في مقابل دعوات أطلقها بعض مخرجي وفناني السينما السورية لمقاطعة
مهرجان دمشق السينمائي السابع عشر والذي يقام حاليا لأسباب عديدة لها علاقة
بالطريقة التي تتعامل إدارة المهرجان من خلالها مع الفنانين السوريين أثناء
انعقاد الفعاليات في مقابل هذه الدعوات تظهر أصوات أخرى ترى في هذا
المهرجان مكسباً مهماً للسينما السورية لا يجوز المغامرة بالتخلي عنه أو
التقليل من شأنه وخاصة أنه ليس ملك شخص بعينه أو ملك مؤسسة بعينها بل ملك
للسينما السورية وللسينمائيين السوريين أقيم لكي يطل هؤلاء على المشهد
السينمائي العربي والعالمي من خلاله وليكون أيضاً نافذة نستطيع من خلالها
إطلاق ما تنتجه آلة السينما السورية من أفلام كما أنه فرصة حقيقية ومهمة
لفتح أقنية حوار ونقاش لا تنتهي حول الفن والثقافة والدور الذي باتت تلعبه
في تكوين شخصية الإنسان المعاصر، ولكن الرافضين للأصوات التي تدعو لمقاطعة
المهرجان يتوقفون كثيراً عند التقصير الذي يتكرر في كل دورة وخاصة لجهة
التنظيم واعتبار الفنان السوري من (سقط المتاع) وإيلاء الاهتمام كله
للفنانين العرب والأجانب.
دريد لحام
أكد الفنان السوري الكبير دريد لحام في تصريح خاص بـ«الوطن» أن دعوات
المقاطعة ليست في محلها «لأن المهرجان لسورية كلها، وهو قادر على تحقيق
حراك ثقافي مهم، ويتيح من الفرصة للاطلاع على تجارب الآخرين والاحتكاك
بالفنانين العرب والأجانب، ومن هنا تنبع أهمية هذا المهرجان» ويرى لحام أن
المهرجان ليس قادراً على صنع أفلام: «مهرجان القطن لا ينتج قطناً ومهرجان
القمح كذلك، وإنما هو احتفال بالنتاج الموجود» ويدعو إلى عدم تحميل
المهرجان «أشياء لا يستطيع حملها» ويؤكد دريد لحام أن سورية على أعتاب نهضة
سينمائية مشيراً إلى الجهد الذي يبذله المنتج السوري نادر الأتاسي من خلال
إقامة صالات عرض متطورة في دمشق داعياً البقية من المنتجين السوريين إلى
الاقتداء بهذه الخطوة.
خالد تاجا
من جانبه يرى الفنان الكبير خالد تاجا الذي كُرِّم في حفل افتتاح
المهرجان في دورته الحالية أن هناك مشكلة حقيقية في تعدد المهرجانات
السينمائية العربية ويدعو إلى مهرجان عربي واحد ينتقل بين البلدان العربية
تحت راية الجامعة العربية للتقليل قدر المستطاع من التكاليف المرتفعة
للمهرجانات وتوجيهها في اتجاه إيفاد مجموعة كبيرة من الشباب العربي المحب
للسينما إلى الجامعات والمعاهد المرموقة في العالم لتعلم كل الاختصاصات
السينمائية، لكي يلعب هؤلاء الشباب دوراً أكبر في نهضة سينمائية تهم العالم
العربي، ويشترك تاجا هو الآخر مع الذين يرون السينما السورية مقبلة على
مرحلة جديدة وواعدة ويلفت إلى أن القطاع الخاص في سورية بدأ بالتحرك في هذا
الاتجاه ويضيف: لقد قدم القطاع العام ما لديه ووضعنا على خارطة السينما بيد
أن عدد الأفلام المنتجة لم يكن كافيأ للانتشار أكثر على المستويين العربي
والعالمي، وأعتقد أن القطاع الخاص بدأ يحيي الآمال بأن تكون لدينا قاعدة
سينمائية قوية.
هيثم حقي
ويعتبر المخرج هيثم حقي من أوائل السينمائيين السوريين الذين وضعوا
لبنة نهضة سينمائية سورية من خلال إشرافه على إنتاج مجموعة من الأفلام في
العام الماضي وهذا العام، بعضها حصد جوائز مهمة للغاية في مهرجانات عالمية،
وهو يرى أن مهرجان دمشق السينمائي مهم «لأنه يتيح فرصة للجمهور السوري
لمشاهدة أفلام عالمية، وإذا ما نظرنا إليه من هذه الزاوية فهو برأيي إيجابي
وقد طالبنا به في عام 1976 وانطلق في عام 1979 وبالنسبة لي شخصياً حصلت على
جائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة الثانية منه وكنت عضواً بلجنته العليا
لعدة سنوات وأخرجت عدة افتتاحات له وكُرِّمت فيه ومن ثم لي علاقة بهذا
المهرجان ولكنه لا يعكس وجود صناعة سينمائية في سورية، ومن يعتقد عكس ذلك
فهو مخطئ لأن سقف المهرجان لا يعلو أكثر من ذلك» ويرى حقي أنه من الممكن أن
يقوم المهرجان بتحريك عجلة الإنتاج بعض الشيء بعد أن أصبح سنوياً ولكنه ليس
قادراً على تحقيق صناعة حقيقية لأن صناعة السينما لها مقومات وقد ذكرتها
قبيل انطلاق فعاليات هذه الدورة في صحيفتكم» ويرى حقي أن ضيق مكان الافتتاح
لعب دوراً في سوء التنظيم وخاصة أن أعداد الفنانين والإعلاميين والضيوف
كبيرة، والمكان لا يتسع للجميع.
طلحت حمدي
كما دعا الفنان طلحت حمدي إلى عدم الطعن بالمهرجان «لأنه مكسب للحركة
الثقافية في سورية فهذا التلاقي بين الغرب والشرق واطلاعنا على ما أنتجه
الآخرون واطلاعهم على إنتاجنا أعتبره شيئاً مهماً يجب المحافظة عليه ونحن
بحاجة ماسة لهذه اللقاءات» ولكن لحمدي رأياً بمسألة تنظيم المهرجان حيث
يشهد «غياباً شبه كامل للفنانين السوريين وللأسف فإن سوء التنظيم مطب تقع
به إدارة المهرجان كل عام» ودعا حمدي إدارة المهرجان للافتخار بالفنان
السوري من خلال تقديمه للواجهة «فالفنان السوري له مكانة محترمة في العالم
العربي والعالم كله، لذا لا يجوز اطلاقاً أن يأتي فنانون معروفون لحفل
الافتتاح ولا يجدون مكاناً لهم أو يُحشرون في زوايا منسية وبعض النجوم
جاؤوا وعادوا لأنهم لم يجدوا لهم مكاناً وهذا أمر معيب، إذا كانت القاعة لا
تتسع إلا لألف.
لماذا تتم دعوة ضعف هذا العدد، أنا شخصياً آلمني جداً أنني ذهبت
للافتتاح ولم أجد مكاناً وهذا سوء تنظيم واضح» ويدعو حمدي هو الآخر إلى
البدء بتأسيس صناعة سينمائية حقيقية في سورية بالتوازي مع المهرجان من خلال
رفع سقف ميزانية المؤسسة العامة للسينما، لكي يتسنى لها إنتاج عدة أفلام في
العام وخاصة أن سورية ليست بلداً فقيراً والسينما أصبحت سلاحاً ثقافياً
مهماً، وهي قادرة على نقل ثقافتنا للغرب وتحجيم الإعلام الصهيوني في
العالم» ويرى حمدي أن الدولة مسؤولة عن تشجيع القطاع الخاص لدخول مجال
السينما من خلال إنشاء صالات عرض جيدة وسن قوانين جديدة.
وفي ختام تصريحه لـ«الوطن» لفت حمدي إلى أن المهرجان ليس ملك فرد
«وأعتقد أن من الخطأ العبث بهذه التظاهرة التي نفخر بها».
هاني السعدي
من ناحيته أكد الكاتب هاني السعدي أنه لا يستطيع الحكم على تنظيم حفل
الافتتاح «لأني لم أُدعَ إليه ويبدو أنه دار في خلد المنظمين أنني كاتب
تلفزيوني، رغم أنني كتبت فيلما أنتجته المؤسسة في عام 1977 بعنوان (ليل
الرجال) وكان من بطولة فريد شوقي وناهد شريف» ويرى السعدي أن المهرجان
يكتسب أهمية أكبر لو كانت هناك أفلام سورية قوية مشاركة في المسابقة
الرسمية.
الوطن
السورية
في
04/11/2009 |