المخرج والمؤلف والممثل الفلسطيني
إيليا سليمان ليس غريبا على مهرجان كان
.
فعلاوة على أنه ألقى خطابا في الذكرى
الستين لتدشين المهرجان عام 2007، ومشاركته في لجنة التحكيم،
فقد فاز سليمان
بالعديد من الجوائز عن أفلامه، ومنها ثاني أعماله الروائية الطويلة (يد
إلهية)،
وكوميديا عن تراجيديا حياة الفلسطينيين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي.
ويشهد
مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته هذا العام أيضا ثالث أفلام سليمان
الروائية
الطويلة بعنوان (الوقت المتبقي) والذي يحكي قصة أسرة فلسطينية منذ أن فقد
الفلسطينيون منازلهم وتحولوا للاجئين في أعقاب إعلان قيام دولة
إسرائيل في الخامس
عشر من أيار/مايو عام 1948.
ويأتي إدراج الفيلم للمنافسة على جائزة السعفة
الذهبية لدورة المهرجان هذا العام على خلفية الاهتمام الدولي
المتنامي بالسينما
الفلسطينية مع سعيها الحثيث كي تخلق لنفسها موطئ قدم على الساحة الفنية
العالمية في
ظل عدم وجود بنية تحتية سينمائية وسينما واحدة فقط في كل الأراضي
الفلسطينية.
عندما بلغ إيليا سليمان- الذي ولد في الناصرية أكبر المدن العربية في
إسرائيل -
سن الحادية والعشرين، انتقل إلى نيويورك وبدأ حياته الفنية كمخرج هناك.
وفاز أول
أعمال سليمان الروائية الطويلة بعنوان (سجل اختفاء)- والذي قام بإخراجه عام
1996
ويصور حياة الفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية - بالجائزة
الأولى في مهرجان
فينيسيا السينمائي.
غير أن الروايات التي عمل عليها سليمان ومخرجون فلسطينيون
آخرون استوحيت أحداثها من الحياة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون، وخبرات
حياتهم
في ظل الاحتلال الإسرائيلي والعيش في مجتمع منغلق نسبيا
وتقليديا.
وقال رشيد مشهراوي وهو مخرج آخر له إنجازاته
في السينما الفلسطينية لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): 'تأثرت السينما الفلسطينية لسنوات
طويلة بالوضع السياسي .. خاصة الأفلام
التي أنتجتها منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل السياسية
الأخرى'.
وأردف
مشهراوي الذي يقيم في رام الله ' كانت الأفلام إما دعائية أو تهدف إلى حشد
الجموع
خلف الثورة ... لقد صورت هذه الأفلام الشعب الفلسطيني كضحية أو مقاتل ' .
غير أن
المشهراوي /47 عاما /- الذي يضم رصيد أعماله عشرين فيلما على
الأقل، فاز أحدها
بجائزة كان عام 1994 وهو فيلم (حظر تجول) - يعتقد أن صناعة السينما
الفلسطينية تشهد
موجة تغيير . واستطرد موضحا ' غير أن السينما بدأت -خلال العشرين عاما
الأخيرة
-
التركيز على صناعة الأفلام كإنتاج فني
' .
وأضاف 'صحيح أننا لا نزال متأثرين
بالموقف والقضية السياسية الفلسطينية .. لكننا لم نكن لنحظى
بهذا الاعتراف الدولي،
ما لم تكن أفلامنا تتفق وأرقى المعايير الدولية
' .
كان آخر أفلام المشهراوي
الروائية فيلمه (عيد ميلاد ليلى) وهو تصوير لمتناقضات الحياة
اليومية في رام الله
ونقاط التفتيش الإسرائيلية، الفيلم فاز حتى الآن بعشر جوائز من بينها جائزة
أفضل
فيلم روائي آسيوي في مهرجان سنغافورة السينمائي الدولي . ومن المقرر عرضه
دوليا في
غضون الأشهر القليلة المقبلة . وقال خالد عليان المدير التنفيذي لمسرح
وسينما
القصبة في رام الله وهو المسرح السينمائي الوحيد في الأراضي
الفلسطينية ' إن
السينما صناعة ليس لها وجود في فلسطين
' .
وأضاف ' ليس لدينا سوق لصناعة كهذه
...
تتطلب وجود شركات إنتاج ضخمة وقاعات عرض سينمائي ' .
ويسلم المشهراوي على
ما قاله عليان ' لدينا مشكلة مع الإنتاج ... فهناك شخصان أو ثلاثة فحسب
يمكنهم
إنتاج أفلام روائية، إن مسألة إيجاد جهة تمويل ليست مسألة سهلة، إن صناعة
السينما
تحتاج لدولة تقف ورائها .. لا يستطيع الأفراد وحدهم إقامة
صناعة كهذه ' .
وقال
المشهراوي ' إن إنتاج عمل سينمائي يمثل صناعة ونشاطا تجاريا ... لا يكفي أن
تنتج
فيلما ليعرض في فلسطين فقط ' .
وتساءل قائلا ' علاوة على ذلك، نحن لا نملك دور
عرض سينمائي في فلسطين ... ليس لدينا مشاهدون يرتادون دور
العرض السينمائي .. كيف
لهذا النشاط أن يلقى رواجا دون عرضه للعالم؟'
.
لهذا السبب يعتمد مخرجو الأفلام
الفلسطينيون بشدة على التمويل الدولي . لكن المشهراوي يوضح أن
من بين ثلاثين طلب
تمويل، لا يحظى بالقبول سوى عملين فحسب ويرفض 28 عملا وذلك في الغالب بسبب
ميول تلك
الاعمال السياسية القوية .
يقول المشهراوي ' يصعب إخراج فيلم دون وجود شركة
إنتاج ضخمة .. دون المعدات الملائمة والفنيين والممثلين المناسبين
' .
وأضاف 'في
فلسطين، نفتقد كل المقومات التي تحتاجها السينما، لدينا الثقافة، شأننا شأن
كل
بلدان العالم .. لكن ليس لدينا الصناعة ' .
ومع ذلك نجحت الأراضي الفلسطينية في
إفراز أسماء أعلام في صناعة السينما، أمثال ميشيل خليفة /50
عاما/ من الناصرة والذي
يعتبر أبو السينما الفلسطينية الحديثة بفيلمه الأول (ذاكرة خصبة) إنتاج عام
1981 .
وفاز فيلمه الروائي الطويل والذي يعد أيضا أول فيلم روائي فلسطيني
(عرس الجليل )
إنتاج عام 1987 بجائزة النقاد في مهرجان كان
.
كما فاز فيلم فلسطيني آخر
لمخرج من أبناء الناصرة هو فيلم (الجنة الآن) للمخرج الفلسطيني
هاني أبو أسعد
بجائزة (غولدن غلوب) لأفضل إنتاج أجنبي ورشح أيضا للفوز بجائزة أوسكار عام
2006
ويعتقد المشهراوي أن قائمة المخرجين الفلسطينيين البارعين سوف تزداد
مع ازدياد
اهتمام الشباب الفلسطيني من الموهوبين بالصناعة
.
لكنه يخشى من أن تبقى فرص
النجاح محدودة دون إنشاء أكاديمية للسينما واهتمام قوي من
القطاعين العام والخاص
بهذا النشاط .
(د ب أ)
القدس
العربي في 6
مايو 2009
|