كل مرة يطل بها المخرج
الفرنسي جاك دويار، فإنه يحمل معه كماً من الفرجة السينمائية، وأيضاً تفجير
جملة من
القضايا والطروحات التي تثير الجدل، هكذا هو جاك دويار، الذي يدهشنا هذه
المرة، من
خلال فيلمه الجديد «نبى» الذي يذهب بعيداً في تقديم دراسة
تحليلية، تمتاز
بالشفافية، لمافيا السجون، وتورط الكثير من الجهات الرسمية في هذا الجانب
أو
ذاك.
فيلم «نبى» سينما تسحب المشاهد من كرسيه الى خضم الحدث والشخصيات
المكتوبة بعناية، والتي تعطي اشارات ودلالات واضحة للظروف الموضوعية التي
تحكم
السجون الفرنسية.
الحكاية تبدأ حينما تم ايداع مالك الجبنة في أحد السجون،
لقضاء فترة حكم مدتها 6 سنوات، وحينما دخل السجن، كان بمثابة صفحة بيضاء،
لا يقرأ
ولا يكتب ولا يعرف أي شيء عن عالم السجون وما يتحكم بها.
ومنذ اللحظة الأولى
هو لوحده.. فكيف له ان يواجه موجة العنف الضاري في ذلك السجن، الذي تحكمه
مجموعة من
المافيا ومنها الكورسيكية والعربية والافريقية، وفجأة يجد نفسه مطلوباً
للعمل مع
المافيا الكورسيكية التي يديرها سيزار لوشتاني (يجسد الشخصية الممثل
الفرنسي نيلز
ارستروب).
ويجسد شخصية مالك، الممثل الفرنسي الشاب طاهر رحيم، وأول المهمات
التي يقوم بها لصالح المافيا الكورسيكية اغتيال أحد الشهود داخل السجن،
وعندها يتم
الوثوق به، ولكنه يظل مجرد تابع لتلك المافيا ينفذ الأوامر ويقوم بخدمتهم،
حتى يأتي
اليوم الذي يتم خلاله الافراج عن المتهمين السياسيين. الا - سيزار - الزعيم
الذي
يظل وحيدا، ولا يجد امامه من ينفذ اوامره وطلباته، الا «مالك»
الذي يرسله في مهمات
عدة خارج السجن للتعامل مع كم من الشخصيات المافياوية، «مالك» لا يتردد في
تنفيذ
الاوامر وايضا تطوير علاقاته مع تلك العصابات، التي ر.اح يتعاون معها
لتخليص بعض
قضاياه مع عصابات اخرى.
ويتم ارساله الى مرسيليا للقاء زعيم احدى العصابات،
ويكون قبلها بيوم قد حلم بوجود غزلان في الشارع العام، وحينما تتسلمه
العصابة
العربية في مرسيليا، وفي احدى الطرق البعيدة وسط الغابات، يحذر
زعيم العصابة من
الغزلان على الطريق، وفجأة يقفز احداها امام السيارة، ولولا تنبيه مالك
للزعيم
والسائق لمات الجميع، ولهذا يطلق عليه لقب «النبي» ويتم دعمه ومساعدته من
قبل زعيم
العصابة.
وتخص الاحداث، كما من المهمات، والجرائم والعنف والقتل، وايضا
مزيدا من التورط الرسمي، ومزيدا من الفضح لمافيا السجون، وفي حين يترفع نجم
«مالك»
تبدأ المواجهات مع الزعيم الكورسيكي، وحينما يجد مالك نفسه في ورطة، يذهب
باتجاه
الافيا العربية الاسلامية ويقدم لها المساعدة، وهي بالتالي تثق به وتحتضنه
لتأتي
المواجهة الكبرى مع الكورسيكي، ويولد زعيم جديد هو مالك يدير كما من
العصابات
والعلاقات المافيوية.
العنف يولد العنف والمافيا تولد
المافيا
هكذا هي حال فيلم «نبى» لجاك دويار، الذي يذهب ابعد من حدود الصورة،
وهو يعري كل شيء، شرطة السجون، والقضاه، وغيرهم.
في الفيلم سيناريو مكتوب
بعناية، يجمع بين الوثيقة والطرح المغامراتي الذي يجمع جميع
الاذواق.
وفي
الفيلم اداء رفيع المستوى لمجموعة من النجوم، من ابرزهم الممثل الشاب طاهر
رحيم،
الذي يبشر بميلاد موهبة سينمائية شابة.
ومعه في الفيلم النجم القدير نيلز
ارستروب الذي يعيش شخصية الزعيم المافياوي الكورسيكي، وباداء
يخلو من التكلف
والذهاب الى العنف البارد على الطريقة الاوروبية. وفي ذلك الفضاء، المتمثل
بالسجون،
نعيش القسوة والعنف. وفي الفيلم حالة من الشفافية، الخالية من العداء
المسبق للعرب
والمسلمين او السود او غيرهم.. بما فيهم الكورسيكيين. لاننا
امام كم من الحقائق
والحكايات التي تعتمد كثيراً من البحث والدراسة الموضوعية لواقع السجون
الفرنسية.
انها حكايات المافيات التي تؤكد كماً اخر من الحويصلات المافيوية
الجديدة.
وفي المشهد الاخير نشاهد - مالك - وهو يسير وحوله كم من الحرس،
والمرافقين، كما كان يفعل من ذي قبل حينما يرافق الاخرين.
ونعود لجاك او
ديار.
فهو من مواليد 30 ابريل 1952 في باريس، حيث درس السينما، في عام 1994
من خلال فيلمه الاول - انظر كم هم مجانين - وتتواصل اعماله، ومن ابرز ما
قدم فيلمه
الجميل - اقرأ شفتي - و- تعمل تصنيع بطلا -.
وهو هنا يصنع زعيم مافيا من
خلال انسان بريء.. بسيط.. شفاف.. الى انسان مافياوي يقتل
ويتزعم
العصابات.
هكذا هو فيلم - بنى
-.
سينما فرنسية تحمل الفرجة
السينمائية العالية المستوى.
وايضا التقنية العالية المستوى.. والموضوعية في
الطرح.. وهي احدى المفردات الايجابية التي تأتي لصالح هذا
العمل الذي يمثل خطوة
متقدمة في سينما المغامرات في السينما
الفرنسية.
النهار
الكويتية في 19
مايو 2009
وجهة نظر
ازدحام
عبدالستار ناجي
يوجد في كان عدد بارز من مديري المهرجانات
السينمائية العربية، ورغم هذا الوجود شبه اليومي في عدد من
الافلام والمناسبات الا
ان الحوار في التنسيق من أجل جدولة المواعيد والتداخل بين المهرجانات
السينمائية
على وجه الخصوص لا يتم بأي صورة من الصور. ولنا أن نتصور ان بين شهري
أكتوبر
ونوفمبر المقبلين ستقام حفنة مهرجانات سينمائية عربية، ومنها
دمشق والقاهرة ومراكش
وأبوظبي (الشرق الاوسط) ودبي.
ومثل هذا الغياب للتنسيق وكأننا في حرب ضروس
يجعل السينما العربية وأيضا تلك المهرجانات تغرق في التكرار
والخلافات، في الوقت
الذي تبقى في أمس الحاجة لمزيد من الحوار والتنسيق والتعاون لخدمة الفن
السابع.
ولذلك ندعو الى الحوار، لان الصحافة والاعلام والنقاد هم الأكثر
تضررا لعدم مقدرتهم على التحرك، وبهذه السرعة بين تلك المجموعة من
المهرجانات، في
زمن ضيق وقصير.
ان خدمة الفن السابع والسينما العربية على وجه الخصوص لا تتم
بالفعل الفردي، ولا تتم بالتحرك الاحادي، بل بالتنسيق والحوار المشترك.
ومن
خلال تجربة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود في المهرجانات السينمائية الدولية
نشير الى ان
اتحاد المنتجين الدوليين يعمل سنويا على برمجة مئات المهرجانات الدولية دون
أن
تتداخل المواعيد أو يتم سرقة هذا الفيلم أو ذلك النجم والمخرج.
كل شيء عبر الحوار
والتنسيق واعتماد المواعيد بشكل يحفظ حقوق جميع المهرجانات ويمنع التداخل
والازدحام
كما هو حاصل على المستوى العربي، حيث لدينا في العام 365 يوما و12 شهرا
ورغم ذلك لا
تقام المهرجانات الا بين أكتوبر وديسمبر، في حين يتم نسيان
بقية العام.
من
يبادر الى الحوار والتنسيق لخدمة المهرجانات السينمائية العربية؟
وعلى
المحبة نلتقي
النهار
الكويتية في 19
مايو 2009
وجهة نظر
الأبيض
عبد الستار ناجي
أحب أفلام المغامرات، وأعرف نجومها
واتابعها، بل أقتنيها، ولكن لو تأملنا، جملة تلك الافلام،
لوجدنا بان هناك مقولة
وموضوع يتم ايصاله من خلالها.
هذا الامر نلمسه في افلام «ترفيتور» و«رامبو»
و«روكي» و«ماتريكس» وغيرها، حتى وان اختلفنا معها، الا انها تأتي مقرونة
بحرفية
عالية المستوى، وجودة في الانتاج والتنفيذ والسياق البصري والفني، وفي جميع
تفاصيل
الفيلم.
وحينما ذهبت الى فيلم «ابراهيم الأبيض» الذي عرض في سوق الفيلم في
مهرجان «كان» السينمائي الدولي، وجاء مباشرة، بعد موعد عرض الفيلم الاخير
للأميركي
فرانسيس فورد كابولا مبدع العراب وابو كاليبس نو).
عرفت بانني ذاهب اولا
لفيلم عربي.. وايضا فيلم مغامرات.
وكانت النتيجة كما توقعت، فيلم عربي
بمواصفات انتاجية عالية الجودة، في سياق افلام المغامرات، ولكن
ضمن سياق عالمي
الملامح، ولكن دونما قضية.. ودون رسالة.
فيلم «إبراهيم الأبيض» يذهب في
اتجاهات عدة، الا المقولة، تمثيل يسير في اتجاهات دونما وجود
تنسيق مشترك في
الاداء، وهذا ما جعل الفيلم ينشطر الى كم من الاتجاهات راح كل منها يشكل
حالة لا
ترتبط بالاخرى.
فيلم «إبراهيم الأبيض» يذهب الى مرحلة متقدمة من الانتاج
السينمائي لافلام المغامرات، المخرج شاب هو مروان حامد، الذي عرفناه من
خلال فيلمه
الاول «عمارة يعقوبيان» وهو في فيلمه الاول اعتمد على نص روائي، ولكنه هنا،
يجد
نفسه امام سيناريو غير قادر على ان يقول أي شيء سوى الركض..
والضرب ولهذا نحزن
حينما يأتي الانتاج ولا يأتي الفكر.
وعلى المحبة نلتقي
Anaji_kuwait@hotmail.com
النهار
الكويتية في 18
مايو 2009
|