يحمل المخرج التونسي أكرم العدواني
الكاميرا الى مدينة بولونيا الايطالية ليلقي الضوء في فيلمه
الوثائقي (مسلمو
إيطاليا على خط المواجهة) على جزء من معاناة المسلمين في اوروبا التي يبدو
انها لن
تتوقف عند قرار سويسري بحظر بناء مآذن المساجد.
في فيلمه يكشف العدواني عما يصفه
بتطرف ورفض وعنصرية تعاني منها الجالية المسلمة في إيطاليا.
ويأتي فيلم العدواني
بعد ان صوت السويسريون في 29 تشرين الثاني الماضي (نوفمبر) بأغلبية 57.5 في
المئة
لصالح الحظر في استفتاء أيده حزب الشعب وهو حزب سويسري يميني قال إنه
'يعارض أسلمة
سويسرا' وشن حملة ملصقات تصور المآذن كصواريخ.
وأدى هذا القرار الى مطالبة أحزاب
يمينية متطرفة في بلدان اوروبية اخرى حكوماتهم باجراءات مماثلة
ووقف بناء مآذن
المساجد، مما أثار ردود فعل رافضة في دول اسلامية طالبت بضمان احترام حرية
الشعائر
الدينية والتعبير قولا وفعلا.
لكن متحدثا سابقا باسم مسجد جنيف تقدم بشكوى أمام
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد حظر فرضته سويسرا على بناء المآذن
قائلا إن
القرار بحظر بناء المآذن الذي صدر في الاستفتاء ينتهك حقوق
الحرية الدينية والتحرر
من التمييز.
ويسلط العدواني في فيلمه الذي يستغرق 57 دقيقة الضوء على الصراع
الدائر بين منظمات إيطالية من اليمين المتطرف تتصدى لبناء جامع في مدينة
بولونيا
الواقعة شمال إيطاليا للجالية المغاربية لممارسة شعائرها الدينية بحجة أنه
سيستغل
لتنظيم اجتماعات والتحضير لأعمال إرهابية.
كما يركز المخرج على تزايد النظرة
الاوروبية المعادية للاسلام بسبب الاعلام الغربي الموجه.
وتقول ايرما تاروبي من
رابطة الدفاع عن الديانة المسيحية في شهادة نقلها المخرج 'هدفنا ان لايتم
بناء
جوامع كبرى لأنها كلما كبرت كلما منعت الناس من الاندماج والسيطرة عليهم..
نحاول
تفادي ما نسمعه في وسائل الاعلام كل يوم'.
ويترك المخرج الشاب في عمله للكاميرا
حرية التصوير دون تعليق لكن رغم ذلك فان انحيازه لقضايا ابناء
دينه لا يبدو خفيا،
حيث يقدم ضمن أحد مشاهد الفيلم المسلم على انه متسامح الى أبعد الحدود
بينما يظهر
الايطالي متشنجا ومتعصبا لدينه وبلده وحضارته.
ومن بين هذه المشاهد يبرز كهل
مسلم وهو يوزع حبات من التمر على محتجين ايطاليين في بولونيا
يطالبون بعدم الترخيص
لبناء جامع كبير. ويرد الكهل على استفزازات الايطاليين بابتسامات وباجابات
هادئة عن
الاسلام والمسلمين.
كما يشمل الفيلم مقتطفات من مداخلات بعض البرلمانيين المثيرة
للجدل التي تدعو إلى طرد الجالية العربية وعلى رأسها المغاربة من إيطاليا
لا سيما
بعد قرار رئيس الحكومة سيلفيو برلسكوني إعلان حالة الطوارىء
لمكافحة الهجرة في
تموز(يوليو) 2008 .
وصور الفيلم جانكارلو جنتيليني عمدة تريفيس وهو يقول امام
مئات من الايطاليين المناهضين للاسلام 'يختبىء في المساجد الارهابيون...
هناك تتم
برمجة تدمير ديننا وحضارتنا وتراثنا وديننا.. من اليوم لن نتسامح أبدا'.
اما
المسلمون فيعتبرون ان حياتهم أصبحت 'جحيما لا يطاق' بسبب الممارسات
العنصرية ضدهم
سواء في الشغل او في الحافلات أو في الشارع فقط بسبب لحاهم او الحجاب.
ويقول
ياسين لغرم ممثل اتحاد المنظمات الاسلامية في ايطاليا 'قبل الانتخابات عمدة
المدينة
كان يؤكد ان هناك رغبة ملحة لمساعدة المسلمين لايجاد مكان لاقامة الصلوات،
لكن
للاسف بعد الانتخابات تغيرت نظرة المدينة للمسجد وصار هناك
العديد من
التعقيدات'.
ويجيء فيلم العدواني (28 عاما) ضمن سلسلة وثائقية يعتزم المخرج
التونسي القيام بها حول أوضاع الجالية العربية في الغرب.(رويترز)
القدس
العربي
في
19/12/2009 |