مهرجان دمشق السينمائي هو المهرجان العربي الوحيد الذي تحس فيه
بالألفة
والحميمية.. فالشعب السوري يحب مصر وشعب مصر ونبادله نفس الشعور. وتعتبر
دورته
الـ ٧١ أحسن دورات المهرجان..
وبالرغم من انه اقتصر علي سبعة أيام فقط..
فقد
تحول الي عيد في دمشق عيد السينما.
وتميز مهرجان هذا العام الذي أصبح يعقد كل
عام بدلا من كل عامين..
بالافلام الواقعية التي تعكس اضطهاد الشعوب والبسطاء في
العصور المظلمة.
أيضا ظاهرة الاقبال علي الافلام من الشباب..
وعروض الافلام
والندوات في مواعيدها.
وهذا يرجع الي مدير المهرجان محمد الاحمد وكتيبته التي
يقودها..
ولذلك سيكتسب المهرجان صفة الشرعية من
اتحاد المنتجين في
باريس.
كان ضمن ضيوف المهرجان هذا العام المخرج الصربي العالمي أمير
كوستاريكا
الذي قدم فيلم عن اسطورة الكرة »مارادونا«
وهو فيلم تسجيلي طويل عن حياة ساحر
الكرة المعجزة أيضا نجمة الستينيات والسبعينيات اورسولا اندروس.. ونجومنا
المصريين الذين لقوا الكثير من الترحيب من الشعب السوري والمعجبين الذين
تزاحموا
علي باب فندق الشام
ويلتقطون معهم الصور التذكارية.
وقد فاز الفيلم المصري
واحد/صفر بجائزة أحسن فيلم عربي لمخرجته كاملة أبوذكري تسلمتها
النجمة إلهام
شاهين.
مجموعة كبيرة من الافلام الروائية الطويلة وأفلام المسابقة والافلام
القصيرة تستحق المشاهدة، وقد اخترت من بينها بعض الافلام التي أحببتها
وتأثرت بها
منها الفيلم الايطالي
»انتصار« والفيلم الاسباني »زهور عباد الشمس العمياء«
وفيلم »مارادونا«.
السينما تنصف زوجة موسوليني
التي تجاهلها
التاريخ!
الحكومات تزور أحيانا التاريخ لمصلحتها..
وتخفي الجوانب التي
تسيء اليها.. لكن السينما تستعيد ذاكرة التاريخ لتقدم لنا الحقيقة..
واقع هؤلاء
الزعماء من مجرمي الحروب.. وتستعيد المصداقية بكشف الحقائق.
وفي الفيلم
الايطالي »انتصار« من اخراج المخرج العالمي الكبير »ماركو بيلوتشيو«..
وتقديم الزعيم الفاشستي موسوليني كمجرم حرب وشخصية فظة..
لم يعترف ببنوة ابنه..
كما الحق زوجته مستشفي الامراض العقلية.
تعود احداث الفيلم الي عام
٤١٩١
حين كانت ايطاليا مشحونة باجواء الحرب..
تعيش اجواء سياسية وحزبية وشعارات
ومظاهرات.
في المشهد الاول يقدم المخرج لنا موسوليني يتزعم مظاهرة لإلغاء
الملكية مناديا بالاشتراكية..
وحين يهجم عليهم رجال البوليس يقوم موسوليني بتقبيل
فتاة جميلة كانت أمامه قبلة طويلة حارة ليتخفي من البوليس.
هذه الفتاة
الجميلة »ايدا« احبته وأصبحت زوجته فيما بعد..
كانت نفسه الخط لانها وقعت في
حب هذا الرجل الفظ حتي في علاقته الحميمية..
كان موسوليني يعمل في صحيفة اسمها »أفانتي«
تذهب اليه »ايدا« في مقر عمله وتشجعه علي تحقيق طموحاته في قيادة
الشعب الايطالي الي مستقبل اشتراكي..
فهي مفتونة بكاريزما موسوليني وتؤمن
بأفكاره.. وتقدم له »ايدا« كل ما تملك لكي تحقق له طموحاته فتبيع مجوهراتها
وصالون التجميل الذي تديره..
كما تبيع منزلها وأثاث بيتها ليصدر صحيفة اطلق
عليها »شعب ايطاليا«.
لكن طموحاته لم تتوقف عند حد للوصول الي الحكم..
بل انه
يتحول من اشتراكي الي ناشستي كاثوليكي صارم فيتحالف مع
الفاتيكان ليساعده علي
السيطرة علي الحكم وفعلا يصل الي ما يريد.
تفاجأ »ايدا«
باختفاء قسيمة
الزواج.. وتصعق حين تسمع نبأ زواجه بامرأة أخري، وتذهب إلي المحاكم لاثبات
شرعية ابنها..
بل تهاجمه علنا فيضعها هي وابنها تحت
المراقبة حيث تعيش الأم
وابنها حالة من الفقر المدقع بعد ان فقدت كل شيء..
ولا تهدأ فيلحقها بمستشفي
الامراض العقلية بعيدة عن ابنها الذي الحق في دار ملحقة بالكنيسة يعامل
معاملة
صارمة ومن المشاهد المؤثرة التي تعكس الكبت في نفسية الطفل حين يصحو ليلا
من نومه
ويصل الي تمثال موسوليني ويلقي به علي الارض ثم يفر الي فراشه لكي لا يراه
أحد..
اما معاناة الام في مستشفي الامراض العقلية فهي لا توصف خاصة
وهي لا تعلم شيئا عن
ابنها. يكبر الطفل.. ويرسل لأمه رسالة لأول مرة يقول لها انه يحبها.
تتعاطف
معها احدي الراهبات وتلبسها ملابسها وتهرب
»ايدا« متنكرة في ملابس الراهبات..
وتصل في النهاية الي المكان الذي اودع فيه الابن وهي متلهفة شوقا لرؤيته
واحتضانه
في صدرها.. لكنها تفاجأ بعدم وجوده!
ورغم اخفاء التاريخ لحقيقة الزوجة
المنكوبة ومحو اسمها الا أن السينما تنصفها..
فهي بطلة الفيلم والشخصية
المحورية.. وبهذا تعيد السينما الاحداث التي تصاحبها وفقا لترتيبها
التاريخي الذي
كان مفترضا ان يخلد »ايدا«
زوجة موسوليني وأم لابنه الشرعي..
فكان ذلك
انتصارا للحقيقة.
قدم المخرج التاريخ بترتيب الوثائق فأدخل لقطات تسجيلية »أبيض وأسود«
من أرشيف السينما ليعطي المصداقية للفيلم الروائي.
الفيلم
مليء بالمشاعر الدرامية التي تتدفق فيها العواطف والآلام النفسية التي
عاشتها
الشخصية الحقيقية. وقد أدت البطولة في هذا الفيلم الممثلة الرائعة »جيوفانا
جيورنو« التي تتمتع بامكانيات كبيرة..
تتنازعها مشاعر الحب واللهفة والتضحية
والقلق والضعف والقوة والاستسلام، وفي رأيي انها تستحق جائزة أحسن ممثلة في
المهرجان.
أما الممثل الذي مثل دور موسوليني
»ايريستو كوستيلا«..
فقد حاول أن
يجسد شخصية موسوليني وملامحها القاسية ونظرات عينية المخيفة.
كما استطاع
المخرج بيلوتشيو ان يقدم لنا حقبة مظلمة في حياة الشعب الايطالي.. وزعيمها
الناشستي الذي فقد كل مشاعره ولم يعترف ببنوة الابن وأدخل زوجته التي حققت
له
طموحاته مستشفي الامراض العقلية وكما انصفتها السينما انصفها
المهرجان بمنحها جائزة
أحسن ممثلة.
من أقوال موسوليني في الفيلم
»يمر الحظ أمامنا مرة واحدة وعلينا
أن نفتح له الباب حتي يمر«!!
زهور عباد الشمس العمياء
ومن أهم الافلام التي
تعكس اضطهاد الشعوب ومعاناتهم من سياسات حكوماتهم في حقبة ما..
الفيلم
الاسباني »زهور عباد الشمس العمياء«
وفكرة الفيلم تبدو من عنوانها..
فزهور
عباد الشمس العمياء لا تري نور الحق والشمس..
وانما هي عمياء مستسلمة
للظلمة.
الفيلم من اخراج »خوسيه لويس كيدردا«
الذي يجسد أيضا فترة تاريخية
مهمة من الحياة في اسبانيا وصراع الحرية والاضطهاد من خلال أسرة تتواصل
فيها
الاحداث لتثبت أن هناك أشخاص محكوم عليهم
بالموت مهما حاولوا الهروب
منه.
بطلة الفيلم »ايلينا«
التي تعيش ظروف في منتهي القسوة..
وبالرغم من
ذلك فهي تحاول أن تبدو امرأة عادية فتخفي القلق والحزن ومرارة
العيش التي
تكتنفها.. فابنتها المراهقة حملت من صديقها..
وحاولا الهروب الي الحدود بطريقة
غير مشروعة بحثا عن حياة أفضل..
لكنهم يدفعون حياتهم ثمنا لذلك..
ففي الغابات
وفي جو قاسي شديد البرودة تلد الابنة طفلا..
لكنها يموتا..
كما يقتل الاب برصاص
رجال البوليس علي الحدود.
أما زوج »ايلينا الكاتب الشيوعي الذي يبحث عنه
البوليس فقد أصبح أسيرا في مكان صنعه بنفسه ملحق بغرفة النوم..
وهو مذعور دائما
لكل حركة أو طرقة باب.. وقد أصيب بالاكتئاب لهذه الحياة.
أما الابن الاصغر
فتسجله الام في مدرسة البلدة التابعة للكنيسة..
لا تثير الشك في حياة زوجها
وابنتها. رآها الشماس الشاب سلفادور »راؤول ريفالو«
الذي كان مجندا في الجيش
حيث يقتلون هناك بلا مشاعر فيحاول أن يطهر نفسه من خطاياه..
فيذهب إلي أب
الاعتراف ليعترف بكل ذنوبه فيعينه القاص شماسا ومدرسا بالمدرسة يدرس ابن
ايلينا
الطفل، يحاول الايقاع بالأم ظنا انها أرملة..
ويستدرج الطفل ليعرف أخبار
الأسرة.. فيقول الابن ان أبيه توفي وان أمه هي المسئولة عن كل شيء فتحركه
غوايه
الشيطان الذي في داخله.. فيذهب إلي منزلها وقد ارتدي ملابسه العسكرية بعد
أن فشل
في كل محاولاته..
للمسلسل ليستغل سلطته كرجل عسكري بعد ان استغلها ككاهين..
في
الوقت الذي تبقي »ايلينا«
تعاني فيه من الحرمان العاطفي والجسدي لكنها تبقي
أسيرة حبها واخلاصها لزوجها..
تقاوم رغبتها حين يحاول اغتصابها فتصرخ ويخرج
الزوج
المختبيء من محبسه كالفأر وينفض لكرامته كالأسد محاولا ان يخلص زوجته من هذا
الوحش.. ولكي لا يفتضح أمره فهو يقفز من النافذة منتحرا..
ويتحرك ضمير الشاب
واحساسه بالذنب لانه كان سببا في انتحاره..
ولا تجد
»ايلينا« سبيلا الا بترك
القرية.
حاول المخرج ان يقدم طقوس الاعتراف في البداية وذلك حين عاد »سلفاتور«
من الجيش ويده ملوثة بدماء القتلي ليعترف بخطاياه ويصبح شماسا يترقب
ترقيته الي كاهن.
أما في النهاية فيرتدي ملابس الجيش ليشعر انه مركز سلطة
ليلعب علي الاثنين.. الدين والسلطة والفيلم يرصد حياة البسطاء في تلك
المرحلة من
تاريخ أسبانيا بأسلوب مأساوي لكنه الواقع.
مارادونا بطل فيلم كوستكاريكا
من
أهم رموز السينما وأشهرها من ضيوف المهرجان المخرج الصربي العالمي أمير كوستاريكا
الذي ولد في سراييفو والذي عرض له فيلم تسجيلي طويل اجتماعي سياسي موسيقي
عن حياة
لاعب الكرة الاسطورة الارجنتيني
»دييجو مارادونا«
يذهب أمير كوستاريكا الي بلده
بعد صداقة طويلة ليعيش معه..
ويتناول بصورة أساسية المفارقات التي نشأت بين صورة
الاسطورة في مخيلة معجبيه حول العالم..
ومارادونا الانسان الذي يحمل أفكاره
الخاصة التي تبرز شخصية ساخطة وثورية وعابثه في نفس الوقت.. ورب أسرة ومدمن
مخدرات.
نشأ مارادونا في عائلة متواضعة جدا..
يقول لكوستاريكا الذي يظهر معه
في كل اللقطات..
لكننا كنا نأكل..
وتحس أمي بوجع في بطنها اذا غنا بدون عشاء
ويأخذنا كوستاريكا الي البيت الذي عاش فيه مارادونا وظهرت فيه موهبته منذ
كان
طفلا.. ليتوقف عند أهم المحطات التي صنعت مارادونا والزوايا المظلمة في
حياته..
ويكشف لنا مارادونا تفاصيل حياته التي لم تصل اليها وسائل الاعلام.. وتمكن
كوستاريكا من معايشة النجم الارجنتيني ليسير الي جانبه طوال الوقت في جولة
عن
الاماكن المحببة الي قلب النجم الارجنتيني..
بيته القديم الذي تربي فيه..
كما
قدم لقاءات ومقابلات مع أصدقائه المقربين..
وأيضا لقائه مع الزعيم الكوبي ينديل
كاسترو ليبين مدي استحواذ الشخصية العالمية بمارادونا.
مستعينا بموسيقي تجعلنا
نعيش في أجواء الملاعب ولقطات من أهم المباريات التي خاضها مستعرضا بأسلوب
كاريكاتوري ساخر الاعداد التقليديين..
»بوش« و»ملكة بريطانيا«
اللذان يظهران
في الملعب مشوشين تائهين أمام فن صاحب الكرة الساحرة تلعب موسيقي فرقته »مانوتشاو«
دورا مهما في الفيلم.
ورغم اننيلست كروية..
لكنني استمتعت جدا
بالفيلم وعشتا في اجواء حياة الانسان الاسطورة مارادونا الذي يتمتع
بالسخرية وخفة
الظل.
اورسولا اندروس:
لم أجر عملية تجميل لأعيش مراحل حياتي
اورسولا
اندروس نجمة السينما في الستينيات
والسبعينيات وواحدة من رموز الجمال والاغراء،
كنا قد دعوناها في بداية مهرجان القاهرة السينمائي..
شابة جميلة جذابة وكنت قد
اجريت معها حديث في ذلك الوقت وجذبتني شخصيتها.
حاليا بدت خطوط الشيخوخة علي
وجهها الجميل..
لكنها لم تجر أي عملية تجميل كما تقول
- وهي صادقة في كلامها -
لانها تعيش مراحل حياتها.
بدأت اورسولا اندروس حياتها كفتاة موديل في روما..
ثم اختيرت للعمل في السينما في أفلام جيمس بوند كما شاركت الفيس بريسلي في
فيلم
»اكابوكلو«
عام ٣٦٩١ ومع فرانك سيناترا في فيلم »
أخبار
النجوم المصرية
في
12/11/2009 |