في الحديث حول الثقافة والفن كثيراً ما تهمل الأرقام وتسقط من
الحسابات، وتبدو لغتها أو لعبتها غير مستساغة وجافة ويعتبر ذكر الأرقام أو
الحديث عنها مجرداً خارج السياق، ونادراً ما يكون للرقم حضور في التعاطي
الإعلامي العربي عموماً تجاه أحداث ثقافية وفنية، وتغيب «ثقافة الأرقام»
بدلالاتها ومعانيها وإن حضر الرقم أو العدد فإنما على استحياء وخجل ويبدو
مقحماً عديم الدلالة إلا ما ندر..
في الحديث حول مهرجان دمشق السينمائي الدولي الـ17 نتوقف عند أرقام
وأعداد كان لها حضورها بصورة أو بأخرى وثمة أرقام غائبة وتحضر على نطاق جد
ضيق وثمة أرقام تهرب لا يمكنك القبض عليها، وثمة أرقام متاحة لكنها جامدة
تحاول هنا حقن بعضها بقراءة.. محض قراءة!!
إذا كان الرقم الأكثر حضوراً في نسخة مهرجان دمشق السينمائي الدولي هو
الرقم 17 فإن الغائب الحاضر هو رقم 30 كعمر للمهرجان إذ نظمت دورته الأولى
عام 1979 ولم يتم تداول عدد الإعلاميين العرب والأجانب والسوريين الذين
يواكبون فعاليات المهرجان أو الذين حضروا مثلاً حفل الافتتاح.. أيضاً غاب
إعلامياً عدد النجوم السوريين والعرب والأجانب الذين تمت دعوتهم إلى حفل
الافتتاح وذكرت هنا أرقام عابرة من باب الاجتهاد أو رفع العتب ولم يذكر عدد
النجوم السوريين الذين فشلوا في حضور الافتتاح على الرغم من مجيئهم إلى دار
الأوبرا في أمسية الحفل ولم يذكر أيضاً أعداد الذين تمكنوا من الحصول على
بطاقات الدعوة بشكل أو بآخر وكان غيرهم أولى بالحضور - مع الاحترام للجميع-
تبعاً للاهتمام فنياً وإعلامياً ونقدياً ومساحات اشتغال وتعاطياً.. أيضاً
كثيراً ما يغيب عدد الجمهور الذي يحضر في هذه الصالة أو تلك (هناك
استثناءات في بعض الصالات) أو هذا الفيلم أو ذاك وما يعنيه عدد الحضور في
الحالتين وتبعاً أيضاً لتوقيت عرض الأفلام وأنواعها وتابعيتها إنتاجياً
لدول بذاتها..
أما بالنسبة إلى الأرقام التي يمكن تلمسها وتبعاً لدليل المهرجان
فنذكر منها الرقم 21 وهو عدد أعضاء اللجنة التنظيمية العليا للمهرجان (لا
وجود للسيدات في اللجنة) بينهم أسماء سنجد أنها حاضرة في لجان أو مهام أخرى
بمعنى - وبلغة الأرقام- أسماء مدرجة في أكثر من رقم ومع الاحترام للمهام
وإذا ما استثنينا محمد الأحمد كمدير للمهرجان فإننا نجد أن محمود عبد
الواحد حضر في اللجنة التنظيمية العليا بصفته مديراً عاماً للهيئة العامة
السورية للكتاب، وحضر فيما سمي «مكاتب المهرجان» (وعددها سبعة) بصفته
مسؤولاً إعلامياً، وفي «الدليل» بصفته مدير تحرير (كواحد من ثمانية اشتغلوا
على الدليل العام للمهرجان) وجاء اسم عبد الواحد بصفة «الإشراف الإعلامي»
في النشرة المرافقة للمهرجان، كذلك نلاحظ اسم دينا باكير في «مكاتب
المهرجان» كمسؤولة للعلاقات العامة، وفي «لجنة المشاهدة» وعدد أعضائها عشرة
وتأتي باكير «أمينة سر اللجنة» كسيدة إلى جوار رندة الرهونجي فقط من الجنس
اللطيف وأخذت باكير صفة «متابعة وتنسيق» في «الدليل» أما يوسف دك الباب
وغسان شميط فإلى جانب كونهما أعضاء في اللجنة التنظيمية العليا فكان كل
منهما عضواً في لجنة المشاهدة كذلك، رأفت شركس كان عضواً في اللجنة
التنظيمية وفي «مكاتب المهرجان» بصفته أميناً عاماً للمهرجان.
وإذا كان ماهر صليبي يتولى وللمرة الرابعة على التوالي إخراج حفل
الافتتاح فإن عدد الزملاء محرري ومعدي النشرة اليومية المرافقة للمهرجان هو
19 وجلهم من الإعلاميين النشيطين من ذوي السمعة والحضور الإعلامي الجيد
المشهود لهم بالكفاءة أما الكتب الموزعة على «ضيوف المهرجان» الصادرة ضمن
سلسلة الفن السابع فعددها 24، سبعة منها بأقلام عربية توزعت بين «سيناريو»،
«إعداد»، «تأليف» اثنان من السبعة تأليف إبراهيم العريس والسبعة عشر كتاباً
المتبقية من الـ24 هي مترجمة عن لغات أجنبية ثلاثة منها ترجمة محمد علام
خضر، ولكل من: إيليا قجميني، عبد الله عويشق، ومروان حداد كتابان ليحصد
هؤلاء الأربعة أكثر من نصف الكتب المترجمة الموزعة على هامش الدورة الحالية
للمهرجان.
وتقدمت إدارة المهرجان - أو خصت- بالشكر نحو ثلاثين ما بين جهات
وهيئات (دبلوماسية، ثقافية) وشخصيات بينها خمسة أسماء هم أعضاء في اللجنة
التنظيمية العليا وهم: ياسر محمد الأيوبي مدير عام «دار الأوبرا»، ممتاز
الشيخ مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ماجد حليمة المدير العام
للمؤسسة العربية للإعلان، عماد الرفاعي رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون
بسورية، وإبراهيم نجمة المستثمر وأحد أصحاب الصالات السينمائية. وبلغ عدد
الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة 20 فيلماً سبعة منها
أفلام عربية لخمس دول هي: سورية (بوابة الجنة) لماهر كدو- (مرة أخرى) (لجود
سعيد) ومصر (واحد صفر) لكاملة أبو ذكرى- (المسافر) لأحمد ماهر وتونس
(ثلاثون) لـ الفاضل الجزيري» والجزائر (مصطفى بن بولعيد) لأحمد راشدي
والمغرب (كازينغرا) لنور الدين لخماري وحظيت القارة الأوروبية بالنصيب
الأكبر من الأفلام في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة واكتفت القارة
الآسيوية بخمسة أفلام: «عشرون» للمخرج الإيراني عبد الرضا كاهاني، و«الجبل
الأجرد» للكوري الجنوبي سويونغ كيم، و«أخيل والسلحفاة» للياباني تاكيشي
كيتانو، و«ميا ومياو» للمخرج هيساوتسي تشنغ في إنتاج مشترك لتايوان وهونغ
كونغ، وأخيراً «الراقصة المحلية» للمخرجة الكازخية غولشات أوماروفا في
إنتاج مشترك ضم إلى جانب بلادها كلاً من روسيا، فرنسا، ألمانيا وهو الفيلم
الوحيد الذي اشتركت في إنتاجه أربع دول تلاه «مراقبو الطيور» للمخرج ماركو
بيتش حيث اشتركت في إنتاجه كل من إيطاليا، البرتغال، البرازيل وهذه الأخيرة
وحيدة جاء ذكرها على استحياء من القارة الأميركية واللاتينية الجنوبية في
حين غابت القارة السمراء عن المسابقة الرسمية الطويلة (عدا العرب
الأفارقة).
أما فيما يتعلق بمسابقة الأفلام القصيرة وعدد أفلامها 52 فإن المشاركة
الأكبر كانت لسورية من خلال عشرة أفلام تلتها الدانمارك بستة فمصر أربعة
ولكل من تونس وألمانيا ثلاثة أفلام، ووصل عدد التظاهرات المرافقة للمهرجان
17 تظاهرة، وعدد أعضاء لجنة تحكيم الأفلام الطويلة 11 ستة منهم نساء وسبعة
من أعضاء اللجنة من جنسيات أجنبية مختلفة، والمكرمون في حفل الافتتاح 11
أربعة منهم سوريون «أمل عرفة، مروان حداد، خالد تاجا، نجدة أنزور»، وثلاثة
من فلسطين وتونس ومصر هم على التوالي: «حسين القلا، رشيد فرشيو، يسرا».
أيضاً المصادفة لعبت دوراً في حضور الأرقام في المهرجان وهذه المرة
عبر أسماء عناوين عدد ليس بقليل من الأفلام سواء المشاركة في المسابقة
الرسمية بشقيها الطويل والقصير أو ضمن التظاهرات ففي المسابقة الرسمية ثمة
أفلام حملت عناوين: «عشرون»، «ثلاثون»، «العنبر رقم 6»، «واحد صفر» وفي
مسابقة الأفلام القصيرة «ربيع 89» القادم من مصر، و«12 جولة» فيلم الإثارة
والتشويق للمخرج ريني هارلن، و«السيد 73» للمخرج ألويفييه مارشال وكلاهما
ضمن تظاهرة «سوق الفيلم الدولي» وفيلم «ثمانية ونصف» ضمن تظاهرة المخرج
الإيطالي الكبير فيديريكو فيلليني، و«2001 أوديسه الفضاء» للبريطاني الكبير
ستانلي كيوبريك ضمن تظاهرته في المهرجان، وفيلم «صيف العام 1942» للمخرج
روبرت موليغان في تظاهرة «سينما الحب.. قصائد الشجن» و«أربعة شهور، ثلاثة
أسابيع ويومان» لكريستيان منجيو ضمن تظاهرة «سينما القارات الخمس: أفلام
الجوائز الكبرى».
أما الرقم واحد الحاضر بقوة في المهرجان فهو ودون منازع أمير
كوستاريتسا المخرج السينمائي البوسني الذي حل ضيف شرف في المهرجان مكرماً
(بفتح الراء وكسرها) وهو صاحب أفلام كبيرة منها «زمن الغجر»، «حلم
أريزونا»، «مترو الأنفاق» الحائز السعفة الذهبية في مهرجان كان 1995، و«قطة
سوداء قطة بيضاء» و«مارادونا» و.. وكوستاريتسا الرقم واحد في المهرجان
لكونه نجم النجوم بنتاجه السينمائي الفريد وحضوره الموسيقي وقبل هذا وذاك
أمير كوستاريتسا إنسان وروح مفعمة بالدفء والحلم وحضور في الرأي والموقف.
الوطن
السورية
في
04/11/2009 |