل المشاهدة حول فكرة تكرار المشاهدة، تمازحنا "أغلب الظن أن
انطباعاتى الأولى ستتأكد".
كان الزميل يشاهد الفيلم للمرة الثالثة وبعد العرض تقابلنا، بادرنى
قائلا: "أليس الفيلم شديد البطء، نعم بطيء دونما حاجة للتأمل ـ عذر البطء
فى أفلام داود ـ والتعليق يجب حذفه تماما من الفيلم، اتفقنا على ذلك،
والأهم وجود كثير من التفاصيل من أفلام ـ أجنبية غالبا ـ تخرج الشخص من
التركيز وهو يحاول التذكر" أين شاهدت كؤوس الخمر يخرجها عاشق من جيب معطفه،
أى فيلم غربى هذا؟ نحتاج صحفيا من مطبوعة شبابية يذكر لنا كم عدد الأفلام
التى شاهدنا فيها هذا المنظر!
حبى للشخصيات كارلا ويحى وقابيل وبيسة، يشوش عليه طغيان شخصيات قبيحة
كالزبونة "دعاء حجازي" والمعلم هاشم "صلاح عبد الله" وصبيانه، كونى ما زلت
أؤمن بالاشتراكية أحزن كثيرا من انتصار القبح والشر، وأنتظر أملا ينبع من
جمال الشخصيات ـ وهى جميلة حقا ـ ومن قدرتها على مقاومة القبح، بالإضافة
لجنوحى للمنطق الذى افتقدته شخصيات الفيلم، هذا الذى لا يجد قوت يومه
ويتضافر القدر ليشعره بالجوع، أين أموال الأرض؟ وأين ما يتركه له الأخ
المغترب بأمريكا؟ لماذا استسلمت كارلا لغواية الزبونة، ولم تحاول أكثر مع
يحي، مرة أخرى هل هى الأقدار؟. ما كل هذه المبررات لنورا" بسمة"، وما هذا
التناقض فى الشخصية، عازفة الموسيقى الكلاسيك تنام كالبهيمة مع زوج تزوجها
للمتعة، أين كان اختيارها حين وافقت على شكل الزواج هذا الذى يشبه الدعارة؟
لماذا تستسلم الشخصيات لأقدارها؟ أين حرية الاختيار له ولها؟ لماذا يكرر
الكاتب نفسه فيطرق أبوابا طرقها فى "مواطن ومخبر وحرامي" وأحيانا فى "أرض
الخوف"، أغلب الظن أن داود أحرق شخصياته عمدا ليمارس تفلسفه الذى يستجيب له
شباب المثقفين، وبعض من كبارهم، ألقى عليهم أكواما من قبح الواقع وتركنا
فقط لجمال أمواج البحر المتلاطم وفراشات بيسة وقابيل، كثير من الجمال الفنى
لمشهد النافذة بالستارة الهفهافة يخرج منها عزف بديع على البيانو لموسيقى
كلاسيكية، يتسمر أمام النافذة بطلنا الذى ترك مهنة الطب وعاش على صيد
الأسماك، جمال يفاجئنا المخرج به يخرج من الزوجة التى تنعت نفسها بالمومس.
جمال محمد لطفى فى شخصية البودى جارد قابيل الذى أصبح جبانا حتى لا يقتل
أحدا، وحبيبته الشعبية التى تصف لحظة ممارستها الحب معه وصفا ساحرا محاطة
بالفراشات البيضاء، تمنيت أن تكون هذه هى النهاية ولكن المخرج آثر أن يستمر
فى تعذيبه لنا فينهى فيلمه بمركب يحى ونورا محاطا بالأسماك الميتة التى
صادها الحاج هاشم بالديناميت.
حقك فى رؤية العالم هكذا وحقنا فى الحلم بانصلاح الأحوال وسيادة
الجمال.. ولكن عفوا سيدى المخرج الكبير، معك كل الحق، فالقبح سائد والجمال
شحيح.
العربي المصرية في
02/03/2010
بانوراما لمعمار الإسكندرية
القديم
فاتن محمد علي
بحر الحياة مليان بغرقى الحياة
صرخت خش الموج فى حلقى ملاه
قارب نجاه.. صرخت قالوا مفيش
غير بس هو الحب.. بس هو الحب قارب نجاه.. عجبي
لا اعرف لماذا تذكرت هذه الرباعية للمبدع صلاح جاهين حين شاهدت فيلم
المبدع داود عبد السيد (رسائل البحر) ربما لأن الفيلم يطرح نماذج من غرقى
الحياة.
يقدم الفيلم حالة شديدة العذوبة والرقة من خلال الصورة التى يجيد عبد
السيد رسمها فيبهرنا دائما بنسج مفردات العمل وجدلها.. هذه الحالة التى
تتركك للتأمل والانفصال عن عالم القبح الذى يلفنا جميعا، حالة من القشعريرة
اللذيذة تجعلك تكاد تبكى ربما فرحا بالإبداع والرقى والرقة التى تصدرها لك
الصورة والموسيقى وإيحاءاتها مجتمعة فقدم لنا سيناريو مختلفاً.
البحر مثل الحياة التى تثور وتهب عواصفها مرات وتهدأ وتصالحنا أحيانا،
وغرقى الحياة نماذج قدمها عبد السيد يعجزون عن مواجهة واقع مفروض عليهم
فيستسلمون سواء لقوة غاشمة مثل الحاج هاشم الذى يدمر الجمال والمعانى لجنى
المال، حين تترك فرنشيسكا الايطالية شقتها التى عاشت حياتها فيها وتعتبر
نفسها (اسكندرانية)، أم لغواية كما فعلت كارلا ابنة فرنشيسكا، وتستسلم نورا
التى تتزوج زواج متعة تشبهه بالدعارة وبدلا من مواجهة هذا الواقع الذى
ترفضه ترتمى فى أحضان يحيى الذى تعتبره (شربة ميه وسط العطش الذى تعيشه)،
وقابيل الذى ظهر فى حياة يحيى يستسلم لمصيره المنتظر اثر إجراء جراحة
ستسلبه ذاكرته التى تمثل حياة كاملة.
فى خضم هذا الواقع المرير يرسل البحر رسالته المبهمة والتى يعجز يحى
عن تفسيرها أو فك طلاسمها، ولكنه الحب قارب النجاة.. والطريف أن الفيلم
ينتهى بلقطة تجمع يحيى ومحبوبته نورا فى قارب على سطح البحر فى إشارة الى
تقبل الحياة واستشراف لمستقبل أجمل رغم الواقع الذى أصر عبد السيد على
تأكيده بتفجير هاشم الديناميت لاصطياد السمك الذى يطفو ميتا حول قارب يحى
ونورا.
أجاد داود عبد السيد فى تقديم سيناريو مختلف يحتمل العديد من القراءات
ولكن ابرز ما فيه تلك الحالة التى يصدرها لنا والتى تتركنا مخدرين من
الانتشاء، رغم الواقع شديد القسوة إلا أن الرسالة التى يهديها إلينا تعيننا
عليه.. موسيقى راجح داود الذى يصر عبد السيد على التعاون معه عبرت عن هذه
الحالة فكانت حوارا موازيا اتسق مع السيناريو فكانت تارة تعلق على الأحداث
بالعزف المنفرد على البيانو وتارة بالموسيقى التى امتزجت بصوت البحر
وأمواجه المتلاطمة أثناء النوة مرة وأمواجه الهادئة أخري.. اختيار
الإسكندرية وتجول الكاميرا فى بانوراما لمعمار الإسكندرية القديم فى بداية
الفيلم كان من أروع المشاهد وأدخلنا فى بؤرة الأحداث فجعلنا نتوحد مع
المدينة الجميلة التى أجاد انسى ابو سيف فى إبداع لافت لاختيار ديكور مناسب
اتسق مع الأماكن والأحداث.
أجاد مدير التصوير "أحمد المرسي" الذى قدم لنا صورا أشبه بتابلوهات
استعارها من عصر النهضة سواء ثورة البحر وتعانقه مع السماء، أو معمار
الإسكندرية الذى أحالنا إلى عبق الماضى الجميل.. المونتيرة منى ربيع قدمت
مونتاجا حافظ على إيقاع الفيلم وتعاملت بتفهم مع الحالة التى أصر المخرج
على تصديرها لنا، أجاد المخرج فى اختيار وإدارة أبطاله، فتجاوز اسر يس ذاته
وجاء تميزه من إجادته للأداء الداخلى وتفهمه للشخصية وتعامله معها بحذر فلم
يقع فى فخ المبالغة ولا الأداء الميلودرامي، وظهرت بسمة فى اوج نضجها بأداء
اقرب للسهل الممتنع فانسابت الشخصية برقة وعذوبة وتسللت إلينا، وجعلتنا
نتعاطف معها، أما المفاجأة الرائعة والهدية التى أهداها لنا عبد السيد فهى
المخرجة المبدعة نبيهة لطفى التى قدمت شخصية حية بيننا لطالما تقابلنا معها
وحدثتنا بنفس البساطة والحب والحميمية التى أدت بها بإجادة تامة.
وبدون ابتذال أو فجاجة تفاجئنا الممثلة الواعدة سامية اسعد فى تجسيدها
لشخصية كارلا فأقنعتنا انها ايطالية مصرية بتفهم تام لأبعاد الشخصية،
ومثلها دعاء حجازى فى دور صديقتها المثلية، أما الفنان محمد لطفى فاستطاع
أن يقدم تنويعة على شخصية البودى جارد دون تقليد لما قدمه من قبل حيث مكنه
دوره ورسم الشخصية فى تقديم اداء مختلف يحسب له.. أما مى كساب فيكفيها انها
شاركت مع مخرج كبير وبين مجموعة تميزت وأجادت فلم تمكنها مساحة دورها فى
إظهار مواهبها فأدت فى حدود دورها.
داود عبد السيد ابتعد عن السينما سبع سنوات ليعود برسائل أشبه بورود
ذات عبق تخللتنا وعبرت لقلوبنا بصدقها وعفويتها.. فشكرا لرسائلك وورودك.
العربي المصرية في
02/03/2010 |