تمثل سينما المخرج امير كوستاريكا تجربة متفردة في السينما الأوروبية
بشكل خاص والسينما العالمية بشكل عام كما أن افلامه تمثل قصائد انسانية
مشغولة بفهم كبير للواقع في اطار من الفنتازيا الراقية والكوميدية السوداء.
وفي عالم إمير كوستوريكا السينمائي، الأعاجيب هي المناخ السائد والفعل
الاكثر سوريالية وواقعية في آن.
في أعماله السينمائية جهد كوستوريكا في تشييد عالم سينمائي، يتجاور
فيه الواقع والخيال أو بالأحرى يتمازجان. شخصياته واقعية جداً برغم حديّتها
وتطرفها ومبالغاتها. انها في نهاية المطاف تشبه آخرين حولنا وتشبهنا. كذلك
هو محيطها وحياتها اليومية. سوريالي في الظاهر، كثير الحيل والمبالغات،
مفرط الى حد التخمة. ولكن كأنما بيد سحرية، يتحول في جوهره عالمًا مألوفًا.
هل هي إلفة عالم سينمائي بات مفضوح الرموز والشيفرات؟ كلا. انه أبعد من
ذلك. عالم انساني، شعري، موسيقي انما مكثف ومتطرف. في كل ذلك، ينجذب
كوستوريكا دومًا الى الانسان أو الى أعجوبة الحياة، الحياة الممكنة في كنف
تضافر الظروف غير المؤاتية. في هذه القدرة، سواء أقدرة الانسان على اجتراح
معجزة الحياة أو قدرة الحياة على تلوين نفسها وتجديدها لتبقى ممكنة، تكمن
الأعجوبة التي يجلها كوستوريكا ويتغنى بها والتي تمنح افلامه، في ما هي
مفارقة غريبة، جرعة تفاؤل.
حذرالمخرج البوسني أمير كوستاريكا ضيف مهرجان دمشق السينمائي الدولي
أن "مستقبل السينما ليس مستقبلاً لامعًا،وهذا باعتقادي قتل مباشر للسينما".
مشددًا في الوقت ذاته على إن السينما هي "السلاح المطلق للتعبير عن
مشاعرنا، وعملية التواصل مع الجمهور هي قناعة يجب خلقها من الجمهور نفسه".
ووصف كوستاريكا في مؤتمر صحافي عقد على هامش فعاليات مهرجان دمشق
السينمائي في قاعة الغوطة بفندق الشام عملية اختياره للأفلام بأنها "عملية
متعبة بالنسبة لاختيار النص، لأن خلق فيلم هو شيء مختلف تمامًا عن اختيار
النص، حيث الصورة والإمكانيات البصرية تلعب دورًا أساسيًا في الإقناع
والخصوصية، النص والشخصية هي مراحل أولية لصناعة الفيلم، لأن المتغيرات
التي تصادف عملية الإخراج قد لا تناسب ما خطط له".
أكد أمير كوستاريكا أن السينما السورية بحاجة لمزيد من الزمن لإثبات
حضورها على الساحة العالمية. وقال: عرفت السينما العربية من خلال
المهرجانات الكبرى واستطعت تكوين بعض الأفكار من خلال الأفلام التي تكون
مشاركة فيها.
وأضاف: ان مهرجانات السينما العربية عمومًا والسورية خصوصًا طابعها
مختلف عن الغرب الذي يحمل جغرافيا المكانوهوية الأشخاص الحقيقيين.
وتطرق إلى تجربته الشخصية في المزاوجة بين السينما والموسيقى وقال:
إنني أتغلب على الزمن بالعمل والموسيقى وكل ما له علاقة بالحياة من رياضة
بدنية وفكرية مضيفًا ان للموسيقى أثر كبير في حياتي وهي الأساس الذي أبني
عليه. فالعمل على الموسيقى والسينما يأخذ أبعادًا متقاربة, فالمخرج كيرساوا
كان ينجز أعماله وفق موسيقى دقات قلبه. وأكد أن تعريف فلليني للموسيقى
يشابه تعريفه للسينما "
كما أكد كوستاريكا ان"خلق فيلم كحالة إبداعية مختلف تماما عن عمل
السينما فإذا لم تمتلك الحياة بكل تفاصيلها وروحها خلال عملية الخلق فإنك
تخاطر لتخسر المعركة. والعمل على انجاز فبلم سينمائي عمل يرزح تحت ضغط كبير
جدًا بكل تفاصيله وعناصره دون استثناء. كل شيء يبدأ عندما تبدأ الكاميرا
بالدوران. لحالة تشبه "البداية دائمًا جيدة ولكن العمل يبدأ عندما يبدأ
الإعصار وعليك التفكير كيف ستدخل الإعصار".
واضاف: أن السينما هي عملية متعبة بالنسبة لاختيار النص، لأن خلق فيلم
هو شيء مختلف تماماً عن اختيار النص، حيث الصورة والإمكانيات البصرية تلعب
دورًا أساسيًا في الإقناع والخصوصية، النص والشخصية هي مراحل أولية لصناعة
الفيلم، لأن المتغيرات التي تصادف عملية الإخراج قد لا تناسب ما خطط له،
ومع ذلك علينا ألا ننسى أن السينما عملية موحدة وواحدة.
وينتمي كوستوريكا وهو من مواليد سراييفو(1945)، إلى دائرة ضيقة من
المخرجين الذين فازوا بجائزة السعفة الذهبية، وهي أكبر جوائز المهرجان، عن
أفضل فيلم مرتين, عن "حينما ذهب والدي للعمل" عام 1985 و"تحت الأرض" عام
1995، وكان قد سبق له عام 1981 , ان مر بالبندقية مرورا عابرا لاستلام
الاسد الذهبي عن فيلمه "هل تذكر دوللي بيل؟"
Do You Remember Dolly Bell? وفي عام 1988 حصل على جائزة أفضل اخراج من
مهرجان كان عن فيلمه (زمن الغجر)
Time of the Gypsies وقد رشح الفيلم ايضًا لجائزة السيزار الفرنسية, يذكر ان المخرج امير
كوستاريكا درس السينما في أكاديمية السينما في براغ وعمل في التلفزيون
اليوغسلافي ثم عمل فترة من الزمن مدرسًا في معهد الفنون المسرحية في "سيرجيفو"
وكون فرقة موسيقية وشارك فيها بالعزف كلاعب غيتار وذهب مع الفرقة في جولة
طويلة. ويقول كوستاريكا عن جولته تلك: "لم أكن أرغب الا في شيء واحد: أن
يطويني النسيان". وعندما ظهر من جديد, اهتم بعدة مشاريع حركت في داخله
"الحافز العميق والمتين" الذي يحتاجه لصنع فيلم جديد، وبتشجيع من "ميلوش
فورمان", استقر اختياره على "زمن الغجر" وكان الحظ حليفه اذ حصل على المال
اللازم لتنفيذ هذا لفيلم" اشعر انني ملزم بفيلم يعالج موضوعا يهزني من
الاعماق, يجعلني أثور وينتزع مني الضحك والدموع في آن واحد". فيلم "زمن
الغجر" يتناول حياة الغجر في يوغسلافيا من خلال موضوع خاص هو بيع الاطفال
للايطاليين والأوروبيين الآخرين الذين يبحثون عن طفل يتبنونه.
وفي عام 1993 حصل على جائزة الدب الفضي من مهرجان برلين السينمائي عن
فيلمه (حلم اريزونا)
Arizona Dreams
وفي عام 1995 حصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه
(تحت الأرض)
Underground,
وفي عام 1998 حصل على الأسد الفضي كأفضل مخرج من مهرجان فينيسيا السينمائي
عن فيلم (قط أسود قط أبيض) و رشح فيلمه (الحياة معجزة) للحصول على جائزة
السعفة الذهبية من مهرجان كان. وآخر افلامه كان مارادونا 2008 وهو فيلم
وثائقي عن أسطورة لاعب كرة القدم المعروف مارادونا حيث يلتقي جنون
السينمائي بجنون الايقونة الرياضية.
إيلاف
في
03/11/2009 |